اختفاء صينية الغداء .. موت الخلايا الحيوية

تقرير: عوض نميري:

ظلت الاسرة السودانية واحدة من اعرق واميز الاسر في افريقيا والوطن العربي ذلك لما تتميز به من ثقافة وقيم موروثات حميدة ذات مبادئ راسخة تعكس عراقة واصالة هذا البلد المجيد والغني الوافر من الصفات السمحة..
لاسيما ان تميز هذا الشعب الابي من ثقافة عالية وترابط اجتماعي حميم ما هو الا افرازات لقوة تأثير الاسرة البسيطة التي تلقي بظلالها على الفرد والجماعة لتمنح هذا البلد مجتمعاً معافىً وسليماً ومن ثم يصبح هؤلاء الافراد نعم السفراء لهذا الوطن.
المتابع لحياة الاسرة السودانية لا يفوته ابداً حرص افرادها على حضور زمن تناول وجبة الغداء.. «صينية الغداء» بحيث تجد الابوين والابناء لا يشغلهم شاغل عنها او يحيد.. ولهذا تميزت الاسرة السودانية.. كيف؟
من خلال هذا الاجتماع المبسط الراتب «صينية الغداء» تبدأ عملية التعليم والتعلم والتقليد والمحاكاة.. بحيث تكون هنالك فرصة للابناء بالاجتماع مع والديهما ولا شك انهم بمختلف اطوارهم العمرية يرغبون فيمن يسمعهم او يرد على كثير من اسئلة تراودهم ولا شك انها كثيرة ومتعددة.. وتحتاج الى ردود ويجب على المجيب ان يكون حكيماً حتى يتفهم طبيعتهم.. وتكمن خطورة الموقف في ان هؤلاء الشبان او الابناء قد يلجأون الى اقرانهم من الاصدقاء في حالة عدم وجود الآذان التي تصغي اليهم، وهنا نجد ان ليس كل ناصح ذو تجربة ويقع خطورة هذا على الابناء حال غياب الابوين وانشغالهم..! ايضا من فوائد تجمع الاسرة السودانية انها تعطي الابوين فرصة المتابعة الدقيقة لابنائهم مع تعليمهم اهم درس وهو القناعة بالمقسوم والرضا بقسمة الله مع كثير جداً من قصص الادب والاحترام والمثابرة والاجتهاد التي يحفظها الابناء عن ظهر قلب ويمتثل بها ابداً.
هذا بجانب وجود «الحبوبة» او الجد وهما ايضاً يلعبان دوراً كبيراً في ايصال ارثنا الراسخ وعاداتنا الحميدة باسلوبهم القصصي الشيق الممتع.. وهذا من خلال التجارب وعرك الحياة لهم.
فقدان الحلقة جعل الفجوة أكبر:
الرائي لحال مجتمعنا السوداني الآن لا يخفو عليه ملاحقة انشغال كافة افراد الاسرة في السعي لـ «لقمة العيش» بحيث قد لا يلتقي الابن بأبيه الا مصادفة والاب ابناءه الا نادراً وهكذا.. ومن هنا جاءت معاناة هذا الجيل الذي كان ضحية الضغوط الاقتصادية التي حالت بينه واعظم الصفات والقيم ان ينالها او يتربى عليها، صحيح ان ليس كل حال الاسر قد اصابها ذلك ولكن هذه الظاهرة شكلت نسبة انتشار بنسبة كبيرة للغاية مما اصبحت ظاهرة خطيرة تهدد قيم المجتمع السوداني واصالته.
صحيح ان الابويين يسعيان الى اطعام ابنائهم ويعملان ليل ونهار حتى يقوا ابناءهم شر شبح الجوع والتشرد.. الا ان ذلك سيواجهه من ناحية اخرى دخول ثقافات دخيلة قد لا تتماشى مع عاداتنا السودانية ولا يرضى بها ديننا الاسلامي الحنيف.. ودخول هذه الثقافات والسلوك لم تتسلل دورنا بقدر ما دخلت من الباب الذي تركه الآباء مفتوحا..
إذن لماذا نلوم هذا الجيل على سلوك غير سوي ولم نكرس لانفسنا وقتاً حتى ننير له طريقه.. ولماذا نعتب عليه فعل ولم نكلف انفسنا يوما بتوجيهه.. من خلال هذا علينا النظر لحال مجتمعنا الآتي والسابق لا سيما سيظهر الخلاف جليا بتميز الجيل السابق بصفات حميدة تحمل في دواخلها الكثير من جماليات القيم الراشدة والمبادئ النبيلة والشهامة والنخوة لهذا البلد والتعاضد والتماسك لنصرة المجتمع والدين والوطن.. وكثير من المحاسن الطيبة التي تمتع بها جيل من ابناء بلادي الفتية.. وهذا لانهم رضعوا هذه الصفات من ثدي اسرة رشيدة وفرت لهم كل هذا الحب.. وعلى قدر فقرها وحرمانها لكثير من مقومات الحياة الا انها زرعت في داخل ابنائها كل هذا الفيض من مقومات النجاحات الذي بدوره اضاء طريقهم وميزهم عمن سواهم.
على خلفية هذا نجد ان الجيل الحالي لم تتوفر له ما توفر لما قبله الا من رحم ربي.. بحيث لم يجد الموجه او المرشد الحكيم، الذي يأخذ بيده حتى يشتد عوده ويقوى.. بل نراه كان ضحية انشغال تحت مسمى ضغط اقتصادي مما جبر إبن الثامنة عقود ليذهب الى السوق طلبا لقوته.. بدلا من ان يكون داخل حجرة الدراسة!!
وليس هذا فحسب فكثير من ابناء هذا الجيل لم يحظوا بالتعريف عن حب هذا الوطن.. وهم غير ملامين في ذلك.. ويجهلون الكثير المثير..
وغيرها من الظواهر السالبة التي كانت سببها الاول والاخير الاسرة وتمثلت في تعاطي المخدرات «البنقو» بصورة كبيرة وقد اثبتتها بلاغات الشرطة اليومية في مختلف الاقسام.. هذا بجانب انتشار جرائم الاغتصاب والسرقة والقتل وكثير من مثل هذا القبيل..
كان هذا هو سبباً لفقد بوصلة المجتمع ومركز تحكمه ولهذا كانت أهمية «صينية الغداء« كبير الاهمية لما تلعبه في تلافي كثير من مشكلات المجتمع.. وزرع القيم الحميدة فيه بواسطة الابناء الا انه بغياب هذا انعدم معنى الاحترام بين الاخ واخيه بل الابن وابيه!! وانطمثت ثقافات وغابت موروثات كان لها شأن في زمان جنت عليه لغة الضغوط الاقتصادية، على ملامح الاسرة السودانية!!
ينبغي علينا ان نتبع سياسة البروسترويكا وهي اعادة البناء لهذا الشعب الذي يمضي الى جرف هاو ان استمر بهذا الحال، فهذه الظاهرة الاجتماعية تمضي به نحو تدني في الاخلاق وانحراف يقود الى انتشار الجريمة والسلوك غير السوي..
إذن فقد حان وقت نتبع فيه لغة الجلاسنوست وهي لغة الصراحة في وجه من يستحقون هذا، وعلينا ان نعي لحالنا كيف صار، وعلينا الاهتمام بالاسرة وان نحسن تربية ومتابعة ابنائنا، فنجاح الابناء نجاحنا ونجاحنا نجاح اسرة، ونجاح اسرة نجاح مجتمع ونجاح مجتمع يعني ان السودان بخير.

الصحافة

تعليق واحد

  1. هسي صينية مدنكلة ذي دي البيقدر عليها منو؟!و الله لو الأبوات بيقدروا على ربعها العيال ما يفارقو أبواتهم شبر

  2. صورة الصينية دى مصدرها مكانين بس .. يا مأخوذة من المتحف للبيت السودانى العادى قبل عام 1989 .. او المصدر الراجح هو من قصور كافوري والمنشية

  3. يبدو ان الكاتب متاثر ومعجب بما كان يدور فى الاتحاد السوفييتى سابقا من مفردات البروسترويكا والجلاسنوست التى ذكرت فى مقاله. ما زالت الاسر السودانيه بخير رغم الغلاء الكاسح الذى فرض علينا من قبل الانقاذ. فالمتتبع لحياة الاسر السودانيه يجدها انها لا تخلو من ترابط اجتماعى حميم فالعائله تجتمع بمنزل الاسره الكبير والابناء يشارك كل حسب استطاعته وان هذ الفيض من الحنان والتعاضد هو الذى جعلنا نختلف عن بقية الشعوب وجعل المرأ يفتخر بان لنا قيمنا وموروثاتنا الخلقيه التى حبانا الله بها.

  4. يا جماعة الكستر وينو ما شايفو؟

    زمان لمن كنا صغار ونمشي بيت عرس ويختوا لينا صينية زي دي اول حاجة الجماعة يجازفو ليك الكستر وبعدين يشوفو الباقي وعلى كده الداير يقوم بدري يقوم والدير يقعد للنهاية يقعد براحتو ……………

    زمن

  5. ولسه الحكومة دي زي ما قال الزبير زمان يموتوا ثلثين ويعيش ثلث

    يعني يموت كل من هو غير مؤتمر وثني وعفني ويعيش كل من هو مؤتمر وطني وعفني

    ومشوا كويس في الموضوع دا المامات هجروه

    والقعد عذبوه

    والعندو غسيل كلى اهملوا صيانة الكلى

    الادوية والصيدليات قدر العندها قفلوا معظمها ووقفوا صنادقيها

    المدارس الخاصة حيقفلوا نصها

    عشان تشتغل صيدلياتهم ومدارسهم (مدارس المواهب الفي كافوري حقت آل البشير) وغيرها

    وهكذا بكرة حيقبلوا على المطاعم يقفلوها واي زول ما تبعهم عنده مشروع حيقفلوه ليهو ويخلوا الشعب دا يموت ويجيبوا الحلب اسيادهم وجلاديهم
    لانه كل السودانيين الموجودين الان ما عاجبين الناس ديل شماليين على هدندوة على نوبة على فور على جنوبيين ما عاجبنهم ودايرين يبيضوا السحنة حقت الناس بالتوطين وبيع البلد للاوسطيين والحلب والاتراك والشوام

    اولاد … لن استثني منكم احدا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..