سد النهضة – وحل معضلة مياه النيل

هدف هذه السطور: معلوم أن السدود تغير البيئة ، ولذا تجلب منافعا وتسبب أضرارا. كما للسدود مخاطرها في إحتمال إنهيارها ، تماما كمنشأآت الطاقة النووية . لكن السدود بنيت وستبنى لأن منافعها أكثر من مضارها. هنا أتناول بعض (وليس كل) منافع سد النهضة وحسب.
تخيل أن مصر في الخمسينيات الماضية إتجهت بقوة للتعاون مع السودان وأثيوبيا وتشارك ثلاثتهم في بناء سد النهضة الحالي نفسه (لكن في ذلك الزمان) بدلا عن السد العالي، وبشراكة عادلة ، مثل :
أ . أن يقوم السودان ومصر بدفع تكلفة السد (باعتبار أن أثيوبيا تشارك بالأرض ولا تستخدم مياه السد لغير التوليد) بحيث يدفع السودان ثلثا ومصر ثلثين (بنسبة السكان: 1 إلى 2) .
ب . أن يكون نصيب كل دولة من الكهرباء إيضا بنسبة السكان : 20% للسودان، 40% لأثيوبيا ، و40% لمصر . وبما أن طاقة سد النهضة 6750 ميقاواط، يكون للسودان 1350 ميقاواط ، وهي مماثلة لكل الطاقة التي تنتجها السدود السودانية الآن ؛ و لأثيوبيا 2700 ميقاواط (دون أن تدفع دولارا واحدا) ؛ ولمصر 2700 ميقاواط . وبافتراض أقصى ضياع نقل 10% من حصة مصر ، تصلها 2430 ميقاواط ، وهي أكثر من كهرباء السد العالي التي لا تزيد عن 2100 ميقاواط. وفي نفس الوقت قد تكون تكلفتها في النهضة أقل منها في العالي .
ثم أنظر الى المنافع التالية التي كانت ستجنى :-
1. لم يكن يحتاج السودان لسدي الرصيرص ومروي ولا مصر للسد العالي ، وكل مشاكل وتكاليف هذه السدود ؛ فإن ما يحتاجه السودان ومصر من الماء والكهرباء ، يأتيهما ، طيلة العام ، حسب الطلب من مهندسيهم الذين يديرون السد مع الأثيوبيين!
2. التبخر في السد العالي هو 10 بليون متر مكعب في العام (يدفع السودان نصفها من حصته – أسوأ قسمة ضيزي في التاريخ!) ؛ وفي سد النهضة يكون أقل من 2 بليون متر مكعب فقط (بسبب مناخه وله مساحة سطح بحيرة أقل ) ؛ فيكسب السودان ومصر 4 بليون متر مكعب سنويا لكل منهما!
3. مساحة الأرض التي تغطيها بحيرة السد العالي حاليا (وهي حوالي مليون ونصف فدان) ، هي في مصر جزء منها قابل للإستصلاح والزراعة ، وفي السودان منها ما كان أصلا مزروعا قبل قيام السد العالي . فكان يمكن لهذه المساحة أن تكون إضافة مقدرة للأراضي الزراعية النيلية في البلدين .
4. حضارة منطقة حلفا وجنوب مصر تواصل سيرها وتزدهر ، بدل غمرها وضياعها.
5. يشترك السودان ومصر وأثيوبيا في كل مراحل تصميم وإنشاء وإدارة السد ؛ ويتأكدون من وضع كل ما هو متاح من متطلبات السلامة للسد… ويتم تشغيله وفق متطلبات المياه في السودان ومصر ، فأثيوبيا أصلا لا تستخدم المياه الخارجة من السد. (الآن الأمر كله تقريبا في يد أثيوبيا وحدها ، في حين السودان سيكون أكثر المتضررين من كارثة الإنهيار إن وقعت).
6. يتم تفادي “صراع مياه النيل” الذي بدأ يظهر منذ سنين ، ويكون السد نواة قوية لتكامل حقيقي وتكوين إقليم راسخ له وزنه في العالم .. ثم يوسع التكامل المائي جنوبا حتى بحيرة فكتوريا.
7. يمكن ، بعد نجاح سد النهضة الأول والتأكد من سلامته ، أن يبنى سد النهضة الثاني .. ثم الثالث … إلى خمسة سدود نهضة بين تانا والحدود السودانية ، بطريقة مدروسة (هناك إمكانية لقيام أكثر من 5 سدود مثل النهضة). (أنظروا بالله كم يكون نصيب كل دولة من الطاقة بعد إكتمال خمسة سدود نهضة !)
السيناريو أعلاه ليس بغرض “التنديم : لو كان عملنا ، كان وكان!” ؛ لا أبدا، فكثير من مضامينه يمكن تحويلها إلى واقع في المستقبل إذا خلصت النوايا وأعملت العقول و قبلت حقوق الآخرين وحقائق العصر ومدت الأيادي للتعاون من أجل المصالح المشتركة .
فهل لعقلاء الأقليم أن يتفاكروا في أمر “التكامل المائي” ، بدلا عن “حرب المياه” بانكفائة على الذات وعلى تاريخ أصلا لم يكن يوما عادلا ، فالقاهرة نفسها كانت تدار يوما من وستمنستر وفق مصالح بريطانيا وحسب!
وبالله التوفيق.
أحمد إبراهيم الحاج – نيويورك – مايو 2014 .
(كلية الهندسة، جامعة الخرطوم سابقا – دكتوراة هندسة ميكانيكية – تطبيقي ميكانيكا الموائع – إنجلترا ).
[email][email protected][/email]
سد النهضة لن يتم بناؤه الا بالشروط التى ترضى مصر وبغير ذلك سيدمر ويكون فيه هلاك السودان ……. واذا كان السودانيين تحالفوا مع اثيوبيا نكاية فى مصر فهذا لايزعجنا لاننا ببساطة قادرين على اجتياح الدولتين برا وبحرا وجوا فى يوم واحد فقط وكتير عليهم ……. وليعلموا السودانيين ان اراضى مصر منخفضة عن اراضى السودان واثيوبيا ومن السهل سحب مياة السودان واثيوبيا الجوفية وهذة المياة اضعاف حصتنا من مياة النيل مع الاحتفاظ بحقنا التاريخى فى مياة النيل ……… خلاصة القول ان انتم مش قدنا يا تعبانين
جاءت كلمة “بانكفائة” والمقصود “بانكفاءة ”
ووجب التصحيح.
لو لا قدر الله السد وقع اثيوبيا برضو حتضرر حتكون فقدت مليارات الدولارات وفقدت مصدر طاقة كهربائية رخيص حيساهم في نهضتها……….ياريت ياباشمهندس لو كان في تعاون بين الدول الثلاثة كنا كلنا حنستفيد …تسلم يمناك علي تلكم السطور الرائعات وبرضو نتمني انو يحصل تفاهم بين مصر واثيوبيا وكلنا نستفيد
للأخ المصري أحمدية: مافي داعي للإساءات. حتفتح سيل من الإساءات المضادة. ولكن لنفكر في الموضوع بموضوعيىة.
للدكتور أحمد إبراهيم: أقدر مساهمتك الموضوعية. و رسالتك واضحة يجب أن تخطط دول النيل للمصلحة المشتركة. لو كان ذلك إتبع لما وصلنا إلي لحظة الإقتتال هذه.
لكن هذا تاريخ وإفتراض. والموضوع الآن يتطلب التفكير والوصول للرأي السديد والحكيم. أتمنى أن يجد السودانيين الفرصة في الداخل والخارج مناقشة هذا الموضوع بطريقة بعيدة من التهريج. قبل أن نبدأ بالمعطيات هناك مبدأين يجب الإتفاق عليهم كأستراتيجية للسودان:
المبدأ الأول : ضرورة: أن يضع حساب ان تكون النتيجة النهائية (win-win and non-zero sum game) فائدة للجميع.
المبدأ الثاني: ضرورة أن يقتل الموضوع بحثا وتفاهما
المبدأ الثالث: على حكومة السودان الفصل بين قضية حلايب وقضية السد.وكذلك ألا تدخل أي تأثير لما حدث لنظام مرسي و قضية مصيرية كقضية المياه. قضية مرسي قضية داخلية.
المبدأ الرابع: أن يقوم المختصون الفنيون بدراسة هذه المسألة ولا غرو إن إستعانوا بخبراء أجانب. كما أن على الطواقم السياسية أن تدرس الدلالات السياسية.
أما المعطيات:
يبدو من بعض التصريحات والتعليقات أن حكومة السودان لم تدرس هذه المسألة بتأني. إذا كان ظني هذا صحيح فهذا شئء مؤسف. وقد يكون له عواقب بعيدة المدي ليس فقط مائيا بل أيضا سياسيا. بروفسير عبد الرحمن العاقب عنده تحفظات أوردها في الجرائد. وحيدر يوسف ذكر أم المسألة عاوزة دراسة . استاذ في السعودية ذكر بعض المضار على السودان.
إننا مسؤولون أمام الله والأجيال القادمة ولذلك يجب التفكر قبل الإستعجال في الحكم. لا يعني ذلك معاداة إثيوبيا ولكن التشاور والمناصحة.
يحمد للدكنور سلمان أنه يدعو للتعاون بين الدول الثلاث. ولكن حماسه للمشروع يتعدى مجال تخصصه. وقد لا يكون له دراية كامله بكل المعلومات المطلوبة. بالرغم من تقديري لخبرة الدكتور سلمان إلا إنه من رأي ألا يدلو بدلو في المسائل الفنية والمائية وحتي الإقتصادية والسياسية والجيولوجية (فهو يقول أن المنطقة غير منطقة زلازل. فهل هذا صحيح أيها الجيولوجيين وما ذا عن طبيعة الصخور؟ وماذا عن مشاكل التصميم يا خبراء السدود والمهندسين المدنيين؟
الفشل في التفاهم سيجر الثلاث دول لعدم إستقرار سياسي. السودان سيكون أكثر الدول تأثرا. أرتريا ستدخل في الصورة أيضا. السودان وإثيوبيا دول هشة سياسيا بسبب تعدد الإثنيات والفقر وغياب الديمقراطيات ويمكن لمصر إذا قررت أن تحدث كثيرا من عدم الإستقرار في هذه الدول فلنتجنب العنتريات.
مصر عنها عجز كبير في المياه. أنا أعتقد أنه يجب تفهم حساسية مصر في الموضوع. وفي رأي على أثيوبيا محاولة التفاهم مع مصر والسودان وتبديد كل المخاوف. طريقة الإسترجال هذه ستضر بأثيوبيا. مصر في إمكانها إثارة مشاكل في أثيوبيا والسودان والدولتين ضعيفيتين فهما غير مكتملات التأسيس كأمم حديثة بالرغم من قدم حضارة إثيوبيا وحضاة النوبة.
إثيوبيا لها الحق في الإستفادة من المياه التى حباها الله بها وتجرف تربتها كل سنه. وعلى مصر أيضا أن تبدي تنازلات وتفهم لحاجة .
من المؤسف أن السودان لم يستفد من حصته في المياه حسب إتفاقية 1958. وستكون هناك ضغوط للسودان للتضحية بالجزء غير المستغل. وهذا شيء مؤسف.
أما ألإحتياج الكهربائي فهذه مسألة تحتاج لدراسة متكاملة عن كل المصادر.
نصيحتي للجميع بالتوافق والإستعداد للتنازل. لكن على حكومة السودان أن تدخل المفاوضات وهي ملمة إلمام كامل بالتأثيرات المحتملة على البلاد.
أرجو من قراء الراكوبة مصريين كانوا أم سودانيين أن يتجنبوا الإساءات ويركزوا على الحجج. فالموضوع ليس “بلعب”.
يا باشمهندس افتكر ما فات حاجة اذا اقتنعت مصر الان بهدم السد العالى والسودان بتحويل مجرى النيل الازرق عن سد الرصيرص ومروى وغيرها من السدود و من ثم النظر فى تطبيق فكرتك اذا وجدت قبولا اقتصاديا وفنيا وسياسيا وشعبيا مع شكرى وتقديرى لمساهمتك
شكرا أخ شمام :
الفكرة ليست تغيير الواقع وإلقاء ما هو قائم والرجوع بالأشياء للماضي وتحويل النيل …الخ.
الفكرة هي أولا: توضيح أن الواقع كان يمكن أن يكون أفضل مما هو عليه (خاصة بتفادي المواقف العدائية الحالية) لو كان هناك في السابق تفاهم أخوي بتجرد وتعاون صادق من أجل المصالح المشتركة ؛ و
ثانيا : أن المستقبل أيضا سيكون أفضل بالتفاهم والتعاون بدلا عن الخصومات والعداء.
فسد النهضة الحالي ليس نهاية المطاف بالنسبة لمعضلة مياه النيل… فالسدود ومشاريع المياه الأخري التي تفكر شعوب منابع النيل في إقامتها في المستقبل كثيرة وستثير ما أثاره سد النهضة أذا لم يتم التعاون والتفاهم بشأنها . هذا هو ما قصدته .
أما إذا وافقت أثيوبيا – ومستحيل ومن غير المعقول أوالمنطقي أن تفعل – على مشاركتها في السد الذي تشيده الآن مشاركة مثل التي تخيلناها في المقال ، فإنك حينئذ لا تحتاج لهدم السد العالي وتحويل مجرى النيل في الرصيرص ومروي . يمكنك فقط – وإن أردت بعد دراسة – تفريق بحيراتها ، وترك مجرى النيل كما هو، وزراعة أراضي البحيرات المجففة الخصبة ، وسوف يغني المزارعون يومها ! … (فقط سد سنار لا يمكن الإستغناء عن بحيرته لأنها تستخدم لتغذية ترع الري مباشرة منها ، ولذا لم أذكره في مقالي.) ولك ودي.