الدولة الغنيمة و المافيا الاقتصادية السياسية

حجم الفساد الرسمي و غير الرسمي و فشل المشاريع الاقتصادية في دولة السودان تتجاوز خسارته ال 50 مليار دولار علي اقل تقدير منذ العام 1989 هذا غير حساب الفرص الضائعة بشريا و ماديا و تدهور صورة الشخصية السودانية و تدني مكانة الوطن في العالم و في نفوس ابنائه و غير الصرف الملياري علي حروب الاسلاميين في الجنوب و الغرب و الشرق و دعم شذاذ الافاق في العالم.
لا يمكن تشبيه جماعة الاسلام السياسي التي استولت علي السلطة عام 1989 الا بمجموعة من قطاع الطرق و اللصوص الناعمين او المتوحشين ما من دموية فاقت دمويتهم و ما من جرأة تعدي علي الحق العام و الخاص تفوق جرأتهم.
دافع الجماعة لم يكن يوما و لن يكون الخير لهذا البلد و ابنائه و حالهم هو ان البلد صفقة تجارية عليهم فعل ما يجوز و لا يجوز من اجل الاستحواذ علي اكبر قدر من ريع الوطن هذا الدافع هو ما اورد الوطن الهلاك وضياع ثمار الماضي و قفل المستقبل بقيود من دماء و تشريد و اغتصاب تحول حكام الوطن الي مضاربين في العملة الاجنبية و الاراضي و تجارة المخدرات و حتي في الوطن نفسه و الدين و هذا ما يعقد عملية الصراع السياسي و يغير صفاتها التي ميزتها في تاريخ السودان .انه درك سحيق من اللاخلاقية هبطوا اليه في تسير امور الحياة العامة و الخاصة بالدولة و المجتمع مخالفين الدين و الاعراف و السلوك القويم.
السيطرة علي الدولة و المجتمع لم و لا و لن يعني شيء غير الاستحواذ علي غنيمة حرب توزع كما يريدون علي افراد هذه الجماعة و لذلك كانت البداية بالتمكين في جهاز الدولة باعادة ترتيبه بحيث يخدم الي اقصي حد ممكن الانتفاع من موارد الدولة مع بذل الغشاء الفكري اللازم لذلك و تمثل ذلك في اعز ما يقدسه السودانيين و هو الاسلام و تعد صارخ و مخيف لما عرف الانسان السوي و ما انزله الحق عز و جل علي عباده من كريم المعتقدات و تبقي بعد ذلك الادوات التنفيذية علي مفاصل الاقتصاد من شركات و مصارف و مصانع حكومية و اجهزة المال العام من ضرائب و جمارك قامت السلطة بتمكين اعضائها او من هم ادواتها في السيطرة علي المؤسسات المالية الحكومية و الخاصة من شركات و مصارف و مصالح حكومية و يمكن بنظرة سريعة الي المديرين و مجالس الادارات في هذه المؤسسات تجدهم من الجماعة او من ادواتهم و حصريا قد يكون عضوا في اكثر من مجلس ادارة “يخمش”المكآفات الشهرية و السنوية “خمشا” لاحظ تكرار الاسماء في مجالس الادارات و التي لا جامع لها غير الانتماء للمؤتمر الوطني،واكب السيطرة علي اسباب الثروة تقوية القبضة الامنية بجهاز اخطبوطي عسكريا و ماليا يتغلغل في كل مناحي الحياة و يمسك بزمام الامور من الالف الي الياء بدءا من ممارسة النشاط الاقتصادي ( من محلات المغاسل الجافة حتي المصارف الضخمة و الاراضى و الصحف و تجارة العملة و المخدرات) العقل الامني ظل و يظل واحد من اهم ادوات عمل المافيا الاقتصادية التي تهيمن علي الاقتصاد حاليا و فعلت ما في وسعها لتأمين هذه السيطرة و استمرارها عند أي تغيير افرادي او ثنائي يضمن بقاء الغنيمة معهم كما هو الحال بعد اتفاق نيفاشا الذي لم تنفذه المافيا المتأسلمة الا لانه يمد في عمرها حتي لو انقسم السودان و ضاع هباءا منثورا.
قلب هذه المافيا الاقتصادية هو الاسرة الحاكمة بعلم او بعدم علم رأسها ثم مجموعة من ما يسمي الحركة الاسلامية تشترك في صفات اخلاقية و نفسية و عرقية و تنظيمية تملك الاستعداد و القدرة علي المغادرة التامة لاي نسق اخلاقي او كريم في سبيل الاستحواذ و الاستفادة حتي النخاع العظمي من الغنيمة الحية الميتة و يلحظ في هذه المافيا انها محكومة من عرقية الوسط “المتعورب ” مع بعض الفتات لبقية العرقيات كما يلحظ انها تعتمد علي القرابة ثم الولاء التنظيمي لذلك تجد الانساق داخل المافيا مصفوفة في حلقات مؤسسة علي انتماءات فكرية ثم القرابات(الدم و القبيلة) ثم الصداقات القديمة و نوع المهنة و نوع الدراسة الاكاديمية و تظل ما ترغبه هذه الانساق سريع التنفيذ و باعين معصوبة و ايدي مشدودة دون تذكر ما جاء في الذكر الحكيم المحمول علي الظهور. انفجار بالوعات الفساد ما كان له ان يتم و ينشر بواسطة عقل المافيا الاقتصادية الحاكمة لو لا الصراع الذي احتدم بين انساقها و هو ما يجعلنا نطلق اسم المافيا علي هذا النمط من الحكم في تاريخ السودان و الذي لا يصارع معارضيه فحسب بل يتصارع مع ذاته و عرابه.
الحوار هو طريقة تستخدمها المافيا شانها شان الانقلاب و الانتخاب و له وظيفة واحدة هي اعادة انتاج الهيمنة دون فقدانها فمن يظن ان حوار المافيا يقود الي جعل حزبها السياسي مثل بقية الاحزاب فهو يتمرغ في الوهم و شعار هؤلاء السادة حاليا : دعهم يقيمون الندوات و يوزعون المناشير و يتحدثون عن الفساد لكن قلب انساق النظام يظل كما هو يخفق ليغذي جسده بدماء من يظلمون ليل نهار و يعيشون عفوا و يموتون دون ذلك.
لا سبيل غير اقتلاع حكم المافيا الاقتصادية السياسية الا من جذورها و الحكم عليها برد كل ما نهبته و تربت به سحتا و سوء خلق و خلق و أي حوار تحت الشروط الحالية هو خطأ تاريخي في حق من يحاور حوارا يمسك دفته سلطان المافيا و يتحكم في نتائجه.

(بـــــين قـــــوســـين)
( “تمساح” محافظ بنك السودان المركزي يقول ان انخفاض الجنيه هو نتيجة للمضاربات الوهمية ، و لكن منذ 2011 و حتي 2014 انخفض الجنيه من 2.5 الي 9.5 ج س / دولار ما يقارب 400% و منذ 1989 حتي 2014 من 12 (قديم ) الي 9500 (قديم) ما يقارب 80,000% و ما زال الانخفاض مستمرا فاي وهما علنيا و علينا يعشش ربع قرنا من الزمان)

عثمان احمد عثمان

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..