مقال تحليلي – جنوب السودان والوضع الراهن

جنوب السودان في فترة ما بين التغير و الدمار وقبل ان تمضي الفترة الانتقالية وسط التحولات الهائلة في الجمهورية الحديثة و في خضم الفترة الحافلة بعدم الاستقرار و الفوضي تصايحت اصوات معارضة لنظام الدولة بعبارات تكاد تدور حول نفس المعني كعبارة ان الحزب ايضا يعيش الان علي حافة ( التهميش الداخلي ) (marginalization ) داخل الحزب الواحد وغياب المؤسسية الحزبية . وإذا كانت هنالك اصوات حزبية تهتف و تعتقد الخيانة في بعضيهم فيبقي الحقيقة المنسية هي الخيانة التي تعرض لها الشعب و الثورات التاريخية و الي شهداء الوطن ايضا الذين سقطواء في الكفاء من اجل ينعم الشعب بالخير و الوئام و الحرية و الاستقرار و ان يفوز الشعب بالحياة الكريمة لذا تشهد جنوب السودان حاليا و منذ منتصف شهر ديسمبر العام الماضي حركة واسعة من التحول الديمقراطي علي النمط الغربي و ليست هذه في الواقع هي المرة الاولي التي تحاول فيها الدول الافريقية تجربة الديمقراطية الغربية حيث سبق ان ورث هذه الدول عند استقلالها نظما ديمقراطية قامت الدول الاستعمارية بإنشائها و هي تستعد لرحيلها عن القارة و لكن هذه التجارب الاولي في الديمقراطية واجهت صعوبات كثيرة في الممارسة الفعلية ادت الي انهيار بعضها و قيام ديكاتاتوريات عسكرية مكانها بينما ابتعد بعض منها عن الانماط المؤسسية المالوفة للديمقراطية . كما حدث مثلا لنظم الحزب الواحد التي انتشرت في كثير من الدول الافريقية و لكن ها نحن نحاول من جديد الاخذ بمسار الدول الافريقية التي نالت إستقلالها منذ اكثر من نصف قرن . فهل ستكون المحاولة هذه المرة افضلا حالا مما سبقها من الدول ؟؟؟ و تعتمد الاجابة علي هذا التساؤل علي إستقراء ما يمكن الخروج به من نتائج و دلالات من اهم التجارب الديمقراطية في القارة السمراء و هي التجربة النيجيرية خلال الجمهورية الاولي ( 1960 ? 1966 ) و الجمهورية الثانية (1979- 1983 ) و يستند الربط ما بين التجربة النيجيرية و مستقبل الديمقراطية في جنوب السودان الي عدة اسس منها التشابه بوجه عام في الظروف الثقافية و الاقتصادية بين نيجيريا و جنوب السودان . وقد تكون الظروف المحلية التي تتمثل في الضعف الاجتماعي او تفكك النسيج الاجتماعي و المؤثر علي الديمقراطية في جنوب السودان كما كانت في نيجيريا و التي تتمثل في التعددية الثقافية و الاجتماعية من جهه و الثقافة السياسية السائدة من جهه ثانية و الظروف الاقتصادية الاقتصادية من جهه الثالثة اولا : – التعددية الثقافية الاجتماعية و مستقبل الديمقراطية في جنوب السودان تتميز مجتمعات جنوب السودان بدرجة عالية من التعدد الثقافي و الاجتماعي بصورة مختلفة ( الاثنيات ? الديانات ? اخري ) فما هي التاثيرات المحتملة لهذه التعددية علي مستقبل الديمقراطية في جنوب السودان في حالة استمرار الفئة المستنيرة في إستخدام او القيام بتغبيش الوعي لدي مجموعات الثقافية ؟؟ و هل تختلف هذا التاثيرات باختلاف نمط المؤسسات الديمقراطية ؟؟ و بعبارة اخري هل هناك انماط معينة من الموسسات الديمقراطية اكثر ملائمة لظروف التعددية الثقافية و الاجتماعية في جنوب السودان ؟؟ ثانيا : – التعددية الثقافية الاجتماعية و نمط المؤسسات الديمقراطية يعد جنوب السودان دولة غير عادية بكل ما تحملة الكلمة من المعاني و الدلالات فهو ليس بلدا واسعا فحسب من المساحة بل هو منطقة التفاؤل كبرى تحتوي علي كل نماذج القارة السمراء المتمايزة في اصولها و تكوين بنيانها السلالية و الثقافية فجنوب السودان يتكون من اكثر من 62 قبيلة او اكثر من 12 مجموعات ثقافية حيث يتحدثون بأكثر من 50 لغة و لهجة و يمارسون طقوس دينية مختلفة في اطار كل من المسيحية و الاديان التقليدية و الاسلام وذلك علي هذا الترتيب . اضف الي ذلك التداخل و التفعالات بين المجموعات الثقافية المتنوعة الغير متجانسة ادت الي جعل دولة جنوب السودان نموزج مصغر لواقع القارة السمراء ( افريقيا ) لذا يعتبر جنوب السودان واحد من الدول التي يوجد فيها العديد من الاجناس و اللغات و الثقافات و الاديان حتي انه لا تسود بين قاطنيه حضارة التجانس .
[email][email protected][/email]