من السودان إلى الإخوان ..!ا

من السودان إلى الإخوان ..!

منى أبو زيد
[email protected]

كان يوليوس قيصر جالساً في كامل أناقته الملكية بين وزرائه وخاصته، وهو يحمل ابنه الرضيع في حجره .. تبول الرضيع على ثيابه، فارتعب القوم .. لكنه خاطبهم ضاحكاً (دعوه يفعل ما يشاء، فأنا أحكم العالم، وأمه تحكمني، وهو يحكم أمه) ..!
ومثل رضيع القيصر، يبدو أن نسبية الأحداث المحلية لا تتحكم بأولويات التناول الإعلامي فحسب، بل تؤثر في قرارات المجتمع الدولي، وبالتالي فإن نسبية الإرادة الشعبية هي التي تحكم العالم، لأنها ما تزال فاعلة، بل مؤثرة بقرارات ? الأباطرة! – الذين يتحكمون فيه ..!
عندما كان الإعلام العالمي وبالتالي الاهتمام الدولي لا يجد حدثاً أكبر من الاستفتاء على انفصال جنوب السودان، كنا نصعد ونتدحرج مثل صخرة سيزيف بين عصي أوباما وجزرات وزيرته كلينتون، إلى أن ثار الشعب في تونس فتناست أمريكا حكاية السودان قليلاً .. ثم ما أن حركت رأسها باتجاهنا – من جديد – حتى أدارته أحداث ثورة الشباب في مصر دورة كاملة، وإلى اجل غير مسمى ..!
ضاع صوت نتيجة الاستفتاء على جنوب السودان بين صرخات ومطالب الثوار، وتحولت لعبة الجزرات والعصي من السودان إلى مصر، وهاهو اليوم فراغ القرارات ? العريض – يتقعر بوجود المادة الإعلامية (دعوة أمريكا إلى تسليم وتسلم سلمي للسلطة في مصر!) .. ثم هاهي خطوط المواقف المستقيمة تتشوه بوجود الكتلة الضاغطة (سماح أمريكا بمشاركة الإخوان المسلمين في عملية انتقال السلطة في مصر، فاعتراف نظام مبارك بشرعية التنظيم بعد سنوات من الحظر والتنكيل) ..!
جماعة الإخوان المسلمين في مصر المؤمنة بأهل الله، هي ? اليوم – (زمكان) النظرية الخاصة بنسبية الحدث الدولي/الإعلامي، بعد أن أقرت أمريكا بأن الجماعة واقع حقيقي يستحيل تجاهله .. (الإخوان والسلطة .. علاقتهم بإيران .. علاقتهم بأمريكا) هذا ما سيشغل إعلام العالم عن إخوان السودان، في الأيام القادمات ..!
نسبية الـ (زمكان) في مصر أسالت لعاب إيران، فتجاهل خامنئي في خطبته الأخيرة بعض الوقائع التاريخية عندما تحدث عن فضل الثورة الإسلامية في إيران على الثورة الشعبية في مصر، بينما تؤكد أضابير محكمة على عظيم أثر جماعة الإخوان المسلمين في بعث روح الثورة الإسلامية في طهران (علاقة سيد قطب بمجتبى نواب صفوي، مثالاً) ..!
أما النظرة الأمريكية إلى الجماعات الإسلامية والتي ما تزال ضبابية ومشحونة بالحذر والريبة – بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر – فهي لا تنفي، أبداً، تلك القناعة الأمريكية الراسخة بأهمية – بل ضرورة! – التحاور مع الإسلاميين .. فهي لا تخشى وصولهم إلى السلطة ? كما أكدت رايس يوماً ? باعتبار أن حلول الإسلاميين في مقاعد الأنظمة القمعية التي تسببت بنشوء وتفاقم الإرهاب قد يكون خياراً أفضل من استمرارية تلك الأنظمة ..!
ثم أن الإخوان ? أنفسهم – لا يجدون حرجاً في توثيق العرى مع أمريكا (يدلل على ذلك تاريخ بعثاتهم الدبلوماسية مع قنوات الخارجية الأمريكية!) فالميكافيلية السياسية تحلل التحالف مع الأبالسة بغية للوصول إلى كراسي الحكم ..!
ولن يعدم فقه ضرورات ومصالح الجماعة ? لن يعدم أبداً!- إصدار فتوى تحلل مثل هذا السلوك البراغماتي (الاجتماع مع مع كفار وزنادقة المجتمع الدولي على كلمة سواء!) .. فهل من مُذَّكِرْ ..؟!

منى أبو زيد
[email protected]

تعليق واحد

  1. باعتبار أن حلول الإسلاميين في مقاعد الأنظمة القمعية التي تسببت بنشوء وتفاقم الإرهاب قد يكون خياراً أفضل من استمرارية تلك الأنظمة ..!
    ادا كان اللانظمة الاسلامية البديلة كنظام الانقاد القدر الفاسد على الاسلام السلام عندما يكون الاسلام دريعة لوصول لغاية كلها نهب وسرقة وافقار للشعب وسلب باسم التمكين فلا والف لا على امريكا ان تكون لديها خيارات اخرى

  2. يا منى ابوزيد. شكراً جزيلا.
    نعم تلك الجماعة التى تتدثر بثوب الاسلام لاغراض اجرامية هى التى تخدم الان الاجندة الامريكية واليهودية بتمزيق السودان الى دولتين وهي التى فرقت شعب السودان وايقظت فتن العصبيات والجهويات والقبلية المقيته التى نهى عن الاسلام. وقفزت بالسودان الى صدارة الدول الفاشلة فى العالم. حسبنا الله ونعم الوكيل.

    وانا كنت اتعجب كيف ان النظام المصري كان يضرب الاخوان المسلمين والجماعات الاسلامية المتطرفة بغير رحمة وبعد ما عملوه فى السودان منذ استيلائهم على السودان باسم الانقاذ عرفت السبب.

    انهم اناس يتسترون بالدين ولا يملكون خططا ولا يستطيعون ادارة دولة حديثة كما ثبت الان فى السودان.
    نسأل الله ان يكفينا شر مدعى الاسلام والاسلام منهم براء.

  3. بنفس الفهم لايجد الأمريكان ( غضاضة ) فى الجلوس مع ( كفار وزنادقة المجتمع الدولى ) الذين هم بالطبع ( بنظرهم ) على الأقل ( تنظيم الأخوان المسلمين الرهيب ) السودانى ! وبنفس النظرة الميكافيلية ( الغاية تبرر الوسيلة ) فلقد جلسوا مع ( طالبان ) وجلسوا مع ( التنظيم ) الأسلامى نفسه الحاكم فى السودان وهاهو ( أثر ) كرتى لازال حاراً بعد ( الحجة ) إلى واشطن وأستجداء شطب السودان من ( القائمة ) ولامانع من بعض المساعدات ! ولكن نسيت أيضاً أن تقولى لنا هل كان إنقلاب ( التنظيم ) فى 30 يونيو 1989 وإستلابه السلطة هل كانت تحكم البلاد ذاك الوقت ( حكومة قمعية ) وهل كان الفساد متفشياً أم كان الأقتصاد منهاراً ! .. تنظيم الأخوان المسلمين الرهيب فى السودان , كان دائماً حقيقة واقعة لامفر منها ولأننا كنا نتجاهلهم ماتوقعنا أن تكون ( أجندتهم ) بهذه القسوة وفكرتهم عن ( الأسلام ) بهذه البشاعة !

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..