(احترس سائق تحت التمرين)

لماذا أصبحنا سيئين فى كل شيء ونغش فى الصغيرة والكبيرة فقدنا الأمانة التى كنا نتميز بها ونباهى بها فى دول المهجر والاغتراب لا نقوله لمجرد الحديث لكن يدلل على ذلك الاحتفال الكبير الذى أوليناه للراعي السوداني فى المملكة العربية السعودية فعندمنا تفقد الأمانة ظهورها يصبح غريبا ومدعاة للاحتفاء بها فى زمن صار الغش هو التجارة الرابحة لماذا صار همنا فقط الحصول على المال بأي وسيلة حتى لو كانت غير مشروعة كيف يرتضي شخص أن يأكل أموالا لا تحل له اكتسبها بطريقة ملتوية لسنا اليوم بصدد التحدث عن تجارة المخدرات وتجارة الخمور التى أصبحت من التجارات الرائجة فى الخرطوم التى يعمل فيها أشخاص (مرموقون) وإن كانوا ساقطين أخلاقيا يستغلون علاقات مع نافذين يؤمنون لهم دخولها كما يؤمون لهم الحماية لبضاعتهم المستوردة من الخمور والمخدرات بأنوعها الغالية والتى تنتجها دول أوربية.
هنالك أمور الغش فيها يتضرر منه مجتمع بأكمله وليس شخص واحد وهو الذى ينبغي أن نتحدث وننبه عنه وهو مهمة الصحافة فقد طالعت امس الأول خبرا منشورا بالزميلة (الاهرام اليوم) يقول :
(وجه اتحاد أصحاب مدارس تعليم قيادة السيارات اتهامات هى الأغرب من نوعها لبعض متقاعدي القوات النظامية، محملاً الضباط المتقاعدين مسؤولية زيادة نسبة الحوداث المروية، لجهة أن بعض المتقاعدين من القوات النظامية عمل على إنشاء مدارس لتعليم قيادة السيارات دون الحصول على الترخيص من السلطات مستقلين فى ذلك علاقاتهم مع الأجهزة المختصة، فضلاً عن أن هذه المدارس تمنح الشهادات (مضروبة) بحسب الاتحاد، فيما كشف نائب رئيس اتحاد أصحاب المدارس نزار عبدالغني عن أن عدد المدارس المخالفة لقوانين المرور بلغ 120 مدرسة من جملة 170 مدرسة موجودة بالعاصمة، ونبه عبدالغني الى أن عدد المدارس المرخصة والملتزمة بضوابط منح التصديق يبلغ 50 مدرسة فقط، وأشار عبدالغني الى وجود تجاوزات كبيرة فى منح التصديق من قبل تلك المدارس، لافتاً الى أن بعضها لا يملك سيارات لتدريب طالبي الشهادات، وأضاف قائلاً: ” بعض هذه المدارس لا تملك حتى مقررا معينا” وتابع ” فقط يحملون شنط بها شهادات”
هذا الخبر إن صح يستحق أن يفتح (تحقيق) حوله فالمترتب على هذا الخبر خطير جدا ويتعلق بأرواح الناس وومتلكاتهم فكيف لمدارس بعضها لا تمتلك حتى سيارات لتعليم القيادة تمنح شهادات (مضروبة) على أساسها يتم استخراج رخص قيادة. الخبر يجعلنا نتساءل من المسؤول على منح تصاديق افتتاح هذه المدارس وماهي ضوابط التصديق لها وما هي المتطلبات التى يجب توفرها فيها للأسف كما جاء فى الخبر بعضها لا يملك حتى سيارات تدريب والآخر يمتلك سيارات متهالكة. الحسنة الوحيدة التى تميزها هى الكلمة التى تزين أعلى السيارات (احترس سائق تحت التمرين) فقط لينبهك حتى تتعامل معه فى الطريق وتوليه (بالك) المشغول أصلا بمشاغل الحياة .
هل وصل استغلال النفوذ الى هذه المرحلة المنحدرة من الأخلاق ان صح ذلك فمثل هؤلاء استغلوا علاقتهم أسوأ استغلال حتى لو كانوا قد خدموا هذا الوطن فى فترة من الفترات. إنه استغلال سيئ وفي غير محله وكان الأحرى بهم أن يستفيدوا منها بالشكل الذى يرضيهم أمام الله وأمام الناس وألا تستغل من أجل الربح فأنت تعلم شخص لمبادىء احترام الطريق فإذا كانت بدايته بالغش قطعا لن يحترم من يقاسمه الطريق فى المستقبل وليس ببعيد ما نطالعه يوميا من حوادث مميتة أفلست من كثرتها بعض شركات التأمين وراحت بسببها أنفس بريئة أما الأخطر فهو الإصابات التى تجعل من الشخص معاقا مدى حياته وقد كان سليما فيما مضى تجعله يتألم كل يوم بسبب هذه الإعاقة الناتجة من حادثة أفقدته جزءا عزيزا وغاليا من جسده حفظنا الله وإياكم.
لا أخفي أننى حدثت نفسي أكثر من مرة بمقاطعة الكتابة نهائيا فالمسؤولون فى هذه البلاد صار جلدهم تخينا لا يحسون ولا يتفاعلون مع أي شي ولا يبدون تجاوبا مع القضايا التى تتناولها الصحف خصوصا الاجتماعية والخدمية لا نملك إلا أن نقول لهم (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا) فإن لم تحاسبوا فى الدنيا وهو الأهون عليكم حوسبتم فى الآخرة وهى التى ستصعب عليكم فالحساب هنالك فى مثال ذرة.
[email][email protected][/email]