لعنة الذهب.. وجنونه

والعام أربعة وثمانون وتسعمائة وألف ينزلق نحو خواتيمه.. وتحت بيارق الشريعة الإسلامية وحاكميتها التي تظلل الخرطوم.. هبط فيها الشيخ صالح الكامل يحف به معاونوه.. فاستقبله أعوانه هنا كأحسن ما يكون الاستقبال.. واتخذ في فندق هيلتون.. أفخم فنادق الخرطوم يومذاك.. جناحاً له.. فيه متكأٌ ومقام.. يقوم على راحته.. وترتيب أحواله.. رجال في قامة الشيخ عثمان خالد مضوي.. ويتابع مقاصده ويتولى أهدافه بالرعاية والعناية.. رجال في قامة الدكتور شريف التهامي.. وزير الطاقة والتعدين.. إن لم تخني الذاكرة.. فهذا اسم الوزارة آنذاك.. وتمضي الأمور نحو خواتيمها بسرعة فائقة.. الشيخ الكامل يحلم بإصدار الدينار الإسلامي.. ليكون عملة عالمية و.. يحل محل الدولار الكافر.. والإسترليني النصراني.. ولكن المشروع في حاجة لكميات كبيرة من الذهب.. فيهدي الله الشيخ إلى السودان.. وكيف لا.. والسودان قد غدا أرض الشريعة.. فليس أنسب منه منصة ينطلق منها الدينار الإسلامي..!
وبعد أكثر من ثلاثين عاماً.. ها هي سطور ذلك العقد تتقافز أمامي.. بكل تفاصيله.. وسطوره التي لم تتجاوز في الواقع نصف ورقة الفلسكاب.. أو الـ(A4) بلغة العصر حجماً.. تلك الأسطر المحدودة منحت دار المال الإسلامي.. إن لم تخني الذاكرة أيضا.. امتيازا في كل السودان.. نعم حق التنقيب على امتداد المليون ميل مربع.. كان هذا مساحة السودان يومذاك.. وتقديراً لجهود تلك الشركة في ما يبدو.. وكذلك إسهاماً في ذلك العمل العظيم الذي كان ينتويه الشيخ.. وهو صك الدينار الإسلامي.. فقد نص ذلك العقد على أن تحصل تلك الشركة على اثنين وسبعين في المائة من إنتاجها من كل أراضي السودان.. على أن يحصل السودان على ثمانٍ وعشرين في المائة.. نظير مساهمته المتواضعة بالأرض فقط.. ويبدو أن العقد قد أغفل جهد تطبيق الشريعة الذي ألهم الشيخ وأعوانه فكرة ابتداع الدينار الإسلامي.. لأغراض تأصيل النقد العالمي.. فلو كان الشيخ وأعوانه منصفين لأعطوا السودان نصف إنتاجهم من الذهب على الأقل تقديراً لإحياء تطبيق الشريعة.. ولكن يبدو أن الحساب كان بمعايير أخرى.. كما وأني لا أملك أن أجزم الآن إن كانت ثمة علاقة بين ذلك الدينار الإسلامي.. وبين تحويل العملة السودانية إلى الدينار في عهد لاحق..! أما بقية القصة فقد قيَّض الله لشعب السودان أن يحفظ ثروته في باطن أرضه بقيام ثورة الشعب فى مارس أبريل 1985.. ولأن الشعب قد فرط في مكاسبه التي كان قد حققها بتلك الثورة.. كان طبيعياً أن تعود ثروته لتكون مجدداً في كف عفريت.. عفريت لا يُعرف أصله ولا فصله ولا اسمه.. فوزير المعادن يبشرنا بشركة روسية ستأتينا بالمن والسلوى.. وستصب في خزائن البلاد خمسة من المليارات دولارات.. ثم يعتذر الوزير عن تأخر الدولارات لأسباب روتينية.. ثم يأتي السفير الروسي ليقول لنا.. وهو لا يخشى لومة لائم.. إن هذه الشركة ليست روسية.. ثم يتضح أن ربع أسهم الشركة فقط هي الروسية.. وما تبقى منها سوداني كامل الدسم.. ثم يصر البرلمان أن الشركة روسية.. ولا ندري ما شأن البرلمان.. والسؤال الذي كان يجب أن يطرحه البرلمان ولا يزال.. لماذا تبرأ السفير الروسي من هذه الشركة.. ولا زالت كرة الروليت تتدحرج.. والله يكضب الشينة

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. يا أهل الخير انتو محمد لطيف ده مصري؟ انحنا في السودان بنسمي عبداللطيف ولا مو كدة – وانا أقول لاصق في اسيادة العملاء اولاد العملاء ديل ليه ؟ ياهو مصري !!!!

  2. يا أهل الخير انتو محمد لطيف ده مصري؟ انحنا في السودان بنسمي عبداللطيف ولا مو كدة – وانا أقول لاصق في اسيادة العملاء اولاد العملاء ديل ليه ؟ ياهو مصري !!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..