مبارك راحل.. وإن بقى

مبارك راحل.. وإن بقى

الصادق المهدي الشريف
[email protected]

? الطرفة تقول : مقربون من الرئيس المصري مبارك قالوا له : الأفضل أن تكتب خطاب وداع للشعب المصري!!!، فأجابهم مندهشاً : ليش؟؟؟… هو الشعب رايح فين؟؟؟.
? هذه لم تعد نكتة… فقد أكدّ مبارك أمس الأول ومن خلال خطابه الذي إنتظره المصريون بتوقعاتٍ مختلفةٍ… أكدّ على أنّه هو الباقي في مصر ولو ذهب كل الشعب… فهو القائل : (حاربتُ من أجلها، وسأموتُ فيها).
? مبارك أصدر قراراً بتعديل بعض مواد الدستور التي منحته بقاءاً طويلاً في الحكم (30 عاماً)، لتصبح الرئاسة دورتين فقط.
? وقرار آخر هو (إلتزام) شخصي لأكثر منه قرار، أكدّ من خلاله عدم رغبته في الترشح لدورة رئاسية أخرى، بشرط أن يسمح له الشعب المصري بإكمال هذه الدورة الرئاسية… الى آخرها.
? الواقع على الأرض يقول بأنّ الجنرال محمَّد حسني مبارك ما زال هو الرئيس الرسمي لمصر، رغم المظاهرات المليونية التي لا تنتظم ميدان التحرير وحده (حيث التركيز الإعلامي)، بل تنتظم كلّ ميادين القاهرة وساحات المدن المصرية الأخرى.
? لكن… هل ما زال هو الرئيس (الفعلي) لمصر؟؟؟.
? الإجابة بالتأكيد هي النفي لعدة عوامل موضوعية، نتجت عن أحداث الأيام المنصرمة، وأولها أنّ هيبة مبارك قد تساقطت من علياء ملكه مثل المطر، بالحشود الشبابية التي هتفت ضده، والمظاهرات المليونية التي تطالبه بالرحيل (بصوتٍ عالٍ).
? والعبارة بين القوسين مقصودة لذاتها، فلم يكن هناك من يطالب برحيل مبارك أو تنحيه جهراً من المصريين (غير الإخوان المسلمين الذين في السجن، لأنّ الإخوان بخارج السجن آثروا الصمت… وفي الصمت السلامه).
? فقد مبارك ايضاً الأذرع الرئيسية التي كان يعتمد عليها في بسط هيبته، بعد أن فقدت تلك الأجهزة هيبتها هي ايضاً، مثل مباحث أمن الدولة الحارسة للنظام، والشرطة الباطشة، ومجلس الشعب الذي يمرر القرارات والتسهيلات.
? وفي خارج مصر… فإنّ أوضاع مبارك مشابهة لما هو بالداخل، فقد علم القاصي والداني أنّ الرئيس المصري لم يعد أبن أمريكا المدلل، وأنّ أوباما بنفسه ? مثل متظاهري ميدان التحرير- يطالبه بالرحيل، ولهذا (لن) يستطيع الرجل أن يخرج من مصر الآن ليقول للعالم أنّه ممثل مصر الشرعي ورمز سيادتها.
? في الجانب الآخر (قد) يطول بقاء الشباب المصريين بميدان التحرير لسبب رئيس وهو أنّ الجيش لم يعلن حتى لحظة كتابة هذا المقال إنحيازه (الكامل) للشعب.
? ونقول الإنحياز الكامل، لأنّ الجيش المصري أظهر تعاطفاً مع المتظاهرين فلم يزجرهم أو يكبتهم، بل وفي بعض الأحيان تعامل معهم بابوة حانية، حيث يترك الشباب المتظاهرين يركبون على الدبابات والمصفحات ويتقافزون فوقها ويكتبون عليها (يسقط مبارك)، ثُمّ يترجلون دون أن يمنعهم.
? ولكنّ الجيش وفي ذات الوقت لم يحسم قضية الحكم بإنحيازه للخيار الشعبي (وهذا لا علاقة له بالمؤتمر الشعبي) ومطالبة مبارك بالتنحي والرحيل.
? كما أنّ البدائل السياسية لنظام الحزب الوطني ليست بالقوة التي تفرض نفسها… هذا الفراغ السياسي قد يدفع بالحماس لقيادات الحزب الوطني للقيام بهجمة مرتدة على ما تحقق للشباب حتى الآن، وبوادر ذلك ما حدث عصر أمس بمديان التحرير من مواجهات بين معارضي ومؤيدي مبارك.

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..