عبود يا ودود

حب الوطن من الإيمان.. والوطنية الحقة ليست سلعة في الأسواق تباع وتشترى.. الوطنية تغرس وتزرع داخل الوجدان منذ الصغر ونعومة الأظفار لتدوم طويلاً كالنحت والنقش على الأحجار، عكس الوطنية الزائفة التي تكتب على الرمال والبحار والتي لا تصمد أمام الريح الصرصر والأمواج العاتية فتذهب سريعاً كالبرق..
أجد نفسي وضالتي عبر الكتابة نثراً وشعراً عن الدول والمدن والقرى لأن المساحة حرة وواسعة.. وكانت مصر قد حظيت بالاثنين معاً وكذلك السعودية، وتصدرت بورتسودان المدن بالأسبقية والأقدمية لأن ذكريات الشباب كانت بأجمل مدن السودان، لم تزل باقية رغم الرطوبة التي كانت تصل إلى المخ والمخيخ لدرجة كانت تفقدنا التوازن في بعض الأحيان وأوشكت في إحداث الصدأ على صدى تلك الفترة الزاهية (ألا ليت الشباب………) تلتها القاهرة وجدة وعطبرة وكسلا ودلقو.. فيما انفردت صواردة لأنها أخذت من المدينة نصيبها مثلما القرية.. معظم قرانا وإن كانت عابرة نلت شرف ذكر الاسم صراحة أم كناية..كان لعشقي عبود نصيب (حديقة الحيوانات) كلها وليس الأسد منفرداً، واستشهد به في الكثير من مقالاتي ومحاولاتي الشعرية ولولا إصرار أخي العزيز جبارة لإعطاء هذه القرية العزيزة على الكل الجزء اليسير من الكل الكبير لما أقدمت على هذا الثناء والإطراء لأن عبود أكبر من أن توصف أو تؤلف له المجلدات والكتب ولن أُكثر في المدح لأني شهادتي في هذا اللامعقول عبود مجروحة.. عزيزي جبارة أنتم أولي قربى وجوار وأولى بكرم عبود الذي طال القاصي والداني، والأقربون أولى بالمعروف ولا شكر بينهم فإن شكرت نلوتى فأسمح لك بأن تشكر عبود.
من المسؤول عن كوارث حرائق النخيل بالولاية الشمالية؟؟!!.. هل سمعتم بأحداث مشابهة لها في الدول المختلفة والمتخلفة؟! عائدات النخيل هي العائل الوحيد لأهلنا وينتظرونه حولاً كاملاً بفارغ الصبر لسد الرمق وسداد الديون والمساهمة في إنشاء وتطوير بعض المشاريع الحيوية من أجل إنسان المنطقة ونهضته بعد أن غضت جميع الحكومات الطرف عنا سهواً أم عمداً وانشغلت بالمناطق التي تحمل السلاح وكما ذكرت في مقالي (دلقو.. الأول نوابغ الشمال) قبل أكثر من عام في جريدة الانتباهة، أن الشماليين لا يملكون يداً ثالثة لحمل السلاح فواحدة تحمل القلم والأخرى تحمل الكتاب.. لأن نهضة وتنمية المكان وترقية وترضية الإنسان لها ارتباط وثيق بالتمرد وحمل السلاح لكن تربية وأخلاقيات الشمال تمنعنا من فعل كل مشين، لذا أعلموا علم اليقين بأننا لن نقتل ولن ندمر ولن نحرق ولن نسرق ولن ننهب ولو عشنا على (الأسودين) إن تركوا لنا ما تبقى من النخيل.
ولتنفيذ وصية الآباء والأجداد (جدودنا زمان وصونا على الوطن).. ولنبني (وطن عالي.. وطن شامخ.. وطن عاتي ديمقراطي).. إذا أردت معرفة مدى حبك للوطن، فلا تفرح بكارثة حريق للبيوت أو النخيل تحل هنا وهناك عندما نصل لهذا النضج الفكري لن تكون الصورة مقلوبة ومشوشة لنرى عبودنا وقرى الشمال مثالاً يحتذى به.. وحينها لابد من أن يواكب موسم الهجرة إلى الشمال موسم حصاد (البلح) لنوقف الحرائق بالعودة والكلمة الحسنة لا بالبندقية التي نسمع عنها، وهذا ليس بالصعب ولا بالمستحيل!!.
الأخ العزيز جبارة أهديك هذه المحاولة الشعرية الني نظمتها في عشقي (عبود) بحاج نركي الحبيبة يوم 10/6/1981م.

عبود.. وطن الجدود
الله يرعاك يا ودود يا عبود
الجود رضعت من كرم الجدود
أنت في كل البلاد مثل الورود
أنت متحرر عبود بلا قيود
الله يرعاك يا عبود
أحييك تحية الحب الشديد
محال محال نرضى بالحب الزهيد
أنت ماضيك زاخر وتليد
بغني من فؤادي كل عيد
بالمستقبل الشباب ياما يشيد
والرجال بالقوة ما فاقوا الحديد
لا يملوا من العمل زي الحديد
الله يرعاك يا عبود
بالتعاون وفروا العيش الرغيد
برضو لسه من العمل عايزين مزيد
بلا ركود يا عبود من جديد
الجني يا أهلنا في القريب المابعيد
يا مفخراً للكبار والشباب والوليد
يا عبود البعيش فوقك سعيد
والمفارقك ما ينوم يا عنيد
الله يرعاك يا عبود
مهما الفراق يستحيل ننسى العهود
الكلام بنقوله قدام الشهود
والجمال مرتبط بس في الحدود
ندعو ليك في القيام قبل السجود
الله يرعاك يا عبود

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..