“مريم” المتهمة بالردة وانحطاط المجمع الصوفي العام

في وقت ينشغل فيه العالم بصدور القرار المخزي في حق الطبيبة مريم والاستفهامات التى يضعها حول ما آل اليه حال التشريع والقضاء في السودان, تحدث كثير من علماء افاضل داخل وخارج السودان حديثا ضافيا شافيا معتمدين علي ايات بينات محكمات منها قول الله عز وجل “لا اكراه في الدين” وايات اخر, وقرر جميعهم ان من يقول بردة مريم لا يعتمد علي شي سوي حديث واحد لا يصمد امام عشرات الايات وان رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم لم يقتل مرتدا وانه ترك رجلا قد تخلي عن الاسلام وانه لم يقاتل احد ليقول لا اله الا الله كما يزعم البعض في الحديث “أمرت ان اقاتل الناس حتي يقولوا لا اله الا الله” وحاشا ان يفعل والدليل على ذلك فتح مكة حيث قال اذهبوا فانتم الطلقاء أو حديث اخر لا يقبل صعلوك او قاطع طريق ان يقال فيه وهو الحديث “جعل رزقي تحت رمحي” وغيرها من اكاذيب اشد ما تكون تشويها وقدحا في عظمة الحبيب صلوات الله عليه مما ذهب اليه سفهاء النصاري في رسومهم الكرتونية.
إن كان هدي نبينا صلي الله علية وسلم وقرآننا ان لا اكراه في الدين فكيف يكون الاكراه علي فروع الدين؟ وقديما استدرك الصحابة رضي الله عنهم على بعضهم واعترضوا على احكام بعضهم ولكل عظمة قدرة واجتهاده ومساهماته وسيري الله عملمهم ورسوله والمؤمنون.
توقع كثير من الناس ان تكون للصوفية كلمة. لاسيما وقد كان للصوفية دور في نشر الاسلام يشهد به العالم. ولكن للاسف الشديد لم ينطق احد من المجمع الصوفي العام ببنت شفه. بل على العكس يطالعنا نفر منهم كل صباح بقضايا هامشية ويفتعلون معارك في غير معترك، وكأن وراءهم ايد خفية توظفهم في صرف الراي العام عن قضايا جوهرية, وهذه الايام كثر تداول صبيتهم علي الصحف المقرؤة وعلي الاسافير حديثا عن التشيع فصوروه كانه بعبع يخيف العامة, وكأن التشيع اولى قضايا امتنا وأهمها.
لعمري انها لمن اخطر الظواهر تلك التي تحدث في بلادنا: صبية مغرر بهم يفتقرون الي الحكمة والمنطق والخبرة يصدرون البيانات يمنة ويسرة ويتكلمون فيما لا ينفع الناس ليفتو به في عضد الدين ويشغلو به العامه مضيقين رحمة ربي التي وسعت كل شي, فحبينا المصطفي يفرش رداء حلمه وعطفه ولطفه لتشمل الرحمة الناس جميعا حتي يقول له ربه “لعلك باخع نفسك…..”.
ويطالعنا صبية المجمع الصوفي العام بهذيل المنطق وهش الحجة وفي قضايا انصرافية ويتركون ماهو اعظم, فما سمع لهم يوما صوت في وجه مايجري من فساد وظلم. وللاسف هؤلاء خلفوا اباءهم الذين كان لهم دور مشهود الا انهم ناموا على الميراث وماكان منهم من قال “هأنذا” وأخطر ما في الامر الاتباع الاعمي من قبل المريدين الذين يكنون لاسيادهم قداسة ربما ترقي الى درجة المحظور.
ذكرت في مقال سابق ماكتبه بروفسير حسن الفاتح عن الشيعة وعن مذهبهم وقصيدته في مدحهم المسماة سود القناع والتي يقول فيها ” مَذاهبكم علمنا قد تناءت عن الشحناء والشح المُطاع”
وتسائلت ان كان خليفته الذي ينتمي الى المجمع الصوفي العام يرى في تعامل والده مع الشيعة خروجا عن الدين او ما يقولون مذهب السنة والجماعة. جدير بالتامل موقف البروفسير حسن الفاتح رحمه الله من الشيعة وكونه قد مدحهم بقصيدة لا يعني ذلك انه تشيع وحتي لو انه تشيع لا يقدح هذا في صلاحه وفي اسهاماته.
ومن منسوبي المجمع الصوفي العام الذين كان يرجى منهم خيرا صلاح الدين الخنجر ومحمد الانور وآخرون ولكنهم اكثروا في الاونه الاخيرة كلامهم عن التشيع ولقد كنت متابعا لما يكتبون ومتعجب غاية العجب ماهذا الهراء وماهذا الخنوع والميوع والانصراف. تطاولوا على علماء كرام وائمة مجددين حتى اصدر فيهم المجلس الاعلي للتصوف بيانا استنكر فيه افعالهم المشينه هذه وفضح كذبهم وافتراءهم وادعاءهم ولسان حاله يقول ” إِنّ هَـَؤُلآءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنّهُمْ لَنَا لَغَآئِظُونَ “.
دعوة لتجديد الفكر ونبذ فكرة “هذا ما وجدنا عليه اباءنا” إن كان فيه ما يخالف ثوابت الدين الصحيح والفطرة السوية واحترام الانسان وكرامته فالخلق عيال الله.
ودعوة قوية جدا لاطلاق سراح مريم فورا بل وتعويضها عما لخق بها من اذى وترويع. ودعوة اخرى لكل من يؤمن بان الدين عند الله الاسلام وان الله قال على لسان النصارى “واشهد بأنا مسلمون” دعوة الى التفاتة بل اوبة الى هدي صاحب الخلق العظيم المبعوث رحمة للعالمين “ليس فقط للمسلمين”. فالشيعة مسلمون وإن كنا لا نؤيد كثيرا مما ذهبوا اليه من سب للصحابة رضوان الله عليهم, والسنة مسلمون وإن كنا لا نؤيد كثيرا مما ذهبوا اليه في خلافهم مع غيرهم. والنصارى مسلمون بنص الاية السابقة.
الأمة اكثر حاجة من ذي قبل الى صحوة وفهم صحيح للدين الحق الذي سنامه مكارم الاخلاق وطيب المعاملة. ايهما اولى بالبيانات والادانات الحكم على الطبيبة ام شغل صفحات الصحف بمثل قضية التشيع؟؟؟ ذات السمت لمن روجوا لقصة فتيات الواتساب وكثير مما لا ينفع الناس!
وهذا نداء للمسؤلين إن كان ما يعرف بالمجمع الصوفي العام كيان مصرح به ان تعيد الدولة النظر في حدود مسؤلياته والتثبت من جدوى دوره, وإن لم يكن كيانا مصرحا به فليوقفوا هذا العبث قبل ان تستشري ترهاتهم وينخر السم جسد مجتمعنا المسالم وينهار الامن والأمان.

وصلى الله وبارك على الحبيب المصطفى واله الطيبين الطاهرين وصحابته وعلينا اجمعين.
د. ادريس يوسف
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. لله درك يا بروف. والله هذا تماما ما يجول بخاطري من تساؤل!
    في حديثك كثير من المنطق والأدب أرجو ان يجد أذنا صاغية.
    بارك الله في جهدك المقدر.

  2. د. إدريس تحية واحترام؛ اتفق معك أن مؤسسة التدين الإسلامي تحتاج إلى إصلاح ومراجعة وتنقية (ولا أعنى هنا نصوص القرآن وإن كان فهمها وتفاسيرها التي أورثنا لها سلف محكوم بشروط زمانه تحتاج لإصلاح) أعني هنا المؤسسة التي تباشر التعليم الديني والدعوة والتشريع في الأحوال الخاصة والعامة، هذه مؤسسة مفارقة للواقع والمنطق والعصر ومفارقة حتى لمقاصد الدين الإسلامي الحنيف، واتفق معك في دعوتك للصوفية (التي دجنها كثرة التقرب من الحكام) فهذه الدعوات الإصلاحية يجب أن يقودها تيار وليس فرد أو أفراد يسهل محاصرتهم واستبعادهم فكريا وحتى عضويا – محمود محمد طه – علينا أن نغير ما بأنفسنا ألان وإى أجبرنا على الفبول قسراً بما لا نحب
    وشكرا لك هعلى هذا المقال الجريء المحدد في مقاصده

  3. والله حيرتونا يا شيوخ تايدوا مرة وتخالفوا مرات كثيرة لنفس الشيئ الواحد ولا تاتوا بمبررات مع العلم بان معرفة الدين بواسطة التعليم حتي الثاتوي غير كاف حتى يدخل الواحد في مجادلة حتى مع خريجو شروني او اي خلوة من بتوع البرعي او معهد القرش .
    مرة محمود محمد طه دجال ومرة مفكر و مرة الحرب في الجنوب جهاد ومرة لا لكن موضوع الشيعة دة حكاية من الصعب ان تقولوا لينا ديل مسلمين بس سبهم للصحابة دي حاجة بسيطة …
    ياهذا الم تسمع يوما بان هناك قناة فضائية اسمها ال البيت , الم تقراء يوما او تسمع بالاشياء التي لم تقبلها العقل السليم عنهم..
    حيرتونا في ديننا

  4. نشكرك كثيرا علي مقالك . وان كنت لم افهم بعضه . بعض الشيوخ اليوم يعبدون الطريق امام ابنائنا من اجل الخروج من الملة وليس العكس . يكفيهم اصوات الميكروفونات التي اصبحت مهدد حقيقي لاسلامنا . كل من هب ودب امسك بالمايك وقال ما يريد بدون اي رقابة . احيانا اتمني ان يصاب ابنائي بالصمم حت يبقوا علي اسلامهم . لان ما يقال يدفعهم للطريق العكسي .

  5. في زمن العجائب الاف الدكاترة مسميات على الفاضي لا علم ولا فهم …. دكتور قال؟؟ وانت واحد من رويبضات آخر الزمن الذين ذكرهم الرسول صلى الله عليه وسلم . انت وأمثالك من العلمانيين المرتدين الذين تنكرون السنن وتفسرون القرآن حسب اهوائكم قاتلكم الله جميعاً . حسبنا الله ونعم الوكيل.

  6. هو الدين مشكلته شنو عشان يتكلم فيه كل من هب ودب ؟ الحكاية شنو شابكنا الدين ..الدين ..الدين
    شايفين ليكم كفار قريش هنا ولا شنو ؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..