صاروخ بين محمود واطفاله فى غزة!!

لم تبقى من الحرية فى غزة الا جدران صماء محصورة بين عدو جبار غاشم وبحر سحيق الاغوار …ممتد بامواجه الزرقاء يضرب على صخــور شاطىء متوجس من المجهول القادم انها غزة سجن فى دولة او مدينة فى سجن زنانة مقـــفولة وايـادى محاصرة مغلولة هكذا حالها المحزن اعتقال دائم بدون اعلان للافراج لا تعرف من التحرير الا الاسم و من الحياة الا الرسم ومن الابتهاج الا القتل واالعدم ومن الامـن الا الكوابيس والجرح والالم…
الخوف يقطن اطرافها ويكبل حالها ولا يعشعش على اشجارها الا الترقب والحــــذر فحتى الطيور لاتأمن على صغارها من مكر اليهود من الدمار المتربص… تسمـــع صراخ الاطفال وعويل النساء وانفجار الصواريخ المرسلة الى مدينة لاتكاد تجفــف دمعة حتى تذرف دماءها ..دموعا…
صواريخ تخنق ضحكات الابرياء فتحيل الابتسامات الحلوة الممراحة الى بكــــــاء وصراخ ونزيف تدك بكل معانى القسوة المنازل لتفتت اعضاء الابرياء داخلها.
ويظل صمت العالم المتفرج الشاهد الذى لايريد ان يرى ويشهد على بشاعة الجرائم البشعة وهكذا يتسع مجال الصمت كما يتسع الجرح الغائر فى قلب فسطين …
محمود البقال فلسطينى ينمو فى داخله الاستيطان ليبتلع منه سنوات عمــره كــرهت نفسه مشاهدة بنى اسرائيل فى شوارع وطنـــه شياطين بـــؤس تستبيح الانسانيــة وتقتـــلع منهم امانيهم انها اسرائيل التى تكتحل بالغــدر والقسوة وسؤ النية ورداءة الطبـــع هكذا تمضى الحياة بمحمود وهــو يتوجس الشر الاتى لامحالة من خلف تلك الجدران التى تحيط بغزة فلم يبقى لهم من الوطن الا بيت صغير محفـــوف بالخـوف والانتظار ولا يمــلك محمود الا الدعــــوات الدائمة ان يعود الى منزله ويجد زوجته واطفاله الاربعــة اغلى ماعنده فى امن وعافية …
محمود كما اعتاد ان يبكر فى الخروج من بيته فى شوارع غـــزة طلبا للرزق تــرك اطفاله يغطون فى نوم عميق بين احلام طفولية وبراءة ملائكية…
حتى الصباحات فى غزة رغم الهدوء تظل الاعصاب مشدودة فالهواجس لاتبـــارح القلوب فالعدو الكامن متربص بهم لايبحث عن سبب مثل الثعلب حينما طلب صداقة الدجاجة فلما اصبحا فى منتصف البحر على مركب قال الثعلب للدجاجة لماذا تثيرين الغبار فى هذه المركب؟؟ فاجابته الدجاجة بكل تهذيب وهل فى المركب تــــراب حتى اثير الغبار ايها الثعلب فانقض عليها بكل قوة وشراسة وهـــــو يتمتم قائلا وهـــذه هـــــى الفصاحة التى تدفعــنا الى قتلكم واكلكم .
وكما تأخد الايام برقاب بعض فما اقسى الرياح التى تهب على غزة بدون اسئذان وتخلف الاحزان ومحمود فى بقالته يباشر عمله واسرائيل للامنين بالمـــرصاد وهى ترسل صواريخ الغدر لتجعل من البيوت الامنة قبورا فالرحــمة منــزوعة من جذور قلوبهم .
سمع محمود كغيره من اهل غزة سمع اصوات الصواريخ وهى تختـــرق الافــق ثم تستقر وسط الاحياء تبعثر الاجساد وتترك البعض تحت الركام اصاب محمود الخوف على اسرته الصغيرة رغم انه لم يخاف على نفسه فقد فـــارق الخــوف قلبه منذ ان قتلت اسرائيل عائلته الكبيرة .
اغلق بقالته واسرع محمود متجها الى بيته تـــلاحق سمعه اصــــوات الانفجـــارات المتكررة المدوية فيزداد اضطرابه وقلقه على زوجته واطفاله الاربعة.
لم يكن محمود يحتاج لمن يخبره بما حدث فقد تسمرت اقدامه حينما شاهــــد منزله وقد دكت اركانه الصواريخ الاسرائلية رأى اشلاء اطـــفاله متناثرة وماتبــــقى مــن زوجته
وضعت جثث الاطفال الاربعة مرصوصة ومعهم امهـــم حاول محـــمود ان يتكلم لم تخــــرج الكلمات من حلقه ولم تسعفه انفاسه المتلاحقة سقـــط على الارض وقــــد تهالكت قواه وتبعثرت احاسيسه وطاقته التى تحمله انهار تماما تمنى لو كان جسده قطع بين اشلاء اطفاله …
بكى محمود حتى انقطع صوته من البكاء شرب محمود الدموع دما …ولكن العالم يامحمود لايحرك ساكنا …فاليد التى فى الماء لن تكون كاليد التى فى النار