أخبار السودان

متى تتوقف مصر عن استباحة أراضي السودان؟!

طيلة العهود السابقة التي أعقبت الاستقلال، شهدت العلاقات السودانية المصرية مجموعة من الحالات، ما بين متوترة إلى هادئة، وأحياناً أقرب للتداخل أو التكامل، ولم تشهد استقراراً ملموساً (توتراً كان أو هدوء) إلا إبان الحكم المايوي الممتد في الفترة 1969-1985، والذي اتسم بعلاقات سودانية مصرية متناسقة ومتناغمة انتهت باتفاقيات تكامل في كل المجالات، وبدأت تطبيقاتها فعلياً في النصف الأول من ثمانينات القرن الماضي.
وبذات القدر الذي شهدت فيه العلاقات بين البلدين استقراراً واضحاً، فقد شهدت هذه العلاقة (كذلك) توترات متتالية وكبيرة منذ مجئ العصابة الحاكمة حالياً في السودان عام 1989 وحتى الآن، نتيجة لمجموعة من الأسباب والعوامل (بغض النظر عن منطقيتها من عدمه)! إلا أن الحدث الأقوى والأكبر في هذه العلاقات كان في عام 1995، حينما احتلت مصر مثلث حلايب بالكامل بمبررات وذرائع مختلفة ولا يزال احتلالها له قائماً حتى الآن، مع تراخي من جانب العصابة الحاكمة في السودان، مما يثير مجموعة من التساؤلات التي لا نجد لها إجابات موضوعية وشافية!
الشاهد في كل هذا، واللافت أيضاً، أن التعديات المصرية الـ(صارخة) جاءت في حق السودان وليس العكس، بغض النظر عن المبررات الـ(مستترة) أو الـ(صريحة) التي ساقتها مصر في هذا الخصوص! حيث دافعت مصر عن احتلالها لحلايب بحججٍ واهية وغير موضوعية، رغم وجود شواهد عديدة تؤكد سودانية حلايب، سواء كانت هذه الشواهد وثائقاً تاريخية موجودة في أكثر من مكان، أو عادات وتقاليد سكان المنطقة وملامحهم وسحناتهم التي لا تشبه مصر ولا أهلها على الإطلاق! مع اعتراض مصر بشكلٍ غير مبرر على عرض القضية في المحافل الدولية أو الإقليمية، والاكتفاء بتصريحات فطيرة تتناسب ورد فعل الـ(جماعة) الحاكمة في السودان، التي (أدمنت) الانبراش للخارج والبطش على أهل البلد!
هذه الوضعية الغريبة والـ(مريبة) فتحت شهية (مصر) لابتلاع المزيد من مقدرات السودان، واستباحة أراضيه على مسمع ومرأى العالم أجمع، وبدأت في التغلغل داخل العمق السوداني من جهة وادي حلفا بصورة سافرة (ولا أخلاقية)، واستمرت تصريحاتها (مصر) الخبيثة أو الاستهلاكية التي ترتقي لمستوى الوصف بالضحك على الذقون! ودونكم ما أعلنته (مصر) اليوم بجعل حلايب تابعة لمحافظة أسوان، ثم ما تناولته العديد من الصحف والمواقع المصرية من تصريحات (مستفزة) قبل يومين لرئيس الهيئة العامة للثروة السمكية المصرية التي (أقرَّ) فيها بخطأ الـ(صيادين) الـ(مصريين) و(تعديهم) على المياه الإقليمية السودانية (بحثاً) عن لقمة العيش! ثم وصفهم (بالنص): إنهم أناس شرفاء وليسوا تجار مخدرات ولابد من الوقوف (بجوارهم)!!
لم (يكتف) المصريون بتنازل السودان عن حصته في مياه النيل لمصر (طوعاً وحباً)، فكافئونا باحتلال حلايب، وعمدوا إلى تأجيج نيران الصراع في الجنوب حتى انفصل عن السودان! ولتنظروا للتصريح أعلاه ومدى استخفافه بحقوق السودان وهيبة أراضيه! والأهم من هذا قرار مصر بجعل حلايب تابعة لأسوان، ثم توغل (مصر) المتلاحق في الأراضي السودانية من جهة حلفا، بما يتيح لها التهام المزيد من الأراضي بحجة تبعيتها لحلايب!! إلا أننا نرجع ونقول بأن المسئول الأساسي عن هذه التجاوزات هم العصابة الإسلاموية الحاكمة، التي ظلت تعمل (منذ مجيئها) على تدمير السودان وتحطيمه، بدايةً بإنسانه وانتهاءً بكل مقدراته المالية والمعنوية، السياسية والاقتصادية، الاجتماعية والثقافية….. إلخ! فالصمت المريب من جانب (جماعة) الخرطوم الحاكمة تجاه التجاوزات المصرية الـ(صارخة) في حق السودان (والتي لا تحتاج جهداً لإثباتها)، يثير شكوكاً كبيرة حول ما إذا كان الأمر مخططاً له بين الجانبين من عدمه! لا سيما إذا نظرنا إلى أفعال و(تصريحات) الجماعة الحاكمة تجاه عدد من المواقف أقل خطورة و(استفزازاً) من (تجاوزات) المصريين! ومن ذلك على سبيل المثال، إعلان أكثر من مسئول اعتزام الحكومة اتخاذ المزيد من القرارات والإجراءات الامنية لضبط وتوقيف وحسم المجرمين والمتفلتين وتجفيف أوكار الجريمة، أو اتخاذ إجراءات أمنية لـ(بسط هيبة) الـ(دولة) و(سيادة) حكم القانون و(تأمين) المواطنين فى (أرواحهم) و(ممتلكاتهم)!
إذا أخذنا كل هذه المعطيات، وربطناها بما قامت به مصر قبل يومين (أيضاً)، حينما منعت السلطات الأمنية المصرية انعقاد مؤتمر المعارضة السودانية، يوم السبت الماضي، الرامي لتفعيل عملها وتوحيده لإسقاط العصابة الحاكمة في الخرطوم، قد نجد تفسيراً لصمت الـ(جماعة) الخرطوم الـ(إسلاموية) الحاكمة تجاه تجاوزات مصر من جهة، وتجاه تجاوزات أثيوبيا التي تعد أقل تعدياً على السودان وأراضيه مقارنةً بمصر من جهةٍ ثانية! فالواقع يقول بأن الخرطوم لا تمتلك أي أوراق ضغط يمكنها استخدامها ضد مصر، التي فعلت فعلتها الأخيرة هذه (منع المعارضة السودانية من إقامة مؤتمرها) لإلهاء الجميع عن تتبعها وهي تبتلع المزيد من أراضي السودان بعلم ودراية مجرمي الخرطوم، الذين لا يهمهم سوى التواجد في السلطة، حتى لو لم تتعدَّ المساحة التي يحكمونها ما تطأه أرجلهم!!
الحديث والدعوة أوجهه لشرفاء السودان دون غيرهم، بأن جميع القضايا الشائكة التي ورثناها من الأنظمة السابقة لا تعني شيئاً أمام الجرائم التي ترتكبها جماعة الخرطوم الحاكمة الآن، خاصة المتعلقة بالتخلص من أراضي البلد وتركها للآخرين. وواهمٌ من يعتقد بأن المصريين يحبوننا أو يحبون عصابة الخرطوم، هم يفعلون هذا لمصلحتهم (أي المصريون)! فهم يعلمون تمام العلم أن تغيير هذه العصابة يعني استرجاع السودان لحلايب وكافة الأراضي المنهوبة، لذلك يعطلون عمل المعارضة (بدهاءٍ ومُكْرْ)، لإبقاء هذه العصابة في الحُكم أكبر وقت ممكن، بما يضمن ابتلاع مصر المزيد من أراضينا، ثم التسويف والمماطلة في ملكيتها وأيلولتها عقب تغيير ملامحها ومظاهرها.
وعلى قوى المعارضة استيعاب هذه الحقيقة (جيداً) رغم (مرارتها)، والتعامل معها بموضوعية وحسم، وعدم التعويل على مصر أو غيرها من الدول العربية التي ما زالت تتعامل مع عصابة (الخرطوم) الفاسدة والقاتلة والمأجورة، وتدعمها (ظاهرياً) بالقروض الربوية التي (تثقل) على ميزانية السودان، و(فعلياً) تقوم تلك الدول العربية التي تدعي حبها وصداقتها للسودان بـ(سلب) أراضينا ومقدرات بلدنا، كضمانات للقروض التي تمنحها لعصابة الخرطوم (الإسلاموية) الحاكمة، وهو حديث يطول ولا يسع المجال لذكره وسنفرد له مساحات أرحب.. والله من وراء القصد.
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الخطر القادم من الشمال
    كان هذا موضوع تم نشره علي صفحات الراكوبة للكاتب أحمد علي نوه فيه عن خطر إستباحة المصريين للأراضي السودانية من حلفا القديمة الي سوبا .

  2. الاخ الكريم د. فيصل— سلم قلمك وصح بدنك– الفهلوة المصرية ما زالت تعبث في السودان بعد تمزيقه لمزيد من التجزئة والافكار الفطير ( الاخوان المسلمون) ( الشيوعيون) ( الناصريون) ( الضباط الاحرار)كلها بضاعة مصرية رخيصة ساهمت في تدمير النخبة السودانية وتحويلهم لببغاوات مصريه تنعق بما يقوله راس التنظيم في مصر واذا اردنا التخلص من هذا الاستلاب الفكري علينا ان نفتح عقولنا لبقية شعوب وثقافات العالم فعلينا تطبيع علاقاتنا مع اسرائيل وخلق علاقات ممتازة مع اوربا وامريكا في معركتنا القادمة مع مصر لاسترداد حلفا والمطالبة بتعويضات مجزية عن اثار السد العالي وترسيم الحدود دوليا— جزاك الله خيرا.

  3. الكوميديا بدأت تنتشر هذه الأيام في السودان وأصبحت مصر حائط المبكى للفاشلين ومحبي الشمّاعة

    أولاً: القول بأن مصر أخذت حلفا، قول كذب وبهتان لا يستحق التعليق أصلاً. وعموماً اركب سيارتك واذهب وشاهد بنفسك يا هذا

    ثانياً: الادعاء الكاذب بأن مصر هي سبب انفصال الجنوب، عيب واستخفاف بعقول القراء. أنتم من فعل هذا بأنفسكم، أنتم من قتل أبنائكم في الجنوب وفي دارفور. أنتم سبب تمذق بلدكم شرقاً وغرباً، فلا داعي للنظر بعيداً والبحث عن كبش فداء

    ثالثاً: القول بأن مصر تمنع انعقاد المعارضة لاستمرارية الحكم الحالي في الخرطوم، قول غير مقبول. هل المعارضة التي تريد أن تحكم تذهب وتنعقد في دول أخرى؟ هل إلغاء “حفل” أو “لقاء” في مبنى من المباني، يعني “تثبيت” حكومة في دولة أخرى؟!! كوميديا

    رابعاً: لا داعي يا كاتب المقال تحميل الآخرين أخطائكم. البحث عن “شمّاعة” لتعلق عليها كل المشاكل والمصائب شرقاً وغرباً أسلوب العاجز

  4. التحية لك د.فيصل وانت تسلط الضوء علي هذه الجريمة النكراء التي ارتكبها هذا النظام الفاسد وبتواطؤ من معارضتنا البائسة الخائبة التي لم تعلن موقفها يوما تجاه احتلال مصر لارااضينا شمالا وشرقا وصمتت صمت القبور بل وصل بها الخنوع وفقدان الانتماء لهذه البلاد بجعل دولة الاحتلال مقرا لمعارضتها التي ماقتلت ذبابة.. ارجوك ياد.فيصل ان لاتتوقف عن فضح مواقف الجميع وحتي موقفنا نحن كشعب سوداني.. وهو امر محير!!!! وفقك الله.

  5. حين يولى علينا القوي الامين والغيور عندها لن يتجرأ أحد لا مصر ولا غيرها لاستباحة ارضنا وكرامتنا. الحكومة دي مجموعة من اللصوص اجتمعوا بليل لبيع السودان وتضييع انسانه وموارده.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..