مقالات سياسية

هل الشيوعى يصلى ليصلى عليه؟!!

هكذا دأب الإسلاميون لخداع العامة، و شرع أصحاب الإسلام السياسي لقتل أفكار المنافسين السياسيين والحد من إنتشارها وبذلك تخريب العملية السياسية وعدم تحقيق العدل فيها. فهي عملية ترويجية رخيصة لإقصاء الغير المختلف. فكل من ضد الإسلاميين شيوعي أو علماني!. والشيوعي أو العلماني مفهومها البسيط لدى الأشخاص العوام معناها الكافر أو الملحد. وبالرغم من أن الكثير منهم بات يعرف هذا الخداع وأنهم لم يشوهوا صورة الدين كما يشوهها تجار الدين، إلا أن عقلهم الباطن ما يزال مطليا بالحيلة.

فالميل للدين والعاطفة له هي جزء أصيل من التركيبة النفسية لكل فرد من أفراد المجتمع. ويستغل الإسلاميون أيضا جهل العامة بالتأريخ ووعيهم المزيف بالتأريخ المنمق. فعقولهم الباطنة تتصور مثلا إعادة أمجاد زمن عمر بن الخطاب وعدله ويخلطون معه ملوك وسلاطين بن أمية والعباس وغيرهم ويسمونهم خلفاء أيضا أقاموا دولة الخلافة الإسلامية حيث الفتوحات شرقا وغربا لنصرة الدين. فالإسلاميون يريدون إعادة تلك الأمجاد ويخدعون بها العامة الذين لا يستوعبون إن تلك أمة خلت لها ما كسبت وعليها ما أكتسبت وأن الزمان تغير تماما. لقد درسنا تأريخ السلاطين وملوك المسلمين ولم نعرف كم كانت تعاني الشعوب من قهر وظلم وإستبداد أسوأ مما نعاني منه اليوم من جراء أولئك “الخلفاء المسلمين” الذين كانوا مرفهين ومترفين لدرجة قف تأمل.
فكانت الشعوب مقهورة تحكم بالسيف والسوط في جمع الجبايات وتعذيب من يخالف بشتى صنوف العذاب وقتله. ويخفى على الناس هذا التأريخ البغيض الذي هو سبب من أسباب تخلفنا إلى اليوم. فمادام ذلك السلطان “الخليفة” توسع في زيادة رقعة مملكته “زاد مساحة البلدان الإسلامية” فهو ناصر لدين الله. فمهما فسق وترف، وكان لديه من الجواري والغلمان، وقتل الأبرياء وسفك دماءهم فهو معز لدين الله!. لهذا يلتبس على الكثير الآن ما تفعله الجماعات الإرهابية بإسم الإسلام كالتكفير والهجرة، والقاعدة وداعش وداحش وغيرها. فتجد الناس لا تستطيع مثلا إنتقاد أسامة بن لادن لفكره الإرهابي ويسمونه الشيخ أسامة. فلا غضاضة ما دام إنه يقتل الأبرياء ويفسد في الأرض وهو يكبر الله أكبر لينصر الإسلام، وينسى الناس أن الله وحده من ينصر دينه. وقد كان السلاطين “خلفاء المسلمين” أيضا كذلك، يقتلون الناس وينهبون أموالهم ولكنهم يعبدون الله ويبنون المساجد وينفقون على الوعاظ ليدخلوا الناس سريعا لها ويجعلونهم يبتهلون ويتضرعون ويبكون خشوعا لينسوا ظلم السلطان وقهره ويسبحوا بحمده والدعاء بأن ينصر الله الدين والدولة وأن يديم عزه ويحفظه رضي الله عنه.

ونسبة لهذا الإلتباس قرأت من قبل مقالا بعنوان: “وهل كان القذافي يصلي ليصلى عليه؟”. وهذا يؤكد غياب الوعي حتى لأصحاب الرأي. فالناس لعنت القذافي وسبته لأنهم عاصروه ويعرفون ما فعل. وهو أيضا لم يكن يرفع شعارات هؤلاء الخلفاء بنفس الطريقة للأسف الشديد. وفي الحقيقة إنه تلميذ يحبو بالنسبة لما فعلوه في شعوبهم وفي الأمة كلها.

لقد بات الكثير من الناس يعرف ان الحركات الإسلامية أنشأت أساسا بواسطة المخابرات الغربية لمحاربة المد الشيوعي في الشرق الأوسط. أى تصفية حسابات صراع القوى العظمى مع بعضها. ولست هنا بصدد نقد أفكار هذا الحزب، ولكن يكفى إنه لا يقحم الدين فى كسبه السياسي. فهو يرفع شعار محاربة الرأسمالية الطفيلية لتحقيق العدالة الاجتماعية عبر فكرة نهج المساواة لكل أفراد المجتمع. وفكرة العدالة الإجتماعية و التكافل الإجتماعى هي من صلب الأفكار التي ينادى بها الإسلام أيضا.
فإذا الشيوعية تقر بأنها فكرة حزبية من أجل الوطن وإنسانه، وليست فكرة حزبية مغلفة بالدين للكسب السياسي.

وبالرغم من أن لنا أكثر من ستين عاما الآن و الخداع ما يزال مستمرا، إلا أن الزمن وتجاربه كفيلة بتوعية الناس بإكتشافهم للحقائق يوما بعد يوم. ولكن تعليم الزمن قاسي ويكلف الناس الكثير. فمتى يعي الناس أننا جميعا مسلمون إذا كنا علمانيين أو شيوعيين أو إسلاميين (كيزان، اخوان، سلفيين). متى يعي الناس أن الفصل بين الدين والدولة من أبجديات العدالة السياسية ونجاح الديمقراطية.

أحمد الله أني لم أقرأ خبرا ينتقد الترحم على شاعر الشعب الأستاذ محجوب شريف كما قرأته من قبل في وفاة المرحوم نقد. فقد قام إمام مسجد من قبل بالتهجم عليه وهو بين يدي ربه واصفا إياه بالشيوعي الذي لا تجوز الرحمة له!. فهذا ما يزرعه الإسلاميون في مجتمعنا لتضليل الناس. حتى رحمة الله التي وسعت كل شيء يريدون أن يحدوها بجهلهم.
ويكفى من عرف نقد وغيرهم يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله. ولكن متي يستوعب الناس أن الشيوعية حزب فقط وليس ندا للدين؟.
و هل يعلم هؤلاء وهذا الشيخ الجليل أن الويل للمصلين الذين يصلون و يؤدون الصلاة وهم يدعون اليتيم ولا يحضون على طعام المسكين، فبذلك هم عن صلاتهم التي يؤدونها (وإن كانت في جماعة وفي مواعيدها) ساهون عنها، بل يرأؤون لأنهم لا يطبقون رحمة الله ويمنعون الماعون. وويل لمن كان مؤمنا فبات شبعان وجاره جعان، وويل لمن لم يسلم المؤمنون من لسانه ويده، وويل لمن لم ينصر المظلومين وتستر على الفاسدين، وويل لمن خاصم ففجر ونعت نده بأقذع ألفاظ السباب، وهل هناك أفظع من نعته بالكافر. فهؤلاء لا يريدون تحقيق العدالة السياسية و الإجتماعية في الوطن وإنما السؤدد والتمكين لفئة معينة، عكس الشيوعيين وغيرهم من المخلصين الوطنيين.

فلنترحم ولنصلي على من فقدهم الوطن ونقرأ الفاتحة على أرواحهم جميعا. فقد ثبتوا على قيمهم وتمسكوا بمبادئهم فنالوا كل الاحترام من المجتمع والوطن. الشاعر حميد ناصر الغلابة والمظلومين والمساكين، الأستاذ محمد إبراهيم نقد الصادق في نضاله وحامل هم الوطن وآخرهم شاعر الشعب الأستاذ الشاعر المناضل الصامد محجوب شريف، وغيرهم ممن لا نعرفهم ممن عملوا خلف الستار و رقدوا بسلام خلف كواليس القبور.
فقد كتبوا بكفاحهم فصلا من النضال والثبات على حب الوطن لنقرأه ونسير على درب أمل ما حملوه من حلم: حدادي مدادي يسع الجميع.
فهل لنا أن نكمل مشوار عملهم الصالح ونحقق ولو اليسير من حلمهم الطامح ونرسم ابتسامة على وجههم وهم في الأعالي مع رب غفور رحيم. فقد أبدوا ما بعقولهم ولم ينصفهم أحد وقالوا مافي قلوبهم ولم يستوعبهم أحد ثم حضروا بأجسادهم ولكن لم يجدوا أحد. و الآن قد رحلوا لتبقى أرواحهم لنا حاضرة لا تتقيد بمكان أحد إلا الأحد.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. مقال رائع وذو صبغة تنويرية وقد سلط الضوء على نقطة مهمة وكشف ممارسة خبيثة من ممارسات تيار الاسلام السياسي الغارقة في الخبث والخداع شكرا استاذ سيف الحق

  2. هناك شيخ قدمه ازهرى فىاول تابين
    لمحجوب شريف ..لم يصعد ابدا الى المنصه
    قرأ ازهرى ما تيسر ولكن الحيره مازالت قائمه

  3. دعنا نقولها من الطرف الآخر: … هل تجوز الصلاة على ميت كوز يسرق المال العام أو يغتصب و يعذب المعتقلين أو يلقى القنابل من الأنتنوف على أطفال و نساء أو يعدم الناس فى رمضان؟

  4. مقال جميل فيه راحة للنفس الأمارة بالسوء وسوء الظن أصبح في وقتنا الحاضر خط وشعارات تدرس لكن هيهات أن ينجحوا في ذلك ما دام هنالك أقلام حرة لها عيون جاحظة صاحية تهدي الناس الي الطريق القويم ، والرحمة لهم جميعاً وهم الآن بين يدي خالقهم ……….

  5. سيف الحق شكرا
    اتمنى ان تكتب اكثر عن هذا الموضوع ليفهم من يرغب بالفهم لا من يسد عقله عن استيعاب الافكار والرؤى النيرة ويقبع فى الظلام

  6. هنالك خير مثال مولانا الفكي محمود ( حي السجانة ) حافظ للقرآن وكان كثيراً ما يستدل عليه المناضل نقد وتعلمنا منه القرآن في الخلوة . وأخوان السودان كل الدول تبرأت منهم .

  7. في ستينيات من القرن الماضي كان المناضل الشهيد عبد الخالق محجوب والذي نعته النميري وزمرته آنذاك بعبد الخالق الذي لا يعرف الخالق المهم كان هذا المناضل ينازل احد رموز الاتحاديين في الانتخابات كنت يافعا يومها لكني اذكر تماما حينما اقسم بالطلاق بانه الفائز في دائرة العباسية فخسر الرهان يومها ولا ادري هل طلق ام انه الغش المعهود لكل المهرتقين من بيوت الطائفية وفي ذات يوم وبالمركز الشمالي قسم شرطة ود نوباوي كانت هنالك مناظرة بين كل من الشيخ ابو زيد كما يسمونه والشهيد محمود محمد طه من خلال المناظرة علمت بعده ان المتاسلمين هم الد اعداء الاسلام وان طالت ذقونهم وان قصرت ثيابهم الشيوعية ليست مذهبا ولا افكار خاصة بصاحب فكر كما يظن الكثيرون بل هي نتاج خبرات حياتية ومكونات حياة لشعوب ارتضت تنظيم حياتها وفق معايير رأينها تصلح في زمان ومكان ما لست شيوعي التوجه ولكني اؤمن بان هذا النظام اكثر اعتدالا من اؤلئك الذين يقحمون ديننا السمح من اجل مآرب دنيوية ولهمهم اقصاء الغير لا شباع رغباتهم الدونية خلف نعت الاخرين بالحاد والكفر والعياذ بالله

  8. انت كان بتعرف دينك السمح فى مقارنة بين ابوزيد ومحمود
    جزاك الله خيرا فقد اجبت كما يحلو لهم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..