الموقف السياسي و افاق التسوية

شهدت الساحة السياسية السودانية في العام الحالي الكثير من الوثبات و القفزات الهوائية كان اخرها قفزة الامام الصادق المكوكية في اتجاه الجبهة الثورية في محاولة منه لترويضها و تمييعها سياسيا كما فعل بمعارضة الداخل و الحكومة معا و هذا الموقف الاخير صراحة يحسب للرجل و ليس كله بشر مما يجعل منه نجم موسم للسياسة السودانية بلا منازع.
هذا الموقف أملته الضرورة العملية لحزب الأمة نتيجة للتقارب الشديد بين المؤتمرين الوطني و الشعبي و انهيار الاخير سياسيا تحت ضربات الحوار الوطني و الحصار الاقليمي و جنوحه نحو أشواق الوحدة الاسلامية.
بهذا يكون الامام قد أدخل أقاليم الهامش من جديد تحت عباءتة الطائفية أو علي أقل تقدير التحالف معها تحسبا لأي تسوية سياسية بين الحكومة و الجبهة الثورية قد تفضي الي انتخابات عامة يمكن أن تكون خصما علي دوائره الجغرافية.
أما الجبهة الثورية فقد اصطادت فيل الامام الصادق بنفس شباكه العنكبوتيه و هي في رحلتها للبحث عن التأييد و الغطاء السياسي في الداخل و توحيد منابر التفاوض في الخارج مما يؤهلها لقيادة المعارضة بعد ترنح قوي الاجماع تحت ضربات الحوار الوطني و لن يضير الجبهة الثورية بعد ذلك حتي لو نكث الامام علي عقبيه أو قفز أي قفزة أخري.
في الداخل أصبح تحالف المعارضة أشبه بنادي لليسار السياسي يتنافس فيه الحزب الشيوعي و المؤتمر السوداني لقيادة الشارع و الجماهير نحو الانتفاضة و هذا يدلل عليه بسكوت الحزب الشيوعي عن الحملة الأمنية التي يتعرض لها المؤتمر السوداني أقرب حلفائه السياسيين و اعتقال قياداته الحزبية في موقف أشبه بالتامر السلبي.
في نفس الوقت نجد أن الحزب الشيوعي مشتت الجهد و الكوادر و الأفكار ما بين الحوار الوطني و معارضة الداخل و الجبهة الثورية و الجبهة العريضة و قدراته و ظروفه الانية و طبيعة تكوينه و الظروف العامة و المناخ السياسي العام لا يسمح له بالدفع بثقله في اتجاه واحد نحو التغيير.
اما الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل فكله في حالة ترقب و انتظار كاملة لمجريات الامور و ما تجود به ريح السياسة النتنة من مستجدات ما بين قواعد و كوادر وسيطة رافضة للمشاركة الرمزية و في نفس الوقت لا تشارك في أي عمل معارض منظم و حقيقي و تكتفي بالمشاهدة و التحليل فقط و ما بين قيادة صامته في الخارج مع وجود قلة مشاركة في الحكم في الداخل تعكر بوجودها في السلطة رومانسية ليلة الزفاف المثلي بين المؤتمرين الوطني و الشعبي و هي أشبه بالحقنة.
هذا الموقف من القيادة الاتحادية جعل من الشيوعيين في حالة عجز سياسي تام بعد أن اعتادت كوادرهم الوسيطة علي العمل معا مع الكوادر الاتحادية في خندق واحد لسنوات طويلة في حالة نفسية كنا نظنها أشبه بالزواج الكاثوليكي صعبة الفكاك حتي اقترن لفظ الزميل بالشقيق في اللجان السياسية و لو كنت مكان لجنة الحزب الشيوعي المركزية لضربت بالايدولوجيا عرض الحائط و ذهبت الي لندن حافي القدمين طالبا ود مولانا كما فعلت الجبهة الثورية.
أما الجبهة الوطنية العريضة و بعد الضربة القاضية التي تلقتها من القيادة المصرية فقد أصبح مصيرها اما الزوبان في الجبهة الثورية أو استمرارها كبوق اعلامي عديم الفاعلية يحافظ علي أوزان قياداته السياسية.
في ظل هذا كله و غيره ينشط ثامبو أمبيكي و اليته الرفيعة و من خلفهم المجتمعين الافريقي و الدولي في ايجاد تسوية سياسية لانهاء الحرب الأهلية السودانية تكون شاملة بتوحيد المنابر التفاوضية تقتضي الاعتراف الكامل بالجبهة الثورية كفصيل سياسي واحد بالتفاوض مع المؤتمر الوطني و أحزابه الديكورية للتوصل لاتفاق سلام عادل.
[email][email protected][/email]
اقتباس من مقال الفاتح جبرا
ثلاثة أصبح من السهولة الحصول عليها: الماجستير ? الدكتوراه ? وسام ابن السودان البار.
http://alrakoba.net/articles-action-show-id-52865.htm