خوارزمية غاندي السودان للقضاء على الكيزان … مضمونة ومجربة

تختلف تعريفات الناس للنموذج الانساني الشرير، والكينونة العدوة لأهل السودان الآن، المسماة كيزان، ونعني بها حصريا مجموع الصفات السيئة التي تجسدت في هذا النظام الضد لنا ولأهلنا ولمستقبل احفادنا ووجود شعبنا ووطننا . ولأعوانه وأزلامه وتروسه التي تعين آلته الشريرة على الدوران المدمر فوق رؤوسنا وأعمارنا ولدى كثير من الناس تعريف يخصهم مفاده أن الكوز “هو الزول البيحاول يكون عنده ارتباط ما بالدين.” ولكننا نجد أنن هذا التعريف الشائع يفشل في أن يكون صحيحا عند تعريضه للاختبارات الموضوعية والتي منها أن أكثر السودانيين تضادا وتناقضا وتمايزا عن الكيزان كان هو الاستاذ الشهيد محمود محمدطه، رحمه الله تعالى وأدخله فسيح جناته .
هذه الحقيقة قد”تحرقنا” جميعا، بكل معاني الحرق قريبها وبعيدها وقديمها وجديدها، وراندوكها وكوتشينيها، وعصبيها وغير ذلك، بما فيها ذلك المعنى الموجود في قولهم “فلان داك حرق تش” بمعنى طاب حاله وأداؤه ومسيره ومصيره .لكننا برغم كل هذا الحرق والحرقة والحريق والانحراق والاحتراق والتحرق لا نستطيع أن نغالط فيها قيد “خرخرة” فالاستاذ الشهيد هو الأكثر اجتهادا في السودان وربما في الكوكب، لاجتراح منهج يتسم بالانسانية والعملية ويوائم بين تزكية النفس والاخلاص للحق والإحسان للخق، ويوافق بين جوهر الدين وبين جوهر المنجزات الانسانية الخيرة في هذا العصر. وكان هو مع ذلك (وربما لأجل ذلك) أبعدنا وأقصانا فهما وطبيعة وسلوكا وحياة وموتا وفكرا ووعيا ونصيحة عن الكيزان، شئنا أم أبينا، اختلفنا مع أفكاره ونهجه أو اتفقنا.
لا ينبع اضطرارانا لتذكر هذه الحقيقة والتذكير بها من رغبة في تمجيد الاستاذ أو الترويج لفكرته الجمهورية. فالمعلوم أنهما غنيان، وأننا بعيدون، عن ذلك. هذا الاضطرار ينبع من رغبتنا في الترويج لهذه الخوارزمية الموسومة في عنوان هذا المقال بهدف القضاء المبرم على الآفة المتلافة المسماة (كيزان) والتي دمرت الانسان وأفسدت وسممت المكان والزمان في وطن اسمه السودان.
كلمة خوارزمية هي مصطلح (ملطوش) من علوم الحاسوب وفضاءات البرمجة الكومبيوترية ويعني منطق (أو طريقة) حل مشكلة أو إنجاز مهمة مفصلا في خطوات تمهيدا لترجمته للغة البرمجة التي يقبلها وينفذها الحاسوب في نهاية المطاف و إذا حاولنا النظر للأستاذ محمود محمد طه بتجرد وتجريد بعيدين عن موقفه من الدين الإسلامي، وفهمه لهذا الدين. وبغض النظر عن موقفنا نحن من الإسلام، ومن فهم الاستاذ للاسلام، سلبا أو إيجابا. فلا شك أننا واجدون فيه نموذجا شبيها لأستاذ الهند المعاصرة المهاتما غاندي، من حيث انتهاجه للاعنف، ومن حيث اعتداده بوطنه وإخلاصه له، ومن حيث الطريقة الزاهدة التي اختارها أسلوبا للحياة وطريقة لشق الدروب الصعبة المغايرة للوصول إلى الجماهير التي هي الغاية والوسيلة لتحقيق الفكرة التي تعتمل بعقل كل منهما، ومن حيث استعدادهما القبلي المعلن المستميت للتضحية في سبيل ما يؤمنان به لأقصى الأمداء الممكنة، ووصول هذا الاستعداد لنهاياته المنطقية والحتمية بالموت صريعين ? كليهما- برصاص المنغلقين والضيقين شهيدين لما ظلا يناديان به طوال حياتهما. من هذا المنطلق، ولإبراز هذه الحقيقة الأخرى بشأن الاستاذ محمود، كنينا عنه ب(غاندي السودن) ولو أننا كنا منصفين لسمينا المهاتما غاندي ( محمود محمد طه الهندي). وتتلخص خوارزمية غاندي السودان للقضاء على الكيزان، إذا اتفقنا على أنه كان فعلا أشدنا تمايزا وتضادا وتناقضا معهم، فيما يلي :
1- ندرس صفاتنا السلوكية اليومية بشكل دوري، كل اسبوع ، أو كل شهر، أو كل شهرين، حسب قدرتنا على “التغيير” والاجتثاث الذاتيين. أي هذه الصفات أقرب للكيزان وأبعد عن الأستاذ
2- نقوم باستهداف هذه الصفات السلوكية المقيتة بالتغيير، بذات الطريقة التي يجتهد بها أولى العزم منا لإنقاص الوزن أو كمال الأجسام أو التخلص من الإدمان، أي إدمان ضار، للكحول أو البنقو أو النيوكتين أو الكافيين أو إلخ، حتى نقضي عليها (هذه الصفات السلوكية الكيزانية فينا) قضاء مبرما.
3- نكرر الخطوة 1 مرة أخرى ، حتى نصل إلى حالة لايوجد صفات سلوكية كيزانية (وأنى لنا ؟)
4- انتهى (بعد تكرار الحلقة عددا كبيرا من المرات طبعا)
طريقة صعبة نعم . ولكنها سهلة أيضا. غير سياسية وغير عسكرية وغير مثقفاتوية؟ نعم أيضا ولكنها قمينة أن تخترق وأن تحقق انتصارات ليس بوسع كل السياسة ولا كل الثقافة ولا كل العسكرية أن تحققها . فيها (نجرة وقطع أخضر)؟ ربما، ولكنها الحقيقة. فالكيزان موجودون وفاعلون وضارون ومضرون ومؤذون ومدمرون ومخربون بمجموع صفاتهم السيئة والكيزانية . ونكون (نحن) (هم) بنسبة مئوية تكبر وتصغر بحسب وجود صفاتهم المقيتة فينا.
فإذا أكرمنا أنفسنا ورحمناها بتجريب هذه الخوارزمية المجربة منذ آدم وحواء وهابيل وقابيل في صراع أي انسان مع نفسه ومع غيره، نكون قد أنتجنا تلقائيا عددا لانهائيا من القراءات والمقاربات لنبوءته البصيرة التي تتحقق يوميا امام اعيننا “نهايتهم فتنة بينهم ” يرتكز معظمها على تحريك وتفكيك وخلخلة وهزهزة الضمير المتصل هم في هذه النبوءة بواسطة هذه الخوارزمية
اقرءوا كلام الأستاذ محمود محمد طه هذا .. وتتدبروا يا أولى الألباب.. بقلم: بروفيسور احمد مصطفى الحسين
الخميس, 31 تموز/يوليو 2014 10:04
في كلمة نشرت بجريدة ( أنباء السودان ) يوم 6 / 12 / 1958م جاء فيها: (دعاة الفكرة الإسلامية في هذا البلد كثيرون،ولكنهم غير جادين ،فهم لا يعكفون على الدرس والفكر ،وإنما ينصرفون إلى الجماهير، يلهبون حماسهم ،ويستغلون عواطفهم، ويجمعونهم حولهم بغية السير بهم إلى ما يظنونه جهلا دستورا إسلاميا..وهم إتما ينصرفون عن الدرس والفكر ، ظنا منهم أن الفكرة الإسلامية موجودة ومبوبة ومفصلة ، لا تحتاج إلى عمل مستأنف ولا إلى رأي جديد .. فلست أريد أن أشق على أحد من دعاة الفكرة الإسلامية، فإن أكثرهم أصدقائي، ولكن لا بد أقرر أن في عملهم خطرا عظيما على الإسلام وعلى سلامة هذا البلد.. ثم يجب أن نغرف جيدا أن الإسلام بقدر ما هو قوة خلاقة خيرة إذا ما انبعث من معينه الصافي ، واتصل بالعقول الحرة وأشعل فيها ثورته وانطلاقه ، بقدر ما هو قوة هدامة اذا ما انبعث من كدورة النفوس الغثة، وأثار فيها سخائم التعصب والهوس.. فإذا ما قدر لدعاة الإسلام الذين أعرفهم جيدا، أن يطبقوا الدستور الاسلامى الذى يعرفونه هم، ويظنونه إسلاميا ، لرجعوا بهذه البلاد خطوات عديدات إلى الوراء ، ولأفقدوها حتى هذا التقدم البسيط، الذي حصلت عليه في عهود الاستعمار ، ولبدا الإسلام على يديهم، كأنه حدود، وعقوبات، على نحو ما هو مطبق فى بعض البلاد الاسلامية ، ولكانوا بذلك نكبة على هذه البلاد، وعلى الدعوة الاسلامية أيضا ) .. انتهى..
الأستاذ / فتحي البحيري قرأت مقالك هذا وأعجبني كثيراً مستوى تفكيرك وعباراتك الرصينة وأنا منذ اليوم خوارزمي على السكين وحقيقة أنها أكثر طريقة مقنعة للتخلص من هؤلاء الملاعين وأن تتحقق نهايتهم بسلوكهم المعفن والمنبوذ… صدق من قال السودان لن يموت طالما فيه نساء مثل من ولدتك
تحية كبيرة