سؤال الهوية عندما يتهرب المثقف من الاستحقاق

مدخل:
توقفت كثيرا عند مقالات د. حيدر ابراهيم عن مفهوم الهوية وقد اعتبر ان مفهوم الهوية عبارة عن محاولة للهروب من القضايا الحقيقية في البحث عن شمعة اخرى وتسمية الازمة بغير مسمياتها الحقيقية، فهو يقول في مقال (في ضحك القدر (الحلقة الثانية): وهم الهوية .. بقلم: د. حيدر ابراهيم علي
الأحد, 20 نيسان/أبريل 2014
توقفت الحلقة السابقة عند القول بأن مفهوم “الهوية” يتميز بالتجريد، والثبات، والجوهرانية (essence)، ويقترب من الميتافيزيقيا. ويفترض في الهوية أن تكون موحدة ، وخالية من التناقضات ، ولا تتأثر بالتاريخ والزمن أي خالدة أو ازلية. ومثل هذا الوضع النقي ، والصافي، وغير الخاضع للتغيير والتحولات، لا يمكن أن يوجد في الواقع. ولذلك مفهوم ” الهوية” ل لا يساعد في وصف ظاهرة اجتماعية، وسياسية، وثقافية مثل الوطن، أو المواطنة، أو الأمة، أو الشعب، أي لايصلح كأداة تحليلية لفهم الإنسان أو المجتمع السوداني، أو غير السوداني.).
وحقيقة يعد ذلك التحليل لفهوم الهوية نوع من الهروب النخبوى الصريح من استحقاق ازلى وثابت، فمفهوم الهوية لا يعبر عن الوصف الانساني الخارجي كما نلمح من ذلك التوصيف، وكذلك لا يمكن لمفهوم ان يكون ازلى باعتباره ياخذ بعد واحد طوال التاريخ ولكن المفهوم يتغير مع التحول الاجتماعي للمجتمعات الانسانية، فمفهوم الانسان ومفهوم المجتمع والسياسية وغيرها من المفاهيم تدرس كما هي عند الانسان القديم او الانسان الحديث ولكن توظف حسب التاريخ وطريقة ذلك المجتمع ونظرته لتلك المفاهيم.
ازمة الانا الثقافية:
ان عدم استيعاب د. حيدر لمفهوم التحولات الاجتماعية هي التي جعلته يصف مفهوم الهوية بالتجريد والثبات، فالهوية في جوهرها تعني من هو الذات ومن هو الاخر في نظر المجتمع اي من هو الفرد الذي يمكن وصفه بالانسان لان الاخر بالنسبة للمجتمعات طوال التاريخ الانساني كان يمثل اخر ضد (وافضل وصف اخذه الاخر هو وصف الثقافة الغربية التي سمته بالمتخلف والبدائي وغيره)، ومن هنا نجد ان الهوية عند المجتمعات الاولى تختلف عن الهوية لدي المجتمعات العشائرية ثم المجتمعات القبلية ثم المجتمعات الثقافية فلكل فترة وصف ومعني تاريخي للهوية بالنسبة لتلك المجتمعات.
ونجد ان مفهوم الهوية قد وقف عند الثقافة السودانية عند مرحلة التعريف القبلي للهوية بالنسبة للمجتمعات، ولم تستطع النخب تجاوز تلك النظرة واصبحت اسيرة لرؤية الثقافة من خلال مفاهيم الاخر والغربي تحديدا عند د. حيدر (الذي نجده في مفهوم دولة مدنية حديثة) لذلك نجده في مقال اخر يقول:
سؤال الهوية قناع للعجز “حيدر ابراهيم علي
7/19/2012
(تقوم الاشكالية الأساسية في السودان على حقيقة التعدد والتنوع الذي يميز تركيبة البلد، والفشل في ادارة هذا التنوع بطريقة تساعد على بناء دولة مدنية حديثة).
ومفهوم التعدد الثقافي عند النخب يقصد به التعدد القبلي فلا وجود لتعدد ثقافي داخل ثقافة واحدة، ولجات النخب لذلك عندما فشلت في القوص داخل عمق الثقافة السودانية ورؤية ما يجمع افرادها كثقافة واحدة. لذلك قالت بالتعدد الذي يعني اختلاف الانا الكلية التي يجمع عليها الكل وتعمل على قيادة الكل الثقافي، وهي محاولة للهروب من الرهق الذهني الذي يسببه البحث عن الذات. اما التعدد والتنوع في نظر التحولات الاجتماعية هو في حقيقته اختلاف في مراحل التحولات بين مجتمع واخر داخل الكل الثقافي السوداني بقيادة مجتمع التحولات (مجتمع الوسط) وذلك بالترميز السلوكي بين الافراد بعيدا عن الترميز القيمي لمرحلة التحولات القبلية التي تقوم على ترميز الانسان.
جوهرية سؤال الهوية:
لكل ذلك يظل سؤال الهوية سؤال محورى مع كل ازمة تجتاح الوطن نسبة لعدم الاجابة عليه من داخل الثقافة السودانية، فسؤال من هو الانسان يجب ان يشمل الكل السوداني وليس كما هو حاصل الان في الترميز القبلي او الديني، ثم ناتي لاجابة من هو الاخر الانساني ومن هو الاخر الضد. وهو ليس سؤال وصفي شكلي كما اعتمدته النخب السابقة وتمثل ذلك في شكل الانسان السوداني بين العروبة والافرقانية او ببعض ملامح السلوك. فسؤال الهوية يجب ان يكون ذاتي الاجابة اي يعبر عن كل فرد سوداني ويجد نفسه داخل تلك الاجابة، فلا ينفع توصيف الكفر والاسلام الذي يدخل جزء ويخرج اخر وكذلك لا ينفع من عربي ومن غير ذلك فهي ايضا اجابة جزئية، وكذلك لا تنفع اجابة الثقافة الغربية التي الغت مفهوم المجتمع واصبح يمثل مجموعة افراد فقط يسعي كل منهم الى مصلحته المادية الذاتية وتربط بينهم الدولة، فالمجتمع قيمة حقيقية نراها ونتلمس اثرها فيما بيننا.
خالد يس
[email][email protected][/email]
* نريد المزيد لنستفيد، يا يس.
فهمتو حاجة يا جماعة؟
دعني
أطارحك الحديث
عن الهويّة …
عن جدلية الألوان
وشكل الإنتماء ،،
الأرض التي
رضعت من النّيلين ،،
كانت الأغصان
بذرة في الأديم ،،
إشتهت كل العناصر
أن نكون ،،
في رحم هذي الأرض
في جوف السّكون،،
كنّا …
ومازلنا ،،
كلون فراشة
حملت تضاريس الوطن ،،
في سحنة البنجوس
في مريوم أغنيتي ،،
إذا الأبنوس غنّا
رطن الطّبل وأنَّا
أضرم الإحساس فنّا
اًه من جسد تثنّى
سكب الإيقاع دنّا
تاها في الرّقص وجنّا
ورمانا
مثل حبات العرق ،،
في رحم هذي الأرض
في جوف السّكون .
كنّا …
ومازلنا
نغني
لخبايا الحلم
للمجهول فينا
للدم الممزوج بالباباي
ورائحة القرنفل ،،
كنا نغني للنساء
القادمات من المطر
رغم أشكال الهزيمة
حين استوت في الليل
معالم الأشياء
سنغني للضياء
سنغني للضياء.
من قصيدة ( سحنة البنجوس )
this is a very good view and analysis