الديمقراطية في السودان سقف عالي وازمة عميقة ..

من المعلوم ان ممارسة الديمقراطية كنظام للحكم في السودان ومنذ استقلاله قبل اكثر من 58 عامالم تتجاوز العشرة اعوام متقطعة وفيما عداها كان حكما شموليا عسكريا وديكتاتوريا بامتياز!.. لم يعرف السودانيون حقيقة تجارب الحكم الديمقراطي ويطوروها من خلال ممارستها علي مبادئ التعلم من الاخطاء وتجويد تجربتها حتي تصبح انموذج مستدام!, ولعل اسباب كثيرة وعوامل ادت لذلك , اهمها عدم توفر البئية المناسبة لقيامها كتجربة متقدمة لنظام الحكم! , فالسودان ظل يعاني من حرب اهلية بين الشمال والجنوب لسنوات طويلة خلقت عدم استقرار ونزوح مستمر وصراع ثقافي واثني بين ابنائه , بالاضافة لتمكن الامية وتفشيها في اغلبية الشعب خاصة في الاقاليم والقري والاطراف , وسيطرة النواحي الطائفية والقبلية التي تجعل من الديمقراطية نفسهامسألة ولاء وطاعة وليست اختيار وقناعات!, كذلك لا نتغافل عن البعد الخارجي والمحيط من حولنا والذي كان الي ماقبل انهيار المعسكر الشرقي وفترة الحرب الباردة كل المنطقة في افريقيا من حولنا تقع ضمن حبلي الاستقطاب لاحد المعسكرين الشرقي والغربي وتدخلات الاستخبارات والسفارات الاجنبية لفرض انظمة عسكرية تدين بالولاء لاي من النظامين الراسمالي او الاشتراكي الشيوعي!, ولاكن من اهم الاسباب نفسها التي حالت دون تمكن الديمقراطية خاصة بعد مرحلة انهيار المعسكر الاشتراكي بالنسبة للسودان في ظني هو غياب الديمقراطية نفسها داخل الاحزاب والمكونات والمجموعات السياسية في السودان! , ورغم تعلل معظم هذه الاحزاب بان انشغالها في عملية المعارضة للانظمة العسكرية وعمليات القهر والتشريد والمطاردة التي ظلت تجدها من الانظمة القمعية كمايو والانقاذ مما لم يمكنها من قيامها بالمؤتمرات الداخلية وتغيير القيادة وتجديد نظامها الداخلي بشكل ديمقراطي سليم واتجاهها للسرية في اداء عملها هو ما اقعدها عن ممارسة الديمقراطية داخلها! وهذه بلا شك اسباب واهية لان الحقيقة ان العقلية التي ظلت تدير هذه الاحزاب والكيانات السياسية هي عقليات دكتاتورية لاتعرف من الديمقراطية الا اسمهاو انها فقط هي التي تاتي بها للسلطة عبر صناديق الانتخاب من شعب مطيع وذو ولاء!, انظروا معي لحال احزاب كالامة والاتحادي والشيوعي اكبر الاحزاب السودانية وحتي حزب الحكومة الحاكم نفسه! هل هذه احزاب ديمقراطية بمعني ان الديمقراطية تمارس داخلها! انظروا لقيادتها! اليست هي نفسها التي ظلت موجودة لمدة فاقت الخمسين عاما او قاربت! كم عدد المؤتمرات الداخلية التي تعقد او عقدت وبمن اتت بعد انعقادها! كم عدد الذين انقسموا بفعل السياسات الديكتاتورية وعقلية الرجل الواحد او المركزية والقبضات المتشددة داخلها ومصادرة الاراء الحرة وانسيابها الاعتيادي! كم عدد من خرجوا وضاقوا من هذه العقليات الخربة المستبدة والبرامج الهرمة التي تساق بسيقان عرجاء وعقليات جامدة!, هنالك فجوات حقيقية داخل هذه الاحزاب مردها غياب الديمقراطية تحتاج لاصلاحات حقيقيقة وليست شكلية وتاتي من الجذور لقيادة تغيير حقيقي فاعل يتماشي مع مفهوم الديمقراطية حتي يقارب المثال الواقع!.. لايعقل ان يكون مطلب كل القوي السياسية هو التحول الديمقراطي ومن يطالبون بذلك انفسهم لايطبقونه داخل احزابهم ومؤسساتهم ولا يمارسونه مع عضويتهم وكوادرهم! , لايعقل ان تنتقد العقلية الاقصائية والاحادية وانت اول من يطبقها! , ان تكون اليمقراطية هي السقف الذي تبني عليه المكونات والاحزاب السياسية والساسة بداخلهااهدافها يستلزم ذلك بناء ديمقراطي حقيقي فعلا وممارسة داخلها وخلالها وهذا الامر ينسحب ايضا علي الحركات المسلحة والجبهة الثورية وكل من ينادي بالديمقراطية سواء من بين قادتها او عضويتها! وحتي لا ينطبق علي كل تلك الاحزاب والكيانات السياسيةمقولة فاقد الشئ لا يعطيه! وحتي لاتظل ازمة الديمقراطية متجذرة وبلا حلول تضمن تطورها واستمراريتها والخروج من نفق الشمولية المرهق والطويل الذي نسيره منذ خروج المستعمر في النصف الاول من القرن الماضي!..

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..