إعصار

نص سردي :-
إعصار
هبتْ
عصفتْ
زمجرتْ
أثارتْ النقعَ
إجتثتْ الأشجار
أهارتْ البنايات
تهاوتْ بيوت الطين
تقوضتْ الجسور
تقطعتْ السبل
جُرِفَتْ الشواطئ
إحترقتْ الأحراش
صُحرتْ المراعي
نفقتْ السوام
تعرتْ الأجساد
نتأتْ البطون
بانتْ الضلوع
إلتصق الجلد بالعظم
تقوستْ السيقان
تقاصرتْ الخطى
صارتْ بطيئة
عجزتْ عن المسير
تسمرتْ !!!؟؟…
غُرستْ في أرض رخوة
إعتوره القنوط
دب النمل في مساره
أحاط بمنسأته
أمسكت حلاوة الروح بتلابيه
كادتْ أن تجهز عليه !!؟…
* * *
كشجيرة صبار
إنغرز في وسط الخلاء
تنوس الرياح من حوله
تلفح وجهه بسمومها
تهتاج أزيزاً
تخدد صفحة البسيطة
تبني تلالاً
تحتفر قيعاناً
تشتق أخاديدٓ
يتضرس وجه الأرض
يتعرج
يتلوى
يتعطف
يتحدر
يرتفع
يتشامخ!
بغتة يشهق !!…
تدور رأسه دورة كاملة
بين المغري و المحذر منه !!…
يحل الأول في الثاني
يتحدان
يتمازجان
تسقط هامته
يدفنها
تمتلئ بالتراب
قبل أن تمتلئ بالخمر ؟؟!….
* * *
يحاول عبثاً أن ينهض !!…
بعد لأي صافح وحهه صفحة السماء
كانتْ غبراءَ
ثقبتها النجومُ
تمظهرت كابية
بلا ألق
دون وهج
غطى هامته
ربط عصابة حمراء حولها
ثمة رؤية
رؤى
بصر
بصيرة
بين الرؤية و الرؤى برزخ !!؟…
* * *
أدمن النظر
أدامه
مده
إخترق به السجف
طوى به الشساعة
كفاه عن خائنة الأعين
أنفذه الى سرائر الصدور
ثقب عبره شغاف القلوب
قلوب كالحجارة !!…
أيجرؤ أن يمنعها عن السدور في غيها !!؟…
ألم يصادر هوى النفس ؟…
أيخطو عبر أعتاب مرماه ؟؟…
أكان أشعثَ أغبرَ ؟؟…
أهو روح هائمة ؟؟…
متمردة !!….
أم مستكينة ؟…
أكان فظاً ؟..
غليظ الفؤاد
لمَّ إنفضوا من حوله !!؟…
* * *
النهر
الرافد
الغدير
الفولة
الحفير
البركة
شجرة التبلدي
البئر
الجمام
المستنقع
غاضت
جفت
نضب معينها كافة
لم يعد ثمة غيث
كاد أن يتسلل الموات الى نبض الحياة
و يلجم الألسن
رفع يديه الى السماء
و قبل أن تهبطا
أبرقتْ
أرعدتْ
أحاطتْ بهم خطاياهم
حاصرتهم
( وَيْل لهم مما يكسبون )
هذا ما إكتسبته أيدي ولاتهم
بئس مهادهم !!!؟…
* * *
إشتجروا
خرجت فئة الى المفازة
و أخرى الى الأدغال
و جثمتْ ثالثة بكلكلها على صدور القوم !!؟؟…
دفع شيخهم برصيد قواهم الفتية
الى المحرقة !!؟…
إكانوا قرابين لتثبيت الأقدام
و عقب حصاد المحرقة
تقام طقوس (عرس الشهيد)
و (تفوح رائحة المسك)
و تعرض القناة الرسمية
أم ثكلى تزغرد !!…
و أخرى تكبر و فؤادها ينزف !!..
و ثالثة تهلل و كبدها تتهرأ !!..
* * *
مشهد أخير
لا تُسدل الستارة تظل مفتوحة
لوحة مركبة
عصية التفكيك
بلا أبعاد
عديمة التخوم
على حافة جرف هارٍ
كلا الطرفين ضالعان في تعقيدها
والغان في إناء سبيها !!؟…
يساومان !!؟…
يحسبان أن الحق حليفهما
بينما الإعصار هديره يصم الآذان
و كل يسعى حثيثاً لإقصاء الآخر !!؟.
فيصل مصطفى
[email][email protected][/email]
+ (الاعصار).. نص بيني يشتغل في المربعات والمياه والفضاءات الجديدة التى لا تعترف بالحدود الجغرافية القديمة بين الأجناس.
+ تشغيل جيّد لديناميات “التشظي” ( fragmentation), بتفعيل جملة من (الأفعال اللغوية) الحارة, وبعض الأسماءالمائية (نهر-حفير-غدير-جمام… ألخ), لخلق مناخات معينة لانتاج الدلالات الجديدة, من وراء هذا التآكل والصدأ ( decay) المستمر في البلد.
+ هذي التشظيات على مستوى اللغة تأتي كمعادل وجودي للتهتكات السياسية والتعفن الأخلاقي-الاجتماعي الاقتصادي, وسمفونية الانهيارات التي يحاول النص فهمها وتفكيكها !!
+ ايقاع هذا (الاعصار).. ينسجم مع المناخات التى يقترحها.. هي سمفونية الانهيارات الكبرى, ان جاز التعبير.
شكرا لك استاذ فيصل
النص تختلط فيه الوقائع المعارصة (الاخوة الاعداء وفعائلهم المريبة) والصور الشعرية ليخلق عالما يتفكك فيه الزمن وتذوب المسافات.
اظن اننا بحاجة لوقت لنعتاد على مثل هذا السرد الشعري.
الذى يقع فى نظرى فى منطقة وسطى بين الشعر والقص. ربما يكون هو خيار المستقبل خاصة مع تغيرات عالمنا التي تفرض الجرعة السريعة من القص، التى تحمل في طيها الشعر وعوالمه.
نتمنى ان تنشر لنا ايضا اجزاء من رائعتك الخافء ورائعة النهار التي قرأنا عنها وان لم تتح لنا الفرصة لمطالعتها.
الصديقان د. عبد الماجد و الفينا مشهودة
هل أقول قطعت جهينة قول كل خطيب
فكلاكما قد حفر عميقاً في قصديتي
أم أقول أن مداخلتكما عبارة عن نصين
موازيين لإعصار ؟؟….
كلاكما قرأني كما ينبغي أن تقرأ مثل
هذه النصوص بل كما أهوى !!؟….
هذا الشكل الكتابي المغاير للسائد و
المألوف ما يميزني عن غيري من كتاب السرد
هل أطمح مع تغيرات العصر المتلاحقة أن يحذو
الآخرين حذوي ؟؟؟….
أغلب الظن أن الوقت لا زال مبكراً لذلك !!!… لكما
من الود خالصه ومن الثناء أكثره
كونا بخير