المهدية والختمية وثالثة الأثافي في السياسة السودانية 1-3

يقول علقمة:
بل كل قوم وإن عزوا وإن كرموا عريفهم بأثافي الشر مرجوم
لعب الجيش السوداني أدورا حاسمة في ثورات الشعب ضد الدكتاتوريات التي فرضت نفسها حاكمة عليه ، ولا ينكر منكر الدور الحاسم للجيش وانحيازه لخيار الشعب في انتفاضة أبريل المباركة ، وتنازله عن السلطة في أكتوبر الأغر، وقد كان من المؤمل بل من المؤكد أن الثورتين ستبلغان أهدافها ، إلا أن مواقف الجيش في كلا الحالتين وفر الكثير من التضحيات ، وحسم أمر السلطة وأمن البلاد والعباد في فترة حرجة من تاريخ الأمة . ولا نريد أن نحمل الجيش مسئولية ما حدث بعد نجاح تلك الثورات ، فذالك أمر أول ما يلام عليه قادة الأحزاب التقليدية ومن تبعهم بغير إحسان ، فقد أدى الشعب و الجيش دورهما ، وسلموهم السلطة كاملة .
فهذا موضوع ليحكم التاريخ فيه ، ويحاكم من أضاع ثورة أكتوبر لتنتهي إلى دكتاتورية مايو و ثورة أبريل التي لم تسرق ليلة الثلاثين من يونيو بل سرقت يوم أن تمكنت قوى الظلام من الظهور والعمل علنا بعد أن كانت قبل أربعين يوما فقط جزءا لا يتجزأ من النظام الذي هلك .
لماذا تهاونت القوى السياسة وبلغت هذا الحد من التسامح مع أعداء الثورة ؟ لماذا لم تعزل قوى الظلام سياسيا ؟ ولماذا لم تقدم أصلا للمحاكمة ؟ ولماذا لم تُضرب مراكزهم المالية التي سخروها للعمل ضد النظام الوليد ؟ كل تلك الأسئلة المشروعة قد تجد الإجابة عنها في منظومة ما يجري اليوم في الساحة السياسية . والحكم سيكون كما أسلفت للتاريخ .
ولكن من العبث بمكان وصف هذا الذي يجري بأنه مشهد منفصل عن هذا التاريخ القريب ، فالسودان ظل وإلى اليوم تتحكم فيه طوائف وأسر بعينها تحكمه إما مباشرة أو عبر الستار وهي المتنفذه والضالعة في كل ما يجري في هذا البلد ، فمن خلال مشهد مسرحية الوثبة تدرك أن هذه هي نفس الوجوه التي كانت تتحكم ولا زالت في مصير البلد منذ استقلاله وإلى اليوم مرة باسم الديمقراطية (ثنائي الأمة / الاتحادي) ومرة باسم الدين (الجبهة /الإنقاذ) . وقادة هذه الجماعات لا تخرج من إلا من بيتين ومن ينتمي لهما بالمصاهرة ، فالحقيقة التي تصدم قوى التقدم نحو الديمقراطية أنه في مجتمع تسود فيه الأمية ويرعى فيه الجهل وجد المستعمر ضالته في رعاية أسرتين وتمكينهما من السيطرة على مفاصل الحياة في البلد فالسيدان لم يسودا إلا برعاية المستعمر الإنجليزي وباستغلال الدين وجد هؤلاء المكانة التي أصبحوا فيها الآمرين والمتحكمين في كل شيء . لا يخرج الأمر من يدهما إلا ليعود إليهما من جديد .
فقد تسلم الجيش السلطة في عام 1958م من الطائفتين وبمباركة السيدين وثورة أكتوبر تسلقتها نفس الوجوه لتعود للحكم من جديد ، وأبريل حالها حال أكتوبر نفس المصير ونفس الوجوه لأكثر من خمسين عاما ، عالم من ديناصورات لا تعيش إلا في أجواء أرض السودان .
هذا الواقع أدركه الفريق إبراهيم عبود فقبل استلام السلطة ، وربما بدرجة أكبر كان ادراك النميري لهذا الواقع ربما بسبب قربه من الشيوعيين والقوى المستنيرة آنذاك ، فتم لهما الوصول للسلطة عن طريق الجيش ، ولكنهما لم يفلتا من تلك القوى المتحكمة ، لقد حارب السيدان حكم عبود حينما انفرد بالسلطة دونهما ، ولم يكن تابعا لهما كما خططا ، وكذلك النميري الذي ابتعد عنهما فكان تحالفهما لإسقاطه والعمل بكل السبل لذلك بما فيها من الاستعانة بالاجنبي فلا شيئ يقف في طريقهما للعودة لإرثهما التاريخي.
ثم يأتي دور أشد خطورة وأدهى وأمر ، هذه الطبقة التي يجلس على رأسها الدكتور الترابي وهم طبقة لها طبيعة نفسية خاصة ، شكلها طموحهم الكبير وأشواقهم للسلطة وقد فهموا الأمر الواقع وأن لا سبيل لتحقيق طموحاتهم إلا بأدوار أداها غيرهم باسم السيدين فكان أن قادهم طموحهم وذكاؤهم لطريقين الأول المصاهرة ولها فوائد لا ينكرها منكر وستلعب دورا في استقراهم واستمرارهم في أدوارهم التي رسموها لأنفسهم ، والثاني وهو منافسة آل البيتين في ميدانهم وهو الذي أكسبهم مكاتنهم ألا وهو الدين . نفس الاستغلال الذي أضحي مكشوفا للدين ، فالمهدي لم ينصب خليفة من ولده بل كان نصيب أهله الخليفة الرابع في ترتيب الزعامة على خلافته . واكتفى الميٍرغني الكبير بادارة الأمور من خلف الستار وكان يبعد أولاده عن تولي الأمور مباشرة وكان أحمد المرغني رئيسا لمجلس سيادي لا يحكم . لكن البيتين كانا دائما حاضرين حيث توجد السلطة .
الفريق الثالث هذا يعاني من عقدة النشأة المتواضعة ، فهم يدركون أنهم ليسوا في قدسية آل البتين ولا تاريخ أسري لهم ، بل انحدروا من أسر أقل من متواضعة ،هي عقدة متأصلة فيهم بالرغم من التعليم العالي الذي تلقوه ، والذي لن يتيح لهم الحكم والسلطة إلا موظفين في بلاط السيدين ، وهذا يفسر السعي للمصاهرة من بيت آل المهدي خاصة ، فالختمية طائفة دينية أكثر من كونها حزب سياسي بينما الأمة يجمع بينهما ، والمهدي نفسه اتخذ المصاهرة سبيلا للتحالفات السياسية .
هذا الواقع هو الذي لا يزال سائدا حتى اليوم فالذين اجتمعوا في يوم الوثبة بين معظمهم علاقات أسرية ومصاهرة ومنافسة في حب السلطة .
يعتبر آل المهدي والميرغني أن حكم السودان ورثة لهما وحكرا عليهما ، وواجب يفرضه التاريخ ، وقد احتكروا السلطة فعلا لزمان طويل ووظفوا النخبة السودانية المثقفة لخدمتهم وإن لم يحكموا مباشرة وكلوا من يحكم بدلا عنهم وما عبدالله خليل والأزهري والمحجوب وغيرهم إلا رموزا لهما ، هذا هو الواقع الذي تعامل معه الفريق الثالث بمنتهى الذكاء وعرف الدكتور الترابي كيف يجد طريقا ثالثا يخترق به الصفين نحو السلطة ، فقد تلاعب بهما كيفيما شاء وشاء له طموحه الوثاب فقد تحالف معهم زمانا ، ثم باعهم متحالفا مع النميري . واستطاع هذا الفريق أن يعد نفسه جيدا فقد خلا له الجو بضرب الحزب الشيوعي ، و التخلص من آخر عقباتهم وهو الحزب الجمهوري الذي كان قائده لا يقل ذكاء عن الترابي إلا أنه لم يكن في مثل خبثه .
لقد لعبت العلاقات الأسرية دورها في الابقاء على هذا الفريق بعد انتفاضة أبريل ولا يجد المرء تفسيرا مقنعا – إلا هذا – لعدم محاكمتهم على الأقل بتهمة المشاركة في نظام مغتصب للسلطة ودعمه له ، ولا تفسير لعدم حظرهم سياسيا وماليا وهو أقل ما كان يجب القيام به ؟ فما الذي كبلهم وغل أيديهم ؟ وجعلهم يقبلون بمشاركة قوى الظلام هذه في حكم ديمقراطي لا يؤمنون به أصلا وفعلا ؟
من المسئول عن تسلق هذه الفئة ؟ ومن المسئول عن بقائها تخطط وترعى الانقلاب على السلطة وكيف غفل هؤلاء عن رأس الحية المحبوس معهم يومذاك ؟
النموذج المصري الماثل أمامنا يعطيك الإجابة عن أصول التعامل مع حرباء السياسة المسمى الإخوان المسلمون وهو ادراك نوعي ووعي كبير بخطورة ترك الذئب يرعى مع الغنم . وما ذاك إلا لأن الواقع المصري لا يوجد فيه مثل هذه العلاقات الأسرية المتشابكة ولا تلعب فيه النساء دور الطابور الخامس في مطبخ السياسة وصناعة القرارات .
لقد عمدت هذه الفئة الثالثة وبمنتهى الذكاء للعمل على ضرب مصادر الوعى في المجتمع وسعت لتدمير القوى الحية التي كان من الممكن أن تسعى لكنس كل هذه العوالق السياسية وفتح آفاق المستقبل للأمة ، وهي أمنية لو استطاعت الطائفية لقامت بها ولكنها فضلت استقطاب رموزها وتوظيفهم لخدمتها . ولهذا حديث سٍيأتي في حينه إن شاء الله .

د. زأهد زيد
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. لا توجد مقارنة بين الانصار كجماعة لها مؤسسات و كوادر و قادة مستنيرين و بقية الطرق الصوفية ذات العمل غير المؤسسي و لا الاسرتين و لا الحزبين و الفوارق كبيرة بين اناس سكبوا الدماء في كرري و شيكان و ناس داهنت السلطان و التركمان . يعني صندل و طرور كماقال المفكر الزعيم الامام الصادق المهدي. مرك الدائرة هم الانصار و حزب الامة بجماهيره الصابرة المثابرة التي لا ترضى اللعب بحدود موسومة بالدم في توشكي و شيكان و كرري و غيرهامن امهات المعارك.

  2. وما عبدالله خليل والأزهري والمحجوب وغيرهم إلا رموزا لهما؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    اختلف معك فهولاء انزه من مر على السودان خبت وتبت يدك المحجوب هو من جعلك الان تكتب بالعربية وا الا لكنت تتكلم سواحيلي وعبدالله خليل هو الذي اوقف المصريين في حدودهم عندما اثاروا قضية حلايب اما ابوالزهور فقد مات ولم يملك شيء من حطام الدنيا من خلال اسمك اظنك ربما مولود خارج هذا الوطن او حديث عهد يسودانيتك

  3. اتفق مع د. زأهد زيد
    فى ما قال.سبب نكستنا وتخلفنا وعدم الانعتاق فى رحاب الدول الناميه والمتقدمه ب ابنائها وشبابها…ال المهدى …وال المرغنى.لكن ان شاء الله مع الاجيال القادمه والتى لا تعترف ب ولاء لهم يتم التحرر.

  4. عاوز اديك مثال بسيط ايها الكاتب لتعلم انك اخطأت خطأ فادح يكلفك مصداقيتك ككاتب المثال نشر في هذه الصحيفة العزيزة علينا الراكوبة
    نشرت بتاريخ

    02-03-2011 11:13 AM
    هيئة شئون الأنصار

    أمانة الثقافة والإعلام

    د/ عبد الرحيم أدم: تطبيق الأحكام دون إعتبار للمقاصد يؤدى للعشوائية

    لجوء الإخوة الجنوبيون للإنفصال أكبر دليل علي الهروب من التطبيق الجزئي لأحكام الشريعة دونما الإعتبار للمقاصد الكلية

    د/ محمود مصطفي المكي: لابد من سن قوانين تُحافظ علي حقوق الأقليات وتُراعي التنوع

    الدولة المدنية تختلف جوهرياًٍ عن الدولة الدينية والدولة العلمانية

    تغطية: زين العابدين الطيب

    أقام قسم (الثقافة) بأمانة الثقافة والإعلام بهيئة شؤون الأنصار يوم

    السبت 29 يناير منتديً فكرياً بعنوان ( الشريعة والتنوع). وقد إستضاف المنتدي الداعية الإسلامي الدكتور عبد الرحيم أدم، والأستاذ بجامعة أمدرمان الإسلامية الدكتور محمود مصطفي المكي نائب رئيس مجلس الحل والعقد بهيئة شؤون الأنصار. وقد شهد المنتدي حضوراً نوعياً من أئمة المساجد وكوادر حزب الأمة بالجامعات. وفي بداية المنتدي تحدث مديره الأستاذ الزبير محمد علي قائلاً: إن كثيراً من تجارب تطبيق الشريعة في عالمنا الإسلامي إختُطفت من قبل تيارين: تيار الغلو والتطرف الذي يُغيب مقاصد الشريعة، ويجهل أبجديات العصر الحديث. والتيار الإنتهازي الذي يُوظف الدين لخدمة مصالحه الذاتية، لذلك نشأت الحاجة لحماية الشريعة من إختطاف هؤلاء. وقال: إن هناك إختلافاً بين المفاهيم الآتية: هل الأولوية في الإسلام للعقوبات الشرعية أم للنظام السياسي والإقتصادي والإجتماعي الإسلامي. هل يقبل الإسلام التدرج في تطبيق الأحكام، أم يدعو للتطبيق الفوري؟ ما موقف الإسلام من التعامل مع الآخر الذي يُشاركنا في المواطنة؟ ماموقف الشريعة من الإنقلابات العسكرية ؟ وما موقفها من التنوع الثقافي والديني والإثني؟.

    وقال إن جوهر عُنوان هذا المنتدي يتلخص في الإجابة عن سؤالين

    – ماهي الشريعة التي نتحدث عنها؟

    – وكيف يتم تطبيقها في مجتمع متنوع؟

    وكانت الكلمات الأساسية في المنتدي كالآتي:

    الدكتور عبد الرحيم أدم:

    تحدث الدكتور عبد الرحيم آدم عن المقاصد والأحكام العامة للشريعة الإسلامية، موضحاً أن الهدف الأساسي من تطبيق الشريعة هو القيام بالقسط ( يا أيها الذين أمنوا كونوا قوامين بالقسط) الآية. وقال إن الغرب يُطبق كثيراً من مبادئ الشريعة دون أن يُسمها، مبيناً أن آيات الأحكام في القرآن تقع في أقل من 600 آية، في حين أن بقية آيات القرآن والأحاديث تُهيئ المُناخ لتطبيق الآيات المعروفة بآيات الأحكام.

    وأضاف أن القول بأن الشريعة كلها أفعل ولا تفعل غير منطقي؛ لأن الشريعة تُنادي بوجود علماء متخصصون في تقدير الأحكام والأحوال مستشهداً بتنويع النبي (صلي الله عليه وسلم) في أفضلية الأعمال. ففي إحدي المرات قال الصلاة، وتارةً قال الجهاد، وتارةً أخري قال بر الوالدين ما يعني تقدير الحالة التي يكون فيها السائل.

    وعن حصر البعض للشريعة في العقوبات قال د/ عبد الرحيم: هناك تصوران قاصران للشريعة:

    الأول: يعتقد أن تطبيق الشريعة هو مجرد إنشاء محاكم تفصل بين الناس، وتُطبق الحدود.

    الثاني: يصور الشريعة كأنها نظام عقابي.

    ودحض هذين التصورين، وقال إن التصور الأفضل للشريعة هو إستيعابها لكل النظم والأحكام التي تُنظم حياة الناس أفراداً وجماعات بما يتماشي مع عصرهم ولا يتناقض مع أصلهم.

    وعن الأحكام والمقاصد قال: إن تطبيق الأحكام دون إعتبار للمقاصد يؤدى للعشوائية في التطبيق. وأضاف: أن لجوء الإخوة الجنوبيون للإنفصال أكبر دليل علي الهروب من التطبيق الجزئي لأحكام الشريعة دونما الإعتبار للمقاصد الكلية.

    وختم حديثه معلقاً علي التطبيق الفوري لأحكام الشريعة مبيناً أنها تؤدي إلي عدم الإلتزام بأحكام الشريعة، ونفور الناس منها وأضاف: لابد من التدرج في تطبيق الأحكام العقابية، والمبدأ في الشريعة إرتكاب أخف الضررين لإتقاء شر أكبر.

    الدكتور محمود مصطفي المكي:

    إبتدر الدكتور محمود مصطفي المكي حديثه معتذراً عن التأخير، ومشيداً بما قدمه د/ عبد الرحيم أدم من حديثٍ فلسفي عن المقاصد والاحكام العامة. وقال إن الأنصار هم أصلاً حُراس للشريعة، والدولة المهدية إجتهدت في تنزيل أحكام الشريعة علي واقع البلاد بما يُوافق زمانهم ومقولة الإمام المهدي توضح ذلك:( لكل وقتٍ ومقامٍ حال، ولكل زمانٍ وأوانٍ رجال). وأضاف: مهمتنا الحالية حراسة الشريعة وحماية تطبيقها بما يُحافظ علي الأصل ويُواكب العصر.

    وقال إن الشريعة بها أحكام ثابتة وأخري متغيرة: الثابت وروداً ودلالة لا يجوز تغييره مثل الحدود التي تحمي الحقوق. وأضاف أن هذا العصر يختلف عن العصور التي تأسست فيها المدارس الفقهية؛ فاجتهاد علماء السلف الأجلاء كان أكثر ملائمةً للواقع الذي كان يُحيط بهم، وعلينا أن نجتهد لوضع إجتهاد جديد يُلبي تطلعات العصر دونما الحاجة للاستلاب.

    والمسلمون اليوم تبنَوا نموذج الدولة الحديثة المعروف بالدولة الوطنية. وهُناك إشكالية تواجه الدولة المسلمة حينما يكون مرجعها فقه السلف. الإشكالية هي عدم المساواة الذي يبرز من خلال مفاهيم أهل الذمة والجزية، باعتبار أن المسلمين مواطنين من الدرجة الأولي، والذميين من الدرجة الثانية، بحيث يكون هناك حقوق لا يتمتع بها الذمي مثل تولي رئاسة الدولة والقضاء وقيادة الجيش. وقال: إن الفقهاء اليوم يواجهون صعوبة في تشريع أحكام تتصدي لهذا الإشكال المتعلق بعدم المساواة. ونظام أهل الذمة كان عادلاً في زمانه بإعتبار أن الذمي لا يُقتل في الدولة الاسلامية في زمن كان فيه قتل الذين يخالفون دين الدولة الرسمي حتمياً؛ ولكن يشوبه الآن إشكال عدم المساواة المذكور.

    لكن تيار الصحوة الاسلامية اجتهد في التصدي لمثل هذه الاشكالية بما يضمن التوفيق بين الأصل والعصر.

    وعن تجربة الدولة الدينية قال: إن التجربة الأوروبية في فصل الدين عن الدولة كانت نتاجاً لتجربة الدولة الدينية وتناقضها مع العقل البشري وحرية الناس. وهذا الفصل بين الدين والدولة في المنهج العلماني ليس موجوداً ولا ضرورياً في حال الدولة الاسلامية المدنية القائمة علي حق المواطنة.

    وتسأل كيف يتم تطبيق الشريعة في ظل هذا التنوع؟

    وأجاب بأن الرؤية التي نراها هي أن تُطبق الأحكام ذات الصفة الدينية علي اتباع ذلك الدين مستشهداً بقوله تعالي: ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) الآية، وأيضاً ( لكم دينكم ولي دين) الآية.

    ويري د/ المكي أن نظام الحكم في الذي يُناسب الدولة الاسلامية هو النظام الديمقراطي الذي يضمن حقوق المواطنة والاعتقاد، وكذلك حقوق الانسان.

    وعن قانون الدولة الاسلامية قال المكي: لابد أن يُعبر عن إرادة الأمة، وعلي المسلمين تطبيق الشريعة مع مراعاة العدالة للآخرين، وسن قوانين تُحافظ علي حقوق الأقليات وتُراعي التنوع، وإصدار قواعد تشريعية تُحقق العدالة وتستثني غير المسلمين من القوانين الاسلامية.

    وأختتم حديثه قائلاً: علي المسلمين التفريق بين مفهوم الدولة الدينية الأوروبية التي التي تحكم بالحق الإلهي، والدولة المدنية في الإسلام القائمة علي المواطنة كمبدأ للحقوق والواجبات، والتي هي ليست بالدولة العلمانية كما يدعي كثيرون من أدعياء النهج الاسلامي؛ حيث أن مبادئ الدولة المدنية من صميم أحكام الاسلام.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..