حمار الإنقاذ وتوابعها .. في عقبة الحوار ..!

مفهوم الحوار في الشأن السياسي عادة يكون بين أطراف لديها أجندة واضحة ورؤىً محددة أولها توفر النيات السليمة والإرادة الصادقة ، فتُبسط على الطاولة المستديرة ليفضي التحاور حولها الى حلول للشأن الوطني يحقق المصلحة العامة قبل مصالح الأطراف المتحاورة بالدرجة الأولى بل وتكون مسئؤلية تلك الأطراف هي التطبيق بدرجة متساوية لنتائج وقرارات ومرتكزات مرحلة ما بعد الحوار ، وهذا يعني في معضلتنا التي تراوح مكانها بين رؤى المعارضة التي تشترط توفير المداخل الواسعة للتحاور المتمثلة في حريات حقيقية وإبعاد القبضة الأمنية المتحكمة في مفاصل النظام ، بينما الحكومة تسعى الى تضييق حتى النفاجات الوهمية في ذلك الصدد على ضيقها ..إن هي وجدت !
ليس ذلك بالتأكد تأمينٌ أو مراهنة على قوة المعارضة التي من نتائج ضعفها أنها جعلت هذا النظام يستأسد بجسده الكرتوني الخادع ويتلاعب بإفتعال صدى زئيرة المبحوح الذي ظل مُجسداً من خلف جبال ضعف تلك المعارضة وخفوت أنين صوتها تحت وطأته فلم تستطع أن تتواصل أو تصل الى الشارع العريض المنتظر لمن يحركه تجاه النفخة التي تمزق ذلك البناء الورقي للنظام بكلياته و المثقوب في كل أطرافه ..!
حمار النظام لا يقوى على صعود عقبة الحوار حتى عند سفحها ناهيك عن قمتها ، لذا فهي كذبة قالها أهله المرتبكون ليصدقها الآخرون ويسرحون خلفها بينما هو يحاول ترتيب أثاثات بيته الداخلية المهترئة والمشتتة كسباً للمدة الزمنية التي تصله الى لعبة الإنتخابات قبل ان تستجمع المعارضة الهزيلة شيئاً من العافية فتصبح مزعجة لخطط ديمومته بالصندوق المزيف ولو بالطنين في أذن فيله العجوز والمريض !
الآن يحاول النظام دغدغة المشاعر الدينية بكذبة يرتب لها من جديد لينثرها فيما تبقى من نعمة السمع لدى شعبنا المسكين فيصور له أن الراغبين في الحوار أو المنسحبين أو الذين علقوه سيعودون لطاولته لأنهم يمثلون محور التكتل الإسلامي الداعي لحكم الشريعة المفتري عليها ، بينما المعسكر الآخر هو العلماني الذي يعارض الشريعة روحاً وحكماً ويسعى للنكوص بنا الى زمان الحانات وأزقة الرذيلة !
فيا شعب السودان المسلوب الإرادة ، لم تعد مشكلتنا فقط في عقيدتنا التي تلاعب بها الإسلاميون وشكلوا خطراً عليها أكثر من كل أعدائها و طعنوا بحرابهم المسمومة في كبد أخلاقيات مجتمعنا باسمها .. نعم فاللدين رب يحميه طالما خلصت النفوس حياله ، ولكن فقد سئمنا أهل الإسلام السياسي ومللنا كذبهم ..مثلما كرهنا المعارضة التي لانفهم لها وجهة ولا مبدءأ علمانياً كان أم غيره !
قضيتنا الآن كبيرة ومتعددة الأوجه تتمثل في ضياع وطن يتمزق بكل ما فيه من عقائد وإثنيات وتراب وشعب يتشرد و تاريخ يُمحى ومستقبل مظلم مع مراوحة بقية أرضه وأهله بين مطرقة الواقع الإنقاذي الثقيل و سندان القاناعات التي يحاول ترسيخها في آذهان السواد الأعظم فينا بعدم وجود البديل الأصلح والأمثل عنه !
البديل هو إنتفاضة الشارع والجيل القابع خلف حوائط الإحباط وثورتنا التي تقتلع هؤلاء الكذابين والمفسدين والحاقدين وكذا إجتثاث الديناصورات المتحجرين فوقنا عقوداً عجافاً من جذورهم ومسح أثاراهم من على وجه وجودنا و تؤمن بالتالي عودة الكفاءات المهمشة بالإقصاء داخلياً وهي لعمري تملاْ الآرض طولاً وعرضاً أو المحلقة في كل الأجواء البعيدة وهي الأخرى كثيفة تسد عين الشمس و من ثم نكلفها بتفويض شعبي حقيقي لإقامة حوار وطني في مرحلة مابعد الثورة..لاحوار الأطراف التي باعت ماضينا ودمرت حاضرنا وتسعي لشراء مستقبلنا باضاعة زمنه الذي هو ملك لأجيال الغد القادم معافىً بإذنه تعالى ..!
فليس من بين المتحاورين على ظهر حمارهم المريض والواقف عند عقبة الحاضر المزري هنا ..لا مرزوقي علماني و لا غنوشي إسلامي .. فالسودان الممزق الأوصال غير تونس المتماسكة الجسد ، ولا أظن إننا نحتمل إقدام سيسي سوداني متنطع أو مدعٍ للإصلاح من داخل المؤسسة العسكرية التي فقدت حيادها الوطني على كارثة غير مسنودة الظهر جماهيرياً على غرار التي حدثت في أرض الكنانة وقد قادها الشارع هناك ضد بوادر التمكين الإخواني إستقاءاً من درسنا المرير الذي لم نستوعبه مثل الآخرين ، ولسنا في حاجة لمغامرة خليفة حفتر متحمس ..لان السودان بمكوناته المتنافرة الحالية و الذي صدعت اركانه الإنقاذ لا يشبه مصر .. ولا يمكن أن يكون مثل ليبيا.. والمعنى ليس في قلب الشاعر صاحب الحكمة وحده ..
حينما قال ..
لعمرك ما ضاقت بلادٌ باهلها ..ولكن أحلامُ الرجال تضيق..!
محمد عبد الله برقاوي..
[email][email protected][/email]
بوركت استاذ برقاوي .. و عسي القوم يفيقون من سباتهم بعد أن وصلنا مرحلة نكون أو لا نكون .
المشكلة يا أستاذنا ليس في الحمارة المريضة التي تقود حوار الطرشان وإنما في النعجة البلهاء التي تتبع تلك الحمارة أينما أومأت لها