الترابي والأناشيد القديمة

تلك الإنقاذ ، كانما هي في نسختها الأخيرة ، غريقة ، والغريق يتعلق بقشة ، وهاهي تتعلق بترابيها ، الذي لم تردعه المعتقلات ولم يثنيه عن السياسة عامل السن ، إذ لم يردد متغزلا في أخيه عمر (راعي حرماني وأخشى عامل السن) ، إلا أن الحكومة بدأ أنها هي التي تخشى عامل ضياعها ، بعد تضافر مجموعة من العوامل كلها بالضرورة تصب في هذا الماعون ،مما زاد من حساسيتها وتوترها ، كغيرها من الانظمة الديكتاتورية التي تزداد لديها عند كل صباح يوم جديد فوبيا الرحيل ، والأمر جلل بالنسبة لحكومتنا هذة في ظل ظروف محكمة جنايات دولية لها بالمرصاد ، وحروب طاحنة تضرب الأطراف ، وتدق حتى أبواب العاصمة وترتد ،كل ذلك يصور عرابها حتى عشريتها الأولى ،الذي صار لها فيما بعد من ألد الخصام ، حتى إقصاء نافع وعلي ، عند عودته وبقوة وكأنما هو جودو .

ولكن هل يمكن للترابي بعد كل هذا الكبر الذي بلغ منه عتياً ، أن يواكب متطلبات المرحلة في ظل إنفراط عقد الولاءآت الذي تحدث هو نفسه عنه مؤخراً من لملمة وترميم النفوس التي تصدعت ، وإن كان يمكن للترابي إنقاذ (الإنقاذ) ، من اعداءها ، فكيف يتمكن من إنقاذ (الإنقاذ) من نفسها ، رشوتها ، فسادها ، محسوبيتها ، تمردها من الداخل على بعضها ، مليشياتها ، جنجويدها ، ود إبراهيمها ، غازيها ، حميدتيها ، هلالها ، وذو النونها الذي ذهب مغاضبا ، نافعها ، اساماها …إلى آخر بلاويها التي تلاويها .

ماذا يمكن أن يفعل الترابي وإن عاد أمينا عاما للتنظيم ـ بعد الإندغام الإسلاموي ـ من جديد بل حتى وإن أتى رئيسا للبلاد في ظل دولة مفلسة ماديا ، نضبت كل مواردها ومشاريعها الحيوية بسياسة الوليدات الرعناء هذه ، ومفلسة معنويا تجاه العالم أجمع ، الذي طالما رفعت شعار سيادته منذ بواكير العهد بها ، وإن سادته لما ضرت ولكنها نظام كذوب ، بل هي مفلسة حتى تجاه شعبها هذا الذي لم تقيم له وزنا .

صحيح يمكن للترابي ان يبرز أياما وأياما في ثياب الواعظينا ، وما لا يهم أن يمشي في الارض يهذي ويسب الماكرينا ـ ما اكثر الناس مكرا في بلادي !! (بفقه الضرورة طبعا) ـ الحمد لله … ويحدث الناس عن التوبة والأُوبة صراحةً ، خاصة وان له ملكة إقناع الشعب في زمان غير هذا الزمان ، وأجيال غير هذه الاجيال ، أجيال الربيع العربي ، ومراد عالم دار ، وملكة جانسي ، … كلها مؤثرات روحية ثورية تشربتها الانفس شاء الناس ، أم أبوا ، فضلا عن مكابدة الحياة اليومية التي تدفع بالناس دفعا نحو التغيير ، بدا ذلك جليا في ثورة سبتمبر ، مما حال بين النظام ووسائل الإعلام حتى ظن الناس أن (بلاء وإنجلاء) .

نعم يمكن للترابي إنقاذ البلاد إن تناسى الإسلاميون أنفسهم أُلئك (الفطائس) ، أو كذبوا ذلك التصريح وأقنعوا أنفسهم بأنه مدسوس ، اما بالنسبة لعامة الشعب وعموم البلاد ، فيا شيخنا عليك بمصباح علاء الدين ، لإعلاء راية الدين بالأناشيد القديمة .

كنت قد ظننت ، لا بل كتبت أن الترابي بعد التقارب الأخير هذا ، وقبل مؤتمر الحوار الأخير الذي وصفه عرمان بسوق عكاظ ، وتفاءل به آخرين ، أنه سيزور دارفور ، مهراً للتقارب بينه وبين ليلاه (الحكومة) التي بادلته المودة ، وعلى الإشهاد ، بعد بين وهجر تطاول عليهما الأمد ، ولكنه خيّب ظني وذهب إلى أبعد من دارفور ، ذهب إلى هناك حيث أم جرس ، وكأنما هي مربط فرس مشاكل السودان ، ولكن لماذا لا تبدو كذلك ؟!! أليست هي لإحتواء حركات دارفور المسلحة ، وبالتالي الإلتفاف على وحدة الجبهة الثورية وضربها من (الخلف) أقصد الغرب (دارفور) ، ولكن من يريد الترابي خطب ودهم في أم جرس ، ما الفرق ما بينهم وبين فرس عاطف خيري الذي قال في وصفه شاعرنا : يا فرس كل القبيلة تلجّموا ، يكسر قناعاتا ويفر ، يسكن مع البدو في الخلاء ، ما يرضى غير الريح تجادلو وتقنعو .

عاد الترابي ولكن هل يعود تراب الوطن وإنسان الوطن إلى وطن الجدود ؟ ، هل يعد للدين مجده ؟ هل يعد للدين عزه ؟ بالأناشيد القديمة، ألم ترق كل الدماء بعد ؟!!

خالد دودة قمرالدين
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..