رد للأخ الدنقلاوي حول تعليقه على مقالي حول رواية شاورما

الاخ الدنقلاوي كتب مشكورا تعليقا على مقالي الانطباعي حول رواية شاورما للروائي عماد البليك، وجدت من المناسب ان أكتب له ردا هنا حيث المقال نفسه قد هبط بسرعة الى الأسفل. ردي هو في الواقع مجرد وجهة نظر إنطباعية حيث أنني لست بناقد.
[الدنقلاوي]08-19-2014 07:53 AM
مشكلة الرواية أو كتابها في السودان أنهم يكتبون الرواية بروح الشاعر .. وأنت تقرأ لسوداني تشعر أن الشاعر يحلق فوق رأسك أو رأس الكاتب .. حتى انت يا الملك وأنت تحكى عن الشمالية أو الكمبو والكشة وبؤس الناس تحكيها باحساس الشاعر من القلب والأحشاء! مشاعر، وليس رؤى ومشادهات ذهنية كما يجب أن تكون الرواية، الخيال الشعرى لا يخلق رواية حتى لو ملأناها بالواقع المر .. ساكن في (مايتبقى من الليل في آخر الليل) – لو صح العنوان – هو شاعر صريح وحتى في “الجنقو مسامير الأرض” لا تنفك كآبة الشاعر تتبعك .. الرواية السودانية تفتقر لسخونة الواقع وبرودة التأمل الذهني والملاحظة الذكية عن الإنسان وتحفل بتهاويم الشاعر التي لا تشبه سحر الرواية والذي مهما فارق المنطق لا يفارق الواقع .. هذا الإحساس هو ما شردني من الرواية السودانية وهو بالطبع ليس لا يلازم كل الكتابات
المهم .. نبقى على الدوام نشيد ونمدح كل المحاولات في كل ضروب الكتابة في السودان فهي سباحة ضد تيار الشفاهة والأمية “وقلة قيمة الكاتب في بلد لا يقرأ”
واصلوا الكتابة بربكم لنواصل نقدكم بطرق لا تنتمي للنقد الأدبي بصلة
———————
سلامات يا عزيزي الدنقلاوي، وشكرا لتعليقك الذكي. في كتابتك روح الناقد واهمها انك تكتب بمحبة، تبحث فعلا عن شئ تؤمن به. نحن مجرد هواة في مجال النقد، الرواية في تقديري حافظت على موقعها المتقدم بسبب ثوبها الفضفاض الذي يحتمل كل شئ داخله. مثل سفينة نوح، فيها من كل زوج بهيج. مثل لوري السوق في الشمالية. احدهم يحمل عتودا للبيع، آخر يحمل ديكا، وإمرأة تحمل ترمسا أو (جنا دجاج) وآخر يحمل دفا، آخر يحمل (مبخرا) ليبخر الناس في السوق بالنقود! مجرد أن أنفك موجود فوق وجهك سيعني أنك إشتريت بضاعته حين يعبر أمامك! فلا مجال لرفض الدفع، والا سيكون شعاره في المرحلة القادمة: الدفع قبل الشم!
واحد يمدح وآخر يغني، وواحد يتكلم في السياسة، وآخر برة راسه ، واحد يسأل المرأة التي تحمل الدجاج الى السوق عن الفترة الزمنية التي سينتظرها قبل أن يتمكن من مجامعة زوجته التي وضعت حديثا، تقول له: اربعون يوما!
لكنه يشكو ان المدة طويلة، يتحدث معها برجاء ويشرح ظروفه الصعبة وكأنها تستطيع تخفيض المدة! لكنها تقول له كنيقا سبري.
الرواية يعتبرها الكثيرون أكثر الاجناس الأدبية حدودها مفتوحة لتتداخل فيها الاجناس الاخرى. حيزها الزمني كبير، لا يعني ذلك بالطبع ان يسئ الكاتب استخدام هذا الزمن الواسع فيما لا يفيد. حين دخل الشعر الى الرواية، مؤكد ان الغرض سيكون استيعاب ايجابياته، تخفيف جفاف الحكي، للاشياء كلها موسيقاها، القصة نفسها في اعتمادها على خطي السرد والوصف، تميل حين يغلب الوصف على السرد لتصبح رواية وحين يحدث العكس تصبح قصة قصيرة. الوصف سيرتبط في الغالب بالشعر، علاقة الشعر بالرواية قديمة قدم إلياذة هوميروس وصولا الى شكسبير.
في تقديري ان الرواية الحديثة خصوصا في الغرب تميل الى الواقعية، تتراجع فيها مساحة الاسلوب الشعري. ربما تماشيا مع سمات العصر الجديد، لا وقت سوى للدخول مباشرة للموضوع. أذكر ان ناقدا هولنديا كتب مقالا نقديا عن رواية الخريف ياتي مع صفاء. حين قرأتها كأنني أقرأ في دراسة جدوى لمشروع ما. يركز نقده على الفكرة العامة للكتاب، وهل استطاع الكاتب معالجة تلك الفكرة وتوصيلها للقارئ؟ اما البناء الشعري والليل الذي يرخي سدوله .. الخ فقد مر عليها مرور الكرام.
بعد ترجمة أية عمل رواية أو قصة، تجلس في العادة مع محرر متخصص يناقش معك الاشياء غير الواضحة في الترجمة ويقترح إستبدال عبارات أو كلمات، إحدى القصص كنت إستخدمت فيها هذهذ العبارة:
وفي البداية أحدث نبأ ظهوره إحساسا بالقهر لدى أكثر المسنين خبرة!
لم يبد عليه الاقتناع وتساءل لماذا حين يظهر شخص ما يعاني شخص آخر لديه خبرة إحساسا بالقهر!
أضعت وقتا طويلا لأشرح له مغزى العبارة والمستويات التي تعيش الشخصية الرئيسية للقصة بينها، بين الحقيقة والخيال. بين الماضي والحاضر، ربما يفسر ذلك عدم شهرة الشعر الهولندي مقارنة بالرسم الذي ينتمي إليهم عدد من أساطينه العالميين مثل فان خوخ ورمبرانت وغيرهم.
في تقديري ان الاسلوب الشعري مهم داخل الرواية بشرط الا يخل بتوازنها وتوازن الحكاية والرسالة التي تحملها الرواية. قرأت مرة مقالا لكاتب تونسي يعيش في الغرب يلقي باللوم على الاسلوب الشعري الذي تكتب به مستغانمي بإعتبار ان مثل هذا الاسلوب هو الذي يجعل الرواية المكتوبة بالعربية لا تجد سوقا او قراء في الغرب.
ولك شكري مجددا أخي الدنقلاوي
أحمد الملك
[email][email protected][/email]
رواكم اللة من ما زمزم ايها المهمومون بالرواية والحكى فى زمان طارت فيه عصافيرناز
فرحان
عندما تكتب يا استاذ أحمد نجد متعة كبيرة في تمعن و تمحيص الكلمات، لله درك فقد أوصلت صوت بلادنا إلى العالم فترجمت رواياتك إلى عدة لغات، لكنك و للاسف ما زلت مجهولا في بلادك لحد كبير
كل التحايا
عزيزي الملك..سبق وان علقت على ما تقدمه من عمل جميل في حقلك … نتمنى لك التوفيق…تعليقك علي
الدنقلاوي ينم على ثقافة واسعة (يبدو لي انك بحر زاخر)….الدنقلاوي تعليقاته دائما تتسم بالواقعية والحكمة ربما كان طاغور السودان…غايته الانسان يتعلم من الكل…كما قيل كل علم من اله واهبا كم لربي من كرامات هبة…لا اريد الاطالة…ودمتم جميعاً في رعايته…
اعزائي عبدالرزاق ، أحمد ، الترزي، جباري
لكم شكري العميق على كلماتكم الطيبة . لكم كل تقديري ومودتي.
الاخ عبد الرزاق اشكر لك كثيرا اهتمامك وتشجيعك وكلماتك الطيبة، وارجو ان اكون دائما عند حسن الظن بك.