شعب الله المختار وشعب الله المحتار..!!(1) نفس الملامح والشبه

اليهود يقولون نحن شعب الله المختار والإسلاميون أيضا ولكن بطريقة أخرى.
“مصطلح «الشعب المختار» ترجمة للعبارة العبرية «هاعم هنفحار»، ويوجد معنى الاختيار في عبارة مثل «عم سيجولاه»، أو «عم نيحلاه» أي «الشعب الكنز». وإيمان بعض اليهود بأنهم شعب مختار مقولة أساسية في النسق الديني اليهودي، وتعبير آخر عن الطبقة الحلولية التي تشكلت داخل التركيب اليهودي وتراكمت فيه” [د. إلياس مضوي، ماذا تعنى شعب الله المختار- الراكوبة: 08-03-2014].
فأنا على يقين تماما بأن هذا المصطلح من صياغة اليهود والذين هم بشر، وذلك للإستعلاء وإقصاء الغير، وللتمييز بين الشعوب والقبائل ولا يمكن ان يأتي من الله تعالى أبدا. فالله تعالى لا يتعامل بالإنتقائية مع الناس، إذا أنهم في نظره كلهم خلقه وبشر سواء. فيقول الحق تعالى: ((يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير)) [الحجرات: 13].
تجارة بالدين وتلاعب بالأسماء: الإسرائيليون والإسلاميون..
وقد يقول قائل: “طيب ما الله سبحانه يقول: ((وإني فضلتكم على العالمين))، لماذا تغالط “!.
أنا معك إنهم فضلوا ولكنهم ليسوا الأفضل، وفضلتكم فعل ماضي، ولقد كان التفضيل في ذاك الزمان فقط وليس إطلاقا. وبماذا فضلوا؟: فضلوا لأن الله كان يبعث من بينهم الأنبياء والرسل. فهم أكثر الناس في الدنيا الذين أرسل الله إليهم أنبياء ليعتصموا بدينه سبحانه. ولكنهم لم يراعوا هذا التفضيل وحرفوا دين الله ليسموه الدين اليهودي.
وينسف الله تعالى زعمهم بأنهم الأفضل بقوله تعالى: ((وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق)) [المائدة: 18]. ويؤكد إنهم بذلك أدخلوا أنفسهم في جدل المسميات الذي لا ينتهي وسيفصل الله بينهم هذا الجدل يوم القيامة. ((وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون)) [البقرة: 113].
إن دين الله واحد وهو الإسلام لوجه الله سبحانه وتعالى ولكن صيغت تلك المسميات الدينية للتفريق بين دين الله الواحد وليدعي كل واحد منهم إنه هو الصحيح. فاليهودي يقول أنا الصحيح، وكذلك المسيحي والمسلم ولا يعلم أحد ما على دينه إلا من هو مسلم لوجه سبحانه. ولما كان رسول الله هو خاتم الأنبياء والمرسلين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم رسولا لكل العالمين والبشر ما كان لدين الله أن يحده أناس معينون، فكل له مسلمون، ((ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا)) [النساء: 125].
وقد دخل بعض المسلمين في خط التجارة بالدين والتلاعب بالأسماء كما فعل بني إسرائيل وسموا انفسهم بالإسلاميين ليتميزوا عن المسلمين ولم يرجعوا لمسماهم الذي أطلقه عنهم أبو الأنبياء وأقره الله تعالى لهم في القرآن.
ولقد أفسد جزء من أهل الكتاب دين الله من قديم الزمان ليجعل هذا الفساد ينتقل إلى المسلمين. ليقوم رجال الدين بتقسيم الناس إلى معسكرين لا يقبل القسمة على إثنين.
الحركة الصهيونية والحركة الإسلامية..
يقول جيمس فريزر صاحب كتاب “الفولكلور في العهد القديم” في بدء كتابه: وقد حاولت في هذا الكتاب أن أسير علي هدي الدراسات الفلكلورية متعقباً بعض معتقدات الإسرائيليين القدماء وأنماط سلوكهم العملية والفكرية في المراحل الأكثر قدماً وفجاجة، تلك التي تشبه ما نجده لدي القبائل البدائية التي تعيش حتي اليوم من معتقدات وعادات. وإذا كانت حققت أي قدر من النجاح في هذه المعادلة، فإنه سيكون من الممكن النظر إلي تاريخ بني إسرائيل في ضوء أكثر صدقاً وإن يكن أقل رومانسية، بوصفهم شعباً لا يميزه الوحي الإلهي عن غيره من الشعوب ذلك التمييز العجيب، بل شعباً تطور كبقية الشعوب من مرحلة بدائية يسودها الجهل والهمجية، وذلك عن طريق عملية انتخاب طبيعي بطئ”.
وبعد ألاف السنين جاءت الحركة الصهيونية بإسترجاع الفكرة ليقيموا دولة إسرائيل في دار الهجرة، الأرض الموعودة.
أما الإسلاميين فأنظر ماذا قال مؤسس حركة الأخوان المسلمين “حسن البنا” في كتاب (حديث الثلاثاء) الذي جمعه تلاميذه عن إجابته لسؤوال: لماذا كانت أكثر القصص التي عُني بها القرآن هي قصة بني إسرائيل؟! و لماذا أخذت الجزء الأوفى من قسم القصص في القرآن الكريم؟!.
فأجاب:-
“السبب الأول: هو كرم عنصر هذا الجنس! و فيض الروحانيه القويه التي تركزت في نفسه!! لأن هذا الجنس قد إنحدر من اصول كريمة! لهذا ورث حيوية عجيبة! و إن كان قد أساء إلى نفسه و إلى الناس بتوجيه هذه الحيوية فيما بعد إلى ما لا ينفع!. إنحدر هذا العنصر من يعقوب بن اسحق بن ابراهيم، فورث الروحانيه كابراً عن كابر!.
السبب الثاني : أن هذا الجنس يمثل حيويه لم يظفر بها جنس كما ظفروا بها، و كما أن هذه الحيويه كانت مصدر تزكيتهم.”
أنظر لهذا التبجيل والتفخيم والجاهلية. ويبدوا عليه إنه تأثر تأثرا كبيرا بوهم فكرة الشعب المختار. فالإسلام جاء ليزيح جدار العنصرية والتفاخر بالأنساب. وإذا كانت القضية بالنسب لكان أبولهب من أول المشمولين بهذا التفضيل والإختيار.
ولقد كشفت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون في مذكراتها والتي جاءت في كتاب بعنون “الخيارات الصعبة” والذي يكشف عما يحدث خلف الأبواب المغلقة لرجال السياسة، إتفاقهم مع الأخوان المسلمين بإعلان دولة إسلامية في المنطقة و الإتفاق مع بعض أصدقائهم على الاعتراف بـها فور إعلانها. وقالت إنها زارت 112 دولة في العالم لشرح الدور الأمريكي إزاء مصر وتهيئة الجو للحكم. ولكن حدث مالم يكن لهم في الحسبان. فتأمل مدى التآمر الدولي لإقامة مشروع دولتهم وخداعهم للبسطاء بأمريكا قد دنا عذابها وبأنهم أسياد العالم.
مصطلح شعب الله المختار جاءت به الحركة الصهيونية بقولهم إن دينهم دين ودولة، ولذلك لابد لهم من إقامتها والبحث عن تميزهم فسموا أنفسهم شعب الله المختار. و بنفس الأيدلوجيا قامت الحركة الإسلامية وتنظيماتها والجماعات الإسلامية المختلفة، والتي من أهم بنود فلسفتها أن الإسلام دين ودولة، وزرعوا ذلك في الأذهان. ثم صاغت الحركة الإسلامية، بتفسيرات دينية خاطئة، مصطلح أستاذية وسيادة العالم، والتمكين للمسلمين في الأرض لإقامة دولة الخلافة والعاقبة للمتقين.
ومن هذا المنطلق إنبثقت كل الجماعات التكفيرية التي ترى أنها على الحق وغيرها على الباطل، ولا تقبل الآخر وتقتله ليسود حكم الله على أيديهم الطاهرة التي تتوضأ بدماء الناس، ولا ترى في ذلك حرجا إذا أنه ليس له أحقية في العيش الكريم كونه إنسان لا ينتمي إلى فسطاطهم. أنظر فقط لما يحدث في كل بلد يوجد فيها ما يسمون انفسهم بالإسلاميين.
إن الإسلاميين توحي تسميتهم بالإستعلاء والتميز ليقروا في النفوس ضمنيا إنهم أحباء الله. وبذلك هم مثلهم مثل الصهاينة الذين يقولون إنهم شعب الله المختار. إنهم يتلونون بمختلف الأسماء من حركة إسلامية، واخوان مسلمين، وجبهة قومية إسلامية، وحزب حرية وعدالة، ومؤتمر وطني وشعبي، وحركة إصلاح، وقاعدة وسلفية جهادية ونصرة وداعش وخبوب وربوب، فقسموا دينهم وكانوا شيعا وكل حزب بما لديهم فرحون.
وقد فرقوا الشعوب التي تقطن في رقعة واحدة على أساس الدين، بل بمذاهبهم وطوائفهم المختلفة، فضيعوهم وشردوهم وتركوهم في حيرة لا يعلم بها إلا الله، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
[email][email protected][/email]