Like ولكن…الأكبر عضوية في السودان

بسم الله الرحمن الرحيم
Like ولكن…الأكبر عضوية في السودان
لا أدري كيف استعمرتنا هذه العقلية الغريبة.. وتغلغلت في أسلوب تفكيرنا في كل شأن..سياسياً كان أو اقتصادياً أو اجتماعياً أو فنياً أو رياضياً أو أي مجال آخر ..
عقلية تجيد التربص وتتقنه..وتحترف الاغتيال المعنوي وتمتهنه … تضع امام كل كوة ضوءٍ غطاءً أسود سميكاً.. تعيش في السكون ..ولا تتحرك إلا لتبقيه على حاله ..
تتظاهر بالترحيب بالمبادرة وبتشجيعها.. ثم تقول لصاحبها ..اذهب أنت وربك فقاتلا ..إنا ههنا قاعدون.. وتنتظر عودته مهزوماً كسير البال والخاطر..لتبادره كما المشفقة ..ألم نقل لك ؟
عقلية تبحلق مذهولة ومعجبة حد الدهشة فيمن يطرح جديداً ..فلنقل في إسقاط النظام ..أو مشروعاً اقتصادياً او اجتماعياً على سبيل المثال..حتى تظن أن صاحبها من فرط تركيزه ..سيسبقه إليها..لكنه يكتشف سريعا..أن تركيزها كان لاكتشاف الثغرات ونقاط الضعف..لتقول لك ..جيد بل ممتاز ..ولكن..
(ولكن) هذه هي الخنجر المسموم..وكثيراً ما تجئ في متابعة شأن من العامة ..قدموه لمسئول..أو وجيه توسموا فيه الخير..فيأتي رواة الخبر ليقولوا..(لَكَنَا ) بمعني أنه لم يعبها ولكنه عرقلها باختلاق أي سبب مسبوقاً بكلمة لكن.
وبالطبع ليس غالبية الشعب من هذا القبيل ..ولكنه متأثر بالكامل بأصحاب هذه العقلية ..وفي تقديري أن كثيراً من عوامل الفشل في المجالات المختلفة في قضايانا العامة والخاصة .. سببها هذه العقلية المدمرة.
فإذا أخذنا أمثلة في مقاومة النظام.. تقف تجربة هبة سبتمبر دليلاً ساطعاً على تلك العقلية وما فعلته..فكل سوداني تقريباً ..كان مقتنعاً بأن الإجراءات الاقتصادية.. كفيلة بسقوط النظام ..وحدثت انشقاقات في الحزب الحاكم .. وكونت كيانات جديدة من معارضين إسلامويين ..لتطرح نفسها بديلاً.. والشعب في غالبه مؤيد لهبة الشباب .. فظهر من زعماء الأحزاب من لَكَنها.. وعند سقوط الشهداء .. تقاعس العامة .. قائلين..هؤلاء أبالسة..تحسبوا لكل شئ .. فلا قبل لأحد بهم غير رب العالمين..فانطفأت الجذوة سريعاً ولو مؤقتاً !!!
ومثال آخر في زلة لسان والي الخرطوم .. عندما قال أن على أي عاطل مقابلتي ليجد عملاً..انطلقت حملة أنا عاطل /ة في مواقع التواصل الاجتماعي ..فسجلت ال(اللايكات) بعشرات الآلاف للتواجد في مكتب الوالي..فعملت العقلية عملها..فجاء العشرات فقط.
وهكذا صارت هذه العقلية المشككة في أي شئ..سبباً في تفويت عشرات الفرص ضد النظام ..فواقعة كشف الفساد الحكومي لم تقابلها ولا تظاهرة واحدة..والتأثر بالسيول في العام الماضي مر مرور الكرام..وضربتنا اسرائيل مرة ..(وانا اعييط) كما قال عادل إمام..وثانية في بورسودان..والثالثة في قلب الخرطوم..وهكذا اعتقل ابراهيم الشيخ واعتدي على عثمان ميرغني وهدد عووضة وجاء الخريف ليدمر مرة أخرى وانا اعيييييط .
ولا يقتصر الأمر علي السياسي.. فقد تذكرت بالأمس وأنا أشاهد سهرة معادة في قناة النيل الأزرق مع مرسيل خليفة وهو ينتزع التصفيق المستحق في المسرح القومي من الجمهور السوداني بثلاث آلات فقط ..كيف أحبط الناس موسيقارنا الرائع محمد الأمين عندما قدم تجربة بالعود الذي يبرع في عزفه مع المرحوم بدر الدين عجاج المبدع في آلة الآورغن..حتي وئدت التجربة..وانظر في الساحة الفنية اليوم ونحن نسيّد فيها غرباناً تنعق بالآورغن فقط .واذرف ما شئت من الدمع .
وفي المجال الفكري تأملوا ما نفعله بالدكتور حيدر ابراهيم صاحب معهد الدراسات السودانية.. ولو كان الأمر أمر حكومة لما تعجبنا… فلا (يلكن) في فعل معهد الدراسات السودانية إلا دكتور عبد الله على ابراهيم بتناول خصال حيدر تشنيفاً وازدراء.. فإي معادين للنجاح والمبادرات نحن ؟
سادتي الأفاضل وسيداتي الفضليات وشبابنا المرتجي..لن نستطيع أن ننظر إلي ضوء الشمس.. ولن نتنسم عبير الأزمنة المقبلة ..إلا اذا تحررنا من هذه الذهنية ..ورحم الله شاعرنا الدوش ..حين اكتفى بالحلم في رائعته مع الهرم الراحل وردي عندما قال.
أنا بحلم.. إني في اكوان بترحل من مراسيها
عصافير نبتت جنحات وطارت للغيوب ليها
مسافر من فرح لي شوق ونازل ىي حنان ليها
واغني مع مراكب جات ..وراها بلاد حتمشيها
***********************************
ويختم هذه الروعة قائلاً بمرارة :
وانا بحزن..لي سفن جايات ..وما بتلقي البلاقيها
فهل حان موعد لقياها ؟ أتمنى ذلك .. ولا أكتفي…

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..