انقاذ السودان يحتاج لعملية جراحية قاسية ومؤلمة علي الجميع

ان حكم المؤتمر الوطني ليس سوي انقلاب الانقاذ في 30 يونيو، وهو الذي اوجد الازمة الوطنية التي تزداد استفحالاً الان وكان وقد بدأ ذلك قبل ربع قرن. ولو كانت تمارس وقتها في العاصمة ديمقراطية حقيقة وحكم مستيقظ، لما استطاعت عصبة عسكرية صغيرة في نسيجها فني اشعة وآخرين من سلاح الموسيقي وحفنة من مدنيين في زي عسكري ان ترعب المدينة وتستولي علي السلطة دون مقاومة. ولكن لا بأس وقد جاءت مبادرة السيد رئيس الجمهورية خطوة اخيرة ? ربما في الطريق الصحيح ? لانقاذ الوطن من الضياع ? لو صحت النوايا ? وبعدها نتوجه لطي صفحة الماضي، ولكن علي اساس المبادئ التي يتوجب علي الجميع (كل الاطراف) رد الاعتبار لشعبنا، او يأتي بعدها الطوفان الذي يقتلع الطغاة مزمجراً اقوي من الجبروت والسلطان.
اعجبت حقاً بالتشخيص الذي وضع يده علي بعض الداء: ان اخطر ما حدث خلال الفترة من 30 يونيو 1989 وحتي الان هو دمج السلطة الحاكمة والدولة، وهي نظرية قادة الجبهة الاسلامية الذين تفاصلوا مع اقرانهم لينتقلوا الي المعارضة تاركين نصفهم او بعضاً منهم في الحكم يتقدمون بمبادرة النفس الاخير قبل الطوفان. ما حدث في بلادنا قبل ربع قرن من الفظاعات والترويع والتجويع وتقطيع اوصال الوطن حداً يفوق الوصف والخيال وهو امر يمكن ان يشكل درساً بليغاً للمؤتمر الوطني لايجدي معه الحديث عن وحدة الاسلاميين ولا اهل القبلة، اذ انه لا الاسلام ولا اهل القبلة يبيحون ويقبلون الدمار الذي حاق بوطننا. من الضروري الانطلاق من ان قاعدة الاستمرارورفع الاذي واقامة العدل، بل اكثر من ذلك يقتضي الابتعاد عن الاثارة والتصعيد. ان الحياة السياسية ليست صراعاً دائماً وتوتراً روفاعه القوة، والتحول الديمقراطي ليس قراراً يتخذه حاكم بل هو عملية اجتماعية وسياسية يشارك فيها الجميع…
يتبع
الميدان