سكان الخرطوم يتخوّفون من الأسوأ ويستعدّون للــحرب..القناة الرسمية تعود بذاكرة الشعب السوداني إلى الوراء عقدين من الزمان .. فضلاً عن ارتفاع قياسي في أسعار الدولار

امتدت تداعيات الاشتباكات في هجليج لتطاول الخرطوم، حيث سجلت حالات هلع بين المواطنين انعكست تهافتاً على شراء الاحتياجات الرئيسية، فضلاً عن ارتفاع قياسي في أسعار الدولار

مي علي

الخرطوم | عادت القناة الرسمية بذاكرة الشعب السوداني إلى الوراء عقدين من الزمان ببثّها خلال ساعات البرمجة اليومية الأناشيد الجهادية التي تتماشى وروح التعبئة العامة التي أعلنتها القيادة السودانية، رداً على الهجوم الذي قادته دولة جنوب السودان على أراضي الشمال، فيما بدا واضحاً أن دولة الجنوب أصبحت لا تكترث بما ظل يردّده المجتمع الدولي عن أن تظل العلاقة بين الدولة الأم والدولة الوليدة علاقة حسن جوار، بحيث تنشأ دولتان قادرتان على الحياة. ويرجح مراقبون أن القيادة في دولة الجنوب أرادت بخوض تلك المعارك المبكرة مع الجار الشمالي إرسال مجموعة من الرسائل تفيد بأنها دولة قوية لا يُستهان بها، وأنها تريد إقامة علاقات جوار من منطلق قوة لا ضعف عبر المفاوضات.

وهي الرسالة التي وصلت الآن بصورة جلية إلى الشارع الشمالي. سامية محمد، مواطنة في عقدها الخامس، كانت تنصت إلى صوت مقدم الأخبار في القناة الرسمية للدولة وهو يقول «الهجوم الذي قادته دولة الجنوب الوليدة»، فما كان منها إلّا أن قاطعته متعجّبة، قائلةً وفي صوتها الكثير من الغضب الذي تأجّج في صدرها، «إن كانت هي دولة لا تزال وليدة استطاعت أن تفعل كل ذلك، كيف إن استقرت وامتلكت القوة والعتاد؟». وأضافت «ماذا تفعل القوات المسلحة التي خصّصت لها الدولة رواتب؟ لماذا لا يقومون بواجبهم للدفاع عن مكتسبات الوطن؟»، مشددةً على أنها ضد فكرة تجنيد المواطنين للدفاع عن البلد.
على الرغم من ذلك، فإن الاستهداف الأخير لأراضي البلاد أدى إلى نشوء حالة من الالتفاف خلف الحكومة القائمة. آدم محمد إبراهيم، أحد قاطني ضاحية بحري شمال الخرطوم، يؤكد أنه على استعداد كامل للدفاع عن الوطن، وربما هي روح الثأر التي تحرك إبراهيم الذي كان قد ترك أعماله في الجنوب وعاد إلى موطنه قبل أربعة أيام من إعلان انفصال الجنوب. وروى لـ«الأخبار»، والحماسة تتملكه، بعض ما واجهه في الجنوب قائلاً «لقد كان الجنوبيون في المنطقة التي كنت فيها يرسلون إلينا رسائل تهديد ووعيد بأنهم سيغزون الشمال في حملة ثأر لكل المرارات التاريخية التي سبّبها العرب في الشمال». وبدا لإبراهيم أن ما كان يسمعه قبل ثمانية أشهر قد تحقق الآن، لذا أكد وقوفه خلف القوات المسلحة والحكومة إلى حين استرداد هجليج وكل الأراضي التي أصابت كرامة السودانيين. وأكد موقفه بقوله: «نحن سنخرج للقتال مع الحكومة على اعتبار أن منطقة هجليج أرض شمالية، وأن الجنوبيين تطاولوا على سيادة الدولة لضرب البنى التحتية لشل اقتصاد الشمال».
الاقتصاد الذي يئن تحت وقع تداعيات الانفصال وتوقف تصدير النفط، أسهما في حالة من الهلع بين المواطنين بمجرد الإعلان عن الاشتباكات الحدودية وتطورها. وفي الوقت الذي شهدت فيه محطات الوقود داخل العاصمة الخرطوم تكدساً واصطفاف العشرات من السيارات حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي لضربة هجليج، سعت وزارة النفط السودانية للتخفيف من وطأة تداعيات الاقتتال، مؤكدةً أن الاستيلاء على المنطقة الغنية بالنفط لن يؤثر على كمية المواد البترولية في الأسواق. غير أن تلك التطمينات الحكومية لم تفلح في نزع حالة الهلع التي أصابت المواطنين تجاه ما ستحمله لهم الأيام المقبلة. ويقول سامي الطيب، في لهجة معارضة، «لا ندري إلى أين تمضي بنا الحال في هذا البلد. فبعد أن استبشرنا بالسلام بعد عقود الحرب، ها هي الحرب تعود مرة أخرى، إضافة إلى خسارتنا جزءاً من أرضنا ـــ الجنوب». ويضيف «على الأقل في السابق كانت حرباً أهلية داخل حدود الدولة، لكنها هذه المرة ستكون حرباً شاملة باعتبار أنها أصبحت بيد دولتين، وتحسم وفق التقاطعات الدولية في المنطقة». ومضى يقول في نبرة لا تخلو من اليأس «إن الحرب المقبلة لن تقتصر على جنوب كردفان وحده، بل هي حرب شاملة بدأت بالأطراف وستنتقل تدريجاً إلى العاصمة»، مشيراً إلى أن دولة الجنوب ليست هي المحرك لتلك الحرب، بل تحالف الجبهة الثوري المؤلف من عدد من حركات التمرد في دارفور ومتمردي الحركة الشعبية لتحرير السودان ـــ قطاع الشمال. وزاد مستنكراً «دائماً يكون المواطن هو الضحية، فمنذ أحداث هجليج الأخيرة والجميع في حالة من الذهول لا نعرف ماذا نفعل، هل نخزّن الوقود أم السلع الاستهلاكية؟». وفسّر الهجوم على حقول النفط بقوله إن الجنوب أوقف إنتاج البترول في آباره الجنوبية، والآن عطّل أماكن الإنتاج في الشمال، خاتماً حديثه بالقول «هم بذلك يريدون أن يضعفوا اقتصاد البلدين».
حالة البلبلة في الشارع تلك انتقلت على مستوى أعلى لتصل إلى الشركات العاملة في تخزين المواد البترولية، التي تعمل في مصفاة تكرير النفط الوحيدة في الخرطوم، حيث يغذيها الخط الناقل للخام الأسود من آبار هجليج. وأفاد أحد العاملين في إحدى شركات تخزين الوقود «الأخبار» بأن جميع الشركات العاملة في مجال بيع الوقود تعمل الآن بحذر وتخوّف شديدين. وقال إيهاب أحمد «توقفت عمليات البيع في المخازن الرئيسية للمحطات لأسباب أمنية خوفاً من أن يجري تصديره إلى الخارج، والبيع يجري حسب الحاجة». وأردف مؤكداً أن أسعار الوقود لم تشهد أي ارتفاع، وأن البيع لا يزال بالسعر القديم.
وعلى عكس أسعار النفط، سُجّل ارتفاع قياسي في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه السوداني، ووصل إلى ستة جنيهات في رقم هو الأعلى طوال الأشهر الثلاثة الأخيرة. وأبدى رجل الأعمال، علاء، تبرّمه الشديد وهو يتحدث لـ«الأخبار» شاكياً من أن عمله قد توقف تماماً خلال اليومين الماضيين بسبب أحداث هجليج. وأوضح علاء، الذي يعمل في تجارة العملة أيضاً، أن الارتفاع الجنوني في سعر الدولار أدى إلى توقف سوق العملة في العاصمة الخرطوم عن عمليات البيع والشراء، لافتاً إلى أن كل تاجر يحتفظ بما معه من عملات، خوفاً من تقلّب الأوضاع وبانتظار عودة الأمور إلى طبيعتها

الاخبار

تعليق واحد

  1. الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني والحركات المسلحة وجميع القوي السياسية عاجزة تماما عن قراءة المقال الرائغ للشفيع خضر الذي اوضح فيه بجلاء ان جميع المتصارعين ينسون تماما انتمائهم لامة مجيدة ورائعة وقضة الحؤب مع دولة الجنوب واستنفار الحركة الشعبية لقواتها للحرب يعكس خللا بنيويا في تركيبتها النفسية لايتساوق مع طرحها في توفير الامن والامان لاهلنا في الجنوب والشمال عبر انفاذ مشاريع تنموية تؤمن القذاء والكساء لاهلنا حميعا
    والحركة الشعبية عحز منظزوها عن فهم ان العلاقة السوية والراشدة والعادلة بين الشمال والجنوب هي السيل الوحيد لديمومة السلام والتنمية وعليه ارجو ان يعمل الكل من اجل استدامة السلام واتنمية
    وفتح كل القنوات لاحلالل الود بدلا من الاقتتال الذي لايقود الي الي المزيد من العذاب والضنك للامة السودانية باسرها
    المطلوب ياسادتي وجود عقلاء يوجهون موارد الجنوب والشمال من اجل النماء وارخاء لاسعاد اهلنا جميعا
    لاننا امة رائعة تتدرك ان العار كله يكمن في كسب الحرب لان المعركةينبغي ان تكون ضد الجهل والتخلف والمرض والبطالة
    المطلوب وجود عقلاء يوقفون الحرب ويضمدوا جراحها لان الحرب معناها الوقوع في مصيدة الكونيالية الحديثة التي لاتريد للعالم المتخلف النهوض

  2. ده كلوا من عمايل ناس العنصري خال ابوجاعوره وابوعفين للعربات الفارهه راكين والفلل الفاخره نايمين والضحيه اولأد الغلابه المساكين بس بعد ده في الصفوف الاماميه ليكم عايزين وانحنا لو قدرنا بكم لاحقين ولو فترنا احسن تخلونا في حالنا ده نايمين بلاش جهاد بلاش موت اكثر من عقدين ؛ياناس الجبهه استعجلوها الخرطوم جوه والرحيفه تنقد
    بلا طحين بلا بانزين هو انتوا لو ماغيرتوها شن ليها مأكلين تراانا اصلأ صايمين؛

  3. وهذه فرصة أيضا للحكومة لترفع السعر الذي تريده من الوقود بحجة أن البلد في حالة حرب وإنعدام الوقود نفسه . هي دائما تصطاد في الماء العكر وتعمل علي خداع مواطنيها بشتي الحيل.

  4. نهج البصيرة ام حمد …. قطعت راس الثور ثم كسرت الزير…. فصلوا الجنوب ثم عادوا الى سنة اولى حرب!

  5. الجرجرة الكتير البيمارسها المؤتمر الوثني اوصل البلد الي هذا الحد , ثقافة الحرب وتدمير المهمشين هو وسيلة يراها الحزب الحاكم في السودان فعالة وبدل ما ينظرو الي طرق اخر سلمية برضو ماشين تعبو المجاهدين وعايزن البلد توصل للفوضة والغرض منها الاستيلاء علي اموال الدولة علي حسابكم الخاص وبعدين ما في محاسبة لانو حراميها حاميها, المهم اوكامبو ما حيسيبكم في حالكم طالما انتم بتسعوا للقتل والتشريد.

  6. الأن و بفضل السياسات الغبية و قصيرة النظر لحكومة المؤتمر الوطني دخلت البلاد في مأزق لن تخرج منه بسلام أبداً. وضح جلياً بأن المشكلة السياسية في السودان ستحل عسكرياً فقط ، لا يوجد أي حل أخر سواءً لمشكلة دولة الجنوب و المتمثلة في الحدود و ابيي و رسوم عبور النفط و خلافه ، أيضاً مشكلة الحركة الشعبية قطاع الشمال و المتمثلة في مطالبتهم بدولة حرة و ديقراطية ، أيضاً مشكلة الحركات الدارفورية و المتمثلة في مطالبهم المعروفة .. عموماً إختارت كل هذه الجهات مجتمعة الخيار المسلح لتحقيق مطالبها ، و كذلك المؤتمر الوطني إختار هذا السبيل علي الرغم من علمه مسبقاً بعدم جدواه و إنه في النهاية سيؤدي بالنظام الي مثواه الأخير و لكن الذهنية المنغلقة و تضارب المصالح داخل المؤتمر الوطني لم يترك لهم فرصة التفكير في خيار أخر لحلحلة هذه المشاكل . يبدو أن الإمور تمضي إلي نهاياتها الأن و قد إختار الكل النهاية عن طريق السناريو الليبي بما فيهم المجتمع الدولي . و يبقي السؤال قائماً ثم ماذا بعد ذهاب نظام الإنقاذ الكسيح سياسياً و فكرياً …؟ هل سندخل في دوامة أخري من الصراع أم ستتكون دولة تحترم جميع مكوناتها .

  7. وهذه فرصة أيضا للحكومة لترفع السعر الذي تريده من الوقود بحجة أن البلد في حالة حرب وإنعدام الوقود نفسه . هي دائما تصطاد في الماء العكر وتعمل علي خداع مواطنيها بشتي الحيل.

  8. مع العلم انابيب بترول هجليج لم تتم معالجتها بالماء بعد قفلها يعني عاوزة شهور للانتاج حتي لو انسحب الجنوب … ده لو ما قفلت مرة واحدة

  9. قال رسولنا الكريم كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته,,
    فبأي اجابة سيلاقون ربهم عندما يسألهم كيف تركتم رعاياكم ؟
    فأذا كان الحاكم مسؤولا عن رفعة البلاد والمواطنين ..
    فما الذي جعلهم يقاتلون للثبات على السلطة
    ما الذي جعل الراعي يقتل رعاياه يسفك
    دماءهم يسقيهم العذاب..
    اهذا ما كان الشعب ينتظره منهم ؟
    اهكذا يحافظون على الوطن و المواطنين؟
    كان جديرا بهم التنحي قبل وقوع هذا الكم
    من الخسائر التي راح ضحيتها اشخاص
    ليس لهم ذنب في كل هذا..

  10. الماساة الحقيقيه فى ان صوت العقل لايجد مكانا عند الطرفين المتصارعين( ياقالوا ملحد ياعميل)رحمك الله حميدتركت وصيتك الاخيره (ارضا سلاح)ولكن من يترجمها على ارض الواقع فكما قلت سابقا( الصقور غير الحمام والضلام منية ثعالب الله يكون فى عون الوطن.

  11. اذهبوا حاربوا انتم واهلكم…خلااااااص ياالكيزان مافي زول بصدقكم ولا في زول بسيب اولادوا يمشوا يحاربوا بالانابة عنكم وعن اولادكم..تكتلوا اولاد الناس وتعرسوا نسوانهم وترسلوا اولادكم ماليزيا ولندن..ده كان زمان وجبر.

  12. سموك الشفيع بيك الحقوق تتشفع
    ناصر الكادحين كنت بتشيلنا وترفع
    راسنا حاشا الما بتتبايع بينا ما بتتنفع
    إتيتمنا بعدك ولعبوا بينا الشفع

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..