وداعا الأستاذ كافور 1934 ? 2014

(@) عُرِفَ في قريته البُويْضَاء ،أحدي قري مشروع سكر الجنيد باسم (الأستاذ) ، علي الرغم من وجود عدد كبير من أساتذة المدارس الا أن الجميع يدركون بأن المقصود هو الأستاذ أحمد الطيب الفكي الذي ودعته قرية البويضاء يوم أول أمس الاثنين إلي مثواه الأخير بعد حياة ذاخرة بالعطاء والتضحيات ، الأستاذ المرحوم يمثل حقبة تاريخية هامة للرعيل الأول الذين هاجروا من أجل تلقي العلم في أرض مصر الكنانة و عادوا محملين بالعلم والتجارب الإنسانية التي غرسوها في الأجيال اللاحقة .

(@) الأستاذ احمد الطيب الفكي التقيته قبل 3 أعوام في مسقط رأسه بقرية البويضاء وكان عمره في أواخر السبعينات ورغم اعتلال صحته إلا أني وجدته في معية بعض الطلاب الممتحنين للشهادة السودانية يقوم بتدريسهم مادة اللغة العربية المتخصص فيها تطوعا وبلا مقابل ووقتها شعرت بالاطمئنان بأن ذاكرة الرجل لن تخذلني وهو يستحضر كل قواعد اللغة وفنون البلاغة والأدب . كانت زيارتي بصدد ثقب ذاكرته لتسييل فترة تاريخية هامة بحثا عن آثار مصطفي سعيد بطل رواية موسم الهجرة للشمال حيث غادرا سويا إلي مصر والتقيا هنالك كما تقول الرواية وتؤكده سيرة الأستاذ .

(@) الأستاذ احمد الطيب و منذ طفولته يتصف بالتمرد والطموح ، تم فصله من معهد الحصاحيصا العلمي لاشتراكه في مظاهرة كان يقودها الأستاذ الشهيد محمود محمد طه اعتراضا علي قيام سلطات المستعمر باحتجاز مواطنة من رفاعة قامت بختان ابنتها أودعت سجن الحصاحيصا . التحق (الأستاذ) بمعهد أم درمان العلمي و تم فصل أيضا لمواقفه السياسية .الصدفة وحدها جمعته بالأستاذ والدبلوماسي والمذيع في BBC لندن الراحل علي أبوسن في مسجد الحصاحيصا ليسافرا سويا إلي مصر للالتحاق بالأزهر الشريف وهنالك تراكمت الكثير من الأحداث والذكريات الهامة .

(@) الأستاذ أحمد الطيب الفكي التحق بالحركة السودانية للتحرر الوطني (حدتو) نواة الحزب الشيوعي عام 1954 بعد أن فشل الإخوان المسلمون في استقطابه بواسطة علي عبدالله يعقوب رغم لقاءاته التي تمت مع الغزالي و حسن البناء والهضيبي حيث استطاع مع الأديب الشاعر تاج السر الحسن وآخرين الكتابة في صحيفة دار السودان مقالات ثورية باسمه الحركي (كافور) وتمكن مع الزملاء المصريين بتوزيع منشورات مناهضة للاستعمار البريطاني في كل من العباسية وحلمية الزيتون واستمر مناضلا في (حدتو) حتي عام 1958 ليؤسس فرع للحزب الشيوعي السوداني في مصر.

(@) عند عودته للسودان مطلع الستينات لم يتم توظيفه بسبب شيوعيته ليغادر إلي السعودية ويعمل معلما لأصول الدين وعندما يعود في عطلته يواصل في تدريس المادية الجدلية في المدارس الحزبية . عاد إلي السودان وعمل بالمدارس الثانوية في شندي و كبوشية والخرطوم و أم دوم حتي تم فصله في عقب انقلاب يوليو 71 ليعمل في مدارس الحلة الجديدة بالخرطوم حتي تقاعده ظل يواصل نشاطا مجتمعيا مميزا في قريته . رحم الله ( الأستاذ) رحمة واسعة فقد كان صادقا ، شجاعا ، كريما وسودانيا أصيلا ،العزاء لرفيقة دربه الحاجة زبيدة ولأبنائه ولجميع أفراد أسرته و أصدقائه.

[email][email protected][/email]