من يهدي اليّ عيوبي..!

التحلي بالروح التي تتقبل النقد برحابة صدر بل والإستفادة منه لاسيما بالنسبة لمن يتعاطى الشأن العام المتعلق بحياة الناس كالشأن السياسي والوطني على سبيل المثال لا الحصر هو ما يجعل ذلك الشخص صالحاً لقيادتهم على أي مستوىً كان ..ذلك لأنه يعطي نفسه الفرصة ليراها بعينٍ تنظر و أذن تستمع اليه من خارج رأسه.

هي حكمة ٌ بليغةٌ قالها ? الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه..طالباً النقد والمناصحة من الأمة والبطانة الحسنة !
من يهدي لي عيوبي حتى أنظف نفسي من أوساخي و أقوّم اعوجاجي واستر سوءتي .؟
فنحن ككتاب رأي على تواضع ما نخطه حينما نوجه سهام النقد الصديقة لسلحفائية وتخبط معارضتنا في التعاطي مع محاربة هذا النظام الحاكم والمتحكم في مصير البلاد حتى بلغ سيله الزبا ..فإن ذلك من قبيل نقد الذات لأننا وإن كنا نحارب بسنان القلم نعتبر أنفسنا صفاً أمامياً في جبهات مناهضة ما يحدث لبلادنا من تمزيق وفساد وإفقار وإذلال لأمتنا ..!
ونعلم أيضاً ان الذين يحملون السلاح ويقبضون على ذلك الجمر الحارق لم يرتادوا هذا الدرب إلا إضطراراً حيال خباثات هذا النظام الماكر في تشتيتهم أو إستقطاب القاصية في عرج مشوارها من الحركات وسلخ جلدها عن عظمها ولحمها ، وكذلك التفافاته الدائمة على إتفاقات السلام التي يطبخها زبدة رخوةٌ في مساءات الفنادق الباردة لتذوب نهاراً في حرارة جحيمه الذي يؤججه على الأرض ويصبه عذاباً على أهلهم المسالمين بمختلف الذرائع والحجج لإطالة عمره و التظاهر بمظهر الذي يقاوم مؤامرة تتقصد الوطن و العقيدة ، والحقيقة إن أكبر المؤامرات هي أن يرتهن هذا البلد العزيز لسفه جماعة إستخفت بشعبه الذي ماهان أبداً بهذا القدر من الهوان إلا في ظل هذا العبث الماحق لمقدراته وترابه !
ولعل ما يراهن عليه هذا النظام هو ضعف المعارضة المدنية التي بلغ إستهتار سدنته حيالها أنهم لم يتركوا نعتاً من نعوت الإستخفاف بها والتهكم عليها إلا ووصفوها به !
بالأمس شاهدنا لقاء الأستاذ/ فاروق ابوعيسى رئيس التجمع الوطني في فضائية البي بي سي الذي توافق توقيته تقريباً مع إتفاق الإمام الصادق المهدي والجبهة الثورية في باريس القريبة من لندن التي يغشاها الأستاذ فاروق هذه الأيام زائراً، وكان حرياً به على الأقل أن يكون حاضراً ولو كشاهد على توقيع تلك الوثيقة مما سيعضد الشعور بوحدة أهداف المعارضة ككتلة على صعيد واحد !
رئيس التجمع و عبر حديثه ونحن نقدر خبرته السياسية والقانونية وحسه الوطني ووعيه الفكري المتقدم ، لكنه ظهر يتحدث وكأنه يقف وحيداًفي معترك يشوبه غبار كثيف حجب معالم وحدة وخطط المعارضة المدنية في مواجهة هذا النظام من خلال إستعادة ثقة الشارع الذي خمد محبطاً بعد ثورة سبتمبر التي وئدت مخنوقةً ليس بكف النظام وحده بادعاء القوة الأمنية وإنما بمعاونة ضعف كف المعارضة وعجزه عن أيقاف ذلك الخنق المأساوي الذي تمثل في سقوط ضحايا لو أن هنالك من تحرك للثأر لهم على الفور وفي فورة دمهم حاراً وقانياً على التراب الذي تشربه باسماً لما عدنا الى ذلك المربع المحبط..وهذا ما طرحته المذيعة المحاورة الذكية السيدة ملاك جعفر بصراحة شديدة وكانها تحمل المعارضة ممثلة في الأستاذ فاروق مسئؤلية فشل تلك الشرارة في الإنتشار والتمدد في عباءة النظام لا لتعريته فحسب بل لحرقه عند مكب نفايات التاريخ كله !
الجبهة الثورية من جانب آخر تدخل في تجربة مع أحد الذين أجهضوا تلك الإنتفاضة بتلوين عبارات المثالية السلمية أو المدنية لإسقاط الإنقاذ و كأن الشعب وهو يسمع ذلك الشعر الإنشائي يرد عليه ضاحكاً بالمثل القائل .. موت ياحمار حتى يأتيك الربيع !
ذات الإمام مع أننا نقدّر له مكانته السامية وفكره الثاقب دون تبخيس هو ّ الذي أعمل مفاتيحه في تفكيك صواميل التجمع الوطني بتوقيع إتفاق جيبوتي .. وهو نفسه من شجب وثيقة كمبالا !
وكلام الإمام عن نبذ العمل المسّلح المتكرر في إنهزامية تريح النظام وتجعله مسترخياً ..الى درجة أن الإمام قد فصل إبن عمه ونائبه في حزب الأمة الأستاذ نصر الدين الهادي .. ومن ثم ياتي الإمام على حين غرة بذات الفعل الذي نهى عنه ويوقّع إتفاقاً تضامنياً مع الجبهة الثورية و أن لا يثير ذلك ريبة الجبهة أو ينعقد له حاجب حيرتها ليس له تفسير إلا مقولة الشيخ ود بدر الكبير ..حينما سئل إن كان قائد الثورة الفكي محمد أحمد مهدياً أم لا؟
فقال بذكاء الصوفي الذي لا يقع في الفخ بسهولة !
(إن كان مهدياً فجد لينا وإن لم يكن شن علينا)
فالإمام الصادق ايضاً إن كان له في توجهه ذلك نصيباً من إسمه لعل الجبهة قد تستفيد منه على الأقل في إزعاج السلطة بحركته الخارجية لسحب البساط من تحت أرجل النظام الحافية ليتوجع بالمزيد من رمضاء العزلة وهذا ما بدأ جلياً في طرق الإمام لأبواب الجامعة العربية ومن ثم نيته التوغل في أدغال الإتحاد الأفريقي لذات الغرض إندياحاً الى المجتمع الدولي وهو الذي قال في مرحلة ما إن البشير هو جلدنا ولن نجر فيه الشوك على خلفية مطالبة تلك المحكمة بالقبض على رئيس الجمهورية !
ولعل تناقض هذا القول في حق الرئيس المطلوب بالأمس القريب ..مع إنقلاب الإمام على وثبة حواره بعد خروجه من السجن قبل سفره ، مهما يكن ليس غريباً على داب الإمام المحيّر، لكن يظل فيه جانبٌ إيجابي يبرز من خلال إتفاق الثوار وإمام الأنصار إن لم تنسفه مزاجية الأخير وتقلبات مواقفه وتناقضاته التي يعيبها كثيراً وبالدرجة الأولى وجود أبنائه كتروس في مفاصل السلطة الدستورية والأمنية بينما تقبع إبنته في غياهب سجون النظام الظالم ، فكيف إذان سيستقيم ظل توجهاته لإسقاط الإنقاذ وإعوجاج عوده في الجزئية الأخيرة لا تخطئه عينٌ أو يتجاوزه عاقل أولا يفهمه إنسان !
لن يقتنع الشارع بجعجعة طاحونة المعارضة إلا إذا لمس دقيقاً منثوراً في كفه ليرفعها هاتفاً بسقوط جماعة الإنقاذ سواء بالإضراب المدني أو الإنتفاض السلمي أو عبر صندوق الذخيرة ..حيث ان سقوطها بصندوق الإنتخابات المزعومة هو سراب سيزيد من عطش التائقين للإرتواء من جدول الديمقراطية المالح الماء والمتقطع ضعيفاً في حقل مشروع النظام الذي إحترقت اوراقه وتنتظر من يزيح ركام أوسخاها عن سكة مسيرة الوطن التي توقفت كثيراً خلف ذلك التل المعيق !
والله من وراء القصد.
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. يا برقاوي
    ما قلته حسُنْ ويجب دفع الصادق إلي الأمام وسد جميع الطرق خلفه فهو رغم إنه سياسي ولكن هو أب أيضاً ويدرك تماماَ إن إبنيه سيدفعون ثمن إنتمائهم للأخوان المسلمون في حالة سقوطتهم وهذا هو السر في تراجع الصادق المهدي عن الوقوف ضد النظام ولذلك يجب أن يعرف تماماً إن النظام ساقط به أو بدونه ومن الأفضل لأبنائه أن يسقط النظام بيد الصادق فتكون له فرصة الدفاع عن أبنائه أمام المحكمة بأن يقول هو الذي أرسلهم لتفتيت النظام من الداخل ولكن إن كان هو ضد التغير فلن يستطيع أن يقف بجانب أبنائه وأتمني أن يدفع الجميع بالصادق لمواصلة الكفاح بدل الدفاع عنه هنا وهناك ولك تحياتي .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..