نهاية التاريخ وتحالف الحضارت !؟!

“1 ”
للتاريخ نهاية ؟ نعم قد يكون ذلك صحيحا .. فالتاريخ مجموعة من الأحداث والثورات يصنعها أناس لأنفسهم , وتنعكس على الآخرين لتصبح تاريخا .. فكلما عظمت الأحداث والثورات كلما عظم التاريخ وعظمت شخوصه غض النظر على نوع تلك الأحداث مدمرة أم مثمرة . فقد ينتهى التاريخ بنهاية أحداثه وثوراته وزوال شخوصه . فى هذا الصدد آخذ القارئ الكريم إلى سياحة فى الكتاب الذى ألفه د. أحمد المفتى مؤسس ومدير مركز الخرطوم الدولى لحقوق الإنسان وهو واحد من عدة مؤلفات أهداها د. المفتى إلى مكتبة حزب المستقلين القومى التلقائى عندما ذهبت إليه موفدا من قبل بروف / مالك حسين حامد رئيس الحزب , حينما كنا نعد ورقة خاصة بحقوق الإنسان لنضمنها دفات مسودة الدستور الذى صاغه الحزب , ورأيت إستعراض هذا الكتاب للقيمة العلمية التى يحتويها و تعميما للفائدة العامة .
مفهوم تحالف الحضارات : بما أن تعبير تحالف الحضارات لم يستخدم إطلاقا من قبل , إلا أنه أخذ عن مفهوم ” حلف الفضول ” وقد قصد بتحالف الحضارات ” خلاصة الفكر السياسى الغربى والتى أصبحت عالمية بموجب الإتفاق الذى تم بين الدول بعد الحرب العالمية الثانية على نظام حد أدنى من القيم ” حقوق الإنسان ” وعلى ترتيبات عملية تشمل ” المحافظة على السلم والأمن الدولى والتعاون فى كافة المجالات ” والتى أنشأ وفقا لها النظام الدولى الجديد المتضمن للنظام الدولى لحقوق الإنسان . وذلك بموجب ميثاق الأمم المتحدة الصادر عام 1945 م . وهو نظام توصلت إليه البشرية بعد أن جربت الصراع والحوار بين الحضارات طوال القرون التى سبقت الحرب العالمية الثانية , وبذلك يكون الغرب قد نصّب نموذجا لفكره يعطيه عمقا اكبر ومادة تحليلية أوفر . ويمضى المؤلف مشيرا إلى ” أن فكرة تحالف الحضارات ليست جديدة إذ أنه فى أواخر القرن الثامن عشر نشر الفيلسوف إيمانويل كانط ” 1804 ? 1724 م رسالة بعنوان ” مشروع السلام الدائم ” , مشيرا فيها إلى أهمية قيام حلف بين الشعوب للقضاء على الحرب , ودعا إلى إنشأ هيئة قائمة على الحق يكون لها الإشراف على إقرار حالة التحالف السلمى بين الدول . ويحدد مؤلف الكتاب أيضا أن رؤية تحالف الحضارات لايستطيع ا مفكر أن يدعى الحق فيها لأنها كانت نتيجة لتفاعل
الحضارات , منذ أقدم العصور وحتى الآن , علما بأن الحضارة الغربية كانت هى صاحبة نصيب الأسد فى تلك الرؤية . وذلك فإن دورنا فيما يتعلق برؤية ” تحالف الحضارات ” هو شرحها وتحديد عناصرها ودعمها بلا حدود ? موقنا الكاتب – بأنها هى المخرج الوحيد للبشرية . ويسدر الكاتب لتعليل أهمية ” تحالف الحضارات ” : ” وكما يقول فوكامايا فإن العقل جيد الصقل هو الذى يحتوى كل عقول القرون السابقة وخبراتها , مثل ذلك إعتماد الفكر الغربى الحديث على مفهوم المساواة الذى أتى به الدير المسيحى .وعلى الرغم من ذلك فإنه لايكاد يذكر تلك الرؤية أحد ? والسبب يحدده المؤلف : ” وفى تقديرنا السبب فى ذلك يرجع إلى أن إهتمام السياسيين إنصب على النظام الدولى الذى أنشأته تلك الرؤية عام 1945 م وآليات ذلك النظام خاصة ” مجلس الأمن ” وكيفية الوصول إلى السلطة وتحقيق المصالح السياسية وليس على أساسه الفكرى المبنى على قيم والمتمثل فى تحالف الحضارات .
فى القادم : طغيان الأجندة السياسية على الأجندة الفكرية

بعد ثالث !!؟
نهاية التاريخ .. وتحالف الحضارات
( 2 ) د. فائز إبراهيم سوميت
فى السلسلة السابقة تناولنا مساءلة نهاية التاريخ , وقلنا بإمكانية نهايته , لأنه عبارة عن أحداث وثورات يصنعها أشخاص , فإذا إنتهت تلك الأحداث وإنتهت الشخوص التى صنعتها ينتهى التاريخ بشكل حتمى . وأشرنا أيضا إلى تحالف الحضارات واوضحنا أنه خلاصة الفكر السياسى الغربى الذى توحد بعد الحرب العالمية الثانية على نظام حد أدنى من القيم المتعلقة بحقوق الإنسان .
وفى هذه السلسلة :
طغيان الأجندة السياسية على الأجندة الفكرية ..
لقد ظهرت أطروحات فكر سياسى معاصر فى الغرب تفادت إستخلاص ذلك التحالف بسبب أجندتها السياسية التى تطغى على أجندتها الفكرية , وعملت ? حسب المؤلف ? على طرح رؤى تخدم مصالح سياسية معينة مثال ذلك ” صراع الحضارات ” لصمويل هنتقتون , وقد تفادى هنتقتون إستخلاص الحضارات من خلال قوله ” بأن الأديان الرئيسية فى العالم وهى الإسلام والمسيحية والهندوسية والبوذية والكونفشية والطاوية واليهودية تشترك كلها فى بعض القيم الأساسية ” , وأنه لو قيض للبشر أن يتبنوا ” حضارة عالمية ” فإنها سوف تنبثق تدريجيا من خلال إستكشاف وتوسيع تلك القيم المشتركة . ولاشك أن ذلك هو أدق تعبيرعن ” تحالف الحضارات ” موضوع كتابنا . إلا أن الدوائر فى الغرب التى تستفيد من الصراعات تروج أن هنتقتون قد روج ” لصراع الحضارات ” وليس ” لتحالف الحضارات ” يمضى المؤلف فى طرح رؤيته حول التأسيس لحضارة عالمية ? الذى ذكره على إستحياء . فضلا عن ظهور إعادة بعث رؤى قديمة خلاصتها أن الفكر الغربى قد حقق للإنسانية درجة الكمال ولايجب طرح اية أفكار جديدة . مثل ذلك رؤية ” نهاية التاريخ ” التى راجت فى بداية القرن التاسع عشر ميلادى وبلغت أوجها فى أربعينيات القرن الماضى والتى حاول فرانسيس فوكاياما إحياءها فى كتابه نهاية التاريخ , لكنه لم يستطع الزعم بأنها رؤية جديدة , لذلك فإنه قد ذكر على إستحياء إنها إعادة قراءة فى أعمال هيجل وكوجيف . ولكن ? يوضح الكاتب ? سرعان ما رجع فوكاياما عن رؤية ” نهاية التاريخ ” وأصبح يتحدث عن نهاية الإنسان ويعزى المؤلف ذلك إلى ” الثورة البيوتكنولوجية فى حالة تجاهلها للأخلاق ” ..
ويحدد الكاتب رأيه فى تلك الرؤى ” السياسية التى زيفت تطور الفكر الغربى برزت رؤية جديدة هى ” حوار الحضارات ” , ويقرر الكاتب ” فى حين أنه كان من الأفضل إتباع النهج الذى إخترناه وهو نفض الغبار عن فكرة ” تحالف الحضارات ” التى تمثل قمة الفكر الغربى والتى أنشئ على أساسها النظام الدولى الجديد حينذاك , على الرغم من أنها أصبحت لاتحقق مصالح الغرب , رغما عن بلورته لها

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..