عن الأجرب الذي ينصح بالنظافة!!

بقلم: الدكتور نائِل اليعقوبابي
مدخل أول:-
*(وكيف يسمع صوت الحق في وطن
للأفكِ والزور فيه ألف مزمار..).
– الجواهري ?
مدخل ثان:-
**(لا يُمكن أن تتجادل مع عُنصري! بل تصمت
وتستمع إلى كل الهراء الذي يقوله..).
– درويس ليسنغ-
كاتبة من جنوب إفريقيا حائزة على نوبل
.. مثلما أمر الوالي الروماني (بونطيوس بيلاطوس) بصلب المسيح ليتقرب من الإمبراطور (طيباريوس) ثم غسل يديه قائلاً “أنا بريء من دم هذا الصديق” فإن (الطيب مصطفى) الذي عمل على إثارة النعرات، القبلية والعنصرية تجاه أبناء الجنوب من خلال منبر الدمار الشامل وصحيفته الصفراء (الانتباهة) والدعوة الصريحة لفصل الجنوب لأنه لا علاقة له بالشمال في مكونه الإثني والثقافي والاجتماعي والديني، ومارس ذلك المنبر المشؤوم ورئيسه إرهاباً فكرياً وجعل مسألة انفصال جزء عزيز من الوطن هدفاً رئيسياً قولاً وفعلاً دونه خرط القتاد. ولم يألُ المنبر ورئيسه جهداً حتى تحقق ذلك، فنحروا الذبائح على جرح الوطن النازف، ونام ليلتها قرير العين هانيها.
الآن وفي مشهد العبث الذي يمثل فيه منبر الدمار الشامل ورئيسه يحدثوننا عن نظام حاكم تسبب في انفصال جزء من الوطن ، ثم يقول إن نيفاشا، بصم عليها البرلمان دون أن يطلع عليها أحد. ومن العبث ما يدعو للضحك ومن العبث ما يبعث على الرثاء ومن العبث ما يبعث على البكاء، وتفوقوا في ذلك على صمويل بيكيت رائد العبثية نفسه، على حد قول الزميل أمير بابكر .
نقول له:
حجم لحيتك يجتاز حجم
إنسانيتك، وبياض عبائتك
يجتاز بياض قلبك،
فمن أسماك رجل دين؟؟
هذا الأجرب فعل كل ذلك حتى ليتقرب مِن مَنْ؟؟
هو إن لغة السيد الطيب مصطفى، عكست طوال سنوات حكم الكيزان بشكل جلي أزمة الخطاب الفكري والسياسي لحزب المؤتمر وفصليه منبر السلام، الذي يتميز بأستذة واستعلاء لإقناعنا أو ليوهمنا بأنه وحده يحتكر الحقيقة أو وحده يعي هذه الحقيقة دون غيره وحتى لا أبدو وكأنني أسبح في الفضاء سأنقل لكم بعض العبارات التي تؤكد ذلك على سبيل المثال لا الحصر!!
في لقاء مطول لصالح صحيفة التيار أجراه الزميل: عبد الباقي الظافر، مع هذا الأجرب المدعو الطيب مصطفى، يبشرنا أن حزب المؤتمر أنشأ دولة عميقة، وكل يوم يحفر زيادة على حسب تعبيره الأجوف، ويطالب بتعديل القوانين المقيدة للحريات وبتنفيذ خارطة طريق للحوار وتهيئة الأجواء، والاعتراف بالجبهة الثورية، كما يتحدث عن الإرادة السياسية والتداول السلمي للسلطة والديمقراطية التي لا بديل لها لأنها نقلت تركيا من الدولة (111) للرقم 16!!، في ذات اللقاء يقول هذا الأجرب إذا وافق الجنوب على العودة والوحدة لن يوافق!! لأن الوحدة لم تقم على أسس طبيعية!! لأن التنوع الحاد لن ينتج وحدة، والجنوبيون قطعوا أذن عرمان!! تعليق صغير: ماذا يهم الشعب السوداني بـ(أضان) عرمان! ولا الفجور في الخصومة!! وقال لن يحمل السلاح ليقتل إنسان!! إلا يعلم هذا الأجرب أن الفتنة أشد من القتل!! وهو رأس الفتنة وشيطانها في ظل دولة فقهاء الظلام وعلماء السلطان.
ويسأله المحرر عن المشروع الإسلامي، يقول هذا الأجرب: أن الحكومة الحالية وحزب المؤتمر لا يمثلون المشروع الإسلامي!! الموطن السوداني بدوره يريد أن يعرف ماذا جنى من هذا المشروع الإسلاموي، الجواب: تقسيم البلد، دمار وخرائب وتقتيل، وأيتام وأرامل، ومشردين، صراعات دموية ومماحكات سياسية، ثم يختم الظافر بسؤال: لعبت دوراً في تثبيت دعائم الإنقاذ هل أنت نادم على ذلك؟
ثم أخذته لوثة كسكرات الموت، وانتشى قائلاً: إنه غير نادماً، وعمل شغل إيجابي، عمل هذا من أجل الوطن!! لأنه يخدم السودان!! المواطن السوداني البسيط يسأل ماذا فعل هذا الأجرب؟ لمن لا يعلم أنه كان يعمل على خطف وتعذيب طلاب الجامعات ? حزب أمة، جبهة ديمقراطية، كفاح الطلبة، حركة شعبية، اتحادي ديمقراطي، بعثيون – في بيوت الأشباح!! في بيوت الأشباح هذه أرتكب هذا الأجرب وجماعته فظائع تؤكد أنهم لا ينتمون إلى جنس البشر، حتى جعلت هؤلاء المعتقلين ? فيما أرى- يفضلون الموت على ما أصابهم من تعذيب وإذلال وإهانات ما يمزق قلب الوحوش الضارية! وهذا موثق ومكتوب ومعلوم في سجلات منظمة العفو الدولية.
وكأن الناس بلا ذاكرة، وهل يحتاج الأمر لذاكرة تستدعيه والأمر ماثل أمامنا ويمشي على قدمين.
أبدأ حديثي أنا السوداني البسيط بتوصيف وتحليل ظاهرة هذا الأجرب الذي ينصحنا بالنظافة:
من حيث المبدأ، ونظرياً، يبدو أن شعاري الحرية والديمقراطية هما في صميم معنى أن يكون الإنسان إنساناً، وفي صميم معنى أن يكون المجتمع واعياً ومنفتحاً، بمؤسساته وأفراده وعلى مختلف المستويات..
هذا ينضوي تحت ما يمكن تسميته (ألف باء) الحياة المحترمة، حتى ولو كان هناك معرفة مسبقة بما لحق بالشعارين من حالات تورّم وتضخّم في ظل نظام الكيزان، الأمر الذي أحالهما إلى مجرد رافعة لتسويق وترويج ما هو غير شرعي وغير منطقي وغير مقبول اللهم إلا في ثقافة القبيلة، التي سادت في ظل هذا النظام، بوصفها منظومة ثقافية واجتماعية (لها خصوصيتها وبنيتها) ومن المروجين لها هذا المدعو الطيب مصطفى.
هذه الثقافة، استطاعت بعض المجتمعات تجاوزها في المضمون والشكل، وبالتالي استطاعت تغيير بنيتها الثقافية والاجتماعية والفكرية، في حين أن المجتمع السوداني في ظل دولة القبيلة والعنصرية لم يستطيع، حتى الساعة تجاوزها إلا في الشكل والمظهر فقط، وهؤلاء القوم من مفكري هذا النظام إذا كان لديه مفكرون!!
لم يتركوا منبراً او فرصة إلا و (يفقعوا) من خلالهما شعب السودان الصابر، بما لذّ وطاب من دعوات، رنّانة وطنّانة، للتمسك بالحوار الوطني أو المطالبة، بـ (بالحرية والديمقراطية)!!. بعد سنوات من سياسة التجويع والظلام والاستبداد.
لذلك فإنه لم يعد مقبولاً (إلا عند الهبلان والحمقى والمغفّلين)، استمرار البعض ? على نحو ممضّ ومثير للضجر ? في العزف على أوتار الشعارين المذكورين بغير وجه حق، أن الأمر لا يعدو كونه نفخاً في الرماد.. كما عمل هذا النظام طوال سنوات عمره على إفراغ أي شعار وطني من قصائد وأناشيد من محتواها، كما فعلوا مع قصائد (حُميد) وكأنا حُميد كان من شعراء ومريدي الكيزان!!
وهذا يعني ببساطة أن إصرارهم ينطبق عليه القول المأثور :( حق يُراد به باطل)! هؤلاء العازفون ومنهم هذا الأجرب استطاعوا ? وما زالوا- خداع الكثيرين من أبناء شعبنا عن طريق ادعائهم رفع شعاري الحوار الوطني والديمقراطية و(الاستماتة) في الدفاع عنهما حتى آخر قرش منهوب من خزينة الدولة!! أو حتى آخر قطعة أرض مبيوعة بدون وجه حق، وأنا هنا لا أريد الحديث عن فسادهم وإفسادهم وهذا له مقام أخر.
اليوم صار بوسع هؤلاء، بكل أسف، أن يعلنوا جهاراً وبوقاحة، وفي أكثر من مكان، عن افتتاح (مهرجانات التطبيل والتزمير للحوار الوطني والمجتمعي والانتخابات والديمقراطية) حتى أمست كل الشعارات وكأنها ماركة لأحد أرخص أنواع التمباك أو الشباشب أو (الويكة والاقاشي) أو (الشطّي مطّي) التي تذيعها قناة النيل الأزرق!!
صار بوسع أي منهم ? بكل أسف- و.. قرف ? أن يؤسس المنابر المزيفة، وبمنتهى سوء النية والحقد، كي (يتقنبز) فوقها ليتنطح ويتبجّح بكونه منافحاً، مدافعاً، عن الحرية والديمقراطية، والأمر لا يكلفه أكثر من أن يقعي ويستند بمؤخرته الجرباء إلى كرسي دوار، ويطلق العنان لافتتاح (بازار الحوار الوطني والحرية والديمقراطية) لمن يحب أن يشتري أو يشترك و.. دقي يا مزيكا!!
وعلى الضفة الآخرى من هؤلاء هناك من يسيل لعابه وتستنفر حواسه وشهيته وشهوانيته وشبقه لمشهد الإقعاء والمؤخرة (حتى ولو كانت جرباء.. المهم أنها مؤخرة!!)، المتكئة على الكرسي السيئ الذكر والصيت والسمعة!.. أما أسباب سيلان اللعاب واستنفار الشهية والشهوانية والشبق فهي كثيرة وعديدة، ولا يسمح المجال هنا لذكرها، إنما يسمح بالقول إن من ضمنها، بكل تأكيد، التشارك الحقيقي والواقعي في قاسم مشترك واحد: (ثقافة القبيلة والعنصرية)، التي لم يستطع كل من الطرفين ? جماعة منبر الدمار الشامل- من جهة أولى وجماعة الشهوانية من جهة ثانية ? تجاوزها إلا شكلاً فقط!
هنا، على الضفة الأولى، الأبنية العالية والأبراج الشاهقة والثروات والأموال الطائلة وأحدث التقنيات ووسائل الرفاهية التي تتحكم بها وتسيّرها ذهنية وثقافة القبيلة البائدة وفقهاء الظلام والإجرام من أنصار داعش وفلول طالبان، يعني فعلاً إن لم تستحي فاصنع ما شئت .. قمة الكذب والعهر والنفاق والحماقة والاستخفاف بعقول الناس .. وهناك على الضفة الأخرى، ثمة الكثير مما يشببها ويزيد من الأبنية والأبراج والأتوسترادات والثروات والأموال والتقنيات والرفاهية التي تتحكم بها ملوك الطوائف من مشايخ قطر ووهابي السعودية.
كم هو مخزٍ ومحزن أن يتحول مفهوما الحرية والديمقراطية بيد من نصّبوا أنفسهم (حرّاساً) لهما، وللقبيلة، إلى مجرد هراوة لـ (التأديب) يلوحون بها في وجه الشعب السوداني! .. كم هو قاس وغير محمول أن يتحول هذان الشعاران على يد الأجرب الطيب مصطفى وأمثاله إلى مجرد لوغو أو يافطة تخفي خلفها ما تخفي من قرف وقذارة ونفاق وقدرة على إثارة الاشمئزاز!.
المسألة بكل بساطة أشبه ما تكون بشخص يتدثر بعباءة نظيفة و(مهفهفة) يُحاضر بالآخرين ويهديهم ويرشدهم إلى طرق النظافة ويدعوهم إلى الاستحمام ولا ينكرون هذا- لكنهم لا يستسيغون هذه (المحاضرات والتفتيقات) من شخص أخرق و(قليل أدب) يُخفي تحت هذه العباءة جَرَباً مزمناً، وقبائل من القمل والصئبان و.. رجال داعش وبقايا طالبان، تستوطن في فروة رأسه و.. عقله!!. هذا كي لا نضطر، كما في كل مرة، إلى الاستعارة من معلمي الشيخ الأديب سعيد تقي الدين لنقول: إن المسألة أشبه ما تكون بعاهرة تحاضر في الفضيلة والعفاف!!.
[email][email protected][/email]
الزميل المخضرم والكاتب الألمعي نايل اليعقوبابي أعرفه منذ زمن طويل عملنا معاً في الجامعات الاردنية,, واعرف عنه صادق في كل ما يقول في هؤلاء القوم.. وهو متخصص فيهم ولقد افتقدنا كتاباته منذ زمن طويل، حتى اعتقدنا انه باع القضية واصبح من المولاة، لقد اليوم خاب اعتقادي,, وكنت اتمنى ان يكون مقال العودة اقوى من كدا.
نايل سر في نهجك، والعاقبة للمتقين
مثل هذا الكلام لا يستمر معه ذو خلق في الحياة فسيموت قاتلاً أو منتحراً