دولة الجيش وجيش الدولة: تحذير جديد من السيناريو الجزائري في مصر وتونس

دولة الجيش وجيش الدولة: تحذير جديد من السيناريو الجزائري في مصر وتونس
د. عبدالوهاب الأفندي
(1) في مقولة متداولة بين الجزائريين لا تخلو من حكمة، يقول القائل: لكل دولة جيشها، أما في الجزائر، فهناك جيش له دولته.
(2)
يعود هذا الوضع الخاص في الجزائر إلى ثلاثة تطورات مترابطة، أولها أن الجيش الجزائري ولد من رحم حرب التحرير، حيث تداعى مواطنو الجزائر الأحرار إلى الانخراط في الجهاد من أجل تحرير البلاد من قبضة اشرس استعمار استيطاني عرفه التاريخ. أما ثانيها فإن الجناح العسكري في حركة التحرير بقيادة بومدين انقلب باكراً على الجناح السياسي بقيادة بن بيلا وهيمن على مقدرات البلاد. وثالثها أن العسكر المحترفين نصبوا أنفسهم ـ مرة أخرى- أوصياء على الأمة والشعب بعد أن لم يعجبهم قرار الشعب بانتخاب ممثليه في عام 1992.
(3)
ولكن الملفت أن ‘الجيش’، أو بعبارة أصبح، القيادة العليا للجيش التي نصبت نفس ‘الولي العسكري’ على الشعب (على غرار الولي الفقيه في إيران)، كانت في تلك الفترة أبعد ما تكون عن صفة جيش التحرير، وأقرب ما تكون إلى مافيا من المصالح السياسية والاقتصادية لطبقة هيمنت على البلاد، وتمتعت بعائداتها النفطية، وارتبطت بفرنسا. وقد كانت المفارقة المؤلمة هي أن ‘جيش التحرير’ تعامل مع أهل البلاد تعامل المستوطنين الفرنسيين وجيشهم، فلم يبال كم من المواطنين قتل وعذب وهجر في سبيل أن يبقى في السلطة.
(4)
كنا قد حذرنا منذ بداية الثورات المباركة في تونس ومصر من أن يقع تبني السيناريو الجزائري، بمعنى أن تضحي المؤسسة الحاكمة بأشخاص قادة النظام، كما حدث عندما أجبر بن جديد على الاستقالة، على أن يخلف هؤلاء مافيا من رجال الأمن والجيش تدير البلاد من وراء ستار.
(5)
يمكن أن يقال لصالح المؤسستين العسكريتين في كل من تونس ومصر أنهما باعدتا نفسيهما عن نخب الهيمنة والفساد، ولم تقعا في ما وقع فيه الجيش الجزائري من سفك لدماء الأبرياء، واستمرار للتحالف مع ناهبي ثروات البلاد. وقد انحازت المؤسستان إلى المد الديمقراطي، وظلت كل منهما قريبة من نبض الشارع.
(6)
لكن هذا لا ينفى أن المؤسستين ظلتا، في غياب أي قوة أخرى ذات صدقية وفاعلية، تديران الانتقال الديمقراطي من وراء ستار، مع محاولة مستميتة لإبقاء أسس النظام القديم ما أمكن، والتراجع التكتيكي كلما تطلب الأمر. وقد رأينا هذا في تونس في التمسك برئيس الوزراء محمد الغنوشي، كرئيس مؤقت أولاً ثم كرئيس وزراء، ثم بوزراء الحزب الحاكم، وبالدستور القائم، وهياكل الدولة، مع تراجعات جزئية لإرضاء الرأي العام. أما في مصر فقد كان انتزاع التنازلات من المؤسسة السياسية-العسكرية مثل قلع الأسنان، لا يتم إلا بعد ضغط شعبي قاهر، وبالقطارة.
(7)
الاختلاف الجوهري الآخر هو أن الجيش في تونس بقي في الظل، بينما تولى الجيش السلطة في مصر رسمياً، وهو وضع له خطورته، لأن الجيش لا يعتبر نفسه اليوم مسؤولاً عن عملية الانتقال الديمقراطي فقط، بل كذلك عن إدارة البلاد، فهو يفتي في السياسة الخارجية وفي الاقتصاد وفي سلوك النقابات، وفي كل قضية.
(8)
هذا الوضع لا بد أن ينتهي فوراً، وأن يسكت الجيش عن الكلام المباح، وأن يترك إدارة شؤون البلاد للحكومة المدنية التي يفضل أن تكون حكومة جديدة كما تطالب المعارضة. ذلك أن أخطر منزلق وقعت فيه ثورة 23 يوليو كان تولية الجيش زمام الأمور، حيث أصبح يتدخل في كل شؤون الحياة العامة، من السياسة إلى كرة القدم والفن. وقد كانت النتيجة أن البلاد فقدت جيشها، حيث لم يكن هناك جيش يحميها حين وقعت الواقعة في حزيران/يونيو 1967، كما فقدت حريتها، لأنها أصبحت محكومة بالحديد والنار.
(9)
ليس الحكم من شأن الجيش ولا مهامه، وعندما يتدخل الجيش في شؤون الحكم يصبح الجيش كمؤسسة أول ضحايا ذلك التدخل، لأن الجهة التي تتولى الحكم نيابة عن الجيش وباسمه لا تستطيع ذلك ما لم تتحكم في الجيش عبر أجهزة الاستخبارات والمناورات السياسية، فيفسد الجيش والحكم معاً.
(10)
نصيحة أخرى نسديها إلى جيش مصر الهمام: بالله عليكم اختاروا عنكم ناطقاً جديداً (هذا إذا لم تلتزموا الصمت الحكيم شأن إخوانكم في تونس). فهذا الرجل المتجهم الذي لا يحسن الخطاب، والذي ارتبط اسمه ووجهه بأيام دور الجيش الملتبس، حين كان لا يزال بوقاً لمبارك وسليمان، يكرر أمر المتظاهرين بالانفضاض، ويتوعد الثوار بـ ‘أقسى الإجراءات’ إذا لم يستسلموا ويتراجعوا عن ثورتهم، هذا الرجل ليس وجهاً مشرفاً لمصر ولا لجيشها وشعبها.
القدس العربي
وما رأيك في الكيانى الصهيوني ……ألم يحكمه العساكر …..بدءا من بن غوريون , اسحاق شامير واسحاق رابين وشارون وأخيرا يهود باراك …..مع بعض الاستثناءات ….هذه هي ديمقراطية الكيان الصهيوني ……
نحن الان فى حاجة ماسة لندخل الجيش لان المعارضة هزيلة والبلد تستقطع من اطرافها ولكن لفترة انتقالية بعدها يعود الجيش لثكناته ويسلم السلطة للشعب بعد كتابة دستور يتوافق عليه الناس