الايمان بالوطنية مثل الايمان بالله

دأب السودانيون فى الجلسات الخاصة بالعائلة والاصدقاء على نقد الذات الوطنية بطريقة لا تخلو من التهكم والسخرية التى فى احسن الاحوال تؤشر لتباطو النمو الوطنى داخل المعتقد الثقافى لدى الغالبية العظمى من المثقفين السودانيين ، الامر الذى يتنافى والفطرة فى الاخز باسباب الثقافة وتطويعها فى تعزيز مبدأ الوطنية باعتبارها من المسلمات التى لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها مثله مثل ، الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ، والثقافة اذا لم تدفع المثقف ليتصدر التبشير برسالتها فهى لا تستحق لقب ثقافة أو تستاهل استطراد ها كحالة وجدانية يفترض تلازمها تلازم عضوى مع سلوك المثقف .
صحيح نسبة الامية فى القراءة والكتابة تراجعت بجهود المخلصين القائمين على أمر المكافحة لكن المؤسف نمت بالمقابل ضدها الامية الثقافية بطريقة درامية يتعذر معها تفكيك الطلاسم التى تحيط بها ، ففى كل عام تقوم وزارة التعليم العالي والبحث العلمى برفد سوق التوظيف بالألوف من حملة الشهادات الجامعية من الخريجين غير المثقفين الذين يشكلون العبْ على القيم الوطنية العلياء ، وبالتالى يساهمون بصورة أو اخرى على حدوث الخروقات الكبيرة التى تحدق بوحدة الوطن وتؤدى به الى ماهو عليه الان من التشرزم السياسى والضيق الاقتصادى والتفكك الاجتماعى الذى
تتجلى صوره فى الكثير من القضايا والحوادث الاسرية الطارئة التى لم يألفها المجتمع السودانى من قبل .
فانعدام الثقافة الوطنية مصيبة اشد ابتلاءاً من وطأة الاستعمار التقليدى المألوف ، على الاقل فى الاستعمار التقليدى هناك معايير اخلاقية يقتدى بهديها المستعمر الذى تختلف دوافعه بالغرض من الاستعمار ، فالعدالة واشاعت مبدا المساواة من الانشطة الملموسة التى تجمل من وجه الاستعمار الاجنبى مقارنة بمخلفات انعدام الثقافة الوطنية التى تجعل من وجوه اصحاب الوطن وجوه كالحة ترهقة زلة من سوء اختلال ميزان العدالة وغياب المساواة بين افراد المجتمع ، فى دولة مثل الجارة اثيوبيا مثلاً هى بلاد تضج بالتناقضات طبق الاصل من النموذج السودانى بكل التفاصيل المملة ، من التعدد الاثنى المحرج مروراً بالاختلاف المذهبى ونهاية بالطبيعة القاهرة ، كل ذلك استطاعت التغلب على هذه المحن وغدت من الدول المحترمة التى تسجل نمو مقدر فى كل شي يتعلق بالرقى والتقدم المفترض فى الشعوب العالمية ، اما كيف وصلت الى هذه الدرجة ؟ الجواب هو بالثقافة الوطنية التى يحاسبون من يسخر عليها ويحاكمون من يتهاون بها ، انهم يعلون من شأن الوطن على حساب الشأن القبلى والجهوى ، الوظائف فى الدولة لا تخضع لمنطق الترضية والواسطة بل تكون للكفأة التى تستحقها شأنهم فى ذلك شأن بقية دول العالم من امريكاء الى الصين ، ومن راس الرجاء الصالح الى القطب المتجمد الشمالى . هولا يستحقون الحياة لانهم يحترمونها ويحترمون الارادة فى مشيئتها التى تنظم شئون الخلق ، خلاف ما عليه نحن من قلة للضمير ومن اهتراء للذمم اننا خلقنا بكل عيب كأننا خلقنا من لدن شيطان مريد ! لذلك الوطن بالنسبة لنا حالة من الرجس الذى نتأفف منه ونضحك ملّ اشداقنا عليه ، اننا لا نعرف قيمته كما ينبغى ، ولسنا على استعداد لتجشم عناء المعرفة ، فكلنا اما نازح أو مهاجر أو يهودى يبذر بين الناس بذور التفرقة والعنصرية ، وكذاب من يقول هذه الرقعة المسمىّ بالسودان ملك حر لقبيلته أو اسرته ، فكل الدواعى داحضة وكل الشواهد مردودة على اصحابها ، انها ارض اوجدتها الصدفة فهاجر اليها اصحاب الاطماع واستوطنتها الفئة المتخلفة من عبيد ال فرعون فى عهد نبى الله موسي عليه السلام .
لهذا يسب السودانيين الذات الوطنية ويلعنون الوطن كأنه سقط المتاع التافه الذى يتجول به المجانين بين ازقة السوق العربى وتحت مظلة الجامع الكبير ، وفى اخر المطاف يتهكمون من السودنة ويسخرون منها بطريقة متخلفة تؤكد فعلاً انهم فاقد تربوى ثقافى يفتقرون ابجديات الاستمرارية وتعوذهم قناعة الانسانية .

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. هل يتساوي الإيمان بالله رب الأرباب مع ما تسمينه وطنية؟ اللهم إلا إذا كنتِ ساقطة دينياً مثل سقوطك المعرفي وكتابتك لهذه الكلمة (للكفأة) بينما تكتب الكلمة هكذا (الكفاءة). أما استفهامك الاستنكاري (كأننا خلقنا من لدن شيطان مريد)فأظنه واقع في حقك.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..