الإقليم الأوسط – النار من مستصغر الشرر

بسم الله الرحمن الرحيم
الإقليم الأوسط – النار من مستصغر الشرر
أحمد عيسى محمود
[email protected]
البعث الحضاري ظهرت سوءته للعيان هذه الأيام.. فبعد أيام سوف يصل بنا قطار نيفاشا محطته النهائية بانفصال جزء عزيز علينا.. فمشروعنا سيء الذكر لم نجني منه إلا ضياع الدين والوطن.. فأصبح حالنا ((كالْمُنْبَتَّ لا أَرْضًا قَطَعَ وَلا ظَهْرًا أَبْقَى)) فلم يقيم بعثنا الحضاري ديناً في حياة الناس.. ولا حافظ على تراب الوطن.. فقطار نيفاشا قد هدّم جدار الوطن الغالي بعد أن حطم ديننا الإسلامي تحت عجلات المحافظة على السلطة.. فأصحاب المشروع في سبيل الكرسي الوثير شعارهم ((الغاية تبرر الوسيلة)). فالانفصال أصبح قاب قوسين أو أدنى من إعلانه.. وبدأ كالعادة طائر الشئوم ينعق ببوقه بأنه سوف يطبق فينا شرع الله.. ولكن يا أصحاب البعث الحضاري قبل التطبيق هناك أسئلة تطرح نفسها.. ما هو الشرع الذي كان سائداً طيلة العقدين من الزمان؟؟ ألم نسمع بأن من إنجازات إنقاذكم تطبيق شرع الله!!! فيا أهل الإنقاذ إن قطار نيفاشا لم يرحل بالجنوب وحده ولكنه حمل معه بقية أقاليم السودان.. فها هو إقليم دارفور بدأت تظهر فيه الأصوات منادية بالانفصال أسوة بالجنوب.. ولست متشائماً ولكن قراءةً لواقع الحال وخبرتنا الطويلة مع البعث الحضاري فإن فصل دارفور مسألة وقت.. فكل الأدوات الهدامة التي جعلت الجنوب يلوح بكلتي يديه مودعاً الأم الرؤوم موجودة.. فالعقلية الحاكمة مازالت متمسكة بالسلطة لا تتزحزح عنها قيد أنملة.. وأبواقها موجودة مثل ((غفلة)) الطيب مصطفى العنصرية فإقليم دارفور فيه ((أم زرقة)) تلك الكلمة المحببة لدى الطيب مصطفى ومن سار على نهجه البغيض.. وأيضاً شرقنا الحبيب هبت منه رياح الهباباي منذرة بشرر كالقصر لا تبقي ولا تذر.. فسوف تقضي على الأخضر واليابس إن لم يتدارك أهل الحكمة الأمر قبل فوات الأوان.. فشر البلية ما يضحك أن الحديث عن انفصال الشرق جاء على لسان أهل المشروع الحضاري أنفسهم.. فلم نسمع من قيادة النادي المشئوم كلمة واحدة نعتت صاحب انفصال الشرق بأنه خائن وعميل وطابور خامس.. ((فلهم غفور رحيم)) ولبقية أهل السودان ((شديد العقاب)). فبعد أن استشرى الفساد في أرض الشرق والضبابية التي حجبت الرؤية عن غياب الوالي والانحطاط السياسي الذي مارسته القيادة الموصوفة أيام الانتخابات بأنها ((القوي الأمين)) قد انحدرت إلى أسفل سافلين.. فمبروك لطلابنا في كليات العلوم السياسية بهذا التطور في عالم السياسة الإنقاذي فأقول لهم: ((فولوا وجهتكم شطر الشرق الحبيب حيث تجدون ممارسة السياسة على الهواء الطلق بالكراسي)).
ونحن مازلنا في قطار نفياشا فقد حملت صحيفة الصحافة اليومية قبل أيام خبراً مفاده بأن تنظيماً في الولايات الوسطى قد أقدم على حرق خمسة آلاف فدان من قصب السكر.. فالوالي الهمام لم ينفِ الخبر ولكن قلل من أهميته بأنهم أولاد متنطعين.. وبما أنني من الوسط صراحة قد ملء صدري الخوف وقلت في نفسي هل وصل بنا الحال إلى هذا الدرك السحيق؟؟؟ فالوسط الذي كان ينعم بالأمن طيلة زمن الدولة السودانية الحديثة.. تبدأ فيه حركات التمرد جهاراً نهاراً لا تخاف من نمر الإنقاذ الذي كشفت حقيقته الأيام بأنه ((نمر من كرتون)) فقد فعل مال السُحت فعله في قادة الإنقاذ فدعوات المظاليم التي ليس بينها وبين الله حجاب أصابت أصحاب المشروع الحضاري بالخوف فها هم يقدمون المال والمناصب والوظائف لكل من يحمل السلاح فقد أغروا الشباب بأن الرفعة والجاه في السودان لهما طريقان فقط لا ثالث له إما بندقية تفعل فعل السحرة في راكوبة الإنقاذ أو ولاء أعمى أو نفاقاً لهذه الراكوبة.
ولكن بقليل من التفكر وجدت بأن ما حدث كان جلياً بأن يظهر للعيان وذلك للأسباب التالية:
أولاً: قطار نيفاشا بما حمله من قوة دفع معنوية لبقية أقاليم السودان عامة ولكنه حمل لأهل الوسط قيمة مادية مهمة للغاية ألا وهي أن الإقليم أصبح إقليم تماس فمن الساهل أن يتمرد أولاد الإقليم وخاصة أن العلاقة بين الجنوب والشمال ليست على ما يرام.
ثانياً: التهميش الواضح الذي مارسته الحكومة المركزية طيلة الفترة الماضية من عمرها على أهل الوسط جعل الشكوى تشق عنان السماء وأُذن الإنقاذ مصابة بالصمم تجاه هذه الشكاوى. فالظلم الذي مارسته الحكومة على الوسط يُندي له الجبين فباعت الأراضي في مشروع الجزيرة بعد أن دمرته.. وكذلك مشاريع النيل الأبيض الإعاشية حالها يغني عن سؤالها. بل الأدهى والأمر أن وزير الزراعة المتعافي بدلاً من إيجاد حل لهذه المشاريع أصبح هو المستثمر الأول فيها؟؟ فبالله عليكم يا أهل الإنقاذ هل فعلت إسرائيل في الشعب الفلسطيني مثل ما فعلتم أنتم في إنسان الإقليم؟؟؟
ثالثاً: ما من مشروع تدعي الحكومة بأنه قومي إلا ونجد أنها كلمة ((حقٍ أُريد بها باطل)) حيث نجد غالبية الوظائف في هذه المشاريع المسماة قومية زوراً وبهتاناً من نصيب أولاد الشواقية والجعلين من ولايتي الشمالية ونهر النيل.
رابعاً: لقد فرضت الحكومة على أهالي الإقليم ولاة من الأقليات في الإقليم، هذا الأمر ساهم بصورة كبيرة في حالة الاحتقان التي يعيش فيها أهل الإقليم.. وربما يقول قائل بأنني إنسان جهوي أو قبلي ولكن كلا وحاشا ها هي الحقيقة المرة التي يجب أن تقال على الملأ حتى نحافظ على الإقليم ضمن أقاليم السودان الباقية بعد الجنوب.. لأن بعث الإنقاذ الحضاري لم يقم إلا على الجهوية والقبلية ومازال هذا الأمر سائر في مخيلة القوم في النادي المشئوم حتى اليوم فخير دليل على ذلك حديث البشير مؤخراً في نيالا عن فاروق أبو عيسى بأنه لا حزب ولا قبيلة له.
فهذا التجاهل ما يدرينا أنه يتحول إلى مقار للفتنة والمؤامرة في يوم من الأيام!!! وهل كانت بدايات دارفور إلا بهذه الطريقة؟؟؟ أوَ ما نخشى أن يأتي يوم يقال فيه لابد من فصل الشرق والأوسط وكردفان فيكون نهر النيل والشمالية هم السودان القديم؟؟؟
ولا يسعني في النهاية إلا أن أسجِّل تحذيري لأهل النادي المأزوم ولكل غيور على أمن السودان وسلامته واستقراره بأنني:
أرى خلل الرماد وميضَ نارٍ ويوشك أن يكونَ لها ضرامٌ
لئن لم يطفها عقلاءُ قوم يكون ضرامها جثثٌ وهامُ
يا ناس الغرب والشرق و" عرب الجزيرة " ، كفايـة صياح وعويــل ، لن نعطيكــم إلا حســب مزاجــنا من كعكــة السـلطة والثروة حتى ولو كان جميعكـم على قلب رجــل واحــد. الخرطــوم عاصمتـنــا وشمالهــا أرضـنا وأهلــنا وعزنــا ومهــد طفولتــنا، سوف نتكـرم ببعض الوزارات للخســيان فكريا من أولادكـم ، ولقــد اسـتطاع أولادنــا الاشاوس توجيــه معظم ان لم يكــن جميع الاســتثمارات الأتيــة من دول الخليج في مناطق تقع شمــال الخرطوم ، وغــدا سـوف نصدر الاسـمنت من مناطقـــنا الى دول الجــوار والعالــم وانتم تعلمون انها سلعة اســتراتيجية نقديــة ، ولقد طلب الوالي صراحة ونحن من خلفـة ان تكون عمالــة مصانع الاسمنت من أهــل المنطقــة ( الما عاجبـو يلحس كوعـه ) . ألا ترى حكمت أولادنــا جعلت مصافي البترول والصناعات ذات الصلة وتوليد الكهرباء في الخرطوم او شمال الخرطوم ( نحن تعلمنا دروس كثيرة من تفكك روسيا ويوغســلافيا) ، لذلك قطعنا عهـدا بان تكون كل الصناعات الاستراتجية في الخرطوم او شمال الخرطوم ، ولقد وعدنا إبننا الرئيس البشير في اخر زيارة للولاية بان تكون مناطقنا بساتين السودان ( الا تسمعون ) . إذا طالبتـم بالانفصال سوف نصفي بترولكـم بسعـر ونصدره لكم بتـكلفـة اقــل من تلك التي سوف نعطيـها للجــنوب . امـا مصانع سكركم ، فمـدراء المصانع ومعظم التنفيذيين من عندنــا ، سوف ناخد منكم السكر بالمقايضة من غير أن نخسر اي دولار ، يعــني حـنديكــم حلويــات وشباشب وماجي وقليل من الاواني المنزلية بالمقابل. ولو ما عايزين استوردوها من مصر او ليبيــا ، انتم أحرار. وإذا لم توافقوا سوف نخدع واحـد من أولادكم مثلما خدعنا محمد عبد الله جار النبي ونشــيد من أموالـه مصفاة بترول ثم بالقوة نصادرهــا منه ونشــرده خارج الســودان تماما مثلما فعنا بمحمد عبدالله جار النبي .
ننصحكم بالرضاء بالواقــع ، وغياب الجـنوبيين سـوف يوفـر للجامعيين من أولادكم فرص عمل داخــل بيوتــنا ومـزارعــنا وشـوية أعمال بالبلديــة ، وإذا ما عايزيــن سوف نسـتعيض عنكم بالأحباش والارتريين. كـيف يعمـل اولادنــا في هذه المهــن الوضيعـة ؟! ألا ترون أن معظم أوائــل الشهــادة السـودانية وأوائل المدارس السودانية من عنــدنا خاصة في عهـد الأنقــاذ.
اليهــود بذكائهـم سيطروا على العالم وبذكائنا سيرطنا على السودان (سلطة وثروة وخدمـات )، والما عاجبـو ينزل الشارع.