
تداعيات
امام مقهي وحلواني( كزبلانكا ) المقابل لمستشفي كادقلي والقريب جدا من بنك النيلين أستطاع ( كاوو )- حارس مرمي نادي الشبيبة- ان يخلق ضجة من الضحك كعادته دائما وهو يوزع روحه المرحة والممراح في تفاصيل المدينة ولكن في هذه الظهيرة يبدو الامر مختلفا بإختلاف الوسائل الكثيرة التي يختارها ( كاوو ) كمدخل لضجة كوميدية محتملة وهذه المرة كان فعلا مدخلا مختلفا ، دخل كاوو ) في هذه الظهيرة الملتهبة السوق الكبير و هو قادم من حي الملكية يقود دراجته بحركاته البهلوانية المعتادة رغم ان الشارع بدون مارة ، وصل كاوو ) دكان عبد المنعم الطيب الترزي وواحد من اجمل ظرفاء المدينة و احد اهم مراكز ( كاوو ) لتفجير ضجته الضاحكة ، تكل ( كاوو ) دراجته علي احد اعمدة برندة الدكان و قصد ان يستهدف بوضع الدراجة هكذا شلة من الشباب الجالسين علي الكراسي و بعضهم وقوف ، قبل ان يصل (كاوو ) ماكينة خياطة عبد المنعم , صرخ احد الشباب ضاحكا و بمتعة مشيرا الي دراجة ( كاوو ) وانفجر الشباب بالضحك علي التوالي وهو يتابعون إشارة الضاحك الاول الي الدراجة وكانت هذه الإشارة تتجه تحديدا الي لافتة صغيرة مثبتة علي سبت الدراجة الخلفي وكانت هناك جملة مكتوبة علي اللافتة هي سبب هذه الضحكات المتفجرة والتي يلمها كاوو بطرف من حكايات و حكايات مفجرا مزيدا من الضحكات وهكذا اشعل ( كاوو ) بلافتة دراجته تلك ظهيرة المدينة بالضحكات متجولا هنا وهناك و هاهو امامي الان و انا اجلس في الركن الذي افضله في مقهي وحلواني ( كزبلانكا) ، اراه امامي و قد تحلق حوله جمع من الناس وهو يحكي وما كان علي الضحكات إلا ان تتعالي الامر الذي اثار فضولي فتحركت و اقتربت من الحلقة , اقتربت اكثر لاقرأ الجملة المكتوبة علي اللافتة وبخط جميل اصفر علي ارضية سوداء وفرقعت ضحكتي لتختلط بضحكات اخريات ، كان مكتوبا علي اللافتة هذه الجملة
( اغلي من لاندروفر )
، تري ما الذي يضحك في هذه الجملة ( اغلي من لاندروفر ) ؟ ، كل ما في الامر ان ( كاوو ) بإختياره هذه الجملة كان مستندا علي حكاية تهامست بها المدينة حتي وصلت الي المحاكم وهي ان مصلحة النقل الميكانيكي قد لجنت عدد من العربات الحكومية و طرحتها للبيع ومن ضمن هذه العربات كان هنالك عربة لاندروفر بحالة سليمة حصل عليها احد اصحاب الحظوة الحكومية بمبلغ
تسعين جنيها
وبما ان دراجة ( كاوو ) ثمنها 100 جنية فهي اغلي من لاندروفروهكذا بينهذه المعادلة الحسابية يوزع ( كاوو ) حكاياته المختلقة و المحلقة حول حدث يستحق التعرية وقد كان المدخل الي تفجير الضحك حول الحدث يبدأ من رؤية وقراءة اللافتة ، عدت بضحكتي الي ركني المفضل في المقهي و لكني سرعان ما رجعت مرة اخري الي دراجة (كاوو) لانظر مرة اخري الي اللافتة المميزة بخط جميل لاقرأ تحت الكتابة توقيع الخطاط (عوض ك)
عوض ك) عرفته المدينة عبر اللافتات التجارية ، الكتابات علي اللواري و البصات ، دراجات المدينة كانت تتباهي بلافتات صغيرة تثبت علي السبت الخلفي للدراجة ، فيما بعد منتصف السبعينات حين تحولت مدينة كادقلي من مركز الي عاصمة محافظة ( جنوب كردفان ) كان (عوض ك) بلافتاته ذات الخط المميز علامة من علامات هذا التحول وقد كان نادر ما توضع لافتات علي المحلات التجارية ، دكاكين قليلة كانت عليها لافتات تحمل اسماء شركات مثل شيكان كولا ) واذكر لافتة موقع عليها باسم غريب هو( عيون كديس ) ـ ابناء مدينة (الابيض) يعرفون هذا الاسم – جاء الفنان الخطاط (عوض ك) الي كادقلي من ضمن اولئك الذين جاؤا اليها كموظفين و عمال مهرة من ضمن مشروع هذا التحول ، كان هو يعمل بمصلحة الاشغال و هذه المصلحة بالذات منحت كادقلي العديد من الشخصيات المؤثرة ، ظرفاء و لاعبي كرة و مدربين و مغنين وعازفين ، البعض منهم من ابناء المدينة و البعض جاء اليها من مدن اخري، كان يوقع علي اللافتات هكذا ( عوض ك ) فمنحه هذا التوقيع الاختلاف في مناداته ، البعض ينادونه ب ( عوض كاف ) و البعض الاخر ينادونه ب عوض ك) دون إضافة حرف الفاء والمقربين جدا من الاصدقاء يكتفون بمناداته ب ( ك .
منح ( عوض ك ) روحه المرحة الجذابة العذبة للمدينة ، تراه يتجول بدراجته في السوق الكبير و تتبعه صيحات الترحاب التي عادة ما يقابلها بود عميق عبر تلويحات يده اليسري ، كان (عوض ك) عادة ما يستخدم يده اليسري ، احيانا يلوح بكلتا يديه متحكما في توازن الدراجة ، كان ضجة من المرح و كرنفالا من البشاشة ، يترك دائما اثره علي الاماكن التي يمر بها ، هاهو يقذف بنكتة لاذعة امام تربيزة ( خليل البوني ) احد اشهر جزاري كادقلي ، حين يسمع الناس ضجة ضاحكة تنبعث من زنك الخضار يعرفون ان ( عوض ك ) مر من هنا ، له في دار الرياضة او سينما كادقلي إجتراحات من المداعبات ، (عوض ك) صديق للآلفة ، إينما يذهب يتحلق الناس حوله ، اذكر ان شجرة النيم الكبيرة الظليلة التي علي جانب زنك التشاشة و امام زنك الكرشه والكمونية قد لاذ بها جمع من الناس تحلقوا حول ( عوض ك ) في احدي صباحات الجمعة ، كان ( عوض ك ) قد بدأ فاصلا من النكات ، ( عوض ك ) كان يؤدي النكتة يرويها ويشخصها بطريقة بارعة ، لن انسي تلك النكتة التي يتقمص فيها (عوض ك) شخصية تمتام سأله احدهم عن الزمن :- ( الساعة كم لو سمحت ) فرد عليه التمتام “- ( وا … وا …. وا…… . وأ… وا فحاول السائل ان يساعده قائلا :- ( واحده ؟ ) فأجاب التمتام متخلصا من تمتمته :- ( لا … واقفه )
يتنقل (عوض ك ) عبر شخوص نكاته المتعددة ، تراه يتقمص شخصيات نسائية متنوعة في مفارقات ضاحكة بأداء ممثل مقتدر ، هكذا دائما ( عوض ك ) اينما وجد يمنح روحه المرحة لكل الناس ، في حي السوق و في مناسبة زواج جارنا ( عثمان عابدين ) رحمه الله كان ( عوض ك ) هو مغني الحفل ، بصوت رخيم عذب يتنقل بين الاغنيات خاصة اغنيات الحقيبة ، ينقرباصابع يده اليسري علي الرق بطريقة ساحرة و بين اغنية واغنية يتقمص شخصيات نكاته وحين سرنا من حي السوق الي حي كليمو حيث منزل العروس كان ( عوض ك) يمنح كورال البنات نقرات من الرق تتخلل نسيج إيقاعات الدلوكة العذبة ويضيف بعدا حواريا لاغنية تحتمل الفكرة
(( ما لي دخل تاني
ما دام هو نساني
يا فاطنه و فطينه
مادام هو نساني
و اصلو الغربة شينه
مادام هو نساني ))
هو ( عوض ك ) يزين المدينة بلافتاته ذات الخط الجميل ، يمنح لياليها زفة من الاغنيات ، يحرضها كي تنتمي للضحكة ، يوزع إلفته علي الدروب و الشوارع والازقة والاسواق و المقاهي و كأنه يحاول ان يعيد تكوين الكون عبر ادواته الفنية المتنوعة ف( عوض ك ) يمتلك فرشاة للرسم و الخط وحضور درامي متميز للنكتة و التشخيص وتصويت عذب للغناء و الطرب واهم من كل ذلك يمتلك روحا بإتساع الجمال تستطيع ان تشعل كل هذه الادوات الجميلة .
( عوض ك ) كائن درامي حقيقي واظنه قد خرج من كادقلي حين تحولت من مدينة اليفة الي مدينة قبحت بحرب لا منتصر فيها ، احن الي صوت ( عوض ك )الرخيم العذب وهو يأتيني عبر ظلمة داكنة من حفل عرس في حي الرديف في ليلة بها من الخريف زيفة باردة وانا اتسكع بين اكشاك كنتين الملكية.
يا حليل كادوقلي والقها الجميل خلال الثمانمنيات من القرن الماضي وما اجمل ذكراها في القلوب لقد
دمعت عيني عند قراءة المقال وهكذا يحي بن عمي فضل الله الكمسنجي بموقف كادقلي دايما ما يتحفنا بهذه القصص الجميلة والشخصيات البارزة في كادقلي ،شخصيات كثيرة اتحفرت في الذكرة رغم صغر سننا في ذلك الوقت واحياء كادقلي السوق وكليمو والرديف والملكية وقعر حجر والسلخانة والزندية وحجر الملك و و و الخ يا لها من ايام ويا لها من ذكريات
ياسلام،استاذ يحى وأنت تعيدنا لزمن ” كدوقلي ” الجميل ، لقد عشنا أيام نهضتها ، أيام القاضي عبدالرحمن إدريس ، وحسن كنده ، ومحمود حسيب ” أهلي وعشيرتي ” ، وظرفاء المدينة ، عوض ك ، وبكري الملكية ومشاغابته ومغازلاته في سوق ” الهلوك” ، والتوير ، لا أذكر اسمه ، كان ” قرقوري مزعج ” وتعليقاته الساخرة ، أذكر بأنه كان يُمنع مراراً من دخول استاد المدينة لتعليقاته الساخرة. لا أدري لماذا كانوا يقولون عن عوض ك بأنه أمي رفم خطه الجميل ؟
يا سلام عليك المبدع يحي رجعتنا الي كادقلي أواخر السبعينات الزمن الجميل كازبلانكا و ميلانو و عوض ك و كوري جاد الله و تلو الثانوية و تلو حديد مافيش كلام بووووووووووووووووووووووووم زمن لن يعود
كادقلي اجمل مدن السودان و خاصة في الخريف الخضرة و الجبال المحيطة بالمدينة إسكتلندا السودان مع اختلاف حرارة الجو و غياب التنمية كنا نمشي كداري من السوق لمدرسة تلو في الخريف في الطين حفايا و بعد كده تلقي المدرسة ناقصة مدرسين و أشياء اخري و برغم ذلك أهو يحي فضل الله المبدع و غيره كثر في مختلف المجالات ايام يا زمن
ترهق ذهني الكتابات السياسية والمقالات المطولة عن فساد وافساد هذه الحكومة، فهي بالنسبة لي شر لا بد منه واحترم في ذات الوقت الكتاب والمؤسسات التي تتناول هذه المواضيع التي تحرك ببطء شديد التحول المرتقب
ورغم ان كتابات يحي فضل الله اجدها مسلية، إلا أنها عميقة في طرحها الأيدولوجي، وقد شدتني هذه الحكاية بالذات لاشتمالها علي كل الموضوعات والتي ان قمنا باسقاط عناصرها علي ما نعيشه الآن فاننا نخرج بملاحظات مهولة ابسطها اختفاء الابتسامة من اوجه الناس واختفاء من يحملون علي عواتقهم عبء إسعاد الآخرين نسبة للإفرازات المخاطية لهذه الحكومة وبانتظام طيلة 26 عاما فغرق الناس في وحلها رغم محاولاتهم المستميتة للخروج من لذوجتها، أخضعت أفكار الناس لتحنيط منظم طيلة هذه المدة فتوقف كل حراك وتجمد وأثخن بمدي من التخلف حد النزيف… نتساءل عن اشياء بسيطة مثل مواقف عوض ك العجيبة الممتعة، كان عوض كاف يملك حقا في النقد العام، نقد تصرفات الحكومة وبطريقته الخاصة فتوصل رسالتها باقوي واسرع ما تفعله الميديا اليوم رقم كثرة توفرها واختلاف آلياتها وامكانياتها وابلغ اثرا مما يكتبه كبار الصحفيين والسياسيين … هذه الحكومة افلحت في تشويهنا بالكامل لا لمينا في جاي ولا في جاي … وهم في ظلمهم فكهون
شكرا جزيلا استاذ يحي علي ما تمنحه لنا ذاكرتك الجميلة فهي الوعاء والسلوي التي نجتمع حولها كل جمعة وبانتظام
يا لك من مبدع حقيقي من اجمل المدن المنحوتة في الذاكرة لكن للاسف دخلتها عندما خرج منها المبدع يحيى فضل الله لكن تظل جميلة بطبيعتها الساحرة وباحيائها الجميلة شكرا يحيى فضل الله.
حبيت عشانك كادوقلي
اه واه يا ساحر ومدينتك الساحره التي تركت فيها قلبي حينما زرتها في شتاء1980. الناس هناك جنس اخر ظرفاء وكرماء ويحبونك من اول نظره الحياة هنام مترعه بالتفاؤل والبهجة النضيره. ليتني ما جبت الدنيا وتقلبت في نواحيها ليتني تمسحت برماد كادقلي ومشيت مع كورو الي سوق الروب وجلست هنالك القرفصاء الي يومنا هذا.
يا لك من مبدع حقيقي من اجمل المدن المنحوتة في الذاكرة لكن للاسف دخلتها عندما خرج منها المبدع يحيى فضل الله لكن تظل جميلة بطبيعتها الساحرة وباحيائها الجميلة شكرا يحيى فضل الله.
حبيت عشانك كادوقلي
اه واه يا ساحر ومدينتك الساحره التي تركت فيها قلبي حينما زرتها في شتاء1980. الناس هناك جنس اخر ظرفاء وكرماء ويحبونك من اول نظره الحياة هنام مترعه بالتفاؤل والبهجة النضيره. ليتني ما جبت الدنيا وتقلبت في نواحيها ليتني تمسحت برماد كادقلي ومشيت مع كورو الي سوق الروب وجلست هنالك القرفصاء الي يومنا هذا.
لك التحية استاذ يحي فضل الله صدقني لقد ابكيتني هذا الصباح وانا اقرأ في هذا المقال الجميل خاصة عندما ذكرت دكان الاخ عبد المنعم فهو شقيقي الاكبر ولقد تربينا علي كنفه وارتوينا من ظرفه فلك الشكر علي ذلك كثيرا , وكما كر المعلقون لقد اثرت في دواخلنا الكثير من الشجون والذكريات الجميلة عن هذا المجتمع الجميل وهذة البلد الحنون كم تمنينا ان تعود لنا كادقلي كما كانت وتعود لنا تلكم الايام الجميلة التي مشينا فيها خطوات الصبا ما بين الرديف والي الكنتين والي السوق ولعب الدافوري قرب الاستاد بصحبة الرفقاء اولاد عمك عريس واولاد عمك ابو واولاد ابوريدة والكثيريون الذين كانوا لنا وطنا واما حنون , لك الشكر كرة اخري الاستاذ يحي فضل الله وعسي الله ان يصلح حال بلدنا ويزيل عنا هذة الطغمة القاتمة وتعود الطيور الي اوكارها لتغرد من جديد علي جبل لوفو وشلال كلبي احلي الانغام