على لسان طبيب أجرى جراحة لعيني نقد فى المخبأ: الغرفة (4)…. أسرار (عملية خاصة) .. ماذا قال الراحل حينما صاح محضر العملية (شوفوا الزول ده بيشبه نقد كيف؟) .. قصة مريض لا أهل معه ولا صديق ولا زوجة والكل يبحث عنه…

يرويها الدكتور : الفاتح عمر مهدي
توطئة :
بالأمس وصلنا هذا المقال من الدكتور الفاتح عمر اختصاصي العيون بمستشفى النيل يروي فيه قصة اجرائه لعملية فى عيني الراحل محمد ابراهيم نقد او (محمد صالح) كما قدم نفسه يومها حسب تفاصيل (كرت المقابلة)، ما رأينا انه جدير بالنشر ايراد الكاتب لأسرار تلك العملية التي خضع لها نقد بينما كان مختبئاً تحت الأرض ، السرد المشحون بكثير من الاسى جاء مسكونا بتشويق فرضته سرية العملية في ذلك التوقيت ونقد الذي كانت تبحث عنه الاجهزة الامنية وقتها يأتي للطبيب برجليه ملثماً ، ويضع فيه ثقة مكنت الرجلين من نسج علاقة من نوع خاص فيما بعد ..
المقال :
– أيها الصديق ..
– أيها الطفل المارد .. يا شمس السودان .. يا أخى لقد رحلت ..
– النيمة عند الباب تحن اليك والبنبر وفنجان القهوة فى انتظارك فلم تحضر وعهدي بك لا تخلف موعدا..
– الموت غيبك عني فانكسر الفنجان ورجل البنبر. .
– أيها السودان الأخ والصديق وضحكة اللالوبة … انتظرتك فلم تحضر .. (إنا لله وإنا إليه راجعون ..(
– تحولت الضحكة بكاء والابتسامة نحيباً والليل قد أظلم ..
– تحجرت الدموع وجف الحلق والحزن المقيت يملؤني .. آه أيها الغائب عنا .. آه .
……
– الاسم : الشيخ محمد صالح .. العمر (75) عاماً .. السكن الخرطوم. . والكرت معك. . والسر لا يعلمه سوى زوجتي وصال وعماد وأنا وأنت الواقف على الجمر والصابر على ضيم ولكنك تبتسم ..
– قلت الخميس نشرب القهوة تحت النيمة ولكن لم تأتِ. . لماذا اخي ؟. . لم تخلف يوما موعدا فلماذا اليوم ؟ ..
– الخميس كان ضحكا و دعابة و ونسة تحت الضل وفي عينيك كل الصفاء ..
– ويأتي خميس آخر موت العزيز .. وبغيض طعم الحزن وكآبة الظلام فلقد رحلت والنيمة تنتظر والبنبر يترقب ..
– لست شيوعياً ولا انقاذياً ولكني اتلقى العزاء. . عزاء ابدا ما اردته ..
– اتلقى العزاء اخي لأنك البساطة والتواضع والحق وحلو الكلام والرقة وطهارة القلب والجيب واللسان. .
– والغرفة اربعة مستشفى النيل تشهد أروع وأنبل عناق. . دمعتك تلك فهمتها اخي وعجزت ان اقول شكرا .. انها ضريبة الوطن صديقي .. اكتبها اليوم ليعرف الشعب صبرك وألم الاختفاء وفعل الزمن ..
– الساعة التاسعة مساء الجمعة من عمر السنوات الثمانية الماضية. .
– كنت متوترا وأنا اراك للمرة الاولى. . الهدوء والابتسامة والصبر هو كل شئ.
– قلت لك العين الشمال بها ماء ابيض واليمين بها جلطة وماء ازرق .. كل هذا وأنت تبتسم وقد سرق الظلام بصرك ..
– واتفقنا على جراحة عاجلة وحظر التجوال في الحادية عشرة والذهاب الآن فما زلت مختبئاً تحت الارض …
– شكرا ايها الصديق الغائب .. شكرا على الثقة ( قلت اثق فيك فحدد الوقت)..
– رحم الله الشيخ محمد صالح ( نقد) .. قلت لي يوماً مازحاً .. يا اخي خروف سمايتي ده ما باقي فيهو ولا عضمة .. وعضمك قوي ايها المناضل المقاتل فى سبيل سودان اخضر. . لم تعرف النفاق والعنف ونبذت الفرقة والشتات وإراقة الدماء .. اردت شجراً مثمراً على هذه الغبراء فلم تجنِ ثماره ورحلت ..
– عيد الاضحى بعد اسبوعين وموعد العملية قبل الوقوف بعرفة ..
– الساعة الحادية عشرة فقد جاء حظر التجوال. . شوارع امدرمان خالية من المارة والأنوار الباهتة تتراقص في خجل وقد حضر وحيدا ..
– المستشفى خالٍ من الجميع عدا اسرتي والخفير فلقد اعطيت الجميع اجازة قبل يومين من العيد. . وحضر وحيدا وسر العملية لا يعرفه سوى زوجتي د. وصال فقد كانت هي المساعد والمحضر وأيضاً امي ونقد .
– وكصفاء قلبه انتهت العملية سريعاً .. كنت فرحا وأنا اقول له حمداً لله على السلامة ورد مبتسماً ربنا يوفقكم يا دكتور. .
– الغرفة اربعة ومريض .. لا أهل معه ولا صديق ولا زوجة والكل يبحث عنه وهو بين احضان غرفة صغيرة ..
– ترقرقت الدموع على عيني زوجتي وهي ترى مرارة الوحدة .. الوحدة من أجل المبدأ والسلام والنضال. .
– كنت وحيدا شيخ محمد صالح فأصبحنا أسرتك .. الصداع وعمر الصغير يحضر الحبوب .. وطلب كوب شاي أحسست انه لا يريد تكلفتنا بتحضير عشاء برغم انه قد حضر صائما ..
– – عمر الصغير صار طبيباً .. قلت سنحتفل به ..كن حاضراً صديقي .. وليرحمك الله يا اطيب الناس وأنبل الناس .
– هى اللحظة باقية ابداً .. خالدة ابداً .. هي اللحظة الحاضرة فى كل لقاءاتنا .. ازلت الغطاء عن عينك اليسرى وكان الضياء. . ارى كل ملامح الفرح في وجهك وعينيك. . اراها الآن وأنت تحت الارض .. وتلك الدمعة غالية عزيزة.
دمعة بطعم النيل وحلاوة أهل السودان ..
– تفرست في وجهي وقلت ضاحكا كنت قايلك مشلخ .. وتعانقنا ودموع رجال تختلط .. عناق اخير اخي ودفء كلماتك وأنت تقول شكرا. . لم ارد الكلمة فنحن الذين نقولها لك .. شكرا لصلابة الرجال ومواقف الرجال ونقاء اللسان شكرا صديقي فلقد ضحيت بثمانين عاما في الظلام وتحت الارض فتأثر البصر فيك ولكن اضاءت البصيرة. . شكرا اخي على الدمعة اللؤلؤة في عينيك ..
اليوم الوقوف بعرفة .. قلت سأذهب مساء ..
– اخبرت الخفير بأننا غير موجودين وتركت عربتي بإحدى محطات البنزين .. لأول مرة زرت شقتي اخي .. اراك الآن في كل ارجائها مبتسماً ضاحكاً ثم ذهبت ليلاً ورائحة يوم عرفة ذاك اشتم فيه كل الجمال والخشوع وحسن رفقتك .. وذهبت ليلاً. .
– وبالأمس مساء غيبك الموت أيها الشمس والضوء ولله تعود وبحمده نسبح وحزني عميق عميق وابكي فيك كل آهات الغلابة وكل سودان عزة وابكي فيك سعاد وفايزة ونقد الاصغر ..
– قلت سنشرب القهوة الخميس القادم ولم تأت ..
– والسبت جاء. . قلت مرة سأسجل تاريخ هذا السبت فهي المرة الاولى التى اخرج فيها نهاراً وأرى الشمس ويومها جئت ملثماً شيخ محمد صالح .. المستشفى تعج بالمرضى والعملية بالعين اليمين لطبيب زائر ..
– اتذكر كيف توتر الموقف ومحضر العملية يقول (شوفوا الزول ده بيشبه نقد كيف ). . ولما رديت عليه : (هسة نقد الشين داك بيشبه عم وصال ده). ـ ابتسمت أخي وبعدها بفترة قلت : (هسة الشين انا واللا انت ؟) .افتقدك اخي وافتقد روحك المرحة وأخوتك الصادقة. .
– وتمضي اخي. . وتمضي الذكريات .. وتبقى الدموع والآلام والأحزان ..
– لست شيوعياً ولا انقاذياً أنا سوداني. .
– اللهم انزل عبدك منزلة حسنة واسقه ماء صبا. . اللهم ان كان محسناً فزد فى حسناته وان كان مخطئاً فاغسل عنه سيئاته. . اللهم اغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا واجعل قبره روضة من رياض الجنة. . اللهم اشمله بشفاعة رسولك ونبيك محمد (صلى الله عليه وسلم)..
اللهم اجعل من موته عظة لنا جميعاً حكاماً ومحكومين وألفّ بين قلوب اهل السودان اجمعين وجنبهم شر المحن و الدسائس والمتآمرين .. اللهم وحد امتنا. . اللهم وحد امتنا ..اللهم وحد امتنا .. والعزاء لأهله وأصدقائه ولكل المحبين للسلام ..
وداعاً ضل النيمة … نقد
مستشفى النيل للعيون
الرأي العام
يا سلاااااااااااااااااااااااااااااااااااام يا اخ
أعزيك يا دكتور الفاتح في المرحوم وانت حقآ سوداني .. لان الواجب لا يرتبط بالسياسة ولكن الذهب ابدآ لا يصدا
لست شيوعياً ولا انقاذياً أنا سوداني. .
يادكتور .. هنيئا للأنسانية .. جمعاء .. برجل فى رهافة ونبالة حسك .. وصدق الإنسان جواك ابكيتنى كثيرا وانا أتفرس كل القيم والمعانى والمواقف التى إحتشدت فى هذه الأحرف منكم كأسرة حفظها الله بهذه النبالة ومن رجل كما قلت لرجل أضحى بثمانين عاما ثمنا لفكرة ومبدا ووطن تحمل الوحدة والغياب القسري ومعاناة .. ولا يعرفها إلآ الأنقياء ورجال المبادىء ..
أحسن الله عزاءك االإنسان السوداني الطبيب الفاتح
شكرا جزيلا –
ولكن مثل هذه الاشياء كان يجب ان تنشر اثناء حياته
حينها كان يمكن اعتبارها توثيقا مؤكدا صادقامن الناحية العلمية التاريخية
وذلك عندما يقوم الشخص المعنى بتاكيدها– اماالان بهذا الشكل وبعد وفاته فهى رواية من جانب واحد
ومن المستحيل تاكيد صحتها —
نشكر الكاتب على مشاعره الوطنية النبيلة تجاه فقيد الشعب السودانى –
انت سودانى اصيل وطبيب بحق اوفيت قسم مهنتك
انا لله وانا اليه راجعون
الاستاذ نقد ربنا يرحمة وينزلة منزلا حسنا مع الصديقين والشهداء بس عاوز واحد يترك العواطف جانبا ويفيدنا ويخبرنا ماذا قدم الاستاذ وحزبة للسودان ماتزعلو بس للافادة والعلم
شكر دكتور ورحم الله نقد واسكنه فسيح جناته ، والمقال رسالة لسياسي المؤتمر الوطني من خلاله فليستشفوا اخلاق الشعب السوداني وليعرفوا ان هذا الشعب يحترم كل كبراؤه من سياسين ورياضين وفنانين وشعراء وكل مشاهير بما فيهم انتم يا اهل المؤتمر الوطني . هذا يعني ان الناس اذا قابلتكم بود لا يعني انها خلاص بقت مؤتمر وطني كما تظنون فقط هي اخلاق الاسلام وسماحة اهل السودان ، فهذا الطبيب لم يكن يتبع نقد في افكاره ولكن كان يكن له كل الاحترام والتبجيل . شكرا دكتور علي الدرس ورحم الله نقد
مقال رائع بروعة صدق ونقاء نقد بروعة انسانيتك ايها الطبيب بروعة سودانيتك هذا النسب الذي اصبح اسما بلاصفات حيث اعدت لنا ولو للحظات معنى السودانية الحقة علنا نتناسى مااصاب معنى السودانية في هذا الزمن الاشتر
أيها الطبيب الانسان أبكيتني ألماً فشكراً لكوكتر الله من امثالك,
وكن الشي بالشي يذكر
قبل اسبوع ذهب احد أقربائي الاطباء للحوادث مصتحباً احدى قريباتي لامر طارئ ,فشاهد في الوسط
رجل يئن من الألم وبه ضرب قديم غلى الرأس والأطراف وبه صديدو يهمهم ببعض اكلام فسأله من الذي
فعل بكذلك فرد هي ارادة الله دلاله علي انه لايريد الكلام وقال انه يريد ان يقضي حاجته ولكن ليس
بالطوارئ مكان لمثل هذا الطارئ فما كان منه الا ان حمله مع بعض الطيبين للخارج علهم يجدوا
(أدبخانه) ولكن هيهات ولف وبدا يبحث في خلاء المستشفى فوجد جردل طلاء ولكن رفض رفض بات وكن
قريبي اصر على ان يحل مشكلته وليس هناك حل غيرها فرضخ تحت الضغط ولكن نسبه لاعاقته فقد لوث ملابسه واحس بحرج شديد وبدأ البحث عن وسيله لنظافته ولحسن الحظ وجدوا خرطوشا مربوطا على فوهة حنفيه وسبحان الله بها ماء فأمطروه بوابل منها وأرجعوه مبللاً للحوادث ومكث في وسطها لانتظار قدره
يالله لك الحمد والشكر كنا فاكرين الناس الرائعه روعة اصالة السودان انتهت.
شكرا نبيلا جميلا لما قمت به ؛لما سردته ؛ للسر الذى بين حناياك انطوى .
.. يا لروعتك يا دكتور الفاتح مهدى رقم الاحزان الجاثمة على صدر الامة السودانية من يوم ما اتولدنا وشفنا الدنيا لقينا السودان كل يوم مفجوع فى واحد من ابنائه البررة المخلصين .. لكن ان يرحلوا فى مثل هذه الايام من عمر السودان فتلك غصة بالغة المرارة .. و يا اخى مرينا على كل المراثى والمقالات الموجودة فى الراكوبة لم نر مثل القصة التى مرت بك وجمعتك بالراحل المقيم طيب الله ثراه وجعل الجنة مثواه .. وصدقنى بعد ما اتطلعت على قصتك مع الراحل تضاعفت الاحزان عندي 100 مرة .. والامر الثانى يا اخى لا احد يستاهل حسب مارايت ان توضح او تنفى له لونك السياسى .. من حقك يا اخى تكون ذى ما انت داير او تحب بالذات فى عهد النظام السجم هذا .. انت طبيب فنان وبتادى رسالة انسانية ما ساهلة .. ومسألة انك صرت تتلقى العزاء .. ياخى بعد كلامك الكتبتو لينا دا مفروض السودان كلو يجى يعزيك فى الفقيد .. نسأل الله لك ولافراد الاسرة التوفيق .. ويحفظكم من حاجة اسمها كيزان .. امسينا بالله والعمل الصالح .
مقالك بجداره لا يحتاج لتعليق..التعليق هنا صدقني لايفيد
فقدنا الأمل وظللنا نترنح وهنا بما أصابنا من جدب المشاعر والأحاسيس النبيلة تهنا فى أزقة الخرطوم وذبنا فى أزمة المواصلات وفقدنا دربنا بين ذرات الكتاحة ولسعات هجير الصيف القادم ولا أمل فى الشفاء فالأدوية غالية أو بها شح بسبب الدولار وتعنت الأطباء وقد تحولت عمارات الخرطوم الى مستشفيات ومختبرات ومن يملك المال للصعود اليها غير من نهب من مال لا ينضب معينه أو مال قارون كما يقال هكذا ينهب مال شعب السودان بدون حسيب أو رقيب وبهتافات تثير الغرائز والشجون هي لله هي لله والله أكبر .. هكذا يموت الأبطال ويرحلون وتبقى ذكرياتهم تعطرنا بطيب الخاطر ، رحمة الله عليك يا نقد وشملك برعايته ورحمته لقد عشت عفيفا بيننا نزيها بذمتك لم تمد يدك لمال أحد ، عشت مكافحا غادرت هذه الفانية فقيرا ولم تبن قصرا أو تمتلك مزرعة ولا ارثا الا سيرتك العطرة ولم تلوث بلسانك أحدا أو تسمم الأبدان كما يفعل السفهاء ولم تنال الا رضا الغلابه والكادحين فى قاع المدينة .. شكرا لهذا الطبيب الانسان ومازال بلدي بخير والحمد لله …
الكلام ده مكتوب في جريده بالطريقه دي؟
ده ما بعرف يكتب ولا شنو؟
مفروض يكون في حماية مستهلك
اياهو ديل اولاد السودان والله لسة الدنيا فيه حير والرحمة للفقيد.واحسن الله عزاء اسرتة الصغيرة والكبيرة وهي السودان
اللهم ارحم نقد وعزاءنا لكل الشعب السودانى والله ياجماعة د.الفاتح دا جد انسان وطبيب عمل لابى عملية قبل تسع سنوات لا انسى معاملته الطيبة واهتمامه عدم ضيقه بالاسئلة الكثيرة وبرغم مرض د.الفاتح بالنزلة وقتها فقد اصر ابى رحمة الله عليه ان ينتظر حتى يشفى ويعمل ليه العملية.مش دكاترة هسه الشفع ما عندهم صبر يسمعو شكوتك طبعا ما كلهم
اللهم ارحم نقي القلب سمح المعشر
اللهم ادخله فسيح جناتك
امييييييين يارب
شكرا” دكتور الفاتح حقا” دكتور ودكتور..لا شيوعيا” ولا انقاذيا” بل سودانيا”..وهذا يكفى ويشفى
– موقف نبيل، شكراً يا دكتور على الشهامة والمروءة،هذه طبائع الكرام، رحم الله نقد واسكنه فسيح جناته.