السودانان: هذا أو الطُوفان!

السودانان يمضيان بسرعة فائقة ، نحو جحيم الدولة الفاشلة ، وهذا الوضع لم يعُد سرّاً يُهمس به فى مراكز ودوائر البحوث العلمية، أو وكالات الأُمم المُتّحدة ، ومؤسّسات إستقراء الواقع وتقديم المُقترحات ، واجتراح الحلول ،ولم يعُد غائباً حتّى فى مطابخ صناعة القرارات فى السودانين، فالأمر أصبح من المعروف للجميع ، والمكشوف للكافّة ، وقد وصل الدمار فى كُل مناحى الحياة مرحلة اللاعودة ، مالم تحدُث تحوُّلات هيكليّة عميقة وإجراءات جراحيّة كافية لوقف ذلك التدحرج السريع نحو الهاوية . ولم يعُد كافياً من ضمن أجندة الحل ، الإكتفاء بوصف الواقع والما جرى وما يجرى ، إنّما المطلوب تشخيص العِلل والعمل على التغيير ، وتحديداً التغيير الذى يُجنّب السودانين المزيد من النزاعات الطاحنة وسفك الدماء والقتل على الهُويّة.
النزاع المُسلّح فى أكثر من منطقة فى الدولتين حصد آلاف الأرواح ، وترك الملايين يرزحون تحت نيران سوء الاوضاع الإنسانيّة المُزرية ، وضعف المعروض أمام ضخامة حجم المطلوب ..ولا بديل هُنا من فرض وقف الإقتتال ، وتمرير الإغاثة الإنسانية للمتضرّرين ، عبر عمليّة أُمميّة مُتكاملة وعاجلة وسريعة ، تجد السند والدعم والتاييد الداخلى، من حركة سلام قويّة، قبل فوات الأوان .
المُعارضة المُسلّحة – بالذات – مُطالبة بأكثر من مُجرّد حمل السلاح ، فالمطلوب منها التوسُّل للشعب ولجماهيرها فى مناطق النزاع وفى المركز ، عبر أذرع مدنية ، تُقاوم سلميّاً ، وهذه العمليّة لن تُنجز بالأمانى ، إنّما ببذل المزيد من الجهد فى جبهة الكفاح السلمى الديمقراطى . والمُعارضة السلميّة ، مُطالبة هى الأُخرى ، بلمزيد من الجُرأة والإقدام وتحمُّل تبعات تصعيد النضال والمُواجهة ، ومعروف أنّ الحُقوق تُنتزع ، ولا يُنتظر أن تُمنح بالمجّان…والواقع يُؤكّد ويُبشّر بإنخراط فئات جديدة شبابيّة وطُلابيّة فى المشهد النضالى ، مؤمنة بالتغيير السلمى، وتعمل لأجله بإخلاص ، وثبات ورؤية واضحة ، وهذا يُضاف لنضالات حركة المجتمع المدنى ، ويحتاج للمزيد من التنسيق وإقامة الشراكات الخلّاقة فى بناء التحالفات النضاليّة وتعميقها لإنجاز التغيير وإجبار السلطات على تقديم التنازلات ، والإصلاحات المطلوبة ، عبر النضال الحقوقى الصبور والدؤوب.
الصحافة فى البلدين مقهورة ومقموعة، ومُغيّبة بفعل فاعل ، ولهذا فهى عاجزة – بصورتها الراهنة- عن القيام بدورها المنوط بها ، فى واجبات ومهام (الصحافة والنزاع) ، صحافة تنعتق من ادوار (صحافة الجمع والإلتقاط) ، وعلى الصحافة الحقيقيّة ، وطلائع المُجتمع الصحفى والمؤمنين بحرية الصحافة والتعبير كافّة، الإقدام لإنتزاع الحقوق، لا إنتظارها فى رصيف المُتفرّجين، ولهذا كُلفة معلومة، لا بُدّ من دفعها ، لانّ الصحافة هى ضمير الأُمم. وما ضاع حق وراءه مُطالب.
هذا وذاك ، مُحاولة مطروحة للنقاش الجاد من كُل الأطراف، لإعمال التفكير والعقل الجمعى السديد، للخروج من نفق الأزمة التى دخل فيها السودانان .. فهل من طريق جديد، للتغيير السلمى المُستحق و المطلوب والمرغوب.

فيصل الباقر
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..