لماذا يفشل الحوار عندنا….!!!

انتهينا في المقال السابق ان الحوار الحالي ( كسر ركبه ام كسر رقبه ) والان يحق لنا نتساءل لماذا يفشل الحوار عندنا عبر تاريخنا السياسي منذ عام 1964 ثورة اكتوبر وفي عام 1977حوار المصالحة الوطنية ثم عام 1985مع انتفاضة ابريل كل هذه الحوارات فشلت مما راكم الازمات الي مانراه الان والسبب المباشر هو النخب السودانية رغم ذكائها الذي لا مراء فيه ولكنه كانه ذكاء محسود او اصابته عين بسبب انه دائما ما ينظر لمصالحه الذاتية والانية دون النظر الي مجمل مشاكل الوطن الجوهرية ليضع الحلول لها ولعل اكبر دليل علي اقول هو ان اقتراح السيد / الصادق المهدي منذ ثمانينات القرن الماضي بعقد مؤتمر دستوري تناقش فيه كل مشاكل السودان وهو في تقديرنا هو الاقتراح الاصوب حتي الان الا ان الدعوة ما زالت بعيدة المنال وتاكيد علي ذلك حتي بوادر الحوار الذي اقترحته الانقاذ جاء كسيحا وميتا وناقص الاهلية وعروضه جاءت علي استحياء كانما اريد به ذر الرماد في العيون وكلما خرج من اشارات لا يعدو ان يكون ( كلام مثقفاتية )وترف فكري لا يسمن ولا يغني من جوع لوطن يحترق يوميا كان حال النخب يقول طالما ان السنة النار بعيدة مني علي طريقة جحا ان شاء الله ما يفضل فيها واحد لذلك كل ما رشح من لقاء المائدة المستديرة ما خرج من كلام عام يعبر عن ترف النخب ولا يعبر عن حال الوطن والشعب هو كلام مكرور قديم تراكم سلبياته هو ما نعيشه الان مثل الاتي :ـ
1/ حكومة قو مية او انتقالية ولكن دون وضع برنامج محدد بزمن محدد وباليات محددة وهو نفس وضع حكومة السيد سر الختم الخليفة عام 1964 فماذا كانت النتيجة غير اجهاض الثورة ثم اجهاض الديمقراطية وهو نفس حال حكومة المشير سوار الدهب مما اورثنا الانقاذ وهكذا حال النخب كأن ما مرت بتجارب فاشله تتعلم منها ولكن تعميها المصلحة ان تنظر لتاريخنا وهو للاسف الشديد تاريخها خطته بيدها !!!
2/ مثال اخر علي القضايا الهامشية هو الذهاب لانتخابات عامة وهو نفس الخطأ الذي وقعنا فيه 1964/1985 دون مراعاة لضعف الاحزاب وتشتتها وانها تحتاج لفترة متوسطة المدي لتنشط وينشط معها المجتمع واكبر دليل علي ما اقول هو حال المعارضة حاليا حتي في هامش الحرية الحالي غير مستثمر بصورة فعالة فكيف تخوض انتخابات ضد حزب حاكم متمكن من مفاصل الدولة وكانما المعارضة تريد من حيث لا تدري انتاج انقاذ اخري !!!
3/ شخصنة الامور في قيادة تعتقد انها تملك الحقيقة الكاملة للحياة في الوطن وبدونها لا يتم شئ وانظر لقول بعض قادة المؤتمر الشعبي في قولهم ( نسينا جارحات الماضي ) هكذا ضربة لازب وكان الجراحات لبان يمضغ ثم يلقي علي السيارة في قارعة الطريق ولكن ايضا المصالح الانية والذاتية والهرولة نحوها !!!
وفي تقديري ما ذكرته اعلاه وان كان ضروريا الا انه اعراض لامراض مزمنه متراكمة وفاقمتها الانقاذ مما جعل الدولة السودانية تكاد تتلاشي ورجعنا لحكم القبلية والجهوية حيث اهترات كثيرا من مقومات الحياة لذلك توجب علي كل الاحزاب ان تنخرط في دراسات جادة وباحصائيات دقيقة موثقة لاوجه الحياة في بلادنا علي سبيل المثال لا الحصر التعليم المشاكل والحلول / الصحة المشاكل والحلول /التموين المشاكل والحلول /توزيع السكان / نسب التعليم في الحضر والريف /البني التحية / الاستثمار عبر خريطة استثمارية للزراعة / الصناعة / المعادن / مصادر المياة وتوزيعها / الفاقد التربوي المشاكل والحلول ….الخ
ايضا لابد من النظر في مشاكل استجدت علي الساحة ووضع الحلول لها علي سبيل المثال لا الحصر قومية الخدمة العامة وقومية القوات النظامية وكيفية علاج ذلك علي مدي فترات زمنية كذلك لابد من النظر الي الشاريع القومية الكبيرة التي كانت تديرها الدولة وكيفية اعادتها للحياة مثال مشروع الجزيرة / سكة حديد / سودان لاين /كيف ضاعت ومن المستفيد من ذلك ثم مشكلة حملة السلاح المشاكل والحلول ثم رد المظالم للذين احيلوا للصالح العام حتي لا نفاجا بالمظاهرات التي ترهق الدولة مما يهيئ لانقلاب قادم وبالمناسبة لابد من الاتفاق علي شكل الحكم بتضامن كل الوان الطيف والاتفاق عليه …………
ما لم يكن مثل هذا التصور لدي جميع الاحزاب وانحصر الامر في قيام حكومة انتقالية دون برنامج محدد مقسم الي فترات منها ما هو اسعافي في حدود السنة ومنها ما هو متوسط ثم طويل المدي ثم ينحصر هم هذه الحكومة فقط في تهيئة الاجواء لقيام انتخابات نكون كاننا لا رحنا ولا جينا وسندور في الحلقة المفرغة المدورة منذ 1964 لهذا لابد ان يرتفع قادة الاحزاب لمستوي طموحات الشعب للخروج به من اتون ما هو فيه لان الاوضاع الان اسوا مما سبق بكثير وتصحبها تغيرات جد خطيرة تصل مرحلة اما نكون او لا نكون كوطن علي ان تكون هذه حكومة كفاءات وطنية قومية لتقوم بالتغيير الجذري المطلوب وهذا لن يتاتي الا اذا تعاهد الجميع علي تنفيذ البرنامج الموضوع اقول كل هذا وفي معيتي تجرتبتين اسوقهما كمثال عسي ولعل ننتفع بهما وهي تجارب تقع في محيط دول العالم الثالث ولكن لان قادتها كانوا علي قدر المسئولية التاريخية فنفذوا الي جوهر مشاكلهم دون النظر لذواتهم او حتي احزابهم وايدلوجياتها واول هذه الامثلة من دولة الهند التي تتعدد فيها الطوائف باكثر مما عندنا واعقد مما يتصور اي انسان وهؤلاء القادة نفذوا لجوهر مشاكلهم بتحليل صادق وامين نفذوا الي التعليم اولا وراوا ان هناك طائفة او طوائف ليس لها حظ من التعليم فوضعوا الالية التي تجعلهم في زمن محدد ان يلتحقوا ببقية طوائف المجتمع حتي تكون الوظيفة العامة بحسب المواطنة والكفاءة كذلك نظروا في الخدمة العامة والقوات النظامية فوجدوا ان بعض الطوائف ليس لها حظ في تلك الوظائف فحددوا الاليات لذلك حتي تلتحق ببقية الطوائف وذلك حتي يتماسك المجتمع من اجل التقدم ولا غرو ان الهند الان في الفضاء واخر مشاريعهم هو عمل مشاريع انتاجية لسد الفجوة الغذائية لنحو 800مليون شخص وهذا هو الفهم الصحيح لقيم الدولة لكي تتقدم !!!
اما المثال الثاني هو النمر الاسيوي ماليزيا التي نهضت في عقدين من الزمان نهضة جعلتها قبله لكل الناس والاستثمار وللاسف لنفس فترة نهضتها سقطنا نحن في التخلف بسبب كسر رقبة المجتمع لتنفيذ رغبات شخصية لاشخاص ضد رغبة المجتمع العام وبالقوة مما احدث ما نحن فيه الان والمفارقة بين زعماء ماليزيا وزعماءنا في نفس الفترة ليس في الذكاء ولا الكفاءة ولا العلم ولا حتي التجربة العملية والسياسية انما يكمن في عموم الفهم لشمولية قيم الدولة المستحقة لكل الناس دون ايولوجية محددة ولا بنظر مبتسر مخل بقواعد اللعبة الاجتماعية من ناحية ومن ناحية اخري تواضعهم الجليل في ان يعرفهم العالم عن طريق وطنهم لا ان يعرف وطنهم عن طريق شخوصهم كما حاول ان يؤطر لذلك الترابي فلا طال هو ولا زمرته ولا وطنهم عنب اليمن ولا بلح الشام فماذا فعلوا زعماء ماليزيا نظروا بهدوء ودون غوغائية او ديموجوجية الي حال بلدهم ومجتمعهم فراوا المجتمع به 3 طوائف الملاويين اهل البلد الاصليين ثم المهاجرين الصينيين (لاحظ مهاجرين هذه) والمهاجرين الهنود فاتفقوا اولا علي نظام الحكم الا وهو الديمقراطية دون الاعتقاد بايدولوجية معينة مما اضعنا فيه زمنا ثم قراوا المجتمع تعليميا فوجدوا ان اقل فئة متعلمة هم اهل البلد الاصليين فوضعوا الية محددة ليلحقوا بركب بقية الطائفتين حتي يكون التنافس في الوظيفة العامة بالكفاءة مع التساوي في كافة الحقوق الاساسية للمواطنة لمثل هذا الفكر نهضت ماليزيا في زمن قياسي لانهم راوا ان لاتقدم دون تعليم لذلك اسسوا لتعليم علي اسس علمية مترتبة ترتيبا امينا وفائقا حتي اصبح تعليمهم يحقق ايرادات للموازنة العامة وانفتحوا بافق واسع وخيال خصيب علي كل العالم فانهالت عليهم الاستثمارات من كل حدب وصوب(لا حقي ولا حقك وانما حق الدولة ) كما قال وزير تجارتهم في لقاء تلفزيوني ( اننا سالنا انفسنا التنمية لمن وبمن )وكانت الاجابة ( التنمية للشعب وبالشعب ) ثم وضعنا خطط التنمية بالاتفاق مع الشعب لانجازها وبجملة واحدة دشنوا اول خطة من لسان حكيمهم الدكتور مهاتير محمد حيث قال لهم جملة واحدة وحيدة (اعملوا وانظروا للامام وانا معكم من العاملين ) دون خطب جوفاء وغناء ورقص واستجلاب جماهير بتكاليف تعمر اوطانا باكملها او كما قال العالم سلمان العودة عن الدكتور مهاتير ( انه رجل مسلم عالم متواضع فيه حياء ومهابه حتي لا تكاد تسمع صوته ) وقد سالته (عن صمته ونظره العميق فقال انا دائما متأمل) وشتان بينه وبين ماعندنا الذي يعتبر ان لا احد مثله بنرجسية مقيته ويتضاحك في كل اجاباته وما ادرك انه يضحك علي نفسه وحسب !!! فهل يعتبر زعماؤنا ام يظلوا في نرجسيتهم وخيلائهم البائس ونظل ندور من خلفهم في حلقتنا المفرغة اياها حتي نقرا خريطة افريقيا الجديدة ولاشئ فيها اسمه السودان لانه تلاشي وتوزع كما تؤكد ذلك اخر الخرائط في الدوائر الغربية !!!

سيف الدين خواجة
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. أخبارك محمد مختار ، مشكلة السودان وجود السادة والعبيد في مخيلة أحزاب الطوائف الإتحادي والأمة وثالثة الأثافي كانت الجبهة الإسلامية ، لو في الأيام الأولي غيروا النظام ليوافق عمر الصادق المهدي لصبح رئيس وزراء ، مع وجود نخب أيضاً نفتخر بهم الآن كالزعيم الأزهري والمحجوب ، كيف وافق هؤلاء على تلك التجاوزات لتبدأ سلسلة التجاوزات ، وينتهي الإنتماء والمواطنة وكل ما مر الوقت وتعاقبت الأجيال يتجزر الأنا القبيلة والجهوية ،، إلى أن وصلنا للعهد الحالي حيث يباع الوطن من أجل الكرسي الذي لن يدوم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..