ماذا لو إنحرف الحوار ؟!؟

هذا ليس عنوانا لفيلم هندى .. بطله لم يولد بعد .. والذى يبدأ عادة و لأكثر من ساعة ونصف داخل الماء .. ثم من بعد ذلك تطل علينا حبيبة البطل الذى يكون قتله أحد أثرياء الهند داخل وخارج الفيلم , بوجهها الصبوح ذو الدموع المنهمرة على الجانبين .. دلتا النيل هو وشك دا دلتا النيل , المتوفى لتنجب لنا بطل الفيلم من جديد , وسط المزامير الهندية الراقية والرقص على إيقاعات المطر , ليكبر إبن البطل ما بين عشية وضحاها ويظهر طيلة بقية الفيلم راكبا حصان بحثا عن ثأر أبيه الذى مات من أجل الحق , مع ملاحظة أن عوير الفيلم الهندى بم يظهر على الشاشة بعد . هنود نحنا يا جماعة .. أنحنا هنود ؟ بل كان هذا عنوانا للمقال الذى كتبته قبل إنطلاقة الحوار الوطنى فى العاشر من أكتوبر المنصرم بقاعة الصداقة .. ماذا لو إنحرف الحوار ؟!؟ والذى تضمن الكثير من الإرهاصات على زعم أنها تدابير محتملة لأننا إعتدنا ألا نعالج الكارثة قبل وقوعها بل دأبنا على معالجتها بعد أن تقع فى الرأس وهكذا دوما نورد إبلنا فى الشأن الوطنى والساقية لاتزال مدورة .. مع العلم أن مؤتمر الحوار الوطنى قد حشد له اساتذة أجلاء أعرف الكثير منهم عن كثب من ناحية الجدية والنزاهة وقوة الشكيمة والقدرة العلمية الفائقة فى طرح القضية على أوراق علمية ومعالجتها بشكل علمى مذهل مما يساعد فى تقديم رؤية علمية نظرية يسهل تطبيقها على أرض الواقع . أما إحتمال فشل المؤتمر فهو متلازمة ترتبط بشكل منطقى بالنجاح فأنا أما خيارين : أما أنجح أو أفشل بالتالى فالفشل متعلق بالنجاح أو هو الوجه الآخر للنجاح , فأنا حينما أشرع أو أنطلق فى تأسيس مشروع ما , بقدر نسبة النجاح المرصودة فيه قبل إنطلاقته و بشكل إحصائى دقيق أعطى مساحة للفشل , ودوما أتسأل ما بينى وبينى , ماذا لو أن هذا المشروع اخفق فى احد جوانبه بالتالى سأكون وبنفس نسبة الفشل سأضع نسبة معادلة له للمعالجة . أما التعليق وضعية وسطية لاتقدم ولا تأخر . ونحن حينما نتحدث عن نجاح مؤتمر كهذا حشد له الكثير من القوى السياسية بالإلزام السياسى أو بالتطوع مثل منظمات المجتمع المدنى أو بالتعيين بإختيار شخصيات قومية نافذة سياسيا وإجتماعيا نعنى أن لجانه قد إستطاعت أن تنجز وتغنى عناوينها بالأوراق العلمية الهادفة التى تتناول جوهر القضايا كإشكاليات تتصدر مطالعها وترتبها بشكل سلس وتنداح معها إلى أن تحمل الورقة إلى حلول منطقية تكون مقنعة للمتحاورين داخل المؤتمر والذى يكون أشبه بالورش العلمية , وبعدها ترتب حسب الأولوية العلمية ودقة النتائج التى تحملها الورقة , وهذه الأوراق غالبا ما يتصدى لها كبار أساتذة الجامعات والمفكرين والكتاب ذوى الصلة بالعمل السياسى بشكل عام وهم حسب وضعهم التنفيذى فى الخدمة العامة أشبه بالمستقلين إن لم نقل محايدين , والساسة الضليعين . حيث تدور النقاشات والحوارات حول كل ورقة على حدا فى شكل ورشة قابلة للتقييم العلمى والمراجعة بالتعديل أو الإلغاء وإيجاد البديل العلمى المعادل للمحزوف . أما الفشل فهو يعنى أن هذه الأوراق لم تقدم أصلا أفكارا علمية بشكل عميق تنظر فى جذور القضايا الهامة وأن إشكالياتها لم تؤطر لحل تفضى إليه سردياتها , أو أن الرؤية الفكرية للورقة غير مؤسسة أو مبنية على أسس علمية , كما أن الإرادة السياسية غالبا ما تكون دافعا قويا فى إنجاز أوراق علمية كهذه تقود إلى حلول مرضية وقابلة للتنفيذ على أرض الواقع فغياب هذه الإرادة يجعل الورقة عبارة بخرة فكى مكتوبة بلغة متطورة . وقد ينحراف الحوار عن مساره الأصلى , فالإنحراف مرتبط بشكل جدلى بالأصالة , والأصالة تكمن فى المعالجات العلمية التى يجتهد فيها أبناء هذا الشعب السودانى لتقديم حلولا مرضية للسودان أولا ومن بعد ذلك لمن أراد أن يأتى فليأتى , والإنحراف هنا يعنى أن هولاء طبقوا اوراقهم وغادروا قبة الحوارات فى داخل قاعة الصداقة وهذا يختلف تماما عن المفاوضات حول مسارات عسكرية أو خلافه , فالدراسات الإستراتيجية أثبتت أن الحروب القبلية دوما ما يقودها ما يشبه الإتفاقات الجنائية فهناك من يمون وهناك من يقوم بالتنفيذ . فلماذا لاتفتح الحكومة معسكرات فى أطراف العاصمة كما فعلت من قبل مع الجنوبيين قبل الإنفصال لتفويت الفرصة على المتربصين ونافخى الكير وذلك لإيواء أهالى النيل الأزرق ودارفور الذين ضجت بهم المعسكرات فى الشمال والجنوب الدارفورى .
أما تعليق الحوار فى مساره الخارجى فهو امر لاشأن له بالأوراق العلمية المقدمة من خلال محاور اخرى تأتى فى ذات النسق التحاورى ولكن ليس بالقدر الذى يلغى أفكار العلماء والمفكرين والإستراتيجيين .. فهى تسهم إلى حد كبير فى تخفيف حدة العدائيات والنقاشات والحوارات فى مسارها العسكرى لأنها تعمل على إبراز العيوب التى لازمت العملية السياسية والإخفاقات التى أدت إلى أن يحمل البعض السلاح فى وجه البعض وتوفير الحلول المنطقية الحاسمة , على الرغم من تزامن طرح الأوراق العلمية فى مسار الحوارات السياسية والحوارات التى تجرى فى مسار المفاوضات العاشر الذى فشل وكان هذا هو المتوقع وبإستنكاه علمى لايتطرق له الشك , لأن ما يجرى داخل قاعة الصداقة يقوده أغلب وخيرة أبناء السودان من علماء ومفكرين وساسة واساتذة جامعات لهم مكاناتهم العلمية داخل وخارج البلاد وللقوى الخارجية تمثيلها فيه ايضا , إن أية أجندة خارجية أو تقديم تنازلات سوف تلغى وهذا – ما لايحتمل علميا وسياسيا واخلاقيا – كل تلك الأوراق العلمية المحتشدة وتوصياتها التى قدمت حلولا من قبل للكثير من القضايا الحادة التى جابهت البلاد فيما يشبه الأزمات الخانقة , ببساطة لأن ما يجرى خارج البلاد له أجندته الخاصة المدعومة من المراقب الأفريقى كآلية إقليمية والدوليات الأخريات . كما أن تباعد الشقة بين الطرفين حيث ترفض الحركة الشعبيه الحوار الجاري في الخرطوم وتطالب بحوار جاد وجديد متكافئ , اذ ترفض الحركة سيطرة الحكومة على المسارات وتطالب بمسارات انسانيه متعددة لاتخضع لسيطرة الحكومة وفقاً لمنصوص القانون الانساني الدولي, كما أن حكومة المؤتمر الوطني تريد أن تواصل بمجرد توقيع الاتفاق على نتائج المفاوضات للوصول إلي اتفاق مع الحركة الشعبية بعيداً عن بقية القوى السياسية السودانية , وهذا من التوقعات السياسية الحاضرة بشكل عنيف فى سماء المفاوضات لأن ” المحاور وحارس المرمى ” كلاهما يريد أن يلعب لعبة توم أند جيرى والبلاد تعيش أوضاعا سياسية وإقتصادية مأزومة . والكثيرون يقولون ان الحركة ترفض الحل الجزئى مثل رصيفتها ” الحركة الشعبية لتحرير السودان ” وتنادى بحل قضية المنطقتين بعيداً عن الحل السلمي الشامل وتطالب باتفاق ينهي الحرب من النيل الازرق الى دارفور في اطار الحل الشامل بمشاركة كل القوى السياسية حسنا . فشعار من حلفا إلى نمولى حمل أبناء الوسط والشمال النرجسيين والحالمين أن ينخرطوا فى الحركة الشعبية لتحرير السودان , وعند إنفصال الجنوب تم فصلهم من الخدمة المدنية والعسكرية معا ولوحقوا فى أرزاقهم بإعتبارهم كانوا فى حركة إنفصالية , فى حين أن إتفاقية السلام الشامل بنيت على إرهاصات موسم العودة للشمال لكن كيف ؟ هذا ما نسعى لأجله وعلى الآخرين أن يفهموها فهى مناورات سياسية قد تعطل الحلول العلمية الشاملة للمنطقتين وفى دارفور مع العلم أن المواطن هنا وهناك يكتوى بنيران الصراعات التى لايراد لها حل نهائى من خلال هذه التسويفات طويلة الأجل .إلا أن ما ينبغى معرفته هو أن تعطيل جولة المفاوضات العاشرة بين الحكومة والحركة الشعبية يعد محورا قائما بذاته تتحمل وزره الحكومة ومن حمل أوراقه معارضا فى الخارج , إن ما أوجدته محاور الحوار الوطنى الأخرى والتى إمتدت لأكثر من شهرين لهى مكسب للشعب السودانى لأنها أتت من أفكار أبنائه توفرت لها الكثير من العزائم دون ضغوط وهذا ما يرتاح له الحزب الحاكم وقد يتخذه ورقة للتبشير إذا ما إستمر فشل المفاوضات فى مسارها الحادى عشر والمائة حتى : ” إنا فتحنا الباب دون ضغوط للقوى السياسية وللأخوة حاملى السلاح ” .. مع أنها تداعيات تلقائية جاءت بأهل السودان فى اليمين واليسار والوسط لإنقاذ الأبرياء الذين يناور الطرفين ” الحكومة والمعارضة المسلحة ” فوق روؤسهم دون حتى إحساس بتأنيب الضمير . , ولذا سارعت الحركة بتسفيه ما يجرى فى الخرطوم بأنه غير جديد وغيرجاد وغير متكافئ . على غرار ” الغيريات التلاتة ” فالجديد لايمكن ان تقوده قوة تضمر العداء للشعب السودانى وتحاول أن تفتح مسارات جديدة كلما شعرت بأن الضغوط التلقائية على الحركة سوف تجبرها على تقديم التنازلات . كذا المفاوض الحكومى يسارع بالتعليق والعوة إلى فضاء الخرطوم كلما لمس أن هناك أفقا جديدا أحرزته المفاوضات العلمية . ولا أدرى أى تكافؤ يتحدث عنه قادة الحركة الثورية التى إتخذت من أديس متراسا تلجأ له كلما تعلم أن الشقة بينها وبين القوى الفاعلة فى السودان شاسعة ولايمكن أن تقفز من فوقها بالزانة لذا تلجأ وحسب قانون المحاصصة السياسية إلى المناورات مع المفاوضين الحكوميين الذين قد يتم إختيارهم وفق التوجهات الفكرية والذهنية لقادة الحركة أنفسهم , من باب أن الحديد لايفله إلا الحديد . فعدم التكافؤ يكون واقعا بشكل فعلى إذا إخترقت أجندة ثاوأمبيكى ما تتخذه ثورة الأوراق العلمية فى قاعة الصداقة من قرارت وتوصيات .. ويا سلوة الأيام موعدك الحشر , إن كان هناك شئ تبقى ليحشر .
لا يا دكتور زهير الهنود يصنعون من الابرة للطيارة وصادراتهم بعد الصين مباشرة وأكبر وانزه دولة ديمقراطية وعدد سكانها سدس سكان العالم وقدرات جيشها اقوى من امريكا ولا يستوردون شيئا الا النذر القليل ونظام التعليم فى مدارسها وجامعاتها متقدم جدا .. نعم نحن لسنا هنود بعنجهيتنا الفارغة والفارغة جدا