البشير ..(نيو لوك) مرغماً !؟؟

بعيداً عن الخوض في قضايا وملفات فساد الرئيس وأخوته وبطانته ونظامه ، فهذه الفرضية أصبحت واقعاً بإعتراف الفاسدين أنفسهم وإقرارهم بما نسب إليهم من إتهامٍ كما أن هذا الفساد اصبح معلوماً لدي الكافة القاصي منهم والداني والكتابة عنه أو التحدث فيه اصبح مملاً وقد يصيب البعض منا بالكآبة .. وعند تسمية الأمور بمسمياتها لن يقودنا التحليل إلا إلي جهة واحدة ساهمت وكرست وتعهدت بالرعاية هذا الفساد لإستمراره وهذه الجهة هي رئيس الجمهورية الرئيس البشير الذي كان بيده مقاليد الأمور وتحت إمرته مجلس الوزراء ورموز حزبه وإخوته وأهل بيته . ولكن كيف تم هذا؟؟ كيف تحولت البلاد بأكملها إلي مستنقع آسنٍ بالفساد ؟؟ وكيف إفتقد رئيس الدولة ورأس الأمر كله الإرادة السياسية والواعز الديني منذ بواكير نظامه ليقول للفساد لا …وألف لا؟؟ وكيف حاد عن جادة الطريق الذي سلكه كل من تقلد منصبه في هذه البلاد وخرج من أبواب القصر الجمهوري نظيف اليدين عفيف النفس من المال العام ودماء الأبرياء وخصومات لشعوبهم ؟؟
واقع الأمر أن هذا التحول (الدرامتيكي) حير المفكرين والعقول كثيراً ..كيف وضع البشير روحه علي كفه وهو يقود القوة التي حررت مدينة (ميوم) ليعود بعد ذلك وهو رئيساً للبلاد لا يتخلي عن مدينة (ميوم) وحدها بل كل الولايات الجنوبية ..في ميوم حارب أداءاً لدوره الوطني والعسكري كضابط في قوات الشعب المسلحة وفي إتفاقية (نيفاشا) تخلي عن جزءاً من ذلك الوطن الذي حارب من أجله وبإرادة وطنية مسلوبة أو مغيبة ..وهو نفس الرئيس الذي خرج في العام 1990م من منزل اسرته في حي (عمر الفاروق) ليجد عربة ماركة (كريسيدا)موديل السنة ويتسائل عن صاحبها ليعلم أنها عربة شقيقه عباس ويسأله من أين لك هذا ؟؟ ويعلم أن مجموعة من معارفه كونوا شركة تجارية وتم تعيينه رئيساً لمجلس الإدارة ويجيبه البشير بغضب وأين كانت تلك الشركة وأنا لم أكن رئيساً ؟؟ ويأمره في حزمٍ أن يعيد العربة لأصحابها..وسبحان الله مرت السنون ليواجه الرئيس بفساد إخوته ليجيب في كبرياء وغرور :(هم تجار ومن حقهم العمل) حتي ولو كان الفساد والعمل بإسمه أو بإعتبارهم إخوة الرئيس.
في ظني وبعض الظن إثم أن ذلك التحول أو (النيو لوك) الذي أجبر عليه مكرهاً ومرغماً بدأت خيوطه ونسيجه في الوضوح والبيان في نفس عام شقيقه العباس و(الكريسيدا) وبُعيد إنقلاب رمضان في ذات العام وكان في تقدير البشير ان يحاكموا عسكرياً وتم وضعهم بالمعتقلات وهم صياماً لله وتفاجأ الرئيس باعضاء في مجلس الثورة يدخلون وفي يدهم أوراق للتوقيع وهي اوراق إعدام الضباط وجادل الرئيس بعد أن سبق السيف العزل وجاءه القول الفصل :( سيادتك وقع ..الناس ديل خلاص نحن أعدمناهم) وكانت تلك اللحظات فارقة في تاريخ البشير بعد أن إستوقفته كلمة (نحن) وحينها أدرك أنه لا يقود البلاد وحده ولديه شركاء يمكنهم أن يعدموا الحياة ويوقفوا الأنفاس دون الرجوع إليه وهي من اللحظات التي أصابت إرادته السياسية كرئيس للبلاد بالإرتعاش .
ثم توالت السنوات وهي حبلي بالأحداث الجسام من حروب دارفور (2003-2005) ثم إتفاقية (نيقاشا) 2005م وحتي مذكرة إعتقاله في العام 2009م لتلجم المفاجأة الرئيس ورجالاً حوله وتمر حياته أمام ناظريه سريعاً كمرور (نيزك) يتهاوي من السماء ليدرك البشير بعد فوات الأوان أنه تحول من أحد أبطال القوات المسلحة ومحرر (ميوم) إلي طريدٍ للعدالة الدولية يسافر وهو يتلفت يمنة ويسري ويهرب من بلادٍ خوفاً من وضع أمر إحضاره إلي لاهاي موضع التنفيذ ..والحق أقول أن البشير كرئيس للبلاد هو الذي سمح بتنامي نفوذ رموز نظامه وتغلغلهم في مفاصل الدولة وزاد موقفه إهتزازاً في إفتقاده للقدرة علي وقف سيل الفساد المتدفق من بطانته تلك القوة الغاشمة التي تحولت إلي غولٍ ضحي بمرشدهم في المفاصلة الشهيرة في العام 1999م ولن يترددوا في تقديم رئيسهم إلي المقصلة الدولية في سبيل إستدامة نفوذهم وقيادتهم لسفينة الفساد بلا خوف أو وجل ..كما أن فساد إخوته وأهل بيته أضعف موقفه كثيراً في مواجهة الفاسدين وهم يلوحون بورقة (فساد إخوته) كلما إنتفض باكياً في مسجد أبيه من فساد دولته وجهله بذلك الفساد أو كون لجنة لمحاربة الفساد وهو يعلم أن أي بادرة منه لمقاومة الفساد ستكون سبباً للغدر به من قبل الذين غدروا بدين الله وآياته وغدروا بالوطن وسيجد نفسه في طائرة تنقله إلي (لاهاي) وتلجم المفاجاة لسانة ويفغر فاهه وعيونٌ خضر تتفرس فيه بعناية وهي تتساءل : (هل بقي من الرجل شيئاً ليحاكم؟؟)..
والآن هل بقي خطوات للرئيس في مشواره ليمشيها ؟؟ نعم خطوات أصلها المظالم وديات الدماء المسفوكة واموال نهبت في غير وجهها ووطناً عزيزاً كان إسمه السودان ضيع في لحظات من الضعف سمت فيه أرواح علي الوطن وقدمت مصالح شخصية ضيقة علي مصلحة الوطن وكبريائه ومضي منه شهداء وشرفاء كان كل ذنوبهم التي إرتكبوها أنهم جاءوا في زمانٍ أحبوا هذا الوطن ووضعوه فوق حدقات عيونهم في زمان سمت فيه (الأنا) فوق الوطن وترعرعت في جنباته الخيانة والنفاق والوهن .
وهل بقي من تاريخ الرئيس المثير للجدل أياماً سوداء لم يرها ؟؟ نعم ..نهاية ماسوية وليالٍ حالكة السواد فمن أزيحوا من المشهد السياسي لن يسكتهم ذلك الإقصاء والجبهة الثورية لن تتوقف حروبها ضد النظام وثالثة الأثافي أن المشير السيسي بعد وصوله إلي سدة الرئاسة في مصر لن يسكت علي دولة إخوانية (إرهابية)في جنوب الوادي بعد إعتبار تنظيم الإخوان تنظيماً إرهابياً ورصد المخابرات المصرية للنشاط الذي قامت به حكومة الإخوان في الخرطوم لمحاولة تقويض نظام الدولة المصرية طيلة الفترة الإنتقالية ..وفوق ذلك كله شعباً يتربص سانحة للإنقضاض علي ما تبقي من دولة الإخوان وليس في قاموسه عبارة فحواها : (عفا الله عما سلف) …(والله غالب علي امره ولكن أكثر الناس لا يعلمون) ..ولن يعلموا حتي يأتيهم أمر الله بغتة وهم ينظرون.

عمر موسي عمر – المحامي
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. إنها خيانة النخبة المثقفة ، التي تتذاكى على العوام ، فجلالة الأستاذ المحامي لم يتحدث عن دولة القانون و الموسسات بل يعول على فرد يتربع على دفة القيادة ربع قرن من الزمان !!! فكيف لا تأتيه البلايا و الخطوب من كل فج !! إن قدرات الرجل لن تمكنه من إدارة كتيبته دون أن يتلقى التعليمات من قائده الأعلى فلو كان ضابطا يتسم بالضبط و الربط لما حنث بقسم الجندية و أتي بليل و تآمر مع الإخوان لقلب نظام الحكم و سفك الدماء !!
    رجاءاً من لم يقوى على قول الحق لا يبرر للباطل .

  2. شايف الكاتب المحامي ارتكز الي 8 نقاط في مسيرة الرئيس وهي:
    1 – بطل القوات المسلحة محرر ميوم من التمرد ومخلص الخرطوم من الحكومة الفاسدة
    2 – الرئيس الانقلابي الذي بتظاهر بردع اسرته من التكسب من موقعه الجديد
    3 -ادراكه لدوره الحقيقي بعد التوقيع باثر رجعي علي قرار تصفية شهداء رمضان
    4 -اتفاقية نيفاشا والانفصال
    5 – حروب دارفور ولاهاي
    6 – الفساد الذي استشري في البلاد
    7 – الجبهة الثوريةوالشعب المتربص للانتقام
    8 – تربص السيسي رئيس مصر القادم
    ثم يبشرنا الاستاذ المحامي بايام سوداء حالكة السواد..كنت اتمني ان يرشدنا الي كيفية تفادي تلك النهاية الماساوية لنا وللسيد الرئيس اذا كان في مقدوره ذلك ولا يكلف الله نفسا الا وسعها

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..