هجليج : النازيين السمر وحروب البسوس والأندلسات الجديدة : هوامش على دفتر الحرب التي تلد أخرى

أحمد ضحية
مقدمة:
إن أصدق توصيف لحال سودان ما بعد إنفصال الجنوب لتقديم هذا المقال, هو ما خطه قلم الدبلوماسي الأسبق: الأستاذ محمد المكي إبراهيم شاعر “الأكتوبريات” الجميل ومؤلف ديوان “أمتي”, الذي يدين له جيلنا بمعان ثورية عزيزة علينا. فقد خط شاعرنا ود المكي على صفحات (سودانايل) في وصف سودان ما بعد إنفصال جنوبه:( أنه سودان أقل ثراء من السودان الموحد, حيث يفقد كل مقدرات الجنوب المتحققة (وعلى رأسها النفط) والكامنة (الثروات الغابية والزراعية الناشئة عن وفرة الامطار) زائدا الثروات المعدنية المتوقعة..
(و) أنه أصبح جارا لدولة جديدة بينه وبينها تاريخ من الخصومة, ومناطق الاحتكاك. وبينه وبينها منافسة واسعة على عطف العالم ومساعداته (و) أنه سودان أقل وزنا من النواحي الاستراتيجية والعسكرية, بحكم أنه فقد علاقة الجوار مع ثلاث دول أفريقية (كينيا ويوغندا والكونغو الديمقراطية), وفقد رافدا مهما لقواه العسكرية يتمثل بأبناء الجنوب الذين خدموا في قواته المسلحة على كل الجبهات, بما فيها جبهة الجنوب نفسها, كما فقد ثلث مساحته وتقريبا ثلث سكانه. (و) أنه اكتسب سمعة سيئة كبلد فقد وحدته الاقليمية, بسبب ممارساته التمييزية ضد مواطنيه. وإنفصال الجنوب عنه, يعني تأكيدا لمعاني العنصرية وما يترتب عليها من النبذ والعزلة.
ويمضي الدبلوماسي الشاعر محمد المكي إبراهيم إلى أن يصل إلى:( والأمثلة الحديثة للانفصال تأتي كلها من تحت عباءة الدكتاتورية: باكستان الشرقية (بنغلاديش) على أيام الجنرال يحيى خان.. يوغوسلافيا ميلوسوفيتش.. إنقسام ألمانيا الى شرقية وغربية: نتيجة الحرب العالمية التي أشعلها هتلر.. ارترياواثيوبيا, الأيام الاخيرة للدكتاتور الأحمر منغستو هايلي مريام.. شيكيا وسلوفاكيا, نتيجة للدكتاتورية السوفياتية.
صحيح أننا لانستحق ذلك المصير لكوننا شعبا طيبا, ودودا. ولذلك يتوجب علينا الآن أن نعود إلى المنابع الأصيلة لفضائلنا, ونستمد منها العزم, لتضميد جراحنا وجراح أخوتنا في الجنوب ودارفور. وهكذا ينبغي أن يكون شأننا دائما مع الدكتاتورية: تهدم فنبني وتقطع الأوصال فتأتي الدمقراطية والديمقراطيون, لتضميد الجراح وشد أزر الوطن. ولكن هذه المرة علينا التسلح بالحيطة والحذر لتكون هذه آخر الدكتاتوريات في تاريخ السودان).
وبطبيعة الحال تحدث أستاذنا الدبلوماسي الشاعر محمد المكي إبراهيم, عن ما هو قد حدث عمليا: (إنفصال الجنوب), ولم يشر “لطفا منه” للإنفصالات المتوقعة في أجزاء أخرى من الجغرافيا, والخسائر المترتبة على ذلك, حتى بالنسبة لكل الذين ظلوا يدعون طوال حيواتهم وحيوات أسلاف أسلافهم, القداسة والعروبة ويذبحون الثيران بألوانها ويعدون شعب السودان بمهدي منتظر ينقذهم من الظلم والإستبداد, بعد أن إمتلأت بلادهم جورا وفسادا!!.
ولذلك سنهتم هنا بمعالجة موضوع مقالنا, بحيث يكون شاملا لمناطق النزاع والإنفصالات المحتملة. وأؤكد هنا أنني حزين تماما أن أزعم أن حملات الإبادة الجماعية, التي حدثت في أجزاء مختلفة من أطرف السودان, تجعل من الصعب الرهان على ما قاله الدبلوماسي المخضرم والشاعر الكبير محمد المكي إبراهيم حول الديموقراطية والديموقراطيين. لأنه ببساطة ليس لدينا ديموقراطيين أساسا لتحقيق الديموقراطية, على الأقل في القريب المأمول!. ما يفتح فضاء ما تبقى من السودان على سيناريوهات عديدة أحلاها أشد مرارة من العلقم. وأقساها أسوأ من سوء الظن العريض! كما سبق وقال الأستاذ محمود محمد طه, في توصيفه للحركة الإسلاموية.
يتحدثون عن هجليج كالنعام.. لا يريدون رؤية ما الذي ستسعى إليه الولايات المهمشة الأخرى:
منذ أواخر مارس المنصرم, جاءت ردود الأفعال من قبل طرفي الصراع, متباينة حول التنازع على منطقة هجليج (جنوب كردفان والتي تقع ضمن حقول نفط أبيي) ما بين التكذيب الرسمي لإحتلال جيش الجنوب لهجليج, وما بين تأكيد الإستيلاء على هجليج.
كذلك في أوساط المراقبين والرأي العام, لم تكن ردود الأفعال أقل تباينا.على الرغم من أن حيثيات الخلاف النفطي (والقضايا العالقة الأخرى بين البلدين, والتي لم تحسم قبيل الإستفتاء) كانت تؤشر على أن ثمة نذر لحرب تلوح في الأفق, وقد تلد هذه الحرب حروبا آخريات, قد تصل إلى درجة التعجيل بإنفصال دارفور وأقاليم أخرى, خصوصا بعد أن تم الإعلان رسميا عن الجبهة الثورية(تحالف كاودا), والتي جاء تكوينها أساسا تعبيرا عن فشل الحكومة في تطبيق “قانون المشورة الشعبية” الخاص بمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق (الحركة الشعبية قطاع الشمال) إلى جانب تسويفها (أي الحكومة) في قضية دارفور, وتركيزها على الحلول الجزئية وإعتمادها الحوارات الثنائية وتقديم الرشاوى(آخرها السيسي) والوعود الكاذبة وإختراق الحركات, وتقديم الحلول الأمنية على أي حلول أخرى, إلخ..
كل ذلك أسهم في تكوين تحالف الجبهة الثورية(كاودا). يضاف إليه الفشل التام في التوصل لتسوية مرضية لكل الأطراف عبر التفاوض, إزاء تعنت النظام الإسلاموي الحاكم. وإصراره على التفكير بعقلية بدو الصحراء “السلب والنهب” و “رزق اليوم باليوم” وما يأتي من ريع الغزوات, و الذي قادت سياساته الإستعلائية والتهميشية (نظام الخرطوم) إلى تغذية النزعات الإنفصالية في كل من أبيي ودارفور وجنوب النيل الأزرق, ومناطق البجا في شرق السودان إلى جانب جنوب كردفان, التي تقع منطقة هجليج ضمن حدودها الجغرافية, خصوصا أن هذه المناطق تجد قضاياها تأييدا دوليا على خلفية نيفاشا, قد يفضي إلى “تقرير المصير الفعلي”, إلى جانب أن كردفان والنيل الأزرق من المناطق المتصارع عليها أساسا بين السودان وجنوب السودان, فبالنسبة للجنوب أن ورقتي كردفان والنيل الأزرق, هما أداتي الضغط للحصول على أبيي الجنوبية, رغم أن قضية أبيي تم حلها أساسا وفقا لبروتكول نيفاشا 22 يوليو 2004. لكن لعدم ترسيم الحدود وإستفتاء أبيي, تستغل سلطة الخرطوم هذه الوضعية للإبقاء عليها ضمن جغرافيا الشمال.
حاولت جوبا في 24 مارس الماضي إحتلال هجليج، إلا أنها اضطرت للتراجع بعد اندلاع معارك دامية بين جيشي الشمال والجنوب في 26 و27 من الشهر ذاته, وما أن نجحت بالتعاون مع قوات الجبهة الثورية (تحالف كاودا) في إحتلال هجليج في 10 أبريل الجاري. حتى تضاربت الأنباء التي لا تخلو من حالة من التفاجوء والصدمة, التي بدت واضحة بين ثنايا الأخبار والتصريحات التي حملتها الصحف السودانية والعربية والمواقع الإليكترونية والمنابر التفاعلية, بل وحالة من الهيستريا عبرت عنها برامج التجييش والتعبئة التي درج تلفزيون السودان على بثها خلال الصراع الدامي الطويل مع الجنوب والمناطق المهمشة.
وعلى الرغم من كل هذه العوامل لم يتحرك المعارضون (خصوصا الذين ظلوا يعارضون إستقلال الجنوب ويؤمنون بوحدة السودان) لفعل شيء إيجابي ضد الحرب العبثية في دارفور لإطلاق دينامية لإسقاط النظام الإسلاربوي الحاكم من الخرطوم. لذلك، فإن كيفية التعامل مع هذه التحديات مجتمعة سيكون اختبارا رئيسيا للجميع.
إذا علمنا أن الجنوب الذي إنفصل تبلغ مساحته ثلث مساحة السودان 600.000 كم مربع تقريبًا (أي يعادل مساحة دولة أوروبيَّة كبيرة مثل فرنسا) وأن تعددادهم أكثر من 10 ملايين نسمة (إذ لم نعثر خلال بحثنا على أي تعداد دقيق يتعلق بجنوب السودان أو ولايات السودان الأخرى). وإذا علمنا أن مساحة السودان تقلصت بعد الإنفصال الى 1.9 مليون كيلو متر مربع وأصبح بالتالي تعداد سكانه 33 مليون يسكنون بين خطى طول 38.24 ــ 21.4 دقيقة، وخطى عرض 8.45 ــ 23.8 متراجعا بذلك إلى المركز 16 عالمياً, وبالنتيجة تراجع السودان الى المركز الثانى افريقيا بعد الجزائر والثالث عربياً من ناحية المساحة, كما أصبحت مساحة البر فيه 1.752.187 (أي الصالح منها للزراعة) إلى 200 مليون فدان, تزعم الحكومة أنها تستغل منها 40 مليون فدان بنسبة 20%، وإجمالى طول الحدود الأرضية 6.780 كلم، وبعدد السكان المذكور أعلاه أصبح السودان يحتل المركز 35 عالمياً و3 عربياً و9 أفريقياً. وكل هذه الأرقام حكومية, لذا لا يمكن لا يمكن الوثوق بها, فالوضع أصبح أسوأ بكثير.
مناطق مرشحة للإنفصال:
وإذا علمنا أن مساحة مناطق النزاع الحالية المرشحة للإنفصال كدارفور(فشمال دارفور وحدها 290.000 كيلو متر مربع و يبلغ عدد سكانها 1.600.000 نسمة وجنوب دارفور (والتي تعادل مساحة إنجلترا 127.000 كيلو متر مربع) يبلغ عدد سكانها 2.152.499 نسمة وغرب دارفور 79.460 كيلو متر مربع وعدد سكانها 2.036.282 نسمة. وشرق دارفورالتي مساحتها: 22.736 كلم مربع. عدد سكانها 700.014 نسمة ووسط دارفور 1.123.748.
وإذا علمنا أن إقليم دارفور يقع بين خطي طول 22 و 27 درجة شرقاً وخطي عرض 10و16درجة شمالاً. وأن دارفورتأتي في المرتبة الأولى (أكبر أقاليم السودان) من حيث المساحة، إذ تبلغ مساحة ولايات دارفور الكبرى مجتمعة تقريباً أكثر من 600.000 كلم2 أي أكثر من 150.000 ميل مربع وهي تعادل أكثر من 30% من مساحة السودان (بما يزيد عن جنوب السودان قليلا)، وترتفع عن سطح البحر بمتوسط 400 متر ويقع جزء من هذا الإقليم في نطاق السافنا الغنية، وجزء ثاني في نطاق السافنا الفقيرة، وجزء آخر في نطاق المناخ الجاف. وتعتبر ولاية دارفور الكبرى الولاية الأولى من حيث تعداد السكان. يليها الإقليم الأوسط الذي يشمل ولاية النيل الأبيض.
وإذا علمنا أن تعداد سكان دارفور حسب احصاءات التعداد السكانى لعام 1993م (وهو تعداد لا يمكن الوثوق به فقد أشرف عليه العراب الترابي نفسه) حوالى 4,746,456 نسمة وأن تقديرات الجهاز المركزى للاحصاء, وهي تقديرات خاصة بمصالح النظام وغير موثوق فيها أيضا, تشير إلى أن تعداد سكان دارفور حاليا (أي في العام 2008) قارب الستة مليون نسمة.
إذا علمنا كل هذه الحقائق التقريبية التي يعبر الواقع عن أكثر منها بكثير خصوصا فيما يخص عدد السكان, لكن الجهات (المركزية الرسمية) تعمد إلى تقليل الأرقام في السياق العام للإستعلاء والتهميش وإحكام السيطرة على الأطرف, التي لم يعد بالإمكان السيطرة عليها, هذا وفقا لإحصاء 2008 فأنه بأي حال من الأحوال بعد معرفتنا لكل ذلك.. لا يمكننا وصف ما يفعله الجنرال البشير وزبانيته بالوطنية أو أي وصف ينسبه لمصالح السودان القومية, خصوصا أنه مجرم حرب مطلوب لدى العدالة الدولية, بسبب قيادته لحرب دامية ضد شعبه!.
وإذا علمنا أن ولاية النيل الأزرق التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 620 ألف نسمة, والتي تقع بين خطي طول 33.8و 35.8وخطي عرض 30.9 و34.12 والتي تعتبر ولاية سنار إمتداد لها وليس العكس. وإذا علمنا أن ولايات شرق السودان (كسلا, القضارف والبحر الأحمر) المتناحر عليها الآن أن مساحة ولاية البحر الأحمر فقط تبلغ 212.800 كم². وإذا علمتم أن مساحة جنوب كردفان المتنازع عليها تبلغ 79470 كلم مربع وأن عدد سكانها: 1.066.117 نسمة (الأرقام المذكورة أعلاه مصدرها إحصاء 2008). هذه هي الكتلة التاريخية للسودان (سودان الهامش) ما الذي يرى الجنرال البشير أنه فاعله لحل كل هذه المعضلات, حتى يدعي أن بإمكانه الوصول إلى جوبا في ثلاثة ساعات؟!.. جميع هذه الولايات المذكورة لديها حركات مسلحة ومطالب يعضدها القانون الدولي؟ بمعنى أن سياسة “أم كواكية” لا يمكن أن يتم التعامل بها لمواجهة هذه التحديات.
خيار الحرب المفتوحة والشاملة بين الجنوب والشمال إذا كان بالنسبة لساسةالشمال والجنوب, مخرجا لهما من أزماتهما الداخلية, بإلهاء شعبيهما هربا من الإجابات الواقعية, على الأسئلة التي تطرحها عليهما هذه الشعوب, كل يوم إزاء الفساد والضغوطات الإقتصادية والإنهيارات الشاملة لكل جوانب الحياة. فأن أول الخاسرين هما النظامان في الشمال والجنوب.
لا شك أن إحتلال هجليج كمقدمة لهذه الحرب لن يكون مخرجا لقادة البلدين, بل مأزقا جديدا يعجل بالفوضى والتفكك اللتان ظلتا تعجان بالسودان منذ قررت حكومة الخرطوم أن الخيارات العسكرية هي الخيارات الوحيدة لحسم الحركات المطلبية في أطراف السودان. والتي نشأت (الحركات المطلبية المسلحة) كرد فعل على سيطرة أقلية شمالية على السلطة على حساب جميع أهل السودان. الأمر الذي أحدث خللا كبيرا في العلاقة بين مركز السودان وأطرافه.
إذ تم تهميش الأطراف من حيث التنمية والتوزيع العادل للسلطة والثروة, مع الفشل السياسي المزمن للقوى السياسية وقصورها في مواجهة النظام. وخياراته الأمنية والعقائدية والشمولية الفاسدة, لحل مشاكل البلاد. ما يرشح البلاد الآن للفوضى الشاملة والتفكك. مالم يتم التواضع من قبل الجميع على فكرة الحفاظ على ما تبقى من السودان, بتوحيده على أسس جديدة.
السودان القديم العربي الإسلامي أثبت فشلا زريعا, بل وأدى لتفكك السودان. وليس بالضرورة أن يكون البديل سودانا أفريقيا يلبي تطلعات غير العرب فالبديل الديموقراطي العلماني يفي بمستلزمات إعادة تأثيث البيت السوداني وتوحيده على أسس جديدة, كما يجنبنا مزالق تحديد هوية السودان بكونها عربية أو أفريقية, فالديموقراطية تنهض أساسا في القبول بالآخر المختلف أيا كان عرقه أو دينه أو نوعه, إلخ..
وكما أشار دكتور حيدر إبراهيم في ورقته المقدمة لندوة دولتا السودان, التي أقامها مركز دراسات الجزيرة 14و15يناير الماضي أن السودان لسوء حظه دخل مبكرا في جدل إستنفد طاقاته وخياله حول دينية الدولة أو مدنيتها, ودخل السودان في هذا النفق بسبب إستراتيجية الأخوان المسلمين, التي لم تدرك التنوع الثقافي في هذا البلد المعقد, وكما أزعم أن إستراتيجية الطائفية قد سبقتها في الفشل.
الصراع المسلح الذي يجري الآن يخصم من عناصر قوة كل الأطراف المشاركة فيه, ويجعل من البلاد مسرحا لإدارة الصراعات المحلية والإقليمية والدولية, ما يعجل بتفككها وتحولها إلى نموذج أسوأ من الصومال.
الحكومة والمعارضة:
لا شك أن نظام الخرطوم النازي محدود الأفق لم يخطر على باله أن إنفصال الجنوب, يعمق من التحديات الجسام التي ستواجه النظام الحاكم نفسه, كتحوله لسلطة ضعيفة بتناقص مواردها الإقتصادية (70% من حقول النفط في الجنوب إلى جانب أنه بإستثناء النيل الأبيض المناطق المقترح إستخراج نفطها أو ثرواتها الكامنة, جميعها مناطق نزاع: دارفور والنيل الأزرق و شرق السودان), كأول ناتج للإنفصال, ما يقود إلى التنافس والصراع على السلطة بين أطراف الحكم, فالموارد القليلة المتبقية لا تفي بنصيب الأسد الذي أعتاد أفرادها وبطاناتهم على نهبه قبل الإنفصال, ولذلك سينشطون في تغذية الصراع بين مراكز قواهم داخل المؤتمر الوطني, بتغذية القضايا الخلافية المزعومة بينها, بالتالي نظام الجنرال البشير كسلطة منهارة فقدت المشروع الذي كانت ترتكز عليه, وفي الحقيقة الطبيعة العقائدية الشمولية للمشروع الإسلاموي نفسه, كل ذلك يؤدي إلى أن تفقد السلطة قدرتها على إيجاد أي حلول خارج مظلة هذا المشروع الفاسد, ويمكن ملاحظة ذلك في الفشل الذريع في تحقيق إجماع وطني, وفي إستمراء تلويح رئيس السلطة وأقطابها مرارا وتكرارا بورقة (عروبة السودان و الشريعة الإسلاموية), ومساومة الشعب وقوى المعارضة بهاتين الورقتين.
وفي الوقت نفسه خطاب التعبئة الصادر من المؤتمر الوطني في اتجاه التصعيد الآن بكل ما يحمله من (غبينة) برؤيته أن الحركة هي التي تسببت في فصل الجنوب, وأنها من يقف خلف الحركات المطلبية المسلحة, وأنها هي المسئول الأول والأخير عن سقوط هجليج, وفي الوقت ذاته يقلل من دور الجبهة الثورية, التي هي تعبير عن قضايا عالقة, سبب تعليقها هو المؤتمر الوطني نفسه, هذه الطريقة البائسة في التفكير, تلبي رغبة أوغريزة الإنتقام من مشروع دولة الجنوب, وبالتالي له إسقاطاته في الإنتقام من قوى (كاودا) وأهلهم العزل في أطراف السودان.
لقد فوتت المعارضة فرصة معالجة مشاكل السودان منذ 1987 أي بعيد الإنتفاضة بعامين, وقبيل إنقلاب الإسلامويين بعامين أيضا؟ عندما أكثرت الحديث (دون عمل) عن المؤتمر القومي الدستوري لحل قضايا السودان, فكان حالها حال الطحين الذي لا يرى ولا بالأجهزة المجهرية, وأستمر الحال إلى أسوأ. كما أن فشل النظام والقوى المعارضة حتى بعد الإنفصال في تحقيق المؤتمر الدستوري أو الإجماع الوطني على حل قضايا السودان, كان ضياعا آخرا للفرص التي بذلت بسخاء, ومع ذلك يطالب الكثيرون الآن تحت دعاوي النفرة الكبرى والوطنية المهمشين بما فشلوا هم في تحقيقه!, كأنهم لا يزالون يستمرأون عقلية الإستعلاء, بأن تؤدي كاودا (نيابة عنهم) ما فشلوا هم فيه, مع إدراكهم أن قوى كاودا لن تساوم في أجندتها (أجندة المهمشين) بالقدر نفسه ليس بالضرورة أن لديها أجندة مضادة لغير المهمشين؟! فالمسألة هنا أنه لا يمكن أن تنتظر نتائجا من صراع لا ترغب في دفع فواتيره (على الأقل بالتنازلات والتسويات السياسية لصالح الدولة المدنية الديموقراطية العلمانية), بل يدفع فاتورته الآخرون (المهمشون)؟ هذه المواقف الملتبسة لبعض قوى المعارضة قديمها وجديدها مما يحير العقول!
فجميعهم يعلمون أن المهدد الرئيسي لما تبقى من أجزاء السودان هو نظام النازيين السمر الإسلاموي بقيادة مجرم الحرب عمر البشير ومع ذلك غالبيتهم يتلقون من نظام هذا العنصري القبلي الرشاوى؟! وهذا الرجل يصرح للقنوات بالرهان على ثورة داخلية في الجنوب بعد الإنفصال ويأتي بما لم يأتي به الأوائل من تصريحات ومنحوتات وجداريات ومدونات؟! كأن قيام ثورة داخلية في جنوب السودان سينقذ الشمال من ورطته التاريخية, ومع ذلك يأكلون جميعهم على مائدته فليس من بينهم “علي” ليصلون خلفه, هذا هو حال المعارضة الشمالية, وهو حال المبكيات “المبكيات”.
المزيد من التحديات:
إلى جانب هذه التحديات التي تتعلق بالسلطة وطبيعتها(هنا نستثني الصراع التشادي والليبي), طرح جنوب السودان أمام سلطة الخرطوم ما بعد الإنفصال عددا من التحديات أهمها: ترسيم الحدود وقضية أبيي والجنسية (الفشل في قبول الجنسية المزدوجة) وما يرتبط بها من حقوق المواطنة والحريات. والعملة والسفارات والاتفاقيات والمعاهدات الدولية والديون (أكثر من 40 مليار دولار). النفط, المياه (والمياه خصوصا تعتبر ملفا أمنيا بالنسبة لمصر بمخاوفها الشهيرة من النفوذ الإسرائيلي في الجنوب), جنوبيين الشمال وشماليون الجنوب, الرعاة في مناطق التماس..
راهن نظام الخرطوم إذن على أحلام زلوط ولم يدرك منذ البدء (أي قبيل الإستفتاء) أن جميع هذه القضايا بمثابة القنابل الموقوتة التي يمكن أن تغذي أي حروبات بينية قادمة. خصوصا مع ما أستقر لدى القيادة الجنوبية من قناعات بأن نظام الخرطوم يعمل على تغذية الصراعات القبلية وتعبئة قبيلتي المسيرية والدينكا الأنقوك في أبيي, مما أنذر بحرب ضروس بأبيي (التي تقع هجليج ضمن حقولها كما ذكرنا سابقا, بالتالي مشكلة هجليج جزء لا يتجزأ من مشكلة أبيي) ذلك أن الجنوب كان ولا يزال يعيش حرباً جنوبية ـ جنوبية على السلطة، وعلى سبيل المثال في العام قبل الماضي 2010 وحده، بلغ عدد قتلى هذه الحرب 2500 شخص، وطابع هذا القتال قبلي إلى حد كبير, فالحركة الشعبية التي على دست السلطة حالياً متهمة بأنها لا تمثل سوى قبيلة (الدينكا) وفي هذا السياق يعتبر الأنقوك من الدينكا المهمشين جنوبيا، إلى جانب أن القبائل الأخرى مثل قبيلتي (النوير والشلك), مستفزتين أساسا من سيطرة الدينكا على السلطة.
إذا أضفنا إلى كل ذلك انعدام البنية التحتية في الجنوب نظرا لحربه الطويلة ضد الشمال بسبب الإستعلاء العرقي و التهميش المتعمد, كما أنه بحكم حداثة دولة الجنوب كدولة, تتضافر مثل هذه العوامل مع عامل تغذية الشمال للحروب البينية بين قبائله مستغلا الطبيعة القبلية للجنوب, ما يسهم في تأجيج كل أنواع الصراعات المرتبطة بالفساد الإداري والمالي المستشري في جنوب السودان. خصوصا مع ضعْف قدرة الحكومة الجنوبية على نزْع السلاح من المليشيات، والإحتمالات المتزايدة لانتقال العُنف من جنوب كردفان إلى جنوبِ السودان والعكس، وكذلك عدم قُدْرَة الحَرَكة على تنزيلِ السُّلُطاتِ الإدارية إلى مستوياتِ الحُكم الأَدْنَى. المحصلة أنه في ظل وجود المؤتمر الوطني وحلفاءه من الإسلامويين السلفيين وغيرهم لا يمكن الحديث عن أن مصدر إنتاج مناخ الأزمة بين الشَّمال وكل أطراف السودان قد توقف عن إعادة إنتاج أزمات السودان في مركزه وأطرافه, التي لم تعد هامشا الآن بل حركات مطلبية ترفع السلاح.
فهذا النظام يتحمل الآن النصيب الأكبر من موابق كل النظم التي سبقته ونتيجة تحمله لهذه الموابق تساوي أكثر من 3 مليون قتيل سوداني في الجنوب (سابقا) ودارفور وشرق السودان والنيل الأزرق وجبال النوبة حتى الآن!. فعن أي قوى معارضة أو نظام حاكم نتحدث؟! هذا لم يحدث حتى في إسرائيل ضد الفلسطينيين الذين ينتمي لهم قادة النظام وغالبية معارضيه من القوى الطائفية والآيديولوجية. وحلفاءه من السلفيين وغيرهم.
سيناريوهات:
بما أن المهمة المتعلقة بإنهاء تطبيق اتفاق السلام الشامل بشكل سليم، وتسهيل عملية خروج جميع الفرقاء من الاتفاق بنجاح قد فشلت. ونتيجة إلى أن الإنتخابات إفتقرت للمصداقية وأشتهرت بإسم “المخجوجة”, يضاف إليها تجاوزات الحكومة في وضع العوائق أمام الجنوبيين في ممارستهم لأهم حق مكتسب لهم في اتفاق السلام “الحق في تقرير مصيرهم” من خلال الاستفتاء. إلى جانب الفشل التام في توفير الحد الأدنى المقبول لتنظيم انتخابات نزيهة تشمل دارفور (بل أن الحكومة لا تعرف بالضبط حتى الآن كم هو تعداد سكان شرق ووسط دارفور؟) بإعتبار أن ذلك هو الإسلوب الأمثل لتحقيق الأمن والاستقرار في شمال السودان أيضا.
بما أن كل هذه الأمور تمت أفضى ذلك إلى سيناريو الإنفصال مع إستمرار الحرب, دون وضع إعتبار أن الحرب بين الشمال والجنوب ستشكل حافزا إضافيا “لأطراف السودان الأخرى فيشمل القتال مناطق أخرى كأبيي وجبال النوبة والنيل الأزرق. وفقا لهذا السيناريو، الذي حذر منه من قبل تقرير السودان 2012 الموسوم ب”سيناريوهات للمستقبل”, نجد أن التنازع على هجليج هو نهاية المقدمة لحرب طويلة مقبلة, ستتخطى المناطق الحدودية الغنيّة بالنفط فتشمل دارفور وكردفان والنيل الأزرق. مع الوضع في الإعتبارأنّ الجنوبيين قد يكونون أكثر تحفزا في هذه الحرب, نظرا لإرادتهم الحازمة في الدفاع عن بلدهم الوليد, إلى جانب أن قوى (الجبهة الثورية- كاودا) دخلت كلاعب أساسي في الصراع بين الشمال والجنوب لتحقيق أجندتها المطلبية.
وقد تتوسع هذه الحرب وتزداد سخونة مع اشتراك عناصر قبلية وأخرى إسلاموية، وعندها قد يكون الشمال في موقع عسكري أفضل، لكنّ الجنوب (والأطراف المتحالفة معه) سيكون مدعوما من الولايات المتّحدة والاتحاد الأوروبي، وقد تشترك دول أخرى في دعم الجنوب كأوغندا وكينا وأثيوبيا، وقد تذهب مصر إلى الأخذ بعين الاعتبار الاعتراف بذلك أيضا.لأجندتها المتعلقة بأمنها المائي والقومي والنشاط الإسرائيلي في دولة الجنوب, وبطبيعة الحال سيتدهور االوضع في دارفور أكثر مما هو عليه الحال الآن، وتتكثف الحرب إثر استغلال المجموعات الدارفورية للوضع الراهن.
ونتيجة لهذا السيناريو، سيتضرر أيضا وضع جنوب السودان كدولة جديدة؛ لأن تركيزها كدولة جديدة سيكون على الحرب وذلك سيكون على حساب الأمن والاستقرار في أقاليمها؛ المحصلة أن المواطنون في الجنوب والشمال معا سيعانون من الفساد أكثر مما يعانون الآن ومن تردي الوضع الاجتماعي مع تضاؤل عائدات الدولتين من النفط في الشمال والجنوب حيث مناطق النزاع والحرب.
السيناريو الثاني ليس معقدا ويتمثل في أن تحدث المعجزة وتتمكن قوى المعارضة السودانية من لم شعثها وتنجح في إسقاط النظام وتعمل مع الطرف الجنوبي وكل أطراف الصراع والقوى الدولية والإقليمية على حل كل المشاكل العالقة والبدء بتأسيس الدولة الوطنية الديموقراطية العلمانية التي لا مناص منها لتحقيق السلام في بلادنا المنهكة التي أرهقتها الطوائف والآيديولوجيات والديكتاتوريات. بعيدا عن خزعبلات وأوهام أفاكر الإسلامويين والعروبيين الفاسدة. التي قادت البلاد إلى ما وصلت إليه الآن من درك, وضعها على الهاوية.
هوامش:
1- د. حيدر إبراهيم علي. ورقة: دهاء التاريخ.. قضايا الصراع في السودان.(ندوة دولتا السودان14و15يناير). مركز دراسات الجزيرةأنظر الورقة على الرابط:
[url]http://studies.aljazeera.net/ResourceGallery/media/Documents/2012/2/1/201221104942518734haidar%20ibrahim%20ali.pdf[/url] 2- د.حامد التيجاني علي. ورقة: دارفور وتداعيات الإنفصال (ندوة دولتا السودان14و15يناير 2012). مركز دراسات وأبحاث الجزيرة.أنظر الورقة على هذا الرابط:
[url]http://studies.aljazeera.net/ResourceGallery/media/Documents/2012/1/30/2012130133242423580hamed%20Altjani%20Ali.pdf[/url] 3- د. أماني الطويل. العلاقات الصراعية بين دولتي السودان وتأثيرها على المصالح السودانية والعربية.مركز دراسات الجزيرة . الندوة السابقة. أنظر الورقة على هذا الرابط:
[url]http://studies.aljazeera.net/ResourceGallery/media/Documents/2012/1/30/2012130133140425580Amani%20Al%20Taweel.pdf[/url] 4- أ. نيال بول كين. ورقة السودان بعد إنفصال الجنوب (الندوة المشار إليها سابقا) أنظر الورقة على الرابط:
[url]http://studies.aljazeera.net/ResourceGallery/media/Documents/2012/2/1/201221105048141734Nial%20Pull%20Akin.pdf[/url] تقرير السودان 2012سيناريوهات للمستقبل:-sudan2012-scenarios for the future5- أنظر:
[url]http://www.clingendael.nl/publications/2009/20090914_cscp_lijn.pdf[/url] 6- حول حق تقرير المصير راجع: ميثاق الأمم المتحدة الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966 على هذا الرابط:
[url]http://www1.umn.edu/humanrts/arab/b003.html[/url] 7- أنظر: النظام التأسيسي لميثاق منظمة الوحدة الأفريقية على الرابط:
[url]www.africa-union.org/[/url] 8- أنظر: النظام التأسيسي للإتحاد الأفريقي على:
[url]www.africa-union.org/[/url] 9- أنظر: إتفاق نيفاشا 2005 على الرابط:
[url]http://www.sudanile.com/2008-12-01-11-37-00/168-2008-12-01-18-39-18.html[/url] 10- أنظر: مقال (السودان ما بعد الإنفصال) على موقع مجموعة الأزمات الدولية:
[url]http://www.crisisgroup.org/en/regions/africa/horn-of-africa/sudan/sudan-after-sepertation-alain-arabic.aspx[/url] *وفقا لتقرير منظمة الشفافية الدولية الأخير فإن السودان يحتل المرتبة رقم 176(مكرر) بمعنى رابع الطيش وقالت المنظمة، إن الدول التي احتلت المراكز الدنيا كان بينها قواسم مشتركة كثيرة، فجميعها أنظمة هشة، وغير مستقرة، وتنخر أنظمتها آثار الحروب والنزاعات. وأضافت: ‘عندما لا يكون هناك وجود لمؤسسات القانون، أو عندما تكون ضعيفة، فإن الفساد يستشري ويخرج عن السيطرة، وتنهب موارد الشعب، ويجري استخدامها في تدعيم الفوضى والعجز’. أنظر موقع منظمة الشفافية الدولية راجع الموقع على الرابط:
[url]http://www.transparency.org/[/url] *لمزيد من المعرفة القانونية بالوضعية القانونية لنظام الخرطوم بالإمكان النظر للمواثيق المتعلقة بتوصيفات جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية, على موقع المحكمة الجنائية الدولية:
[url]http://www.icc-cpi.int/[/url]
أحمد ضحية
[email][email protected][/email]
كلامك كتير ومسيخ ومابيخدم لكن بيهدم اتق الله يالكاتب في نفسك وفي بلدك
يتحدثون عن هجليج كالنعام.. لا يريدون رؤية ما الذي ستسعى إليه الولايات المهمشة الأخرى:
احمد ضحية انت فعلاً ضحية وأفسدت قول شاعرنا الاستاذ / محمد المكي ابراهيم وعلى فكرة النعام لا يدفن رأسه في الرمال كما يعتقد امثالك وهذا كلام عارٍ من الصحة كمعظم ما أتيت به من قول . نحن الآن بصدد هجليج وليس المقام مقام حديث عن المناطق المهمشة لأن السودان كله مهمش , فلا تلهي القارئ بالتهميش والمناطق المهمشة كما يقحم بعض الأخوة موضوع حلايب والفشقة لتشتيت جهد القوات المسلحة ( فالفشقة وحلايب قضية حق أريد بها باطل ) .. نؤيد حسم العدو اللدود والذي لا يراعي العيش والملح الاً ولا ذمة وخلونا من تشتيت وإلهاء الناس بقضايا انصرافية في الوقت الحاضر على الأقل .
الأستاذ ضحية
مجهود مقدر بذل في هذا التحليل لكن في رأي عابه التسرع
والأكليشيهات الجاهزة والوصول في النهاية لمنتائج يعرفها الجميع.
“باكستان الشرقية (بنغلاديش) على أيام الجنرال يحيى خان.. يوغوسلافيا ميلوسوفيتش..”
والنتيجة ، كما ذكرت على لسان ود المكي (الإنفصال يبدأ مع الديكتاتوريات)
أولا بنغلاديش إنفصلت في عهد ذو الفقار .. والسبب الرئيس في الإنفصال هو عدم إعتراف
ذو الفقار بفوز مجيب الرحمن .. يعني الإنفصال هنا صناعة “ديمقراطية 100%”
ويوغسلافيا كانت نفس الشيئ موحدة زمن الديكتاتورية “تيتو” وبدأ التشرزم حينما صارت
هنالك إنتخابات ورئاسة دولة دورية.ونضيف على ذلك نفس الشيئ حصل في إندونسيا(تيمور)
ودول الإتحاد السوفيتي السابق …الخ..وايضا فقد ظل العراق المتعدد الإثنيات والطوائف
موحدا بالرغم من بطش الديكتاتور صدام حسين لكنه الآن على شفا الإنفصال.
فهل لنا أن نقول ، عكس كلامك تماما،الإنفصال يبدأ مع بداية الديمقراطيات ..؟
وهذا سؤال مهم يجب أن يجد التحليل الواقعي الصحيح لأي مفكر أو أي جهات سياسية
تفكر في إحلال الديمقراطية مكان الديكتاتورية الفاسدة القائمة…
“السيناريو الثاني ليس معقدا ويتمثل في أن تحدث المعجزة.. ”
كلام غريب … إذن متى يصبح السيناريو معقدا..؟
في رايي بأن الشعب السوداني مدلع سياسياً و تحصل على الحرية بسهولة حيث ما يأتي سهلاً يضيع سهلاً (لقيناها جاهزة) حيث نعيش على أوتار حمدان أبو عنجة و الزاكي طمل و عثمان دقنه و علي دينار و المك نمر … الخ إذ ماذا فعل اشعب الموجود خلال الخمسون عام الأخيرة بإتسثناء ثورة أكتوبر السودانيةالمجيدة التي خربها العسكر بإنقلاب أعاد السودان إلى الوراء و أهى مكتسبات الشعب و جبهة ميثاقه التي أقرها في طريقة حكم البلاد و هي الديمقراطية الحرة .. أجل الحرة التي حكم بها أوباما أعظم دولة في العالم ! و أبوه كيني مسلم ! يا للعجب – حيث أنا أوباما لو كان يعيش في السودان لما إستطاع أن يفعل ذلك أو يحكم السودان لأسباب كثيرة أغلبها تكمن في التخلف رغم أن كينيا أقرب للسودان من أمريكا (هنالك عناصر متعجرفة في السودان) أجل عناصر عربية تتعجرف على سكان السودان الأصليين و هم أصحاب اللون الأسود (أجل فقد درسنا في المدرسة الأولية قبل خمسون عام بأن كلمة سودان إنبثقت من اللون السود!) و معروف بأن الشلك هم أقدم قبيلة نيلية في وادي النيل ! أي أقدم من الفراعنه أنفسهم ! يا للعجب يودون الإستخفاف بسكان البلاد الأصليين (أنا لست جنوبي و الله لكن ربما لا أخلو من عرق في الماضي السحيق) كما هو الحال لكل سوداني أصيل – لأن العرب و المسلمين دخلوا السودان و إنصهروا مع القبائل التي وجدوها بالمنطقة السودانو تم إخراج جيل هجين (خليط نوبه/عرب/زنوج) فيما يسمى بالسودانيين الآن الذي يفلب اللون القمحي على معظمهم في تأكيد على الخلطة الجميلة اليت هي السر في ذكاءهم و قوة تفكيرهم و عواطفهم الإنسانية النبيلة (حسب علم الإنثربيولوجي فميا ورد عن الهجين أي خلط عنصرين بشريين فالعنصر الثالث المتولد عن نتيجة الخلط يتمتع بصفات تركيبية ممتازة) ، ما أود أن أورده حتى لا يفهمنى البعض بطريقة الخطأ هو أن الشعب السوداني الموجود حصل على إستقلاله عن طريق المفاوضات و ليس الحرب ! (مفاوضات الخريجين السودانيين المناضلين الذين تركوا فراغاً كبيراً طيب الله ثراهم “أزهري، عبد الله خليل ، محمد أحمد محجوب الخ” هؤلاء هم الذين قادوا مسيرة افستقلال على رأسهم الزعيم إسماعيل الأزهري عن طريق المفاوضات (الخرطوم/القاهرة/لندن) مع الإعتراف بأن ماضى المقاتل السوداني كان ذو تأثير بالغ في الإنجليز و كانت ورقة ضاغطة ساعدت المفاوض السوداني حيث يعرف الإنجليز جسارة و بسالة و جلد المقاتل السوداني في معارك كرري و حصار الخرطوم … الخ و ختامها هدية راس غردون!!! كل ذلك ساعد على تسليم السودان بالمفاوضات ف تاريخ1/1/1956م لكن الإنسان السوداني المعاصر كانت جميع تضحياته في حروب داخلية للأسف “صراعات التخلف” إذ ماذا يعني أن أنسف أو أقتل بني جلدتي في عالم يعج بالتحالفات للحفاظ على القوة الإقتصادية و غيره مما تلهث الشعوب صوبه!” فالإتحاد قوة الضعاف و السوق الأوروبية المشتركة و عملتها الواحدة أكبر دليل على تقدمهم و تخلفنا!!! علماً بأنأمر التضحيات الطويل إنتهى بفصل جنوب السودان الذي مات من أجل عدم إنفصاله مئات الألوف على الأقل – لذا يا أحبابي أهلي السودانيين جنوباً و شمالاً أعملوا من أجل لملمة الشمل و جعل السودان بلداً واحداً قوياً فنحن في عصر التحالفات التي تفرز القوة و الأمن و الرخاء عكس الشرذمة و التقسيمات التي تفرز الضعف و الحروب و الثالثوث المرعب ” الجهل والفقر و المرض” كفانا الله شر ذلك الثالوث الذي إكتوى به أهلنا في جنوب السودان و مناطق الحروب ردحاً طويلاً من الزمان و لم يزل السياسيين في بلادي يبشرون هؤلاء القوم الضحايا في مناطق السودان النائية التي حارب الشهيد جون قرنق من أجلها ما زالوا يرزحون تحت نير الثالوث المرعب المذكور من جهل و فقر و مرض حيث ما يجري الآن على الساحة السوزادانية يبشر بأن هذا الثالثو سيستمر لمدة عشر سنوات أخرى على الأقل حتى يفيق شعبي من الإنهماك في بؤرة الصراع الداخلي الفتاك و أخيراً درءاً للإطالة أورد بانه (بقلبل من التأمل الثاقب في دول العالم المتقدم سنعرف نواحي القصر فينا التي تجعلنا دوماً في ذيل قاشمة التقدم بل ندور في حلقة مفرغة من الصراعات الفتاكو لأهلنا و أنفسنا و بلادنا!) إن تقدم الدول ببساطة يكمن في الإعتراف بحق المواطن الآخر و صيانة حقوقه الكاملة و الدفاع عنها لا أن نجعله هو يبحث عن إتجاه آخر للدفاع عنه! و نتبع المثل البسيط القائل (إيد على إيد تجدع بعيد) و البعد عن عملية التفرقة لعامل اللون أو العرق أو المنطقة طالما أن الآخر سوداني من السودان و ايضاً البعد عن عملية التعالي على الآخر لن المتعال هو الله سبحانه و تعالى و الجميع متساوون في أرض الله و لا فرق بين عربي و أعجمي إلا بالتقوى و أن نبتعدالتفرقة لعامل الدين ايضاً فجميع الأديان نزلت من السماء و لها أنبياء و رسل وردت اسماءهم في القرآن الكريم و معترف بهم كانبياء و رسل مكرمين منزلين من الله العلي القدير فالإنسان دوماً شيء محدود ليس كالكون أو الحياة السرمدية معجزات الخالق عز و الجل التي يحتفظ باسرارها وحده و البشر ضعفاء تجاه الوصول الى نهاية تركيبها و توقيتها الأول و الأخير!!! أخيراً أفيد بأني عملت في القوات المسلحة السودانية ردحاً من الزمان و إنطباعي بأن جميع فئلت الشعب لوكانت تتعامل مع بعضها بأسلوب تعامل أفراد القوات النظاميةمع بعضها كأفراد لإنتهت معظم المشاكل الإجتماعية و صراعات التخلف و التعالي على البعض الموجودة أحياناً في الحياة المدينة ، أخيراً لي عودة و السلام فالموضوع خطير و طويل متعدد الأطر لأن السودان يعيش في مفترق الطرق سائلين الله الوعي لشعبنا و البعد عن صراعات التخلف و الإقتتال الداخلي حتى لا ننشغل من عملية التطور و بناء الأوطان فكما ذكرت (الإتحاد قوة الضعاف) دعونا نعمل من أجله و ليذهب الى الجحيم كل مناهض لهذه الفكرة لأنه يود تدمير الوطن السودان و عاش السودان موحداً حراً مستقلا .
و الله إسمك ضحيه يخوف يا أحمد من مستقبل السودان يا لطيف يا ساتر من الشرذمة و صراعات التخلف و الإنزلاق في هاوية حروب التخلف كالتي كانت تدور في أنجولا و موزمبيق !!!
اقتباس بعد الكلمات من شاعرنا الكبير محمد المك وبالفعل هو مك ليس في محله فعليك عن تراجع افكارك قبل الكتابة
الكاتب كما هو واضح يتكلم عن المركز والهامش بمعنى العرب وغير العرب، ومحل الخطأ فى هذا التوصيف وما ينتج عنة من آراء، هو في الآتى :
1/التعميم فى تحديد مواقف ومواقع المواطنين من السلطة بحسب قبائلهم ، امر يكذبة الواقع ،مع العلم ان تقسيم الشعب سياسيا على اساس قبلى هو استراتيجية احزاب المركز هامشوية فى الوصول الى السلطة وبالعدم السعى للأنفصال
2/فى السودان القسمة الى عرب وافارقة،هى تعبير عن إختيار سياسي وليس عن حقيقة إجتماعية ،فالسؤال موجةالى المركز هامشويين ما هى العروبة؟ وما هى الافريقية؟ وما الفرق بينهما؟وما هى المعايير التى حكمتم على اساسها بان العرب غير افارقة,و غير العر ب وحدهم هم الافارقة ؟ ففى الحقيقة ، عرب السودان لا يقلون فى افريقيتهم عن الآخرين داخل وخارج السودان
3/وصف الواقع الموجود بانة سودان عربى اسلامى ،خطأ فادح ، فكما لا احد يقول بان المسلمين كجمهور هم الحاكين اصحب السيادة ـ رغم ان الحكومات بالاساس تحكم بإسم الاسلام ـ، لانهم فى الحقيقة مثلهم مثل غير المسلمين مظلومين ومحكومين دكتاتوريا،ذات الشئ يقال عن العرب فهم كجمهر لم يكونوا يوما فى موقع الحكم ولا حتى المشورة، فهم ايضا مثل الآخرين مظلومين ومحكومين دكتاتوريا
4/القول بان بديل السودان العربى الاسلامى ليس بالضرورة سودانا افريقيا،يلبى تطلعات غير العرب ، هو تعبير عن الانتقال من خطأ إلى آخر ، فمضمون ذالك ان العرب حاكمين وفى النعيم متقلبين ،في حيناانهم كالآخرين يعانون الفقر والقهر الإقصاء، فنسبة السلطة او الواقع الموجود الى العرب فى حقيقة الامر ليست سوى تكتيك عدوانى .
5/جوهر الديمقراطية فعلا هو قبول الآخر ، ولكن من تكون بدايتة هى تقسيم المواطنين (الشعب) سياسيا على اساس القبيلة، ابدا لا يمكن ان ينتهى الى المواطنة والتسامح وقبول الآخر ، اى لا يمكن ان ينتهى الى الديمقراطية،فنظرية التحليل العرقى للواقع السياسى والاجتماعى ، لا تقود إلا الى اثارة روح الكراهية والاحقاد تجاة الآخرين مع الرغبة فى قهرهم والغائهم .
ففى النظرية والممارسة يتكلم المركز هامشويين عن مركز عرق وهامش عرقى ، ثم يتكلون عن ثورة الهامش (قبائل)على المركز (قبائل)، وعن إستلام المهمشين (قبائل) للسلطة ،إليس هذا هو عين العنصرية !!؟؟ وعين الرغبة فى تكرار ذات أخطاءالحكومات،لكن بشكل أوسع واعمق !!؟؟
يجب ان لا تخلط الحقائق أيها الكاتب ان حدود اقليم دارفور يمتد شمالا الي الحدود المصرية وليس الي خط عرس 16 الذي حدده حكومة البشير وأقتطع من اقليم دارفور أيضاً منطقة كرب التوم وازع ينعت المتاخمة للحدود الليبية
يجب ان لا تخلط الحقائق أيها الكاتب ان حدود اقليم دارفور يمتد شمالا الي الحدود المصرية وليس الي خط عرس 16 الذي حدده حكومة البشير وأقتطع من اقليم دارفور أيضاً منطقة كرب التوم وازع ينعت المتاخمة للحدود الليبية
اكبر فقدان للسودان ليس ثروات الجنوب وإنما انسان الجنوب نفسه فهو انسان طيب مثابر وخلاق ولا يكل ولا يمل رغم انه كان من افقر فئات الشعب السوداني ولا أمل لديه ولكنه كان متعايش مع الالم والمآسي الملازمة له وهو مبسوط برغم ذلك وتجده دائماً يتحلى بروح النكتة والدعابة…كما كان مقاتلاً في صفوف القوات المسلحة فقاتل من اجل وحدة السودان رغم ان الحرب كانت تدور في ارضه فلم يتمرد ولم ينضم للصفوف الاخرى ولم يطعن من الخلف وافوه البنادق موجهة الى اهله فليس هناك شرف او نبل اخلاق اكبر من ذلك وهو اكبر فقد للسودان في وقت تحولت فيه الناس الى براميل من بارود الحقد المخزن في انتظار الانفجار….
لماذا لم يحاول هذا الدبلوماسى تقديم حل لمشكلة جنوب السودان داخل السودان أو أمام منظمة الوحدة الأفريقية أو الجامعة العربية أو دول عد الانحياز طالما هو بهذا النضج السسياسي والحكمةفقد نتأت مشكلة جنوب ؤالسودان منذ تاريخ استقلال السودان في العام 1956. أين أنت أيها الشاعر. اليس غيورا على وطنك ووحدتها.!!!!!!! صدق رب العزة بما عناه في هذه الآية الكريمة “والشعراء يتبعهم الغاون الم تر أنهم في كل واد يهمون ويقولون ما لا يفعلون” صدق رب العزة.
لسسسسس ماصخن ماكوم يا شماليييييين جايكم شرق وغرب ومشكل حلايب لسسسة ما حلة خليكم صبوووورينن اللة اكبر عزة لشباب ثورة ثورة شععععععار إسقاط نظام بشير