البباري الجداد..بوَدِي الكوشة

بسم الله الرحمن الرحيم
قد يكون الدجاج المعني هنا شاملاً ما عناه المثل السوداني ..اضافة الي الاليكتروني في المصطلح الشبابي. ولكنه بالقطع يتمثل المعني العميق لهذا المثل الذي يحث الناس علي الابتعاد من رفقاء السوء والاقتداء بهم .. ويكمله مثل نوبي يقول .. ان الحمار الاجرب لا يتمرمغ إلا في كوم الرماد.
والداعي لاستدعاء هذا المثل هو ظهور هذا السيل الجارف من قضايا الفساد الذي ازكم الانوف ..الذي يحار المرء في توقيته وطبيعته .. سواء اكان دعاية رخيصة لاقناع الناس بجدية النظام في محاربة الفساد..ام غسيلاً قذراً لصراعات تيارات متصارعة داخل النظام .
لكنه بالنسبة للشعب السوداني لم يأت جديد. فقد كان همسه جهيراً منذ بدايات النظام ..والنظام ينكر .. والمنشقون عنه يؤكدون ..حتي طفحت اخباره كطفح المجاري النتنة .
ولن اجنح الى شخصنة الامر في التناول .. بل احاول ان اضع الامر في سياقه الموضوعي.. لنسأل..ما الذي جرف من ظن بعض الناس فيهم الصلاح الي الوقوع في هذا المستنقع الآسن؟
للاجابة علي هذا السؤال ينبغي ان نقرر حقيقة هامة .. وهي ان الفساد لا يتوقف تعريفه لدي السرقة والاختلاسات..بل كل الفساد الاجتماعي ..والسياسي المتمثل في الديكتاتورية والتمكين بكل ما لازمه من اقصاء للآخر..اضافة الى الفرز الطبقي الفظيع الذي ادي الي تمتع نفر بكل الخير الدنيوي حين كان نصيب الاكثرية عنت بادٍ عليهم .
فاولي هذه الدجاجات .. اختيار الديكتاتورية والشموليه منهجا.. ما عني كبت الحريات وانعدام الشفافية .. فتم كل الفساد في الظلام الذي انعدمت فيه الاضواء الكاشفة .. وهذه بيئة تسهم في افساد النساك حتي.
اما الثانية فاختيار النظام الرأسمالي في الاجواء التي سبق ذكرها.. ماعني التعرض لجراثيمه من العمولات والرشي ..وزاد الامر سوءاً ضعف الانتاج الاقتصادي ما اوجد اقتصادا ريعياً . فصارت الجبايات وتجنيبها..والاراضي وما ادراك ما هي .. نار حامية.. وهذه هي الفوهة التي تنفث كل هذه الابخرة المنتنة .. وهي مفاسد لا يمكن تصور اقتصارها علي ولاية الخرطوم.
ثالثها الفرز الطبقي المترتب علي ذلك كما سلف ذكره ..ونخر هنا السوس طولاً وعرضاً ينتهك الحرمات والاعراض وارتخصها وزينها لكل ذي غريزة بنفس مريضة ..
ولأن الطيور على اشكالها تقع .. نفي غسان ما قيل عن ثروته فقال انها مليارين فقط!!! فقط يا مفتري ؟ ولمثلك ابدع الشعب السودانى المثلين الذين افتتحنا بهم المقال.. فتمرمغ في كوم الرماد ما دام باريت البودي الكوشة