الشفيع خضر.. لا يخون

لسبب ما ومنذ أن تفجرت الأزمة داخل الحزب الشيوعي السوداني.. كنت أعتقد أن ثمة حيثيات غير تلك المعلنة هي التي تحرك الأشياء.. كما كنت أعتقد كذلك أن الشفيع خضر لا يمكن أن يخون حزبه.. وكنت ولا زلت أعتقد أن الحزب يخسر كثيرا إذا خسر الشفيع.. لا لأن الشفيع رجل خارق.. ولا لأنه زعيم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.. ولكن الشفيع خضر الذي عرفت.. يظل واحدا ممن يستحقون الرهان عليهم لمصلحة هذا الوطن.. أو بالأحرى لمصلحة مستقبله.. ففي زمن التهريج السياسي.. والضجة الزائفة.. والضجيج المحيط بالناس بلا طحين.. فإن وجدت سياسيا صامتا.. إن وجدت سياسيا يفكر مرتين قبل أن ينطق حرفا.. إن وجدت رجلا يقيس كلماته بميزان الذهب.. فاعلم يا هداك الله، أنك أمام ظاهرة.. رجل استثنائي.. يستحق الرهان عليه..!
التقيت الشفيع خضر في غير هذا المكان.. وعرفته في غير هذا الزمان.. التقيته لأول مرة عقب التوقيع على اتفاق مشاكوس الإطاري.. في الربع الأخير من العام 2002.. في العاصمة الكينية نيروبي.. كان تقرير المصير قد أصبح أمرا واقعا مهره الطرفان المؤتمر الوطني والحركة الشعبية منفردين.. كانت مشاركة التجمع الوطني الديمقراطي في تلك المفاوضات هي القضية التي تتسيد المشهد السياسي آنذاك.. وبالنسبة لي كصحافي كان الشفيع خضر صيدا ثمينا.. باعتباره.. يومها هناك.. إن لم تخني الذاكرة.. ممثلا للتجمع بجانب الدكتور تيسير محمد أحمد.. أسبغ الله عليه نعمة الشفاء.. الشاهد أنني جلست في تلك الأمسية الاستوائية جلسة مطولة مع الدكتور الشفيع.. وكان كل هدفي أن أخرج منه بموقف صارخ للتجمع الوطني ضد ما حدث.. غير أن كل الذي خرجت به من الشفيع خضر في تلك الليلة هو قوله.. لن نتعجل الأمور والعبرة عندنا بالنتائج.. نحن ينبغي أن نكون جزءا من هذا الذي يجري.. ولكن قبل ذلك ينبغي لهذه الحرب أن تنتهي.. وإذا تعذر أن نكون على الطاولة.. فلن نتعجل المواقف بل سننتظر النتائج لنحدد موقفنا منها.. بالنسبة لي ليلتها كان حديث الشفيع.. كصحافي.. محبطا.. ولكن لاحقا كان حكمة لطالما تبحث عنها سياستنا الآن..!
صعقت وأنا أقرأ حديثا صحفيا للسكرتير السياسي للحزب الشيوعي.. الأستاذ محمد مختار الخطيب الذي سبق وأعلن بنفسه عن تشكيل لجنة للتحقيق مع الشفيع وآخرين.. وقبل أن تنهي اللجنة عملها كان الخطيب قد أهال عليها التراب.. بإدانة الشفيع بخرق الدستور قبل أن يضيف إليه الاتفاق الجنائي حين تحدث عن ما أسماها بمجموعة الشفيع.. ولكن انظر.. الشفيع خضر يأبى إلا أن يكون الشفيع خضر الذي نعرف.. انظر كيف يقدم الرجل درسا جديدا.. في السياسة وفي القانون وفي الانضباط التنظيمي وفي احترام المؤسسية.. بقوله.. (مباشرة بعد اللقاء الصحفي مع السكرتير السياسي للحزب الشيوعي السوداني في صحيفة الصيحة اليومية بتاريخ 23 يناير 2016، والذي نشر أيضا في موقع الراكوبة الإلكتروني بتاريخ 24 يناير 2016، تعرضت لوابل من الاتصالات، بمختلف الوسائط، من صحفيين وأعضاء حزب وأصدقاء ومعارف وأهل، يطلبون مني تعليقا أو توضيحا حول إجابات السكرتير السياسي للحزب في اللقاء الصحفي والتي قرر فيها أن مجموعة الشفيع، كما أسماها الصحفي، عقدت اجتماعات خارج أجهزة الحزب ونعتبره تكتلاً، وأنها خرقت دستور الحزب… إلخ. وأيضا، تساءل الصحفيون والمعارف إن كان الأمر قد تم حسمه داخل الحزب، وبالتالي يمكنني التعليق عليه. أولا: كل الشكر والتقدير لكل هؤلاء المهتمين بالقضية. ثانيا: وبما أنني ألتزم بدستور الحزب ونظامه الداخلي، كما ألتزم بالمبدأ العام القائل بعدم الحديث عن أمر يتم تقصي الحقائق حوله، وهو مبدأ أصبح من البديهيات المعروفة، فإني أرجو من كل هؤلاء المهتمين تفهم تمسكي بعدم الحديث عن هذه القضية حتى يتم حسمها في اللجنة المركزية للحزب، وأعتذر لهم جميعا، مؤكدا، في ذات الوقت، تمسكي بنشر الحقائق كاملة متى ما تم حسم القضية داخل الحزب)..! فهل ترك الشفيع شيئا لقائل..؟؟

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. مالك يا لطيف مرتبك كدا بنيت مقالك على قول الخطيب بتسمسة مجموعة الشفيع وقلت انها ادانة قبل ان يكتمل التحقيق ثم خامت بان مجموعة الشفيع اطلقها الصحفى الذى اجرى الحوار
    ركر انت عاير شنو الحرب الشيوعى لا يعرف المديدة حرقتنى وانت تعلم ذلك جيدا

  2. الشفيع خضر رمز اخر نخشي عليه من المؤامرة ، فلم يتبقي من هذا الحزب العجوز الكثير.
    انتبه

  3. غياب المؤسسية.

    أزمة القيادة.

    غياب المصداقية.

    كل هذه المثالب تجلت في ما يحدث في الحزب الشيوعي حالياً، وذروته حديث السكرتير السياسي غير المنضبط.

    اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن اللطف فيه.

  4. مالك يا لطيف مرتبك كدا بنيت مقالك على قول الخطيب بتسمسة مجموعة الشفيع وقلت انها ادانة قبل ان يكتمل التحقيق ثم خامت بان مجموعة الشفيع اطلقها الصحفى الذى اجرى الحوار
    ركر انت عاير شنو الحرب الشيوعى لا يعرف المديدة حرقتنى وانت تعلم ذلك جيدا

  5. الشفيع خضر رمز اخر نخشي عليه من المؤامرة ، فلم يتبقي من هذا الحزب العجوز الكثير.
    انتبه

  6. غياب المؤسسية.

    أزمة القيادة.

    غياب المصداقية.

    كل هذه المثالب تجلت في ما يحدث في الحزب الشيوعي حالياً، وذروته حديث السكرتير السياسي غير المنضبط.

    اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن اللطف فيه.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..