العواقب الكابوسية للطغيان !عن الفيلم اليوناني Dogtooth

العواقب الكابوسية للطغيان ! الفيلم اليوناني Dogtooth
ترجمة لمقال كتبته نشرته في مدونة يامصطفي التي تهتم بالسينما و الأدب و بالراط أدناه تجدون النسخة النكليزية للمقال
[url]http://yamustafaya.blogspot.ca/2014/06/mca-nightmarish-outcomes-of-tyranny.html[/url] المقال:
يصور الفيلم حياة أُسرة مكوّنة من أم، أب، بنتان و ولد يعيشون في بيت كبير يشبه قصراً مزود بمسبح و حديقة كبيرة و مسور بحائط عالٍ. تمكن الوالدان من احتجاز و حبس اولادهم بالبيت منذ الميلاد حتي ما بعد المراهقة و بداية النضج و ليحتفظوا بهم بداخل البيت اختلقا عالما شديد الغرابة.
الفيلم اليوناني Dogtooth دراما عن أثر الاستبداد و نتائجه في نفسية الانسان و سلوكه. لقدكانت إعادة صياغة المواطن السوداني واحدة من الأهداف الرئيسية لبرنامج الحكم الاسلامي المعلنة بالسودان منذ 30 يونيو 1989 و إلي اليوم و نفس العملية تتم في الخليج العربي منذ زمان و لقد تسبب ذلك في صوغ انسان تتدرج ملامحه النفسية من حالة الخضوع الكامل إلي حالة الرفض السلبي لعمليات إعادة الصياغة.
في الفيلم لقد تم تزييف معاني بعض الكلمات و أعطيت المفردات دلالات أخري فمثلاً كلمة zombie التي تعني العائد بعد الموت في الفيلم تعني زهرة صغيرة صفراء. و كلمة تلفون تعني مِلْح و كلمة فرْج (عضو الانثي التناسلي الخارجي) تعني مصباح كهربي، السماء اسمه الكرسي و يعتقد الاولاد أن القطة حيوان كاسر و خطير . تعلم الأبناء تلك الكلمات من والديهم و اقتنعوا بها تماماً. حالة تزييف معاني الكلمات و اعطائها دلالات أخري قد تمت ممارستها في السودان خلال فترة حكم الإسلاميين يونيو1989 إلي اليوم فخلال الحرب الأهلية بالجنوب منذ 1989 و إلي اليوم سمي الاعلام التابع للنظام عمليات القتل العشوائي و الإبادات الجماعية و حالات الاغتصاب ضد الجنوبيين و غيرهم التي مارسها الجيش السوداني تحت إمرتهم إلي جانب مليشيات الإسلاميين سماها الاعلام التابع جهاداً. “الجهاد” تاريخيا هو الاسم الذي أطلقه المؤرخون المسلمون علي الحروب التي خاضها النبي (ص) مع اتباعه من أجل بناء دولته الخاصة فيما يعرف الآن بالمملكة العربية السعودية . و مثال آخر علي التزييف و التضليل الذي مارسه الإسلاميون بتزييف معاني الكلمات إطلاق عبارة “عرس الشهيد” التي استخدمت لوصف أيام العزاء التي يحتاجها ذوي ضحايا حروب نظامهم من الشماليين المسلمين و لقد قصد الاسلاميون أن ضحايا تلك الحروب من عناصر مليشياتهم و عناصر الجيش السوداني حينها لم يموتوا في الحرب أنما تم زفافهم للزواج من بنات الحور بالجنة. و مثال آخر علي تزييف الإسلاميين لمعاني الكلمات لفظة “فَضْلُ ظَهْرٍ” التي اطلقها الإسلاميون علي ركوب الواحد سيارة غيره بموافقة الأخير ليصل إلي المكان الذي يستهدفه (hitchhiking ) و كانت فكرة ” فَضْلُ الظَهْر” تلك هي البرنامج الحكومي لحل مشكلة المواصلات الطاحنة خلال أول التسعينات.
من يعيشون تحت رحمة النظم الاستبدادية يتم تخويفهم و إرعابهم بالقتل، التعذيب و الطرد من العمل جراء نشاطهم كمعارضين للنظام المستبد القائم. هذا التخويف ليس سطحيا و لا يشتغل فقط علي مستوي الوعي بل يتم إجتياف هذا الخوف استيعابه بمقادير و علي مرّ فترة طويلة لدرجة أن ضحاياه لا يحسون به و هو يلتبس ارواحهم و يغيّرها. يشتغل هذا التشويه عميقا في نفسية ضحية التخوييف و الارهاب المنظم ليغير نفسية ضحيته و يتحكم في سلوكها بنهاية المطاف و تطلق عملية التخويف هذه و ما يستتبعها من أجتياف و إستيعاب عقال التدابير الدفاعية و الهادفة لحماية الذات و كمثال علي ذلك عمليات التماهي مع المتسلط و تقليد سلوكه و مظهره و لغته من أجل الدفاع عن الذات و حمايتها أمام غلواء المتسلط المرعب هذا. ” لاحظ اسراف السودانيين في هذا الزمن في إظهار التدين و إطلاق اللحي و استخدام لغة الاسلاميين مثل عبارات؛ لعله، نحسب أنها، نحتسبه عند الله، جمعة مباركة،” كلها أمثلة علي عمليات التماهي مع المتسلط و تقليده للدفاع عن الذات. في دول الخليج علي سبيل المثال لا تلزم الدولة مواطنيها بلباس نوع محدد من الثياب لكنك تلاحظ أن سكان الدول الخليجية يجهدون أنفسهم بلباس أزياء تشبه ملابس ملوكهم و أمرائهم و تجهد النساء أنفسهن بلباس العِبِي تشبها بنساء العائلات المالكة. السودانيون يمارسون مظاهر التدين الزائف و الخليجيون يلبسون تلك الأزياء لنفي شبهة الإنضواء في صفوف المعارضة للنظام التي تعني الفصل من العمل، التعذيب و ربما القتل.
في الفيلم تمّ تخويف الابناء الذين لا اسماء !! لهم بقطة اسطورية ستمزق جلودهم و تجعلهم ينزفون حتي الموت و ستقتلهم كما فعلت مع بأخيهم الذي مات ممزق الجلد و نازفا بسبب القطة الاسطورية قبل يروه. لقد استخدم ابواهم هذه القطة لزجرهم عن مغادرة البيت و إجبارهم علي البقاء خلف السور و بداخل البيت نتيجة لخوفهم من الخروج.
يحلّ الخوف مكان الإحترام في نفسية الانسان من ضحايا النظم الاستبدادية فعلي سبيل المثال لا يحترم المقهور قوانين المرور و ليس عنده اعتراف حقيقي بحق الآخرين في التمتع بالطريق في جو آمن بل في الحقيقة يتبع المقهور القوانين خوفا من المصائر التي ستعقب مخالفته للقوانين.
تتسبب انظمة الإستبداد في خلق انسان مُفْرَغٍ من الأخلاق و القيم و محتشد بالخوف الذي يمثل المحرك الخفي و المسكوت عنه لسلوكه و تصرفاتهم الشوهاء.
لقد تم استخدام الجنس في فيلم dogtooth كعنصر من عناصر السيطرة التي يستخدمها المستبد (الأبوين في الفيلم) ضد المقهورين الأبناء في الفيلم) ، الجنس كممارسة لا معني لها عند البنتان و الولد و لا يعرفون عنه شيئاً و هذا الاستخدام لفكرة انعدام الجنس تشبه فكرة التحريم التي تستخدمها السلطة باستغلالها للدين من أجل إخضاع المقهورين و توصيل رسالة قهر محددة و شخصية لكل مواطن و كل ذلك من أجل مصلحة الطبقات المتسلطة و النافذة. فكرة التحريم مفادها ” يا هذا نستطيع أن نصل حتي فراشك و طاولة طعامك فازدجر!”
[email][email protected][/email]
من اجمل المقالات التى قرأتها للك التحية استاذ طه جعفر
تحليل جميل على خلفية الفيلم. أماالتزييف الحادث للمجتمع السودانى قد طال كافة المفاهيم الأخلاقية واللغوية والأنسانية حتى صرنا مضربآ للأمثال.فنحن نحكم حتى على الأجنة فى الأرحام بالسجن وما بعد ميلادهم باليتم واأن بلغو الحلم سوف نشنقهم بتهمة الردة ..من مثلنا فى ظل هذا الحكم الدموى فأننا بعد 25 عامآ أخرى ستنبت لنا ذيول ومخالب وأنياب ليست كالقطط بل أبشع!!
تحليل عميق عميق عميق – محتاج لتركيز ومقارنة – بارك الله فيك ياطه كاتب وناقد لا يشق له غبار – نتمني ان نراك يوم ما في السودان الجديد اذا كان في العمر بقية