عفواً عزيزي عثمان ميرغني

فليسمح لي الأستاذ/ عثمان ميرغني بالاختلاف معه فيما ساقه في عموده الراتب والمنشور يوم الخميس تحت عنون: (الفهامة) والذي اجتهد فيه كثيراً ليفند ويقلل من قيمة المعركة والجدل الدائر حول قيام الحكومة الانتقالية المنوط بها ترتيب الدخول للمرحلة الجديدة عقب وصول نتائج الحوار إلى متوسطات مقبولة من جميع الأطراف.
أستاذنا عثمان مضى في اتجاه تفكيك مصطلح (حكومة) وغرق في ذلك كثيرا وهو يستعرض الأشكال ونماذج الحكم المختلفة من نظام رئاسي إلى نظام برلماني إلى الأنظمة المزدوجة ما بين النظام الرئاسي والبرلماني ثم تساءل بعد أن افترض أن الأحزاب المعارضة الملحة في مطلب الحكومة الانتقالية تقصد بمفردة حكومة (مجلس الوزراء) ولا أدري من أين اتى الأستاذ عثمان بهذه الفرضية؟ فالأحزاب التي تتمترس خلف هذا المطلب ليس في ذهنها اقتسام حقائب مجلس الوزراء بل ليس في ذهنها أن الحكومة الانتقالية هي مجلس الوزراء.
كنت قد ادرت منتدى الحوار الوطني الذي نظمته صحيفة “الخرطوم” عقب إعلان برنامج الوثبة وكنا نستضيف أسبوعيا طرفين أحدهما من المعسكر المعارض والآخر من الطرف الحكومي فتحدث في تلك المنتديات كل من إبراهيم الأمين والأستاذ إبراهيم الشيخ وهالة عبد الحليم وكمال عمر ودكتور ياسر فتحي في مقابل خمسة من قادة المؤتمر الوطني وكان جميع ممثلي المعارضة يتحدثون عن الحكومة الانتقالية بمفهوم (سلطة اتخاذ القرارات) بغض النظر عن الشكل الذي تتأطر فيه هذه السلطة.. مجلس وزراء أو برلمان أو سلطة رئاسية فالمهم هو الحديث عن أن السلطة التي تتخذ القرارات
ويقع على عاتقها ترتيب مرحلة الانتقال إلى مربع النظام الديمقراطي التعددي الحقيقي يجب أن تكون انتقالية وقومية ولا تتبع للحزب الحاكم الآن بل تكون (سُلطة حيادية) تأتي عن طريق تراضي الجميع.. انتقالية لأنها مرتبطة بمهام وواجبات محددة تتلخص في تهيئة الميدان والمسرح السياسي للتنافس الانتخابي الحر الذي يفضي إلى تشكيل النظام الديمقراطي والذي سيتفق عليه لاحقا هل هو رئاسي أم برلماني نيابي وهو هنا أشبه بحكومات سر الختم الخليفة التي أعقبت أكتوبر وبحكومة المشير سوار الذهب والجزولي دفع الله التي أعقبت انتفاضة أبريل 86 مع تفادي أخطاء هذين
النموذجين.
في نظري مع احترام كل وجهات الرأي الأخرى أن مطلب الحكومة الانتقالية (السُلطة الانتقالية) هو مطلب محوري ومهم سيغلق كل أبواب الريبة والشكوك المتبادلة بين أطراف الصراع وتكوينها وسيصرف كل الأحزاب مباشرة للعمل والاستعداد لمتطلبات فترة ما بعد الانتقال وهي مهام ترتيب البيت الداخلي لكل حزب وسينهي حالة الحرب الإعلامية الدائرة وينهي حالة الاستقطاب والاستقطاب المضاد التي استطالت وأصبحت مملة وتدور في ساقية مثقوبة (القواديس) تدلق الماء في البحر قبل أن تغادره.
قبل ثلاثة أيام أجريت حوارا مع إبراهيم الشيخ نشر أيضا في “الخرطوم” سألته بوضوح لماذا تتمسكون بإلغاء القوانين المقيدة للحريات قبل الجلوس في مائدة التفاوض؟ الرجل ابتسم وقال لي حتى لا يتم اعتقال الصادق المهدي فجأة وإطلاق سراحه فجأة، ثم إلغاء القبض علىَّ وإطلاق سراحي فجأة، وكل هذا يرسل مؤشرا وحيدا وهو أن طريق الحوار مليء بالأفخاخ والألغام التي يجب إزالتها أولاً.
التيار

تعليق واحد

  1. مبروك ياأستاذ حسن لقد ألقمت المدعو عثمان ميرغنى حجرا سيترك جرحا داميا فى حلقه طويلا وليته يفهم أن للناس عقول صاحية لاتنجرف وراء الافكار والكلمات دون ثبر أغوارها وتمحيصهاعلى الرغم من أن مطلب المعارضة بحكومة أنتقالية واضح المقصد لكل من ليس فى جوفة غرض أو مرض .الغريب أن ميرغنى فى مقال اليوم خالف نفسه وادعى فكرة قسمة مقاعد البرلمان بين الحكومة والمعارضة النصف بالنصف حتى يكون بمقدوره (اى البرلمان) تصحيح مسيرة الحكم فى البلاد وهنا تناسى بكل بساطة حديثه عن سلطة اتخاذ القرار فى عهد الانقاذ وهى فى يد الرئاسة وليست فى مجلس الوزراء أو البرلمان وليس بالصعب والغريب على حكومة شراء الذمم والاشخاص شراء ذمة أحدهم فقط لترجيح كفتها فى البرلمان كما تفعل الان مع الكثير من المعارضين أو المنتحلين أدوار المعارضة زى حسين (ميرغنى) أو عثمان (خوجلى)

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..