أخبار السودان

ليبيا: إعلان الهدنة في سبها والجنوب منطقة عسكرية.. والجيش يهدد باستخدام القوة لمنع خرقها

استغل الدكتور عبد الرحيم الكيب، رئيس الوزراء الليبي، زيارته الأولى من نوعها إلى مدينة سبها، في جنوب ليبيا، لوضع خطة تنموية عاجلة للنهوض بالمنطقة، وإزالة الترسبات العرقية فيها، لكنه حذر في نفس الوقت من محاولات بعض الأطراف الخارجية التي لم يسمها، التدخل في شؤون ليبيا الداخلية بهدف تقويض الاستقرار وزعزعة الأمن.

وجاءت تحذيرات الكيب لتعكس القلق المتعاظم في صفوف المجلس الانتقالي الليبي وحكومته المؤقتة، من الوضع الراهن في جنوب ليبيا على الرغم من الإعلان عن وقف إطلاق النار في مدينة سبها بين قبيلة التبو والقبائل العربية، بعد اشتباكات دامية أسفرت عن مصرع 147 قتيلا، وإصابة 395 جريحا.

وطالب الكيب أبناء قبائل التبو بالتعاون مع مؤسسات الدولة في الحفاظ على الأمن والآمان، والمساهمة في تفعيل الأجهزة الأمنية والجيش الوطني، لافتا إلى أن اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق التي شُكلت للتحقيق في الأحداث التي شهدتها سبها مؤخرا ستحدد من كان وراء الاختراقات التي حدثت، وسبب الفتنة. وخاطب الكيب أعيان وقادة التبو في المدينة قائلا: «نحن نعرفكم ونعرف تاريخكم ولن يزايد عليكم أحد كونكم مواطنين حقيقيين في هذا الوطن وساهمتم مساهمة فاعلة في ثورة 17 فبراير والإطاحة بالنظام السابق»، معتبرا أن من حق قبائل التبو العيش في ربوع هذا الوطن وأن يتنقلوا فيه وينعموا بخيراته وألا يكونوا غرباء فيه. وشدد الكيب على أن ولاء الليبيين يجب أن يكون للوطن أولا وقبل أي ولاءات أخرى كالقبيلة أو العشيرة أو المنطقة، مطالبا أبناء التبو بالوقوف وقفة جادة إلى جانب بقية إخوانهم الليبيين للمشاركة في بناء ليبيا الجديدة، والاندماج في المجتمع الليبي.

وأعرب رئيس الوزراء الليبي المؤقت عن تفاؤله باتفاق الصلح الذي تم في المدينة، داعيا إلى التزام كل الأطراف بتنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه بواسطة الحكماء والأعيان من كل أنحاء ليبيا.

وقال الكيب في تصريح نقلته وكالة الأنباء الليبية: «لقد وجدنا استعدادا تاما من كل الأطراف بتنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه، وأغتنم هذه المناسبة لأُهنئ إخوتي في الجنوب لاتفاقهم على الصلح، الذي يؤكد اللحمة الوطنية بين أبناء الوطن الواحد». وبحسب ما أعلنه الدكتور خليفة الشاوش، رئيس اللجنة العليا لحصر وتقييم الأضرار بمدينة سرت، فإن اللجنة حصرت 8000 مسكن متضرر بالمدينة جراء الحرب ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي. وكانت لجنة إدارة الأزمة في مدينة سبها ناقشت في اجتماعها، أمس، كيفية تأمين وتقديم الخدمات الإغاثية والمساعدات الإنسانية للأسر النازحة نتيجة الاشتباكات الأخيرة. وقال خلال لقائه مع الدكتور الكيب: «نعلن عن انضمام كل تشكيلات الثوار بكامل معداتها وآلياتها وصنوفها إلى مظلة الجيش الوطني الحر». وكان المستشار مصطفى محمد عبد الجليل، رئيس المجلس الانتقالي الليبي، قد أعلن أن منطقة جنوب ليبيا باتت رسميا منطقة عسكرية بعدما تم تعيين حاكم عسكري لها، فيما أوضح الكيب أن القيادة العسكرية والقوات المسلحة في الجنوب لن تتبع أي مدينة أو أي تشكيل للثوار، لافتا إلى أن تبعيتها ستكون فقط لرئاسة الحكومة متمثلة في رئاسة الأركان.

وفي محاولة لامتصاص غضب الرأي المحلى عن البطء الحكومي في التعامل مع المواجهات الدامية التي شهدتها مدينة سبها، أعلن الكيب عن تشكيل لجنة مستقلة لتقصى الحقائق حول ما جرى في المدينة، وقال: «لا بد أن يكون هناك أفراد مسؤولون عما حدث، إن التحقيقات سوف تؤكد ذلك أو تنفيه، ولكننا سنتابع هذا الأمر بكل جدية».

وشدد على أن ليبيا لن تسمح لأي كان بالتدخل في شؤونها الداخلية، وقال: «إن الليبيين قادرون على حل مشكلاتهم بأنفسهم ومواجهة التحديات في هذه المرحلة معا».

من جهته، هدد اللواء الركن يوسف المنقوش، رئيس أركان الجيش الليبي، باستخدام القوة ضد أي طرف من أطراف الخصومة في حالة خرقه لاتفاق وقف إطلاق النار أو الاعتداء على الآخر.

وكانت الحكومة الليبية قد أعلنت عن وقف لإطلاق النار وهدنة، بعد قتال دام أسبوعا بين قبائل متناحرة في جنوب ليبيا، حيث دارت الاشتباكات في مدينة سبها، وهي عبارة عن واحة في الصحراء بين أعضاء من جماعة التبو العرقية التي تعود أصول الكثير منهم إلى تشاد المجاورة وميليشيات محلية من سبها. ويسلط القتال الضوء على ضعف سيطرة الحكومة على ليبيا بعد أكثر من ستة أشهر من الثورة التي أنهت حكم القذافي، وأيضا حالة الاضطرابات في بلد توجد فيه الأسلحة بوفرة من مخلفات الثورة.

إلى ذلك، عبر المستشار مصطفى عبد الجليل، مجددا عن تقديره العالي للموقف المؤيد الذي اتخذه الكونغرس الأميركي دعما لقرار الحكومة الأميركية حيال ثورة 17 فبراير (شباط) من العام الماضي ضد نظام العقيد القذافي، مشيرا إلى أن هذا الموقف كان له الأثر الكبير في تحفيز دول أخرى لاتخاذ موقف مؤيد للثورة الليبية.

إلى ذلك، فجر يوسف الحطماني، أحد الثوار المسلحين الذي لعب دورا بارزا في إلقاء القبض على سيف الإسلام، النجل الثاني للعقيد القذافي في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بنشر شكوى شخصية على عدة صفحات ليبية على موقع «فيس بوك» تبرم فيها من تعرضه للتهديد بالقتل، وتجاهل السلطات الليبية له وعدم مكافأته على ما قام به. وقال الحطماني، وفقا لما نسب له: «أرجو من الدولة أن تلتفت إلي صراحة، فحياتي أصبحت صعبة جدا، أنا قدمت سيف للدولة، وضحيت بحياتي وأسرتي من أجل الشعب الليبي، ومن أجل وقف الدماء وحرية ليبيا ولم يعد بإمكاني وأسرتي العيش في أقاصي الجنوب نتيجة التهديدات التي نتعرض لها».

الشرق الاوسط

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..