السودان ومطلوبات ثورات الربيع العربي وحقبة السيسي…!!!!

لقد كانت ثورات الربيع العربي حراكا شعبيا طبيعيا إستجابة ذاتية لنداءآت ضميرالأمة ووجدانها بعدما ظهر فساد الأنظمة العربية في البر والبحر بما إكتسبت أيدي الساسة وأحزابهم الشمولية التي لم تستطع المحافظة علي الإرادة الوطنية حرة وموحدة تدافع عن الوطن وإنسانه من عاديات الزمان وأسباب الفرقة والإنقسام، ولم تبذل جهداً في تحرير القرارات الوطنية من التبعية العمياء والإنكسار أمام ضغوط الإستعمار الحديث متمثلا في منظات أممية متعددة الجنسيات تجيد الكيل بمكيالين وشركات عابرة للقارات تقدم المصالح والمنافع علي المبادئ والاخلاق، وبفعل سياسات أنظمتنا الظالمة لأهلها أصبحنا نموج ونلوج في مؤخرة ركب الامم والشعوب المتحضرة ، نعاني من الجهل والفقر والمرض ، وغابت القيم السامية التي نؤمن بها في التكافل والتسامح والتناصر والتضامن عن مخيلتنا الثقافية والفكرية ، وضمُر تعاطينا مع موروثاتنا الإنسانية فأصبحنا في حالة جمود وقعود، فتبخرت شعارات التحرر الوطني وتلاشت أحلام الوحدة العربية التي أنشأنا لها منظمة دولية أسهمت سياساتها في تكريس أسباب القطيعة بين دولها وترسيخ مفهوم الإنكسار تحت مسمى التريس والرزانة والطاعة تحت عنوان المحافظة والرضوخ تحت عنوان الممانعة.
معظم الأنظمة العربية فشلت في توحيد جبهتها الداخلية فإنتهجت سياسة الكبت والإقصاء للقوى الوطنية الأخرى وإتهامها بالعمالة والإرتزاق، وقد إمتدّ أذاها لجيرانها من شعوب المنطقة تجاهلا لأواصر الإيخاء والتاريخ والثقافة والعروبة الإسلام والخ. فجاءت ثورات الربيع العربي لإعادة الإمور لنصابها والإمساك بأسباب القوة والنهوض وتحرير الإرادة الوطنية تحقيقا للندية والسوية في التعامل مع دول العالم ثم إنهاءاً لأسباب القطيعة المصنوعة بين بلدانها وتوحيد الإرادة في التعاون والتشاور والتناصح وإحترام حقوق إنسانها وكفالة حريته ورفاهيته.
ولعل ما حدث في بلدان الربيع من تعطيل لمسيرة الثورة بعد إنتصارها ومحاولة سرقتها والإلتفاف عليها أيئس البعض من إمكانية نجاح تجربة ديمقراطية حقيقية في أوطاننيا العربية وهؤلاء واهمون لان الديمقراطية تجربة إنسانية رفيعة تمتاز بالمرونة والقابلية للتطبيق والتكييف مع أي بيئة إنسانية تحل فيها وقد أثبتت نجاحها في بلدان أكثر جهلا وفقرا وتعددا إثنيا وعرقيا من بلداننا العربية، وقد شهدت المنطقة تحلفات جديدة إثر تعثر مسيرة ثورات الربيع العربي، فمصر التي خرج تيارها الوطني العلماني للشارع متحالفا مع المؤسسة العسكرية لإسقاط مرسي رمز الإسلام السياسي ها هي اليوم تحتفل برئيسها الجديد(السابع) المشير عبد الفتاح السيسي وهي تتجاهل تقديم دعوة الحضور بهذه الإحتفالية لبعض الدول التي ترى أنها في حلف غير حلفها مثل قطر وتونس وتركيا، فهل نحن مقبلون نحو حقبة جديدة من القطيعة العربية؟ وهل البون شاسع بين الإسلاميين والعلمانيين حتي نعجز عن قطعه وردم هوته؟ أم ما زال قرارنا في يد غيرنا؟ وماذا عن العلاقات السودانية المصرية في حقبة المشير السيسي؟
نعم نحن مقبلون نحو حقبة جديدة من القطيعة العربية والتوترات والجفا لان ثورات الربيع العربي جاءت بتيارات الإسلام السياسي للحكم، وهؤلاء نسبة لإتصالهم بالجماهير الكادحة ومخاطبتهم لها بإسم الإسلام نجحوا وفازوا ، ولكن النخب المثقفة من التيارات الاخرى ترى أنهم سيمارسون شمولية أسوأ من شمولية العسكر وسيكفرون الأخرين المخالفين لهم في الراى بإجتهادات إرتجالية تخالف مقاصد الشريعة الإسلامية السمحاء (نحن هنا لا نستطيع ان نقول إنها مجرد مخاوف لان ثمة شواهد كثيرة تدلل عليها)،ولكن يمكننا ردم الهوة بين الإسلاميين والعلمانيين وبقية التيارات بالتوافق علي الدولة المدنية دولة السوية في الحقوق والواجبات والحاكم فيها مراقب ومحاسب.
إذا نجحنا في توحيد جبهتنا الداخلية بالتوافق علي منظومة الحكم المدني المحمي بالقانون وإرادة الشعب يمكننا التقليل من تأثيرات قرارات الخارج علينا خصوصا تلك التي تغرس بيننا أسباب القطيعة والاحتراب كبلدان ضد بعضها البعض أوكشعوب ونخب ضد نفسها داخل أقطارها، ولعمري هذا عمل يحتاج لإرادة حرة وبصيرة نافذة ونفوس صافية، فليس أمامنا كشعوب عربية إلا العمل سويا حتي نستطيع إنجاح ثوراتنا في موجاتها القادمة، خصوصا في خلق علاقات حميمة ترعي الإخوة والجيرة والمصالح المشتركة بيننا، فلا توجد أسباب حقيقة للقطيعة بيننا سوى رهن قرارنا لخدمة الخارج كما هو واقع الان بين السودان وجارته الشمالية فدخول قوات مصرية لمثلث حلائب كان بإيعاذ من القوى المعادية للسودان حتي ينجرف في حرب شاملة مع مصر تعطل مسيرة التنمية وتأطر لاسباب القطيعة والجفا بين شعبي وادي النيل وحسنا في ذلك الزمن فوتت حكومة البشير الفرصة علي هذا الكيد وتعاملت بنعومة مع أمر الاحتلال، واليوم تبلغ حالة العداوة لبلادنا من قبل المصريين زروتها بسبب التحالفات الجديدة في المنطقة وتصنيف السودان تحت قائمة دول جماعات الاسلام السياسي ، فهل يسير المشير السيسي في جانب التصعيد أم ينظر الي السودان نظرة غير ما يطفح في إعلامه؟ لا أرى سببا وجيها لعداوة مصر وإعلامها وبعض أعلامها لنا سوى الإرتهان للخارج ،فإذا توحدت إرادتنا الوطنية لطي ملف هذه الخصومة لصالح علاقات طبيعية وطيبة يمكننا أن نفعل ذلك ولكن بعد التعامل بندية و إجبار المصريين علي مراعاة مصالحنا عندهم مثلما اننا نراعي مصالحهم ،فالسودان لا يمكن ان يلعب وسيطا في قضية المياه وهو أصيلا فيها بيد انه تاريخيا قد ظلم في قسمتها كما لا يمكننا أن نتحدث عن علاقات طيبة في ظل إحتلال مثلث حلايب ورعاية المصريين للنشاط الدولي المعادي لبلادنا، إن أزلية العلاقة والتاريخ المشترك والعروبة والإسلام كلها اصبحت هباء في ميزان الأنظمة العميلة لذلك لا بد من إتباع سياسة الترغيب والترهيب في معالجة ملف العلاقت السودانية المصرية أي تغليب المصالح والمنافع علي كل ذلك.
فلنفتح صفحة جديدة في مسيرة العلاقات السودانية المصرية نراعي فيها حقوق شعبنا في التعامل بندية مع الدولة المصرية ، وكل دول العالم لكن قبل ذلك علينا بتوحيد جبهتنا الداخلية والإمساك بأسباب القوة والنهوض لتحقيق مطلوبات ثورات الربيع العربي (في الحرية والكرامة وتحرير القرار الوطني) والتي مضت منها موجة وغدا موجة جديدة والغلبة لإرادة الشعوب الحرة والجماهير الكادحة ولانامت أعين الجبناء.
أحمد بطران عبد القادر
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الرئيس المصري القادم عبد الفتاح السيسي ينفذ في مخطط تقسيم السودان ذات الدور الذي كان يلعبه الغزافي في الفترة الماضية شد الاطراف وإضعاف المركز ليقوم بتنازلات مزلة تكون ثمرتها النهائية لصالح التقسيم وللأسف الشديد حكومتنا تعلم ذلك ولكنها تلتزم الصمت ولا أدري لماذا والشعب السوداني عن بكرة أبيه من كان منهم مع النظام أومعارضا له يري صلف المصريين وقباحة جيرتهم معنا وتعديهم علي أرضنا واليوم المصريون توغلوا جنوبا وأحتلوا قرى في وادي حلفا وسيواصلون سيرهم إن لم نقف ضدهم وقفة رجل واحد لكن أني لنا ذلك والنظام مهتم بكنز الثروات وممارسة سياسة الانبطاح والانكسار التي ما عرفتها السياسة السودانية من قبل….لكن مهما كادوا فإن إرادتنا الوطنية ستقهر المستحيل وتطوعه أولاً لاسقاط نظام الجبن والخور! ثم كسر شوكة المصريين ومن يقف معهم مثل حكومة الجنوب والتي لو إتخنا ضدها إجراءآت عقابية لما بقي رئيسها في كرسيه ساعة ولكن لا حياة لمن تنادي!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..