عندما يتهاوى الطغاة

عندما يتهاوى الطغاة، تسقط ورقة التوت التي تستر عوراتهم،وبالتالي تتهاوى الهيبة والجاه ، والحصانة ، ويتبخر النفوذ، هذه الحقيقة المجردة يعبر عنها بصدق المثل الشعبي :(التور كان وقع بكترن سكاكينو)، لكنَّ ثمة سؤال منطقي يطرحه الكثيرون هو لماذا يسكت الناس عادة عن أخطاء كبارالمسؤولين النافذين وتجاوزاتهم أثناء وجودهم في السلطة، ولماذا يثيرونها دون خوف بعد مغادرتهم على نحو يجسد المثل ( التور كان وقع..الخ…) ، ومن جهتنا سنظل نعيد ونكرر ذلك ولن نمِلَّ ما استبقي بالأسنة مداد…
في تقديرنا الأمر طبيعي للغاية ويستمد “طبيعيته” من طبيعة الأنظمة الشمولية، بخلاف الأنظمة الليبرالية التي تسمح باتهام ومحاكمة ومحاسبة أكبر مسؤول فيها، لذلك لا يحتاج الإعلام ولا مواقع التواصل انتظار مغادرة المسؤول موقعه لتوجيه الاتهام له، والحديث عنه وتجاوزاته بعد الإقالة أو رحيل نظامه..
أما في الأنظمة الشمولية لا يستطيع لا الإعلام ولا عامة الناس إثارة مثل هذه القضايا إلا في حدود مجالس الأنس وذلك لأن المسؤولين في هذه الأنظمة محميون بالحصانات الصولجان والسلطة وبإمكان أحدهم أن يستخدم السلطة والنفوذ للانتقام في مواجهة مثيري هذه القضايا..
لذلك أجد أن هناك ألف مبرر للناس عندما يمسكون عن إثارة هذه القضايا، ففي الأنظمة القابضة لا تستطيع أن تتحدث عن تجاوزات كبار المسؤولين إلا بعد مغادرتهم، وإذا فعلت إلا أن تكون بعيدًا عن قبضتهم …
وداخلياً انظروا إلى عهدي عبود ونميري لم يكن لأحد أن يتجرأ على اتهام أيٍ من وزرائهما إلا بعد سقوط نظام الحكم وهذا المثال أكثر وضوحًا في حالة عهد مايو…
وخارجياً أنظروا إلى عهود مبارك والقذافي وبن علي وصدام وكبار أركان حربهم، وغيرهم فلا أحد استطاع الحديث عن أخطائهم إلا بعد السقوط أو الإقالة وإلا سيذهب إلى ما وراء البحار…
في عهد نميري هل استطاع أحد أن يحاكم وزراءه أو الحديث عن تجاوزاتهم؟ ولم توجه لهم الاتهامات ألا بعد سقوط مايو وكذا الأمر في جميع الأنظمة الشمولية ..
المنطق الذي يتكيء على الموضوعية يقول: (إذا أصلاً يستطيع الواحد منا أن يتحدث عن جرائم الشموليين وهم على سدة الحكم ستكون أنظمة حكمهم ليست شمولية بل ليبرالية حتى النخاع، وديمقراطية كاملة الدسم، وبهذا لن يكون هناك ثمة فرق بين هذا وذاك… لذلك أرى أن الذين يعيبون على الآخرين إثارة تجاوزات كبار المسؤولين بعد مغادرتهم ليسوا على حق كامل لأن طبيعة تلك الأنظمة لا تسمح بذلك وإلا أن الأمر لا يعدو أن يكون مغامرة ليست مطلوبة….اللهم هذا قسمي فيما أملك…
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.

الصيحة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..