الحركة الإسلاية ضرورة العودة لكرسي القيادة

الحركة الإسلامية السودانية حركة ذات أفكار وسطية تفهم الإسلام فهما عميقا وتسعي جاهدة لتسود قيم السماء في الأرض وهي القيم الإنسانية الخالدة التي تتوافق مع الفطرة السليمة ، وتتحلي عضويتها بالإنضباط التنظيمي والتضحية والثبات علي المبدأ والمبادرة، أغلب عضويتها لم تكن مقتنعة بفكرة الإستيلاء علي السلطة بالإنقلاب علي الديمقراطية ولكنها إلتزمت بقرار القيادة الذي لم يخلو من هوى نفس وتعجل للإمور وإن كانت تتوفر مبررات ومسوغات كثيرة له ترتكز علي فلسفة عداء الغرب للإسلام وأنه لن يترك جماعة إسلامية ذات فهم عصري للإسلام من الوصول للحكم عبر صناديق الإقتراع ،واضافت القيادة أنها تهدف بالإستيلاء علي الحكم (رفع قدرات القوات المسلحة و كسر شوكة التمرد وإعادة هيكلة الدولة وأجهزتها لتكون أكثر فاعلية في أداء مهامها بالقضاء علي الرشوة والمحسوبية والتسيب وكل مظاهر الفساد المالي والإداري )، ثم العودة للديمقراطية خلال ثلاثة سنوات .
إنتهج النظام سياسة التمكين والإغصاء والتي شردت الكثيرين من مواقع عملهم في الجيش والشرطة والخدمة المدنية وهذا الأمر خلق حالة من الغبن ورفع من حالة العداء ضد الانقاذ مهدت الطريق لحمل السلاح ضد الدولة وفتح جبهات حرب جديدة ،كما أن إفتتان القادمين بالسلطة غير من مسار العودة للديمقراطية وإرتفت أصوات تنادي للإنفراد بالحكم وقمع الأخرين (لبنت ما بنديها للطير) وهكذا سار النظام في خط تجسيد الشمولية وإسكات الصوت الأخر حتى من داخله وبدات بوادر الخلاف تتأزم وسط القيادة بسبب الطموح الشخصي أدى إلي نزاع داخلي اطاح بمفكره الدكتور حسن الترابي وجعل النظام يرتد عن الشرعية الدستورية بحل البرلمان وإعلان حالة الطوارئ في العام1999م.
شعر النظام بالضعف والحجز والعذلة وحاول أن يحقق إنجازا في مسيرته يعود به للأضواء فإنخرط في مفاوضات شاقة ومضنية مع الحركة الشعبية التي أحرز نصرا عسكريا عليها في الميدان ولكنها حاصرته سياسيا ودوليا فقد إكتسب التمرد في هذه الفترة دعما دبلماسيا منقطع النظير أجبرالنظام علي توقيع برتكول ميشاكوس ثم إتفاقية السلام الشامل، كل مظاهر الفشل في الدولة السودانية كان مسكوت عنها حتي يبلغ السلام غاياته ولكن كلما تشرق شمس يوم جديد يوقد النظام للحرب نارا ويدق في نعش الحرية مسمارا كان أخرها إعتقاله للسيد الصادق المهدي رائد الحوار السلمي والمحسوب علي النظام والمشارك فيه بإبنيه، ثم منعه للنشر في قضايا الفساد ، وإيقافه لصحيفة الصيحة لأجل غير مسمي.
الحركة الإسلامية بشفافيتها ونزاهة عضويتها أبعدت عن الحكم ومثلما تأمرت مجموعة العشرة وأطاحت بالترابي بحجة المؤسسية( ريسين غرقو المركب) كذلك سيطرت علي مفاصل الحكم وسحبت البساط من تحت أقدام الحركة الإسلامية (التي أصبحت اليوم لا حولة ولاقوة لها) لصالح الحزب الذي يسيطر عليه أشخاص بعدد أصابع اليد، حاولت الحركة أن تتحرر من هذا الأسر وتستعيد دورها الطليعي في التصدي لقضايا الامة وتنشيط عضويتها وإختيار القوى الأمين لمنصب القيادة في رحلة إصلاح ذاتي يجنب البلاد مزيدا من الرهق والإنقسام ، لكن سادة الحكم إلتفوا علي هذه الخطوة و وأدوها في مهدها وجاءوا بأشخاص يمكن السيطرة عليهم توجيها وإرشادا ، وهكذا صارت (الحركة الإسلامية التي صنعت إكتوبر وابريل و التي أنجبت محمد صالح عمر وجاهدت مع الإمام الهادي وشاركت في الجبهة الوطنية لإسقاط شمولية مايو) صارت لعبة في أيدي أناس تخلوا عن واجب الدعوة وإصلاح المجتمع وإهتموا بكنز الثروات وجمع الأموال وأصبحت شريكة في إفساد مجتمع إنما جاءت لتصلحه وتحافظ علي كرامة وإستقلال إنسانه.
اليوم الحركة الإسلامية في حالة تشظي وزوال وقد هجرتها الكوادر المخلصة والدولة تبقي عليها كشبح لا يقدم ولا يؤخر في ساعة النظام ولا يقدم إليها الدعم اللازم لتقوى فتنهض وإنما إيهامها بأنها حامية الحمي وخط الدفاع الأول في المواجهة الحتمية بين الإسلام (الذي يمثله النظام ) والكفر الذي يمثله معارضوه!!!. والعاملون في هذا الجسم المهترئ كأنما يضحكون علي أنفسهم أو أن ثمة حنين يشدهم لعهد سابق هيهات أن يعود،..
إلا إذا إنتظمت الحركة الإسلامية في حالة تمرد علي الدولة وإغلاق كل منافذ التسلط والخنوع وإجبار النظام علي إتخاذ الخطوات التالية :
أولا : إفساح مزيد من الحريات العامة خصوصا الأنشطة الحزبية المعارضة وعدم التخوف من طرحها فهو يصب في ميزان المصلحة الوطنية العليا ويخلق واقع جديد يمكن السلطة القادمة من البناء والتشييد والنهوض بالوطن ويبين الحجم الحقيقي للأحزاب ويحملها جزء من مسلسل الفشل في الفترة الماضية ويبين لها أن الحكم ليس نزهة وإنما واجب يجب تحمله بقوة وأمانة ووعي.
ثانيا: ترك الحرية للصحافة وأهل الاختصاص في العمل علي كشف ملفات الفساد ومحاكمة المتورطين محاكمات عادلة تجسيدا لشعار رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم (لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها ) وهذا الأمر من شأنه خلق شعور بالراحة وإعادة هيبة الدولة المفقودة في نفوس الجماهير.
ثالثا: حسم أمر المصالحة الوطنية في أعجل ما تيسر وطي ملفات الحرب خصوصا في المناطق الثلاث.
رابعا: تسريح ودمج كل الجماعات والملشيات المسلحة وفق خطط منضبطة ومدروسة بعلمية وحذر شديدين وتوجيه الدعم لتقوية القوات المسلحة عددا وعٌدة
خامسا : فك الإرتباط بين الحزب والدولة ولعمري هذا الإرتباط هو السبب الأساسي في تكدس ملفات الفساد وإستحالة طي صفحاتها دون محاكمات ناجعة.
سادسا: إعادة بناء جسم الحركة الاسلامية لصالح حركة الاسلام في البلاد وليس لتحقيق مكاسب إنتخابية عابرة ومد يد العون والشورة للطرق الصوفية والجماعات الإسلامية الدعوية التي لا تكفر المجتمع ولا تخرج عليه بدعاوى مبتدعة ما أنزل الله بها من سلطان.
سابعا: الإنفتاح علي المجتمع الدولي والحوار الأفريقي وخلق علاقات حميدة تثمر منافع متبادلة لشعوبها بتياراتها الفكرية والثقافية المتنوعة ومؤسساتها المدنية المختلفة.
إذا إستطاع الإسلاميون كسر حالة الجمود والتعنت والتشبس بالسلطة التي يعيشها نظامهم فإن في ذلك صلاحا للأمة وإلا فاليعلموا أن الإتجاه الذي تبحر عليه سفينة الحكم يمضي بهم إلي هوة سحيقة لن يتجنبوها بحسن نوايا وإنما بمساعي تشيب النواصي.
أحمد بطران عبد القادر
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. Thank you ,this is one of the great articles I read later. But it is too ,late any party cover with religion will never win in Sudan after the horrible experience since 1989

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..