بقليبك تقول لي تعال وتعال

بقليبك تقول لي تعال وتعال

عبد اللطيف البوني
[email protected]

الموقف السوداني من الثورة المصرية يمكن النظر اليه من ثلاثة جهات الجهة الاولى جهة الشعب فالشعب السوداني (القديم ) دون شك تابع الثورة المصرية متابعة دقيقة لدرجة انه اهمل تماما قضية انفصال الجنوب حيث ان مفوضية البروف خليل التي اختصرت كل مواقيت الاستفتاء الزمانية من اربعين شهر الي اربعة شهور وكان اخرها اعلان النتيجة النهائية حيث استفادت من عدم الطعون وقدمت اعلان النتيجة النهائية اسبوعين للامام فكان يوم الاثنين السابع من فبراير الاعلان النهائي عن النتيجة واعلن المشير البشير وفي احتفالية من ثلاثة مراحل في قاعة الصداقة ومجلس الوزراء ومقر رئاسة الجمهورية قبول الدولة القديمة للنتيجة بصورة رسمية فكانت كمن مات يوم القيامة فالشعب السوداني كله مشدودا لميدان التحرير ولعل الدليل على ( تفطيس) هذة المناسبة الوطنية الحزينة انه لم يسال احد من اين جاءت هذة الاحتفالية الثلاثية التي لاوجود لها في الاتفاقية ولافي قانون تقرير المصير؟ الامر المؤكد ان كل الشعب السوداني كان متعاطفا مع الثورة المصرية وهذا يرجع في المقام الاول لانها ثورة شعبية ومن الطبيعي ان يقف الشعب مع الشعب ثم بعد ذلك تتفرع اسباب التاييد على حسب الموقف من الحكومة السودانية فالشعب المعارض لها يريد ان تهب رياح هذة الثورة على السودان والمؤيدين للحكومة موقفهم منطلق من موقف الحكومة
الحكومة السودانية تابعت الثورة المصرية متابعة دقيقة ولكن (بالطوالي) اي تحاول اخفاء متابعتها وكانت حريصة على ان لاتبدر منها اي بادرة فهي كحكومة تخشى الهبات الشعبية وكحكومة سودانية تصبح اكثر خشية من اي رياح ثورية من جهة مصر لان مصر ظلت على الدوام مركز ضغط عالي تتنزل منه كل اشكال الرياح على السودان ولكن في نفس الوقت الحكومة السودانية ليست على وفاق مع مبارك ففي عهده وعهدها وصلت العلاقة بين البلدين ادنى مرحلة لها وفي هذا يمكن ان تكتب مجلدات ومجلدات ومن هذة المنطقة الرمادية (بين بين) يمكن قراءة موقف الحكومة . فكانما ترباس قد عناها عندما غنى (بي قليبك تقول لي تعال وتعال وبي عيونك تقول لي لا مافي مجال) فعيونها في التلفزيون والاذاعة تقول (انا ما خصاني) اما قلبها يقول (لن ازود الطير عن شجر بليت المر من ثمراته) فبمجرد ان تم اعلان الرحيل كشفت الحكومة عن وجهها الحقيقي ورحبت بخيار الشعب المصري البطل ولولا ان البيان صادر من الخارجية لقالت (بلا وانجلى) اما في يومي السبت والاحد وبعد ان تاكد ان (البامبي نضج) فقد (كشفت) الحكومة كشف عديل من الفرح
المعارضة الحزبية المنظمة موقفها قريب من موقف الحكومة فهي مع الهبة الشعبية من اين مكان جاءت ناهيك عن مصر (القريبة دي) لكنها ايضا تريد نظام مبارك لمساعدتها في الضغط على نظام الانقاذ فمصر مبارك كانت تقدم مصلحتها الذاتية وكثيرا ما تقف على مسافة واحدة بين الحكومة السودانية ومعارضتها لابل تساومهما وتشكل احيانا رئة للمعارضة السودانية ولو خرج مبارك من الثورة سالما ما كانت المعارضة ستعدم ما تثبت له به ان نظام الخرطوم كان يدعو عليه . ولكن دون شك ان نهاية مبارك ستكون قد اسعدت المعارضة السودانية لان الرياح الثورة المصرية لن تسكن بسهولة
على العموم يمكننا القول وباطمئنان شديد ان عامة الشعب السوداني وبغض النظر عن موقفه من حكومة بلاده كان سعيدا بالثورة المصرية وقد اهتز لها طربا ولو من منازلهم فالمواطن العادي لايخضع موقفه لحسابات الربح والخسارة السياسية انما تقوده فطرته ولعل في هذا رسالة للجميع الفوق والتحت والقريب والبعيد والظالم والمظلوم ويلا اقروا كلكم .