من ثنيات (الحريات) طلع المعارضون بنشرة العاشرة

حتى وقتٍ قريب كانت نشرة العاشرة في تلفزيون السودان دليل توقيت لا أكثر ولا أقل. بها يتم التدليل على انتهاء المسلسل اليومي لمن فاته فضل المتابعة، وعلى أوان انصراف الضيوف بعد قول العبارة الأثيرة (الوقت اتأخر)، وعلى ميعاد تجهيز وجبة العشاء عند ربات المنازل اللائي لا يزال العشاء جنداً ضمن أجندتهن المنزلية، وعلى ميعاد أوبة الأطفال إلى أسرَّتهم بعد لأواء شديدة كونهم باتوا جميعاً جوعى للمبكي على شبابها (ملكة جانسي).
(1)
سياسيًا؛ وبحسب خبراء إعلاميين، لم تكن نشرة العاشرة سوى منشور حكومي يعكس وجهة نظر الحزب الحاكم والأحزاب المتوالية معه، وعلّ السبب أن جل أخبارها تبتدر بأكثر العبارات الممقوتة عند الصحافيين الوراقين -ما بالك بالساسة- ولكنها تجد هوى في نفوس المسؤولين ومديري العلاقات العامة من شاكلة: (التقى سيادته، وصل البلاد، يبدأ المسؤول “الفلاني” جولة خارجية، شارك في، فضلاً عن عبارات التثمين والامتداح).
(2)
فئتان فقط اشتهرتا بالمواظبة على تتبع نشرة العاشرة، وتحديداً دقائقها الأخيرة؛ أولاهما متتبعو الفاصل المداري وتحركاته المثيرة للغبار والأتربة والمنذرة بالمطر والفيضان والخطر. وثانيتهما منسوبو الحزبين الأكبر في البلاد (الهلال والمريخ) وهم من اضطرتهم الظروف لابتسار رؤيتهم لمباريات القمة على الأهداف فقط وذلك انصياعًا لأوامر إدارة التلفزيون في تحولها للقمر الصناعي (عربسات) وهو القمر الذي يصعب على الرجال إقناع زوجاتهم وبناتهم من تولية (الأطباق) تلقاءه وشطر (العرضة) وهي القبلة التي لا يرضينها البتة، لما تحمله من دلالات سيادة للثقافة الذكورية، وما تُسقطه من تبعات وخيمة عليهنَّ، وبمقتضاها يقل حظهنَّ في مشاهدة القنوات الباثة للمسلسلات المدبلجة إلى النصف.
(3)
الأسبوع الفائت شهد تطوراً لافتاً في أروقة الجهاز الحكومي، تطور يبدو أن بمقدوره إعادة الأهالي ـ مجدداً ـ لتتبع نشرة العاشرة؛ وذلك نتيجة انبعاث صوت عباد أولي بأس شديد على الحكومة من داخل إستوديوهات النشرة.
المعارضون، أطلوا على السودانيين من التلفزيون بعدما اقتصر ظهورهم في فترات سابقة من استوديوهات قنوات (الجزيرة، العربية، بي. بي. سي) وصنواتهن، بجانب الظهور الخجول على صفحات الصحف.
(4)
أطل علينا (معارضون) لطالما تم هجاؤهم من داخل (حوش التلفزيون) دون أن يجدوا فرصةً لتسور مملكة محمد حاتم وممارسة حقهم في الرد. فحضر من قادة التحالف بعد العاشرة: إبراهيم الشيخ، وصديق يوسف، ومريم الصادق المهدي. ومن الحركات المسلحة ظهر أحمد تقد لسان، ومن الصحافيين معلم الأجيال محجوب محمد صالح، ومن تمت مقاضاته إثر تصريحات صحافية في قناة أجنبية فيصل محمد صالح، ومن تم شتمه بُعيد برنامج تلفزيوني بلفظة (حيوان) عثمان ميرغني.
(5)
وبلغة التلفاز نقول: عوائد كبيرة منتظرة من إطلاق الحريات في الجهاز العتيق، حيث يتوقع مراقبون أن يعود الأهالي لنشرات التلفاز لاحتوائها الرأي والرأي الآخر، ذلك مع عودة الألق لأهله من المذيعين والمذيعات الذين لا يعرف لهم أحد اسمًا ولا رسمًا.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. وانت صدقت ؟
    بكره بترجع حليمه لعادتها القديمه ده شو ساكت يغشو بيه الناس والعالم وبكره حايمنو بيه علي الناس

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..